خالد أباظة فى أول حديث للصحافة: لا يمكن لأى صحفى سيارات أن يدعى ممارسته لمهنة الصحافة بمعناها الدقيق

آخر تحديث: الخميس 26 نوفمبر 2015 - 3:44 م بتوقيت القاهرة

أحمد بهاء الدين

- استهدفني «الإخوان» وأملك مستند رسمى من الشهيد هشام بركات يؤكد أن موقفى قانونى ١٠٠٪

- كان أقصى طموح الإدارة أن يحقق الملحق صافى ربح ٣ مليون جنية سنويا وتجاوزنا مع السنوات ٧٠مليون!

- كنت أتجاوز بالنشر جميع الخطوط الحمراء مع الشركات والمسئولين وكنت أقول لهم دائما «عدولي النقد»

- حسن المستكاوي قال لى: يا خالد أنا هساهم في جورنال أسمه الشروق وعايز أعمل أقوى ملحق عربيات

- فكرة الإشراف الصحفى والإعلاني كانت «مجنونة» وغير مسبوقة ودفعت ثمنها غاليا!

- مكالمة «عجيبة» من رجل الأعمال شفيق جبر دون سابق معرفة انتهت نهاية غريبة!

- وضعنا مصلحة القارئ نصب أعيننا وأزعم أننا لم نخدع القراء بل اكتسبنا ثقتهم

- رؤساء الشركات استحملوا «غلاستى» ١٦ عاما وكانوا يستطيعون محاربتى!

- محمد فرج عامر اتصل بى غاضبا وقال: «أنا عايز أعاقب شركة مرسيدس»!

- كان لدينا أفضل فريق عمل في أخبار اليوم يحقق نجاح صحفيا وإعلانيا

- هوندا قدمت ضدى بلاغ بنيابة أمن الدولة بجانب القضية التى تم رفعها على!

- كان هدفنا حل المشاكل ولم يكن أبدا تدمير الشركات ولا اصطياد الإخطاء

- الخطأ في الملحق لم يكن ورادا وفريق العمل أتقن ذلك!

- قُلت لإبراهيم سعده: «سيبنى أفكر» وأغضبته ثلاثة مرات

حتى تلك اللحظة تعدى زمن حديثنا الـ ١٢ ساعة، خلال ثلاثة جلسات فقط، والحقيقة أن هذا الحوار الذى لم ينتهى بعد، ربما هو الأصعب فى حياتى المهنية، التى حاورت خلالها رؤساء شركات عالمية ومصممين لامعين وسائقين وأبطال، لم تواجهنى أى صعوبة فى تلك اللقاءات.

هذه المرة «الحكاية» مختلفة بعض الشيء، فهى علاقة التلميذ بالأستاذ!، علاقة كانت من الطبيعى أن تضع على قيود كثيرا أثناء الحوار. فنحن كصحفيين نعتبر دائما الحوار «معركة» والهدف دائما يكون التضييق على من نحاوره حتى نمتلك تماما دفة الحوار، ونخرج بإجابات محددة للأسئلة, الأسبوع الماضى بعد نشر التنويه فى الصفحة الأولى، كان هذا تحديدا ما يدور فى رأسي، تحدى أتعرض له للمرة الأولى.

وفى طريقى لمنزل «الأستاذ» بحى الزمالك، قررت أن أضع الأسئلة وأحاول أن أمارس مهنتى كما أمارسها دائما، ولكن مع عدم اعتبار هذا الحوار تحديدا «معركة» كما كنت أعتبر كل حواراتى الأخرى، وكنت على يقين أنه سوف يتفهم، وهذا تماما ما حدث. الأمر الأخر أو التحدى الأخر هو أننى كنت طرف أصيل فى الفريق الذى تحدث عنه «الأستاذ» بكثير من الاعتزاز والتقدير، «كتيبة» ملحق أخبار اليوم كما كان يطلق علينا دائما، عشت داخل هذا الفريق وتحت قيادة هذا الرجل لما يقرب من تسعة سنوات، وكنت شاهدا خلالها على الكثير من الأحداث التى رواها خلال الحوار، ولكن ما كنت أكتشفه فى الأيام الماضية أننا كفريق عمل لم نكن نعرف سوى جانب واحد من كل حكاية. اكتشفت أن لكل حكاية جانبين وهذا ما سوف أكشفه من خلال صفحات ملحق سيارات الشروق الذى نجح أخيرا فى الفوز بهذا الحوار، الذى سيمتد بلا شك لعدة أسابيع.

فى هذا العدد يتحدث «الأستاذ» عن البدايات، كيف تحول من صحفى رياضى إلى صحفى سيارات، المنافسة والتحديات التى واجهته وكيف استقبله السوق ورجال الأعمال والشركات التى اصطدم بها..

- ربما لا يعلم الجميع أنك بدأت حياتك المهنية كصحفى رياضى، فى ذلك التوقيت لم يكن في أخبار اليوم قسم سيارات، كانت حياتك المهنية فقط تدور حول الرياضة؟


قبل إصدار مؤسسة أخبار اليوم لملحق السيارات بعدة شهور على ما أذكر، كان قد تم إطلاق ملحق السيارات الخاص بالأهرام، فى المقابل كان لدينا داخل أخبار اليوم عدد من الصفحات الأسبوعية الداخلية الخاصة بالسيارات يتراوح عددها بين صفحتين وأربع صفحات، ولم أكن متداخلا فيها بأى شكل من الأشكال، فى ذلك الوقت كنت صحفى رياضى، وأزعم أننى كنت ناجحا، فالصحافة الرياضية كانت هدفى حتى خلال سنوات دراستى الجامعية، تحقق الأمل وأصبحت صحفى رياضى بالفعل، حققت نجاحا على المستوى المحلى والعربى أيضا.


فى ١٩٩٠ قمنا بتأسيس أخبار الرياضة وكنت أحد أعضاء التشكيل الرئيسي لفريق العمل الذى اعتمد علية الأستاذ فتحى سند رئيس التحرير فى ذلك الوقت، تكون التشكيل من أربعة صحفيين، وهم الزملاء أيمن بدره والذى تولى رئاسة تحرير أخبار الرياضة والحقيقة كان حقه الذي تأخر كثيرا، والمتألق عمرو الكحكى ومحمود رشاد وأخيرا خالد أباظة، تأسست أخبار الرياضة على يد هذه المجموعة برئاسة فتحى سند، وعشنا سويا أجمل السنوات والذكريات.

- كيف انتقلت بحياتك المهنية إلى تخصص أخر وهو صحافة السيارات، رغم نجاحك ومشاركتك في تأسيس أخبار الرياضة؟


فى الحقيقة لم أكن أخطط لتحويل مسار حياتي المهنية أبدا بهذا الشكل، بدأت الحكاية عام ١٩٩٨ بمكالمة تلفونية صباح يوم جمعة، أذكر التفاصيل جيدا، كان يوما حاسما فى حياتى. اتصل بى الأستاذ إبراهيم سعده رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ورئيس التحرير وقال: «عندي فكرة يا خالد إنى أعمل ملحق سيارات أسبوعى مستقل داخل أخبار اليوم كل سبت، وعايزك تبقى المشرف عليه». تلقيت المكلمة «العجيبة» ولم أكن حتى قد استيقظت بنسبة ١٠٠٪ بعد، كانت مكالمة مفاجئة فلم تكن لي علاقة من قريب أو بعيد بصحافة السيارات، بالرغم من حبى وعشقى للسيارات، ومشاركتى فى بعض السباقات، وقراءة المجلات وبعض الإصدارات المتخصصة العربية مثل «سبورأوتو»، لكنها كانت هواية فى النهاية.


لم أكن أتخيل نفسى أبدا صحفى سيارات، كان حديث أستاذ إبراهيم سعده معناه أننى سوف أترك مجالى الذي أحبه والذى تميزت وحققت نجاحا كبيرا فيه على مدار ١٠ سنوات بشهادة رؤسائى، وقتها لم أستطيع حتى الرد عليه وطلبت منه أن يمهلنى أسبوع للتفكير، وكما تعلم لم يكن واردا أن يطلب أحدا من رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم فى ذلك الوقت مهلة أو يقول له «سيبنى أفكر»، لذلك أغضبت إبراهيم سعده ولم تكن المرة الأخيرة التى يغضب منى فيها.


كانت نقلة «مرعبه»، تغيير كامل فى حياتى العملية، حتى أنه قال لى: سوف أطلب من فتحى سند أن يتركك ليتم نقلك، ولم أكن أعلم أين سوف يتم نقلى، ولا أعرف شىء عن مهامى الجديدة ولا فريق العمل الذى سوف أتعاون معه، كان مجرد التفكير فى الأمر مرعبا بالنسبة لى!، وبعد مرور ساعات من المكالمة، والتفكير بهدوء أدركت أن ردى لم يكن مهذبا بالقدر الكافى، كان من العيب أن أرد على رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم قائلا: «سيبنى أفكر». عاودت الاتصال به وأذكر تحديدا ما قلته: «أنا عايز أقول لحضرتك انى تحت أمرك فى أى قرار، حضرتك رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ورئيس تحريرها، واللى تعوزه ليا أو لأى صحفى هو اللى يمشى وأنا فى خدمة أخبار اليوم» وأسعدته هذه المكالمة.

- وكيف بدأت ترسم خطوط حياتك المهنية الجديدة؟

طلب منى الأستاذ إبراهيم سعده أن أمر على مكتبه فى اليوم التالى على ما أذكر، وذهبت له بطلب واحد فقط، وهو أن يمهلنى بعض الوقت حتى أستعد لتلك المهمة، أقرأ أكثر وأتابع السوق سواء المحلية أو العالمية، وطلبت منه أن أسافر أقرب معرض دولى للسيارات. بالفعل، رشحتنى الجريدة لحضور معرض «ديترويت» بأمريكا، وسافرت بروح جديدة تماما، قمت بحضور أغلب المؤمرات الصحفية، أذكر أننى كنت أسير فى المعرض منتبها لكل التفاصيل، أراقب الصحفيين، وأتعرف على مواصفات كل سيارة وأتعرف على النماذج الاختبارية، والهدف من الكشف عنها، أقدم نفسى لقيادات الشركات العالمية. بالنسبة لى كان مجالا جديدا تماما!، أذكر أننى نجحت فى استغلال كل دقيقة داخل المعرض على أكمل وجه، وعدت إلى القاهرة بنفس الروح، أقرأ كثيرا وأراقب السوق وأقترب منه محاولا فهمه بدرجة كافية.

كانت فترة «رهبة» بالنسبة لى، استمرت لعدة شهور، وكان رئيس مجلس الإدارة يستدعينى باستمرار لتحديد موعد العدد الأول، ومع سيطرة حالة الرهبة على بشكل كامل، كنت أطلب منه فى كل مرة أن يمهلنى مزيدا من الوقت، حتى أقوم بدراسة السوق بشكل كامل. غضب ابراهيم سعدة وكانت المرة الثانية التى أغضبه فيها، ولم تكن الأخيرة أيضا، وأمرني وقتها بإصدار الملحق فى السبت الأول بعد حديثنا، ولم يكن أمامى سوى تلبية الأمر، لم يكن لدى فريق عمل فى ذلك الوقت، لا يوجد فريق صحفى ولا إعلانى، وبدأت أتعاون مع عدد من مندوبى الإعلانات الكبار فى إدارة الإعلانات بالجريدة، مع الوقت بدأ الفريق فى يتكون ويكتمل.

- أثار توليك الإشراف الكامل «صحفى وإعلانى» جدلا كبير فى ذلك الوقت، فى رأيك كيف أثر هذا الأسلوب الجديد غير المتبع على أداء الملحق؟


كانت رؤية الأستاذ إبراهيم سعده، أن يتم منح جميع الصلاحيات التحريرية والإعلانية لشخص واحد فقط، صحفى وليس من إدارة الإعلانات، ويقوم بإدارة الإصدار بشكل كامل، بما يضمه من شق صحفى وإعلانى، نعم كانت السابقة الأولى من نوعها فى تاريخ الصحافة المصرية، فكما جرت العادة وحتى فى الإصدارات المتخصصة تعمل كل إدارة بشكل مستقل، الحقيقة أن إبراهيم سعده صنع شىء جديد تماما سواء فى أخبار اليوم بموافقة مجلس الإدارة وقتها أو فى الصحافة المصرية بشكل عام حيث حاولت تقليدنا عدد كبير من الإصدارات المتخصصة فى مؤسسات صحفية أخرى بعد نجاح النموذج.


كانت رؤيته أن أى قارئ أو عميل أو شركة أو مسئول يجب أن يذهب لشخص واحد فقط، شخص يملك جميع الصلاحيات، لتوفير الوقت، وقطع السبيل أمام مشاكل إدارتى التحرير والإعلانات، كان يرى أن الفكرة إذا تم توظيفها جيدا سوف تكفل لهذا الإصدار النجاح. الحقيقة أنها فكرة «مجنونة» حققت بالفعل نجاحا كبيرا فقد قضت تماما على أى نوع من أنواع الصراعات، تعاونت مع الجميع وتعاون الجميع معى بقلب مفتوح، كان الهدف الوحيد هو نجاح هذا الإصدار، وأن يحقق أكبر مكسب مادي للجريدة، وسوف تندهش إذا أخبرتك أن أقصى أحلام الإدارة فى ذلك الوقت أن يحقق الملحق صافى ربح ٣ مليون جنيه سنويا!.


ما حدث أن الملحق حقق أرقام قياسية أو «مهولة» إن جاز التعبير، من ٣ مليون جنيه كرقم مستهدف سنويا إلى ٧٠ مليون جنيه فى العام!، بالطبع تحقق النمو أو الطفرة مع الوقت وسنوات طويلة من العمل الجاد والجهد والمدهش كان تفاعل القراء مع هذا الملحق، فمع الوقت تكون فريق عمل رائع يعمل يدا واحدة، ومن مقومات النجاح التى حرصت عليها الإدارة فى ذلك الوقت أنه عندما تم إسناد تلك المسؤولية لى قررت منحى مكافئة إشراف وكانت بالتحديد ١٪ على إجمالى الدخل، وكانت النسبة المتبعة فى هذا الوقت مع الملاحق الإعلانية الأخرى، مثل ملحق السياحة. كان مبلغ رمزى فى البداية ولكن مع زيادة الإنتاج وتضخم الإيرادات أصبح المبلغ الرمزى مبلغا ضخما.

- إذا تحدثنا عن مقومات نجاح مشروع دخله السنوى قفز من ٣ مليون إلى ٧٠ مليون، ماذا يمكن أن تذكر؟


أعتقد أن فريق العمل كان أهم عوامل نجاح هذا الإصدار، أريد أن أذكرهم بأسمائهم لدورهم الرائع ومساهمتهم فى نجاح هذه المنظومة، من الناحية الإعلانية الزملاء أشرف أحمد وأسامة البلك و عماد سالم وطارق عبد المنعم وعصام عمر ومحمد عزب، والفريق الصحفي خالد مرعى وهلال عويس وأحمد بهاء وهيثم فاروق وياسمين عيد وهند عبد الرحمن، وكان هناك أيضا أسماء تعاونت معنا لفترات مثل صالح عند المجيد وأشرف كاره ومحمد أبو الفتوح.
أزعم أنها كانت منظومة نجاح كاملة، خالد أباظة وحدة لم يكن ليحقق أبدا هذا النجاح ولا واحد على عشرة منه!، أعتقد أننا بعد سنوات كنا بالفعل أفضل وأقوى فريق عمل يمكن الحصول عليه، كل فرد فيه كان هدفه الأول والأخير التفوق، وإنجاز عمله على أكمل وجه بجانب العلاقة الطيبة التى كانت تربط بين جميع أفراد فريق العمل.

- ولكنك في المقابل دفعت ثمن الفكرة «المجنونة» بتوليك الإشراف الإعلاني، وتم الرجوع عليك وقمت برد جميع المبالغ المالية التى حصلت عليها كعمولات إعلانات..


هذا تماما ما حدث، وهى قصة طويلة ربما أتناول تفاصيلها فى واحدة من الحلقات القادمة، ولكن ردا على سؤالك، نعم فى فترة «الأخوان» تم التحرك بالفعل ضد أربعة صحفيين بعينهم، هم ممتاز القط ومحمد بركات ومحمد على إبراهيم وأنا، رغم وجود ما يزيد عن ٣٠٠٠ من أعضاء نقابة الصحفيين يتقاضون عمولات إعلانية، الحقيقة أن مؤسساتهم كانت تكرمهم باستمرار على ما يساهموا به لزيادة الدخل لصحفهم.
نعم، قمت برد جميع المبالغ التي حصلت عليها «كعمولات إعلانية» على مدار ١٦ عاما، وفى الواقع فى ذلك الوقت تحديدا لم تكن هناك دولة مصرية، كانت دولة «إخوان»، وكنت مستهدف لأسباب أخرى تماما لا تتعلق أبدا بعمولات الإعلانات، كان استهدافى بسبب مقالاتى السياسية قبل أن يصل «الاخوان» للحكم، والتى هاجمت فيها محمد مرسى، داعما الفريق أحمد شفيق، ولم يكن دعمى حبا فيه بل فقط لكى لا تقع مصر تحت حكم «الاخوان»، ثم حدث الاستهداف.


وقع على ضرر كبير «كأنى اشتغلت لـ أخبار اليوم السنين دي كلها ببلاش»، فى ١٦ عاما بلغت حصيلة إنتاج الملحق الاعلانية مليار جنيه تقريبا، تقاضيت عليها مكافئات أو عمولات، وقمت بردها كاملة. ولكن فى مقابل قصة النجاح والفريق الذى قمت بقيادته، وتلك الرحلة الناجحة، فأنا راضى بما حدث. ومعلومة سوف أخبرك بها سريعا وربما نتناول تفاصيلها أكثر فيما بعد؛ أنه تم توجيهى للجوء إلى القضاء بعد ثورة يونيو، بعد أن أصبحت الأوضاع أكثر عدالة، لاسترداد جميع أموالى مره أخرى، من مؤسسة أخبار اليوم وأنا رفضت.

- ولكن ألم تتطور هذه القصة داخل أخبار اليوم، قصة القضية؟

بالرغم رفضى إلا أن الإشاعة انتشرت داخل أخبار اليوم، مما دفعنى للاتصال بالمستشار القانونى للمؤسسة الأستاذ محمد لطيف، وأكدت له أننى رفضت هذا الاقتراح وطلبت منه أن يخبر الأستاذ الكبير ياسر رزق رئيس مجلس الإدارة. ومعلومة ربما سوف تدهشك أيضا؛ أن رفضى جاء بالرغم من امتلاكى لمستند من النائب العام الشهيد هشام بركات، فقد تم إعادة نظر قضيتى فى عهده بعد ثورة يونيو وأرسل لى خطابا رسميا من نيابة الأموال العامة العليا بالتجمع الخامس، محتواه أن كل قضية خالد أباظة قانونية وأنه لا يوجد أى شبهة للتربح أو الاستيلاء على أموال عامة كما تم الادعاء على فى عهد الإخوان عندما كان بعضهم يسيطر على التحقيقات في جهاز الكسب غير المشروع، والذين تم بالفعل عزلهم بعد ثورة يونيو حيث ثبت توقيعهم على ما يسمى بـ«بيان رابعه».

- هناك دائما اتهام للصحفيين فى مجال السيارات، بأنهم يخلطون بين الصحافة والإعلانات، كيف ترى هذه التهمة؟


دعنا نتفق أنها ليست تهمة!. دائما كنت أقول للزملاء من الصحفيين؛ أنتم تعملون فى ملحق إعلانى بصبغة صحفية، لا تتخيلوا أبدا أنكم تمارسون الصحافة بمعناها الدقيق، بدليل أنني فى أخر عامين من عملى بأخبار اليوم قمت بتحويل عضوية نقابة الصحفيين الخاصة بى من عضو عاملا إلى منتسبا، فأنا أرى أن ما نقدمه كصحفيين متخصصين فى السيارات ليس صحافة ١٠٠٪ ولا أعتقد أن أحد الزملاء يملك هذا الادعاء، إلا أننى وغيرى كنا نحاول أن نضع «توليفه» محترمه تراعى حق القارئ و حق الشركات المُعلنة وأخيرا والأهم أيضا حق مؤسستى الصحفية وأن أحقق لها أعلى دخل ممكن وأن أقتطع لها أكبر حصة إعلانية ممكنه كل عام من كافة شركات السيارات في مصر، وهو هدف لا يمكن أن أدعى أبدا أنه لم يكن نصب عينى دائما.


الفكرة أننا كصحفيين نمتلك دائما بعض الأدوات التي كنت أستخدمها بتوازن خلال مشوارى، لتحقيق تلك «التوليفه» والتى تفصل بين الصحفى بمعنى الكلمة وبين الصحفى الإعلانى، وهو المسمى الذى ينطبق على صحفيى السيارات، هناك المئات من المواقف التى كنت أنت نفسك شاهدا عليها بصفتك أحد أعضاء فريق العمل.

عندما تحدث مشكلة لشركة سيارات «محترمة» ومعلنة أيضا لدى أخبار اليوم، إن كنت صحفى بالمعنى الحرفى، ليس لى علاقة بالإعلانات سوف أقوم بنشر المشكلة بشكل كامل وربما بمنتهى القسوى لأنها عادة الصحافة في مصر للأسف، أما كصحفى له علاقة بالإعلانات؛ فسوف أحاول حل المشكلة قبل نشرها، إن كنت أملك الحل، وأزعم أنه عندما تتعلق المشكلات بشركات وقراء في معظم الأحيان يساهم تدخلنا فى حل المشكلة وإرضاء جميع الأطراف التى نعتز بها.

