مصطفى علوى أستاذ العلوم السياسية لـ«الشروق»: البرلمان الفاعل ابن لأحزاب قوية.. وطال غياب المحليات

آخر تحديث: الثلاثاء 28 مارس 2017 - 11:05 ص بتوقيت القاهرة

حوار ــ طلعت إسماعيل:

• 40 % من أعضاء المجلس التخصصى الرئاسى للتعليم مقيمون بالخارج

• الولايات المتحدة لديها مجالس رئاسية تضع الرؤية التى تنفذها الوزارات.. وفى مصر مجالس تخصصية تأثيرها محدود على الأجهزة التنفيذية

• نحتاج إلى آلية فعالة تقرأ الأزمات قبل وقوعها.. ولدينا مركز للأزمات تابع لمجلس الوزراء لا يعمل منذ فترة طويلة

• إثيوبيا لعبت بحرفية فى أزمة سد النهضة.. ونحن كان لدينا نقص فى الكفاءة واستسهال مع القضية

• توقيت إثارة قضية «تيران وصنافير» خطأ بالغ وكان يجب ترحيلها

• مصر لن تنجح وحدها فى مكافحة الإرهاب.. وأدعو لتحالف دولى عريض يضم الصين والهند والبرازيل إلى جانب روسيا والولايات المتحدة

• لا مانع من الشراكة مع حلف «الناتو» فى حدود مكافحة الإرهاب فقط
• طُلب منا وضع ورؤية عن كيفية تفعيل دور الرئاسة كمؤسسة فوضعت تصورا من صفحتين فقط وقلت فيه إنه يجب أن ندرك أولا هل نحن نظام رئاسى أم مختلط؟

دعا الدكتور مصطفى علوى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى وقفة حقيقية من صناع القرار فى مصر من أجل الوصول إلى آلية فعالة تقرأ الأزمات قبل وقوعها والاستعداد لمواجهتها بأساليب وسياسات فعالة وسليمة ودقيقة، مشيرا إلى أننا نعانى من مشكلة تاريخية منذ الخمسينيات من القرن الماضى تتمثل فى عدم قيام المحليات بلعب الدور المطلوب منها.

وقال علوى فى حوار أجرته معه «الشروق» فى العاصمة البلجيكية بروكسل، على هامش زيارة لوفد مصرى لمقر حلف شمال الأطلسى «الناتو» أخيرا، إنه لا يوجد برلمان قوى من دون أحزاب قوية، وكى نطور الحياة السياسية فلابد من تطوير الكيان الحزبى، مؤكدا أن كثيرا من القضايا المطروحة على البرلمان هى من شأن المجالس المحلية التى تأخرنا كثيرا فى انتخابها.

وفى الحوار الذى قام على ثلاثة محاور (محلية وإقليمية ودولية)، تناول علوى بالشرح والتحليل أهم القضايا التى تواجه مصر وأهمها مكافحة الإرهاب، حيث دعا إلى تحالف دولى يضم عدة دول فى مقدمتها روسيا والولايات المتحدة إضافة إلى إشراك الصين والهند والبرازيل... وإلى نص الحوار:

• كأستاذ للعلوم السياسية كيف ترى الواقع المصرى فى الوقت الراهن؟
ــ أولا: هناك حالة مستمرة من عدم الاستقرار منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، ومن أهم مؤشراتها عدد التشكيلات الوزارية منذ 2011، حيث تناوب العديد على منصب رئيس الوزراء، بالإضافة إلى تغيير معظم الوزراء، فبقاء الوزير فى موقعه محدود ولمدة قصيرة من الزمن حتى لو عنده النية والقدرة على العمل والإنجاز لن يستطيع أن يقدم شيئا لأن الفترة الزمنية غير كافية باستثناء وزير الإسكان.

ثانيا: يوجد عنصر مهم جدا لا يزال غائبا عن فكر الدولة المصرية حتى الآن، وهو أن البرلمان يقوم بالأساس على مرحلة تسبقه، فالبرلمان المتطور الفاعل القادر على أداء واجبه تجاه الحياة السياسية المصرية يقوم على وجود مجالس محلية فاعلة وقادرة على صياغة وتصميم الأعمال والتوجهات الخاصة بالعملية الانتخابية، التى تعد ركنا أساسيا فى البعد المحلى لأى دولة. ونحن عندنا مشكلة تاريخية منذ الخمسينيات، تتمثل فى أن المحليات لا تؤدى دورها الذى يجب أن تلعبه فى الحياة السياسية، ولا توجد انتخابات محلية فى السنوات الأخيرة بالمعنى الحقيقى للكلمة.

ثالثا: هناك معيار آخر شكلى لكنه مهم، وهو مسميات البرلمان، حيث تغير اسمه أكثر من مرة، كما أن تركيبة السلطة التشريعية مؤشر على أنها لا تؤدى دورها بالفاعلية التى تمكنها من لعب دور فى صياغة وصناعة القرار السياسى المصرى بطريقة ناجحة.

• ما هو المطلوب حتى يؤدى البرلمان دوره بالكفاءة والفاعلية المرجوة؟
ــ نحن نحتاج تطويرا فى البرلمان، بحيث يتم تفعيل أدائه لوظائفه، فمثلا فى الكونجرس الأمريكى يوجد 902 خبير متخصص يعملون طول الوقت فى المجلس، ويعطون أفكارا ومساعدات علمية وفكرية بشكل متواصل لأعضاء البرلمان.

كما أن هناك عامل ضعف أشد فى الحياة البرلمانية، يتمثل فى ضعف الحياة الحزبية وهى نقطة فى غاية الخطورة، فلا يوجد برلمان قوى من دون أحزاب قوية، لأنه إذا أردت برلمانا فاعلا يجب أن يكون أعضاء البرلمان عندهم خبرة وفاعلية.

ومن خلال متابعتنا لأداء أعضاء البرلمان وواجبهم البرلمانى، لا توجد أحزاب فاعلة، بسبب التعدد الكبير فى عدد الأحزاب السياسية، نحن لدينا 109 أحزاب، لا نعرف إلا عددا قليلا منها، ويوجد فى قانون الأحزاب عنصر ضعف خطير، وهو أن الحد الأدنى لإنشاء الحزب 5000 شخص، ويجب ألا يقل العدد (فى تقديرى) عن نصف مليون منتشرين جغرافيا، وعمريا ونوعيا (رجال ونساء).. ولكى يتم تطوير الحياة السياسية فى مصر، يجب تطوير الكيان الحزبى فى الداخل المصرى أولا.

• من يطور الكيان الحزبى فى تقديرك، وكيف؟
ــ السلطة والدولة أولا.. وذلك بتعديل القانون بحيث يزيد الحد الأدنى لتكوين الحزب السياسى عن 5 آلاف شخص، ويجب النظر إلى هذا الإشكاليات بفعالية وجدية وباهتمام حقيقى، فلن توجد حياة سياسة سليمة، برلمانيا وتنفيذيا، إلا بوجود أحزاب نشطة وفاعلة وقوية.

يجب أن يكون لدينا محليات فاعلة وقوية، وذلك سيخفف من الحجم والكم على البرلمان، فالقضايا التى ستحتاج أن يحسمها البرلمان ستكون أقل مما هى عليه الآن، فالكثير من تلك القضايا يجب أن تكون معروضة على المحليات.

• هل هناك أسباب موضوعية لتأجيل انتخابات المحليات كل هذه الفترة؟
ــ لا توجد أسباب موضوعية، وكان يجب إجراؤها قبل انتخابات البرلمان، وهناك ثغرة خطيرة، تتمثل فى أن عدد الخبراء الذين يتم استطلاع رأيهم لمواجهة مثل هذه القضايا محدود جدا، وهذا لا يصح.

طُلب منا فى مصر منذ عامين ونصف العام وضع تصور ورؤية عن كيفية تفعيل دور الرئاسة كمؤسسة؟، فوضعت تصورا من صفحتين فقط، وقلت فيه إنه يجب أن ندرك أولا هل نحن نظام رئاسى أو مختلط؟، ونقرر إذا كنا نظاما رئاسيا فمعروف كيف يمكن تشكيله وتكوينه وكيف يؤدى عمله على المستوى القومى، وإن كان النظام مختلطا أو برلمانيا فستختلف الآليات، ويشترط وجود خبراء فى البرلمان داخل المجلس، لإعطاء دورات تدريبية للأعضاء الجدد الذين يتم انتخابهم لأول مرة ولا يمتلكون خبرة سياسية.

وعندما ترأست مركز البحوث البرلمانية التابع للبرلمان، فى عامى 2009 و2010، كنت أنظم تلك الدورات، وكان شرطى لقبول المنصب هو وجود تلك الدورات، ووجود الخبراء الذين يعملون على مساعدة أعضاء البرلمان، فأى مشروع قانون جديد يأتى من وزارة أو لجنة معنية فى البرلمان، كان يصل المركز أولا، ويتم تشكيل لجنة مكونة من 60% أغلبية و40% معارضة، لضمان وجود كل الرؤى والاتجاهات، ويتم إجراء مناقشة تفصيلية فى حضور ممثلى المركز وأعضاء البرلمان، ويُقر القانون أو يعدل بعض نصوصه، ويجب أن يكون هناك تشكيل مشابه فى البرلمان الحالى، نحتاج إصلاحا حقيقيا وجوهريا.

• بوصفك اطلعت لسنوات على النظام السياسى الأمريكى وعشت لفترة طويلة فى الولايات المتحدة، هل هناك ثمة ما يمكن الاستفادة منه فى هذا النظام؟
ــ فى النظام الرئاسى الأمريكى، توجد مجالس رئاسة موازية للوزارات، الرئيس يكلف المجلس الرئاسى بتنفيذ رؤية استراتيجية خلال مدة حكمه، ويتم وضع التصور ومناقشته بين الرئيس والمجلس وتعديله أو لا، ويتم إرسال هذه الرؤية من الرئيس للوزير المختص ويطلب خطة عمل تنفيذية لها، ثم يرسلها للرئيس ويعيد مناقشتها مع المجلس، وإذا لم توجد تعديلات يتم التنفيذ، وبالتالى توجد خطة عمل تنفيذية دقيقة تغطى الـ4 سنوات، مدة الرئاسة.

وفى مصر يوجد مجالس تخصصية، تم تشكيل 4 من بين 10، منها مجلس خاص بالتعليم 40% من أعضائه مصريون ولكنهم يقيمون بالخارج، فإحساسهم وإدراكهم للمشاكل الداخلية لن يكون كالمقيمين بالداخل، والعامل الأساسى فى تقدم المجتمع أو تخلفه التعليم والبحث العلمى.

كما يوجد مجلس للتنمية الشاملة وآخر للتنمية الاقتصادية، وكان يجب أن يكونا فى مجلس واحد، وهذه ملاحظة على تشكيل تلك المجالس، أضف أن أداء هذه المجالس وتأثيرها على الوزارات وأجهزة السلطة التنفيذية محدود، حيث يجب اختيار قيادات تلك الأجهزة على ضوء الخبرة السياسية الفعالة.

يجب أن ندرك أنه فى النظام الرئاسى، فإن الرئاسة هى المؤسسة الأهم، تضع الخطة التنفيذية وتراقب مدى فاعلية تنفيذ الوزارات لها، بحيث يتم التعديل والتطوير حتى لا تضطر لتغيير الوزير كل فترة، ويجب أيضا أن يتم تنفيذ ذلك التطوير بشكل سريع، لأننا حتى الآن ليس لنا آلية صنع قرار فعالة بالشكل الواجب واللازم.

• ما تقييمك للقرارات الاقتصادية التى يتم اتخاذها ونظرة الشارع لأداء الحكومة ورؤيتك لها كمواطن؟
ــ تقييم المواطن العادى مهم جدا، ولكنه لا يعتمد على العوامل والاعتبارات التى يعتمد عليها الخبراء، لكن فى نفس الوقت هناك إحساس وإدراك سريع وفورى من المواطن بالنجاح أو عدم النجاح فى اتخاذ القرارات السياسية وتنفيذها، فارتفاع سعر الدولار أدى إلى ارتفاع جميع السلع والخدمات وغياب بعض السلع عن الأسواق بالإضافة إلى الأدوية، وكان يجب عمل قراءة مسبقة لهذا التطور للشأن التجارى والاقتصادى، وتدخل من جانب الدولة سابق على هذه القرارات، والعمل على حلها قبل تحولها لأزمات حقيقية.

• لكن أليس لدينا جهات دورها إدارة الأزمات والعمل على حلها؟
ــ يوجد مركز للأزمات فى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، لا يعمل منذ فترة طويلة، ويجب تكليفه بعمل قراءة حقيقية للأزمات التى يعيشها المصريون اقتصاديا واجتماعيا، ويجب أن تكون هناك وقفة حقيقية للوصول إلى آلية فعالة تقرأ الأزمات قبل وقوعها والاستعداد لمواجهتها بأساليب وسياسات فعالة وسليمة ودقيقة.

• هناك أزمتان مرت بهما مصر تمثلان أهمية وتأثير مباشر على الشارع، هما سد النهضة الإثيوبى واتفاقية تيران وصنافير، فهل نجحنا فى إدارة الأزمة؟
ــ سد النهضة من أخطر المشروعات التى تواجه الأمن القومى المصرى على الإطلاق، فطبوغرافيا، إثيوبيا مرتفعة جدا عن سطح الأرض وتأخذ فى الانحدار الشديد على حدودها مع السودان، ويتم تنفيذ المشروع فى منطقة الانحدار، وهى منطقة زلزالية، فإذا حدث زلزال أو اندفاع للمياه سيؤثر على مصر والسودان بشكل كبير وخطير.

وأشير هنا إلى أن جامعة الفيوم أعدت دراسة عن «سد النهضة وأمن مصر القومى»، اشترك فيها فريقا عمل لمدة 8 شهور، الأول تناول الجانب السياسى والاستراتيجى وكان برئاستى، والثانى تناول الجوانب الفنية، برئاسة الدكتور حسين العطفى، وزير الرى الأسبق، وخرج كتابان الأول يتناول الجانب السياسى الاستراتيجى بما فى ذلك البعد العسكرى للمشروع، والثانى يتعامل مع الجوانب الفنية للمشروع، ووضعنا فيهما خريطة للأزمات المتوقعة والمصالح التى سيتم تهديدها من المشروع.

وأشير أيضا إلى أن إثيوبيا لعبت بشكل حرفى خطير خلال الـ4 سنوات الأخيرة، حيث أعطت المشروع هندسيا لشركة إيطالية، والجزء الكهربى أعطته لشركة إسرائيلية، كما أجرت اتصالات سياسية مع كثير من دول أفريقيا، خاصة دول حوض النيل الأزرق، ونالت تأييدا من جميع هذه الدول، بما فيها السودان للأسف، ونحن أجرينا اتصالات ثلاثية الأبعاد «مصرية ــ سودانية ــ إثيوبية» وهذا خطأ فى تقديرى، كما قمنا بخطأ كبير عندما وقَعنا فى مارس 2015 اتفاقية إطارية مع إثيوبيا، والاتفاقية الإطارية غير ملزمة فى القانون الدولى، فكيف نوقع على تلك الاتفاقية ونحن نمتلك 5 اتفاقيات تاريخية مازالت سارية؟، ما أعطى فرصة لإثيوبيا للقول بأنها غير ملزمة إلا بالاتفاقية الإطارية.

• هل هذا نقص كفاءة أم استسهال فى التعامل مع القضية؟
ــ الاثنان، ولكن نقص الكفاءة أخطر، وأعتقد أن الدولة لم توظف الخبرات المطلوبة فى فريق العمل الخاص بالأزمة بالشكل الفاعل، وبالتالى أصبح لدينا مشكلة حقيقية وأدعو الدولة إلى استمرار التواصل مع إثيوبيا، فلم يعد خيار نسيانها موجودا، بعد الانتهاء من نحو 60% من السد.

كان يمكن تفادى هذه المشكلة بالتواصل مع السعودية والإمارات لتولى الجزء الكهربى فى المشروع، وكان يجب أن يتم اختيار الخبراء الذين يكلفون بهذه المهام، بحيث يكون الاختيار قائما على الموضوعية.

• وبالنسبة لأزمة جزيرتى تيران وصنافير هل تعاملنا معها بطريقة صحيحة؟
ــ لم يحدث ذلك.. وهناك عنصر بالغ الأهمية وهو التوقيت، فحتى لو كان من المؤكد أنهما سعوديتان، كان يجب التواصل مع السعودية بأن هذا ليس الوقت المناسب، فتوقيت إثارة الأزمة «خطأ بالغ»، كما أن توقيع الاتفاقية أثناء زيارة العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة خاطئ، وكان يجب ترحيلها لبعض الوقت، لمعالجة أزمات ثورات الربيع العربى والانتهاء منها أولا، فهناك أولويات للمصالح الوطنية لأى دولة، وأزمة الجزيرتين ليست من الأولويات، وبالتالى يمكن التواصل فى السنوات المقبلة إلى أن نجد الوقت المناسب لحسم هذه الأزمة وتبنى القرار الصحيح بشأنها. واخيرا أقول إن التعامل مع هذه القضية تم من دون أن يكون هناك الاستعداد الكافى من حيث المعلومات والتوقيت.

• إلى أى مدى يؤثر الوضع الملتهب فى سوريا والعراق وليبيا واليمن على الداخل المصرى.. وما تقييمك للدور المصرى فى التعامل مع التطورات الإقليمية؟
ــ الوضع الإقليمى يؤثر بشكل كبير علينا فى الداخل، فالمناطق المحيطة بمصر بشكل مباشر هى مناطق أزمات استراتيجية معقدة وحادة، ومعايير الأزمة الحادة مختلفة عن المعقدة، فالأولى تتمثل فى القوة العسكرية المستخدمة وحجمها وتوقيت استخدامها وحجم الخسائر المترتب على استخدامها، بينما المعقدة تعتمد على عدد أطراف الأزمة وتعدد مصالح كل طرف وتعدد أدوات إدارة هذه الأزمة.

وهناك مشكلة أن كل تلك الأزمات حول مصر، وتأثيرها على الأمن القومى خطير، حتى إذا لم نتورط بشكل مباشر فيها، ويجب السعى لإنهاء تلك الأزمات، التى ترتبط أيضا بالأزمة الداخلية، ويجب أن نأخذ فى الاعتبار الترابط بين الوضع الداخلى والأزمات العربية الشرق الأوسطية الإقليمية، وهذا يعنى ضرورة توظيف القدرات والسياسات والخبرات فى إدارة الأزمات، فى الوصول إلى مشاركة مصرية سليمة وفاعلة لإدارة تلك الأزمات، بشرط وجود خريطة بالقوى الإقليمية والدولية التى يجب مشاركتها بفاعلية لإنهاء الأزمات فى وقت قريب، فالوصول إلى تصورات ورؤى استراتيجية لحل الأزمات العربية، يقود لحل الأزمة الداخلية.

• إذا نظرنا إلى الوضع الدولى.. ماذا تقول؟
ــ دوليا، النظام الدولى يتغير ويتطور ومقدم على مرحلة معقدة صعبة، يتعدد فيها اللاعبون مع اختلاف مصالحهم، فالصين تحولت إلى لاعب عالمى كبير، وروسيا تخلصت من أزماتها السابقة ونجحت فى إدارة أزمات أوكرانيا والدول المحيطة بها، وتلعب دورا غير مسبوق فى سوريا، فتعدد القوى الكبرى عنصر إيجابى لمصر فى بعض الأحيان، بعكس وجود قوة واحدة متحكمة فى العالم، وذلك بالإضافة إلى وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو رجل معدوم الخبرة السياسية، حيث يتبع طرقا فى الإدارة لا تصلح للأزمات العالمية... هناك عناصر قوة لن تستطيع أن تستخدمها مصر إلا إذا أدركتها بشكل سليم ووضعت الخبراء فى مواقع اتخاذ والمساعدة فى صنع القرار.

• كيف تستفيد مصر من تنوع علاقاتها الدولية بحيث ينعكس على مساعدتها فى مواجهة الإرهاب؟
ــ الإرهاب من أخطر الملفات الدولية حاليا، ويهدد كل دول المنطقة ما عدا إسرائيل، التى تستفيد مما يحدث فى المنطقة العربية حيث تحقق مصالح نتيجة الوضع الإقليمى السائد، ولن تنجح مصر بمفردها فى القضاء على الإرهاب، وأصبح هناك حاجة ملحة لتشكيل تحالف دولى لمكافحته، والمجتمع الدولى لم يصل إلى رؤية واضحة محددة فى هذا الشأن، وعلى مصر أن تطرح فكرة لقيادة حركة دولية لتكوين تحالف دولى حقيقى شامل «سياسى عسكرى اقتصادى»، ويتم وضع أهدافه بالقضاء على الجماعات الإرهابية فى مدى زمنى معين، وتحديد تكلفة تلك المواجهات وكيفية توزيعها على دول التحالف، والأنشطة العسكرية المشتركة بدءا من التدريب المتخصص فى مواجهة الإرهاب.

ومن أخطر الأشياء التى أتذكرها أن الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، سئل 3 مرات فى مؤتمرات صحفية مختلفة عن التحالف الذى تقوده واشنطن ضد الإرهاب، فطرح 3 أعداد مختلفة للدول الأعضاء فى التحالف، وهذا أكبر دليل على عدم وجود تحالف دولى، وحتى هذه اللحظة ليس هناك تحالف دولى بعد، إلا على مستوى الكلام فقط، لأن أى تحالف دولى لا ينشأ إلا بوثيقة ملزمة، ولا بد أن توقع كل الدول الأعضاء عليها.

• هل العالم مهيأ لتشكيل مثل هذا التحالف الذى تتبناه مصر وتدعو إليه؟
ــ حتى إذا كانت بداية التحالف محدودة، فعلينا أن ندرك أنه إذا حقق نجاحا فى حدود سقفه المتاح، سيشجع ويفتح الباب أمام دول أخرى للمشاركة فيه، فحلف شمال الأطلسى «الناتو» بدأ بـ11 دولة ووصل إلى 28 دولة حاليا، ولا مانع من شراكة مع حلف الناتو فى حدود مواجهة الإرهاب فقط، ولا تكون شراكة مفتوحة.

• العلاقة مع روسيا.. والولايات المتحدة بعد تغيير الإدارة الأمريكية كيف يمكن استثمارها فى قضية مكافحة الإرهاب؟
ــ وجود علاقات مع القوتين العظميين مهم، وإذا نجحنا فى وضعهما فى برنامج الشراكة لمكافحة الإرهاب، فهذه خطوة إيجابية كبرى فى هذا التوجه، وعلينا أن ندرك أن روسيا لها مصلحة فى مكافحة الإرهاب، حيث كانت ولا تزال لديها مشكلة الشيشان، التى يمكن أن تتحول مجددا إلى قضية إرهاب، وأعتقد أن روسيا يمكن أن تكون طرفا فى تلك الشراكة، نتواصل معها ونطرح عليها رؤية محددة فى هذا المجال.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن ترامب قال إنه يؤيد أى حركة دولية لمكافحة الإرهاب وأن بلاده ستلعب دورا أساسيا فى هذا المجال، ويجب أن يكون هناك وتواصل ومناقشة جادة مع إدراته، وأدعو لإشراك الصين والهند والبرازيل فى الشراكة، وإذا فعلنا ذلك سنحصل على إطار دولى عالمى، وتكون تلك نقطة البداية والانطلاق، وهذه فكرة جديدة لم تطرح من قبل، تتمثل فى ضم قوى ودول جديدة لمكافحة الإرهاب.

وأنا كنت فى الصين أخيرا وطرحت فكرة وجود حوار مصرى صينى مستمر، يبدأ بين جامعتى القاهرة وبكين، وسافرنا 13 مصريا، وكنت مسئولا عن الشق الاستراتيجى، وعندهم استعداد جيد لأن يكون ذلك نقطة انطلاق لفتح أبواب جديدة للتعاون فى المجالات المختلفة بين الدولتين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved