البشرى: 3 أسباب لرفض تغيير إجراءات تعيين رؤساء الهيئات القضائية

آخر تحديث: الإثنين 26 ديسمبر 2016 - 9:27 م بتوقيت القاهرة

كتب ــ محمد بصل:

المشروع يعتدى على الدستور ويهدر استقلال القضاء.. وعرف الأقدمية له قوة تشريعية طالما منعت السلطة التنفيذية من التدخل
نواجه سؤال سلطة التعيين وليس سؤال الكفاءة.. والأقدمية المطلقة لم تثر خلافًا حول تطبيقها ولم نخالفها من قبل

وجه الفقيه القانونى المستشار طارق البشرى انتقادات شديدة لمشروع القانون المتداول فى مجلس النواب لتغيير إجراءات تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية، والذى أثار خلال الأيام الأخيرة غضبا واسعا فى صفوف القضاة نظرا لإلغائه قاعدة الأقدمية المطلقة فى تعيين رؤساء المحاكم، وإسناده سلطة الاختيار لرئيس الجمهورية من بين 3 مرشحين تختارهم الجمعية العمومية (فى حالة مجلس الدولة) والمجالس العليا للهيئات (فى حالة القضاء العادى والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة).


البشرى قال فى تصريحات خاصة لـ«الشروق»: إن هذا المشروع يمثل عدوانا على الدستور، ويمس باستقلال السلطة القضائية، وهو أمر غير مقبول، معددا 3 أسباب رئيسية لرفضه من قبل جموع القضاة.
السبب الأول ــ الذى لفت البشرى إلى أنه مذكور فى قلب المذكرة الإيضاحية للمشروع ــ هو أن هناك عرفا يوجب الالتزام بالأقدمية المطلقة، موضحا أن «العرف هو عادة تحولت بالتواتر والاستقرار إلى أن أصبح لها قوة الإلزام فى نفوس الناس وعقولهم وتصرفاتهم، وبذلك تحول عرف الأقدمية فى القضاء إلى قوة تشريعية كانت تمنع تدخل السلطة التنفيذية فى تعيين الرؤساء، وتترك هذه السلطة كاملة للجمعيات العمومية للقضاة».


أما السبب الثانى بحسب البشرى فهو أن «الدستور ينص على استقلال السلطة القضائية استقلالا تاما، وهذا الاستقلال لا يتحقق إلا بأن يكون اختيار المناصب الرئاسية فى القضاء بيد القضاة وحدهم، وليس بيد رأس السلطة التنفيذية»، مشددا على أن «ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا، وبالتالى فما يوجب استقلال القضاء وما يتعلق به هو واجب أيضا»، وأن استمرار تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية باختيار جمعياتهم العمومية يسد الذرائع أمام تدخل السلطة التنفيذية فى عمل السلطة القضائية، وما يمثله هذا من إهدار لمبدأ الفصل بين السلطات».
أما السبب الثالث فى رأى البشرى فهو أن الأقدمية لم تثر من قبل خلافا حول تطبيقها، ولم يسبق أن خالفها القضاة، واحتراما لهذا الاستقرار فإنه لا يجوز منح رئيس الجمهورية حق الترجيح والاختيار بين عدة مرشحين للمنصب الرئاسى القضائى، لأنه لا يجوز لرئيس الجمهورية من الأساس مشاركة الجمعية العمومية لمحكمة النقض أو لمجلس الدولة فى اختيار رؤسائهم.


وتفنيدا للادعاءات بأن المشروع الجديد قد يساهم فى اختيار الأكفأ، قال المستشار البشرى: «ليس هناك خلاف حول أن الأقدمية لا تأتى دائما بالأفضل نظرا لاختلاف الكفاءات، لكن هذا العيب يعالجه أن القرارات تكون جماعية وبالمشاركة فى إدارة القضاء، سواء من خلال الجمعيات العمومية للجهات والهيئات، أو المجالس العليا لها المكونة من 7 أعضاء لإدارة شئونها الداخلية، وحتى فى الدوائر القضائية التى تكون فى الأغلب الأعم من 3 أو 5 أو 7 قضاة».


وأضاف البشرى: «القضاة اعتادوا فى عملهم القضائى والإدارى على المداولة والمشاركة والجماعية فى اتخاذ القرار، ولا يعرف القضاء انفراد الأقدم بالسلطة، فحتى فى المداولة يرجح رئيس الدائرة كفة الرأى الذى اعتنقه فى حال الخلاف بالتساوى بين رأيين، لكنه لا ينفرد بالقرار».
واستدرك البشرى، قائلا: «السؤال الذى أمامنا فى الواقع لا يتعلق بالكفاءة، بل يرتبط فقط بمن له سلطة اختيار رئيس الهيئة القضائية».


وردا على سؤال عن قراءته لطرح هذا المشروع فى الوقت الحالى، وما إذا كان مرتبطا بهيئات بعينها، أجاب البشرى بعلامة استفهام أوسع وأشمل، قائلا: «هذا المشروع يجعلنى أتساءل: هل وراءه حرص من السلطة التنفيذية على اختيار الرئاسات القضائية؟».


ويتضمن المشروع المقترح من النائب أحمد حلمى الشريف و60 عضوا آخرين تعديلات على قوانين السلطة القضائية ومجلس الدولة وهيئة قضايا والنيابة الإدارية، بحيث يكون تعيين رئيس محكمة النقض بقرار جمهورى من بين 3 نواب يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، بعدما كان مجلس القضاء يرشح أقدم القضاة لشغل هذا المنصب ويصدر بتعيينه قرار جمهورى.


وبحيث يكون تعيين رئيس مجلس الدولة بقرار جمهورى من بين 3 نواب ترشحهم الجمعية العمومية لمجلس الدولة، بعدما كانت الجمعية العمومية ترشح أقدم أعضائها ويعينه الرئيس مباشرة.
ويقترح المشروع أن يكون تعيين رئيسى هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية بقرار جمهورى من بين 3 نواب يرشحهم المجلس الأعلى لكل هيئة، بعدما كان المجلس الأعلى يرشح أقدم الأعضاء ويعينه الرئيس مباشرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved