بين حماس وإسرائيل.. أوراق ضغط في مفاوضات الهدنة
آخر تحديث: الإثنين 29 أبريل 2024 - 7:04 م بتوقيت القاهرة
وكالة أنباء العالم العربي
وصلت الحرب في غزة إلى مفترق طرق تحاول فيه كل من حركة حماس وإسرائيل استخدام ما تملكه من أدوات ضغط لتقوية موقفها في مفاوضات وقف إطلاق النار.
من جانبها، لا تريد حماس أن يداهم الجيش الإسرائيلي آخر معاقلها في رفح، فبدأت بالتلويح بأقوى أوراق الحسم لديها والمتمثلة في المحتجزين الإسرائيليين، وعمدت في اليومين الماضيين إلى بث مقاطع فيديو "مؤثرة نفسيا" لبعضهم وهم يستحثون عائلاتهم على ممارسة مزيد من الضغوط على الساسة الإسرائيليين الذين يرفضون تقديم "تنازلات" ويرفعون شعار "النصر المطلق".
وآخر مقطع مصور تم بثه للمحتجزين كيث سيغال وعومري ميران كان طويلا وتضمن عبارات مؤثرة عاطفيا.
والمحتجزان من بلدتي كفار عزة وناحل عوز، وهما أقرب إلى مناطق شمال غزة التي أعلنت إسرائيل مرارا سيطرتها التامة عليها، ما يزيد ورقة الفيديو قوة.
وتصاعدت حدة المظاهرات في إسرائيل خلال الأيام الماضية للمطالبة بصفقة تُفضي إلى تحرير المحتجزين في قطاع غزة.
وبعد أكثر من 200 يوم من الحرب، لم تعد إسرائيل تملك الكثير من الأهداف في غزة، كما تزداد الضغوط الدولية عليها وسط تقارير إعلامية عن إمكانية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو وقادة كبار بجيشها.
ولا تجد إسرائيل في جعبتها ورقة تلوح بها سوى ورقة رفح، فعمدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم إلى نشر خبر مفاده أن رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي صادق على خطط اجتياح رفح.
* "الكماشة"
في ظل هذه المعادلة واستنفاد الحرب لجل أهدافها، يجد نتنياهو نفسه محاصرا بين فكي كماشة تضغط عليه من كل الاتجاهات. فهناك أهالي المحتجزين من ناحية، وهناك الوزراء المؤيدون لعقد صفقة من ناحية أخرى.
ومن بين هؤلاء بيني غانتس عضو مجلس الحرب الذي قال يوم الأحد "إذا تم التوصل إلى خطة مسؤولة لعودة المختطفين بدعم من الجهاز الأمني بأكمله، على نحو لا يعني نهاية الحرب، وقرر الوزراء الذين قادوا الحكومة في السابع من أكتوبر منع تنفيذها، فلن يكون للحكومة الحق في البقاء".
وهناك أيضا وزراء اليمين الذين يلوحون بحل حكومة نتنياهو إن هي مضت قدما في قبول المقترح المصري؛ فقد وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الموافقة على الصفقة المصرية - إن تمت - بأنها "استسلام مذل"؛ كما هدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بحل الحكومة للسبب نفسه.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الاثنين في جلسة نقاشية حول الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بمشاركة وزيري خارجية الأردن والسعودية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض "قدمنا مقترحا على الطاولة أمام إسرائيل وحماس يفضي إلى وقف إطلاق النار، ويجب وضع حل للقضية الفلسطينية، واتخاذ إجراءات وتدابير ملموسة من أجل الوصول الي حل الدولتين ومنع اتساع دوامة العنف".
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في كلمة خلال المنتدى إن هناك تقدما في بعض المسائل المتعلقة بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، لكن ما زالت هناك مسائل أساسية تحتاج لتنازل الطرفين.
وصرحت مصادر لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) بأن الاقتراح المصري يتضمن تخلي حماس عن شرط الوقف الدائم لإطلاق النار في المرحلة الأولى من الصفقة، وإطلاق سراح ما يقرب من 30 محتجزا إسرائيليا، ويكون هناك يوم تهدئة مقابل كل محتجز إسرائيلي يتم إطلاق سراحه، كما يتضمن المقترح خطوطا واضحة للمرحلة الثانية.
وقال مصدر إن المفاوضات قد تشهد خروج بعض قادة حركة حماس في غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، إلى القاهرة لإدارة المفاوضات، وذلك بضمانات ثلاثية من مصر وقطر وأميركا لعدم مساس إسرائيل بهم.
وأفاد تلفزيون (القاهرة الإخبارية) نقلا عن مصدر رفيع المستوى بإجراء مباحثات موسعة بين مسؤولين أمنيين مصريين ووفد من حركة حماس في القاهرة اليوم الاثنين.
* "مجرد وهم"
كتب الخبير الإسرائيلي في الشؤون العسكرية والأمنية، رونين بيرغمان، مقالا أمس الأحد في صحيفة يديعوت أحرونوت ذكر فيه أن محاولة نتنياهو الترويج لفكرة أن اجتياح رفح سيقود لتحرير المحتجزين والقضاء على حماس هو مجرد وهم.
وقال "ما تحاول دولة إسرائيل وقادة الطبقة السياسية، وللأسف أيضا معظم قطاع الأمن، إقناع الناس به هنا هو أن العملية البرية وحدها ستجلب المخطوفين، على الرغم من أننا نعلم أن حماس قدمت عرضا مماثلا تقريبا، ربما حتى أفضل لإسرائيل، قبل أن يتقرر الدخول إلى غزة".
وأضاف "بعد عقد الصفقة الأولى، قبل خمسة أشهر، قالوا إن احتلال خان يونس وحده سيحقق الغرض. وقال وزير الدفاع يوآف غالانت ‘عندما يسمع السنوار (قائد حماس في قطاع غزة) صوت الدبابات فوق رأسه سيشعر بالضغط وسيطلق سراح المخطوفين‘.
وقد ثبت أن ذلك زاد في تشدد موقفه". وتابع "والآن يقولون إنه فقط إذا احتللنا رفح فإن ذلك سيجلب لنا النصر المطلق، وأيضا إطلاق سراح المخطوفين وجثة السنوار، وأنا أقول: يمكننا أن نحاول الكثير من الأشياء، لكن من المشكوك فيه أنه بعد رفح سيظل هناك مخطوفون أحياء لإجراء مفاوضات بشأنهم".
وكتب ألون بينكاس، القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك، في مقال نشرته صحيفة هآرتس أمس الأحد "منذ أن تحولت الحرب إلى حرب استنزاف خالية من الأهداف، بدأت إسرائيل في تسويق غزو رفح كنقطة تحول وهمية تنهي الحرب بشكل حاسم".
واستطرد "لكن رفح ليست ستالينغراد، ولا هي معركة الثغرة - بالتأكيد ليس من الناحية الاستراتيجية - في وقت تفكر فيه إسرائيل في هجوم على حزب الله في لبنان".