- هل تذكر مثال لمشكلة من تلك المشاكل، وكيف تدخلت لحلها؟


أمثلة كثيرة أذكر بالطبع منها؛ فى يوم جاءتنى مكالمة من رجل الأعمال الشهير محمد فرج عامر ولم تكن هناك سابق معرفة بيننا، وكانت المكالمة كالأتى؛ «يا أستاذ خالد أباظة أنا عندى مشكلة كبيرة مع مرسيدس بقالى أسبوعين، عندى S-Class المستوردة، فجأة العربية مش بتمشى بسرعة أسرع من ٦٠ أو ٧٠ كم/س، رحت مركز الخدمة قالولى رد مضحك جدا وهو أنه حد شد على العربية وهو ماشى على الطريق السريع فالعربية أتأثرت!» وقال الرجل لى وهو فى منتهى الغضب: «يأ أستاذ خالد أنا عايز أعاقب شركة مرسيدس بأى شكل حتى لو من خلال مساحات مدفوعة الأجر».


ما فعلته فى هذا الموقف هو أننى حاولت الحفاظ على حق القارئ أو المواطن الذي لجأ إلينا، والحفاظ أيضا على سمعة الشركة وهى شركة محترمة يعمل بها موظفين وعمال مصريين بالإضافة إلى كونها شركة معلنة بأخبار اليوم، بجانب أننا نعلم جيدا أيضا أن مثل هذه الأمور قد تحدث وأن مرسيدس شركة تعتبر رائدة في خدمة عملائها، لذلك اتصلت بمدير عام الشركة السيد زكريا مكارى، وتدخل بنفسه لحل المشكلة فورا ووجد أن هناك خطأ من موظف فى الشركة وتم حل المشكلة وانتهت بشكل مرضى لجميع الأطراف، حافظنا على حق القارئ وحافظنا على سمعة الشركة دون أن ننحاز لها على حساب القارئ، وهناك المئات من الموافق المماثلة، التى تتعلق بمراكز خدمة ومشاكل فى السيارات، حتى بعض عيوب التصنيع فى عدد من الماركات والطرازات.

- ومن المؤكد أيضا أن هناك مشاكل لم تنجح فى حلها، فى هذه الحالة كيف كنت تتصرف خصوصا وأن أي نقد أو هجوم على شركة قد يؤدى إلى نتائج سلبية على مستوى الإعلانات؟


على مدار ١٦ عاما كانت تأتينا الشكاوى بشكل يومى، كنا أنا وفريق العمل نحاول دائما حل المشاكل بما يحافظ على مصلحة جميع الأطراف، ولكن إن لم ننجح فى حل أى مشكلة لقارئ أو مواطن، ووجدنا أن الشكوى تتكرر من مركز صيانة معين أو شركة معينة كنت أنشر تلك القصص فورا، بأسلوب أحيانا قاسى جدا وأحيانا هادئا، حسب تاريخ هذا المركز أو هذه الشركة مع العملاء، كنت أنشر تلك المشكلات مخاطبا الإدارة العليا لتلك الشركات من خلال ملحق السيارات للتدخل للحل، وهذا كان واجبنا تجاه قرائنا وأى مواطن لجأ يوما لنا، وأزعم أننى لم أتهاون يوما فى حق قارئ أخبار اليوم الذي كنت أعتز به دائما، كان هدفنا فى النهاية دائما أن يتم حل المشكلة، لا تدمير الشركات ولا اصطياد الأخطاء، والمتابع لملحق السيارات بأخبار اليوم تابع خلال السنوات الكثير من النقد والهجوم الشرس على شركات ومراكز خدمة وموديلات وسياسات تسعيرية كنا نرى أنها خاطئة.


لذلك لم أكن لأنظر فقط لمصلحة العميل أو المُعلن، أو المصلحة المادية فقط للجريدة، متناسيا تماما حق القارئ، فى هذه الحالة لم أكن لأحقق أي نجاحا يذكر، لأن النجاح كان مبنى على ثقة قارئ أخبار اليوم، وأزعم أنه كان هناك حالة من الثقة الواضحة جدا بين قراء أخبار اليوم وملحق السيارات، كم هائل من الاستشارات من جميع شرائح القراء وتواصل دائم. أعتقد أن هذا النجاح لم يكن أبدا ليتحقق إلا من إحساس القارئ بمصداقية الملحق، ومن خلال سلسلة طويلة من المعارك التى خضناها داخل سوق السيارات وكان قارئ ملحق السيارات شاهدا عليها، لذلك أعترف تماما بالخلط بين الصحافة والإعلان فالمهم هو كيفية الموازنة أو التوليفة التى تضمن حق جميع الأطراف.

- إذا تحدثنا عن التحديات التى واجهتك مع بداية إطلاق الملحق؛ يمكن أن نفصل بين شقين، أولا المنافسة وثانيا اقتحامك لسوق السيارات في مصر، إذا تحدثنا عن المنافسة التى تعرض لها ملحق أخبار اليوم بقيادتك فماذا يمكنك أن تذكر؟


الأهرام!، فعلى مدار السنوات كان ملحق السيارات بجريدة الأهرام منافسا صعبا وعنيدا ويمتلك علاقات داخل سوق السيارات من خلال منظومة العمل المحترمة، فمع متابعتى لملحق الأهرام، فوجئت مع الوقت بفريق عمل ضخم يضم أسماء كبيرة ولامعة، ففى وقت ما كان الأستاذ حسن المستكاوي هو المشرف العام على الملحق، أى كان فى نفس منصبى فى الجهة الأخرى، ويا بهاء ما أدراك من هو حسن المستكاوي!، بدون مبالغة كان كفيلا خلال جلسة مع العملاء أو خلال مؤتمر صحفي بجمع الحضور حوله في دقائق معدودة، حتى وهو غير متخصص في السيارات، ولا يعتبر أنه ينتمى لهذا السوق، كان دائما يقول: «ياجماعة أنا مش بتاع عربيات»، وبالرغم من ذلك وفى أى تجمع تجده «بالبلدى كده واكل الجو».

لذلك فالتحدى كبير جدا ومقلق عندما يكون هو المنافس الأول لى، ومع أسم مثل أسم الأهرام ومع فريق عمل يبلغ عدده عشر أضعاف فريق عملى، من الطبيعى أن أقلق، ومن الطبيعى أن أضاعف الجهد وأحمل فريق عملى أيضا على مضاعفة جهدهم دون رحمة حتى نحقق تفوق في تلك المنافسة الصعبة.


ومع الوقت تكونت صداقات بينى وبين فريق عمل الأهرام، كان يجمعنا غالبا السفر؛ الزملاء هشام الزيني وخالد الغمري و ناجي الجرجاوي وخالد جوده وتامر الشاذلى، أسماء جميعها محترمه جمعتنا منافسة شرسة، كان من الطبيعى أن أريد الأفضل دائما لإصدارى، وهم أيضا كانوا يريدون نفس الشىء فى إطار علاقة محترمة، كانت المنافسة دائما صعبه، فمع كل ما ذكرته أضف أيضا الكابتن حسن حمدى، الأسم «المرعب» الذى كان يرأس منظومة الإعلانات فى الأهرام، والذى تدخل بثقله عندما احتدمت المنافسة بين الملحقين وأصبحت ضارية فعلا، كنا نحن عشر أشخاص بين تحرير وإعلانات ننافس هذا الجيش، الذى لا أجد حرجا فى وصفه بجيش العمالقة!.

- وبالرغم من كل ما ذكرته، كان لملحق أخبار اليوم الكثير من التفوق، من وجهة نظرك ما هي أسباب هذا التفوق؟


دائما كان يتم سؤالى عن أسباب التفوق من قبل الكثيرين فى مجتمع السيارات أو الوسط الصحفى حتى، وكنت أرجع السبب إلى نجاحى في تكوين صداقات، ويجب أن تصدقنى عندما أقول لك أننى لم أكن أخطط لتكوينها، صداقات مع مسئولى شركات السيارات فى مصر، علاقات خاصة جدا بعيدة تماما عن العمل، بعضها أصبح عائليا، وبعضها نشأت على أنشطة جمعتنا مثل كرة القدم أو انتمائنا لنادى واحد مثل نادى الجزيرة الذى يضم بلا مبالغة أكثر من عشرين مسئول بسوق السيارات، معظمهم كانوا أصدقائى حتى قبل انضمامي لمجال السيارات، وأصبحنا أنا وعشرة أو خمسة عشر مسئول من سوق السيارات دائمى الخروج والسفر سويا، بعيدا تماما عن العمل.


من المؤكد أن العلاقات الشخصية ساهمت في نجاح الملحق، ولكن في المقابل كنت أعمل باستمرار مع فريق العمل الصحفى على الارتقاء بالمستوى التحريرى للملحق، مع علاقات قوية ومستوى راقى للتحرير وفريق عمل إعلانى وصحفى محترف، وأسم مثل أخبار اليوم يضاهي أسم الأهرام فى سوق الصحافة، كنا نحقق التفوق. أنت تعلم جيدا كيف كان يتم تجهيز الملحق وعملية المراجعة والتدقيق، التي كان يشارك فيها كل أعضاء فريق العمل، مراجعة كل سنتيمتر فى كل صفحة عناوين وصور ومادة تحريرية، من الناحية الأخرى كان فريق الإعلانات يتناوب أسبوعيا على المطبعة، للتأكد من عدم اهتزاز أى صفحة والتأكد من ضبط الألوان، لخروج المنتج النهائى على أكمل وجه ممكن.


عندما كنت أضع يدى على خطأ في الملحق، كنت أتعامل وقتها بدون رحمة مع الفريق، فالكل مسئول فى مثل هذا الموقف، على عكس بعض الإصدارات الصحفية الأخرى التى لا تجد مشكلة في الصدور بأخطاء، معتبره أن الخطأ وارد، أن يصبح فؤاد مثلا فادى، لا تعتبر مشكلة بالنسبة لهم، أما داخل ملحق أخبار اليوم «فبالبلدى الغلط عندى ماكنش بيعدى»، أسباب كثيرة كفلت لنا التفوق، فالدقة والإتقان والجودة عناصر تكفل التفوق حتى وإن كان منافسك عملاق، عناصر أحدثت فرقا كبيرا عند القارئ والشركات وتركت بصمة على مدار سنوات طويلة.

- الدقة والتدقيق والمستوى التحريرى بجانب علاقاتك الشخصية القوية، هي فقط العناصر التى صنعت هذا النجاح للملحق أم كانت هناك عناصر أخرى؟


كان هناك العنصر الأهم، تاج الملحق إن صح التعبير، «الطبخة الصحفية»، كنت حريصا على أن تكون لدينا طبخه صحفية، كانت فى رأسى كل أسبوع وكل عدد، ليس غرورا ولكن كنت أمتلك مذاق تلك الطبخه، كيف سيستقبل القارئ هذا العدد، مع الوقت أدرك وتعلم فريق عملى أيضا سر الطبخة، مكوناتها وكيفية إتقان تقديمها.

أزعم أننا تفوقنا فى تقديم تلك الطبخة، لم يتمكن أى إصدار أن ينافسنا فى ما كنا نقدمه كل أسبوع، أزعم أنه حتى الإصدارات العربية ورغم الإمكانيات المبهرة مثل الورق والطباعة الفاخرة، إلا أنها كانت تفتقد الروح رغم ما تقدمه من أخبار عالمية وتجارب قيادة وصور حية. فى سابقة فريدة، نجح ملحقنا من خلال «الطبخة» فى اجتذاب شرائح مختلفة ومنوعة جدا من القراء، الإناث مثلا!، على اختلاف الأعمار والمجالات، كانت تراسلنا طالبات من جامعات مختلفة، وموظفات في بنوك وسيدات أعمال، وحتى ربات البيوت، وكنت حريصا على أن يكون للملحق قارئات، ونجحت فى ذلك.


ساهمت العلاقات الشخصية القوية من ناحية أخرى فى الارتفاع بسقف النقد لملحق أخبار اليوم، كنا نتجاوز بالنشر جميع الخطوط الحمراء مع الشركات والمسئولين داخلها، تلك الخطوط لم يجرؤ أى إصدار أخر أو صحفى على حتى الاقتراب منها، واليوم أريد أشكر كل مسئول بشركة سيارات.

كانوا بالفعل يتقبلون منى ما لا يقبل!، نقد لاذع و«بايخ» أحيانا وتدخل فى تفاصيل دقيقه تخص العمل، بعض الأحيان قد لا يكون فى محله، وذكرهم بالاسم رغم تفضيلهم بأن لا يتم ذكر أسمائهم، كانوا يقبلون كل ذلك من خالد أباظة، حبا فيه وتقديرا للتميز التحريرى والعلاقة الشخصية المتميزة معى، كانوا يقولون «معلش عديها لخالد». الحقيقة أنهم لم تكن على رؤسهم «بطحات»، وكانوا باستطاعتهم محاربتي إن أرادوا ولكن فى معظم الأحيان، كانوا يتجاوزوا عن ذلك، ويكتفوا بعتابى بشكل هادئ أو غاضب أحيانا، لذلك يجب أن أتوجه لهم بالشكر، فبعضهم تحمل «غلاستى» وتجاوزاتى لسنوات طويلة.


وهم كانوا يعرفون جيدا أن الأمر ليس شخصيا، فالنقد كان أساسيا للطبخة التى كانت تخدم شركاتهم أيضا، كان ملحقنا هو الأقوى عندما يتعلق الأمر بتقديم سيارة جديدة للسوق، أو شركة أو وكيل جديد، كنت أعرف جيدا كيف أقدم ما هو جديد بشكل لامع، بدون «نصب» ولا استخفاف أبدا بالقراء، كانت الشركات تحتاج دائما لطبخة ملحق أخبار اليوم ومصداقيته، وأزعم أننا كما كنا جزء كبير من نجاح الشركات، كانت شركات السيارات أيضا جزءا كبيرا من نجاحنا بدعمها؛ إعلانات وأسرار وانفرادات وأخيرا كنت أقول لهم دائما «عدولنا النقد» لأن النقد جزء أساسي من أهم مقومات نجاح الملحق، وهذا في مصلحتنا جميعا.

- ومتى يمكن القول بأنك أحسست بالتقدير في تلك المنافسة «الضارية» كما وصفتها مع الأهرام؟


أحسست بالتقدير كثيرا، من مجلس إدارة أخبار اليوم في تكريمهم السنوى لى ومن الجمعية العمومية لأخبار اليوم التى احتضنتنى وشجعتنى لسنوات طويلة ومن مختلف رؤساء مجالس إدارة المؤسسة الذين عملت تحت رئاستهم على مدار السنوات الطويلة وكانوا يشجعونني باستمرار ويتفهمون أحيانا أخطاء قد تكون ارتكبتها خلال مشوارى الطويل مع الملحق، لأنه بالطبع لا يوجد أى شخص معصوم من الخطأ خاصة فى ظل ضخامة المسئولية التى كانت على عاتقى وصغر سنى وقلة خبرتى فيما يخص النواحى الإدارية التى كنت أتحملها في فترات طويلة، وذلك بخلاف طبعا التقدير الأسبوعى الذى كنت أحصل عليه، من خلال تفاعل السوق والقراء مع مقالاتى أو أداء الملحق بصفه عامة.


ومن الموقف التى شعرت فيها بتقدير من خارج أخبار اليوم، كان من حسن المستكاوي نفسه، الذي ظل لسنوات طويلة منافسا عنيدا جدا كونه كان المشرف العام على ملحق سيارات الأهرام، ففى احدى الاحتفالات لشركة مرسيدس بتقديم سيارة جديدة للسوق، تقابلت معه وكان سلامنا عادة رسميا أو فاترا مع احتدام المنافسة، يومها فوجئت بتقدمه لى بخطوه، وتقدمت على الفور بخمسة أو ستة خطوات!، ودار بيننا وقتها أغرب حوار، لم أتوقعه أبدا!.


قال لى: «يا خالد أنا هعمل جورنال أسمه الشروق، هساهم فيه بكل ما أملك من أموال، وهقدم على إجازة من الأهرام بدون مرتب وهيكون الشروق كل حياتي».

ولم أفهم لماذا يبوح لى منافسى اللدود بأدق أسراره!، وأكمل: «وعايز أعمل أحسن ملحق سيارات فى مصر من خلال جريدة الشروق».

ابتسمت دون أن أفهم مجددا لماذا بخبرنى بتلك التفاصيل وكان ردى: «بالتوفيق طبعا ياريس».

ثم فاجأني قائلا: «أحسن ملحق طبعا لازم يبقى عامله خالد أباظة».. وأنا بمد لك يدى لكى نتعاون سويا ونصدر هذا الملحق الذي أتمنى أن يكون الأقوى في مصر.

كانت مفاجأة بالنسبة لى وتقدير كامل من منافس شرس وعنيد، وأسعدنى هذا التقدير وأخبرته قائلا: «أنا فرحان يا ريس أنك بتقولى كدا وانت من الأهرام والمنافس الوحيد لنا في أخبار اليوم». واعتذرت بالطبع عن العرض الذى أسعدنى بالتأكيد ولكن لم يكن وقتها فى حساباتى أن أترك عملى داخل مؤسسة أخبار اليوم أيا كان العرض أو الإغراءات، وبالفعل بعد عدة أشهر تم إطلاق جريدة الشروق في مصر.

- وماذا عن التحديات التى واجهتها مع دخولك لسوق السيارات؟


سنه ١٩٩٨ أطلقنا الملحق، وكانت أصعب مرحلة بالنسبة لى، أصعب أربعة أو خمسة أشهر، بعد عشر سنوات من عملى كصحفى رياضى نجحت خلالها فى اقتحام المجال وحققت نجاحا وأصبح لى مصادرى وعلاقات قوية تجمعنى بالمنتمين للوسط الرياضى، فجأة وجدت نفسي من الناحية الصحفية أبدأ من الصفر مرة أخرى، كانت الفكرة صعبه، والبداية ضبابية إلى حد كبير بالنسبة لى والحقيقة ساعدنى كثيرا أصدقائى المنتمين لمجال السيارات والذين كنت أعرفهم قبل انضمامى للمجال.


بدأت علاقتى مع سوق السيارات في مصر وعملية تقديم نفسى للعاملين بالشركات والتوكيلات من خلال كتابة مقالات، وكان لدى مقالة ثابته كل أسبوع في الصفحة الأخيرة للملحق، وكنت أريد استغلالها بشكل كامل، كنت أرى أن هذه المساحة سوف تقوم بتقديمى للسوق. ونجحت بالفعل فى إحداث حالة من الجدل، خلال عدة أسابيع الكل كان يتساءل: «مين خالد أباظة ده؟!» و«إيه علاقته بسوق السيارت، يفهم إيه فى شغلنا؟!»، و لم يكن معظمهم يعرف أى شيء عنى ولا حتى سنى الذي كان بالفعل صغيرا في هذا الوقت، فالأحداث كانت سريعة للسوق، فجأة ظهر الملحق وفجأة ظهر المقال، أسلوب مختلف جدا عن الموجود في ذلك الوقت، أخبار وأسرار ونقد لأول مرة فى سوقنا المحلية، هذا بخلاف الأخبار المحلية وأخبار الشركات وهذا فى حد ذاته كان جديدا على السوق وصادما للمنتمين إليه.

- وكيف تقبل سوق السيارات هذا الأسلوب المختلف والجديد؟ النقد وأسرار الشركات؟!


يرد أباظة ضاحكا: عرف «المُحضر» طريقه لى!، فوجئت بأول قضية تم رفعها ضدي من قبل شركة هوندا بعد عدة أسابيع من بداية الملحق، بعد أن انتقدت أداء التوكيل بشكل عنيف جدا وكان معى كل الحق فى هذا النقد اللاذع، وكان العضو المنتدب للشركة فى هذا الوقت لبنانى ولا أذكر أسمه، كان أداء هوندا سيء جدا، باختصار شركة فاشلة بمعنى الكلمة، السيارات يتم بيعها عن طريق أبوغالى، وهوندا نفسها لا تعرف شيء عن تلك السيارات، انتقدت أداء الشركة بشكل لاذع وتساءلت عن دور الإدارة، وكتبت ساخرا «يا إما يقفلوا يإما يشتغلوا». وكنت على موعد مع أول قضية يتم رفعها على في المحاكم وفي الحقيقة زادت من شهرتى في ذلك الوقت وشهرة مقالى بالطبع، وتزامنت القضية مع بلاغ من الشركة لنيابة أمن الدولة بحجة أن المقال من الممكن أن يكون سببا فى إغلاق الشركة وتسريح عدد كبير من العاملين، وكلها عوامل زادت من شهرة قلمي في أسابيع قليلة!!.


وأبدى رؤساء الشركات أنفسهم اهتماما بما أكتب، سواء تفاصيل غير معروفة وأسرار ونقد أيضا، كان شيء جديد تماما على صحافة السيارات فى بلدنا، فبعد فترة قصيرة، جاءني اتصال هاتفى «عجيب» من مكتب رجل الأعمال الشهير شفيق جبر الذي كان ومازال من أقوى رجال الأعمال في مصر، وكانت المكالمة كالآتي؛

- ألو، أنت بقى خالد أباظة اللى بقالك فتره عامل ضجة في سوق العربيات؟!

- أيوه أنا، أؤمر يا فندم

- أنا شفيق جبر يا سيدي، تعرفنى؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved