«النواب الفرنسي» يستعد لمناقشة إصلاحات قانون العمل لمواجهة الاحتجاجات العمالية

آخر تحديث: السبت 30 أبريل 2016 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

وكالات:

لاتزال الاحتجاجات على اصلاحات قانون العمل الجديد فى فرنسا مستمرة، رغم اقتراب موعد مناقشته فى مجلس النواب في الثلاثاء 3 مايو المقبل. وبحسب بيانات وزارة الداخلية فقد تم اعتقال نحو ألف شخص منذ بدء الاحتجاجات، ويعترض الفرنسيون على اصلاحات القانون، بسبب اتجاهه لسحب ميزات عديدة أثناء التوظف.
طرحت الحكومة الفرنسية مشروعا جديدا لقانون العمل قبل اكثر من شهرين أثار الكثير من الجدل، وعرض حكومة مانويل فالس اليسارية لانتقادات عدة حتى داخل معسكرها.
تواجه الحكومة الفرنسية مأزقا حقيقيا، يمكن أن يعقد محاولاتها الإصلاحية لإنعاش الاقتصاد والحد من البطالة التى بلغت مستويات قياسية فى الأشهر الأخيرة، بعد عزمها على إجراء تعديلات على قانون العمل الذى تكلفت بالدفاع عنه كل من وزيرة العمل من أصل مغربى مريم الخمرى، الذى حمل المشروع اسمها، ووزير الاقتصاد إيمانويل ماكرو.
لكن مهمة إقناع النقابات الفرنسية ومعها الفرنسيون، بدت منذ الإعلان عن مضامين هذا المشروع صعبة للغاية. وقال وزير الاقتصاد إيمانويل ماكرو فى حوار مع صحيفة «لوجورنال دى ديمونش»، إن الهدف من المشروع تمكين المقاولات الفرنسية من الأدوات اللازمة، التى تجعلها قادرة على التعاطى مع الأزمات الاقتصادية المفترضة دون أن يؤثر على وجودها.
ودخلت منظمات شبابية على خط جبهة الرافضين للمشروع، مدعمة بذلك موقف التنظيمات النقابية، وعلى رأسها أكبر منظمة للطلاب فى فرنسا المعروفة بقربها من الحزب الاشتراكى، وأدى تراكم الإشكالات السياسية والاقتصادية إلى دخول الحزب الاشتراكى الحاكم فى مرحلة دقيقة قد تعصف بوحدته حسب الكثير من المراقبين، لظهور تيار رافض لسياسته فى ملفى الهجرة والاقتصاد، تزعمه فى بادئ الأمر وزيران غادرا الحكومة مع تشكيل نسختها الثانية هما أرنو مونبورج (وزير الاقتصاد) وبونوا هامون (وزير التربية)، فيما ظهرت اليوم فى الصورة زعيمة الحزب السابقة مارتين أوبرى التى خسرت فى أكتوبر 2011 الانتخابات التمهيدية للحزب أمام هولاند.
ووقعت أوبرى، رئيسة بلدية ليل (شمال فرنسا)، إلى جانب كوادر سياسية وثقافية مقالا نشر فى مارس بجريدة «لوموند»، انتقد بشراسة سياسة الحكومة. وأكدت فى مقابلة مع صحيفة «لوجورنال دى ديمونش» أنها ترغب فى مغادرة قيادة الحزب الاشتراكى برفقة كوادر حزبية أخرى.
«أنا لا أريد أن أقضى حياتى فى العمل»، قال فرنسى محتج لقناة فرانس 24، وذلك احتجاجا على تعديل عدد ساعات العمل. وتضمنت التعديلات عدة بنود أثارت النقابات العمالية والشعب ضدها.
وأبرز نقاط الخلاف فى المشروع بين الحكومة والنقابات:
الطرد التعسفى
ينص مشروع القانون الجديد على تحديد سقف التعويضات التى تصرف للعامل فى حالة تسريحه، وهو ما ترفضه النقابات جملة وتفصيلا، وترى أنه يعارض عمل القضاء المفروض فيه تحديد قيمة التعويض مقابل الأضرار التى تلحق بالعامل المسرح.
الطرد لأسباب اقتصادية
تسريح العمال فى حال الأزمات الاقتصادية، ويربطه المشروع بانهيار رأسمال المقاولات أو تراجع استثمارتها لبضعة أشهر. وترفض النقابات تسريح العمال لداعٍ من هذا القبيل إن كانوا يشتغلون فى مقاولات فرعية لشركات كبرى تجنى أرباحا من بقية فروعها فى إطار نوع من التضامن الاقتصادى بين مقاولات الشركة الواحدة.
تحديد ساعات العمل فى المقاولات الصغرى
المشروع يهدف إلى فتح المجال أمام المقاولات الصغرى التى لا يتجاوز عدد عمالها الخمسين لمناقشة إمكانية الرفع من ساعات العمل مع الأجراء على انفراد، إلا أن النقابات ترفض ذلك وترى أنها وسيلة لرفع ساعات العمل بدون مقابل.
الاتفاقات التنافسية
المشروع يقضى بفتح حوار بين إدارة المقاولة والنقابات لأجل التوصل لاتفاق لتعديل وقت العمل أو إعادة النظر فى التعويضات فى حال رغبت المقاولة فى الرفع من إنتاجها لتلبية طلبات الزبائن. والعمال الذين يرفضون ذلك يكونون معرضين للطرد، وهو ما اعتبرته النقابات ابتزازا.
تعديل وقت العمل
ساعات العمل أسبوعيا يمكن أن تنتقل إلى 46 ساعة لمدة 16 أسبوعا، مقابل 12 أسبوعا فى الوقت الحالى، لكن هذا لا يتم إلا باتفاق بين إدارة المقاولة والنقابات التى تمثل 50 بالمئة من العمال على الأقل، أو باستفتاء داخلى تدعو إليه نقابات تمثل 30 بالمئة من العمال.
ورغم تراجع الحكومة عن بعض البنود، لاتزال الاحتجاجات مستمرة، وقال رئيس الوزراء، قبل أيام بأن الحكومة قد تراجعت عن بعض النقاط الخلافية التى كان من المقرر أن يتضمنها التعديل الخاص بقانون العمل والذى أثار غضب النقابات العمالية والشبابية وخاصة فيما يتعلق بالتسريح العشوائى من العمل.
وقال فالس «إننى أدعو إلى انطلاقة جديدة لهذا النص». وجاء كلامه خلال تقديمه نسخة معدلة لمشروع قانون العمل الجديد إلى الشركاء الاجتماعيين، بعد أن كان نزل مئات آلاف الفرنسيين الأسبوع الماضى إلى الشارع تعبيرا عن احتجاجهم على بنوده.
وأزيلت من النسخة الجديدة من النص الفقرة المتعلقة بتحديد سقف للتعويضات التى يمكن للقضاء طلبها من رب العمل فى حالة التسريح التعسفى، وهو ما كانت كل النقابات رفضته.
وقال فالس: «إن الخيار الذى نتخذه اليوم هو التمسك بجدول إرشادى فى القانون سيكون عونا للقضاة (...) وليس قيدا».
ولن تتيح الصياغة الجديدة لمشروع القانون لرب العمل فى شركة صغيرة أو متوسطة إدخال تعديلات على دوام العمل من طرف واحد. ويعزز النص الجديد صلاحيات القاضى لجهة التحكم بالتسريح الاقتصادى من العمل. غير أن نقابة «القوة العمالية» واصلت دعواتها لسحب مشروع التعديل بالكامل.
وقال الأمين العام لهذه النقابة جان ــ كلود ميلى على حسابه فى موقع «تويتر» بأنه أكد لرئيس الوزراء، باسم نقابتنا طلب سحب مشروع القانون».
وقال الأمين العام لهذه النقابة جان ــ كلود ميلى على حسابه فى موقع «تويتر» بأنه أكد لرئيس الوزراء، باسم نقابتنا طلب سحب مشروع القانون».
وقال وزير الداخلية برنار كازنوف إن العدد الإجمالى للمحتجزين بلغ 214. وأصيب 78 من رجال الشرطة أحدهم حالته خطيرة.
وأضاف كازنوف إن نحو ألف شخص اعتقلوا منذ اندلعت الاحتجاجات فى مارس الماضى ورفض الدعوات لشن حملة شاملة، قائلا: «سلطة الدولة» لا تعنى التخلى عن حكم القانون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved