وعد بلفور ومئة عام من الجدل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:52 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وعد بلفور ومئة عام من الجدل

مظاهرة في الذكرى المئة لوعد بلفور في نابلس بالضفة الغربية المحتلة
مظاهرة في الذكرى المئة لوعد بلفور في نابلس بالضفة الغربية المحتلة

نشر في: الأربعاء 1 نوفمبر 2017 - 3:54 م | آخر تحديث: الأربعاء 1 نوفمبر 2017 - 3:54 م

داخل إحدى الكنائس في جنوب شرقي اسكتلندا لوح تذكاري أقامه أقارب السياسي البريطاني الراحل آرثر بلفور تخليدا لذكراه.

نقشت على النصب عبارة تقول: "في ذكرى آرثر بلفور الذي تمكن عبر قدراته العقلية والروحية كرجل دولة وفيلسوف من إثراء مملكة العقل ودعم الحقيقة والنزاهة والسلام في العالم".

الكلمات المنقوشة على اللوح التذكاري تثير الاستهجان عند البعض والاستحسان عند آخرين، فاسم آرثر بلفور يرتبط في تاريخ الشرق المعاصر بما صار يعرف في الثقافة العربية بوعد بلفور.

لكن هل كان بلفور والوعد الذي ارتبط باسمه من أسباب رخاء منطقة الشرق الأوسط أم أن الأمر كان وبالا عليها؟ وما هي الظروف المحيطة بإصدار هذا الوعد؟

"المولود ذكر"

في العاصمة البريطانية لندن في 31 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1917 كانت الحكومة برئاسة لويد جورج تناقش إصدار الوعد الذي يدعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين التي كانت خاضعة وقتها لحكم الدولة العثمانية، بينما يقف القيادي الصهيوني حاييم وايزمان خارج غرفة الاجتماعات مترقبا ما سيحدث.

السياسي البريطاني مارك سايكس يخرج من الغرفة مهنئا القيادي الصهيوني قائلا له "دكتور وايزمان.. المولود ذكر".

هي ولادة سياسية إذن للوعد المكون من 67 كلمة والذي سيتم الإعلان الرسمي عنه في شكل خطاب موجه من وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى لورد روتشيلد رئيس الاتحاد الصهيوني في بريطانيا يوم الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 1917.

وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر بلفور

فما الذي دعا بريطانيا إلى اصدار وعد بلفور؟
المفكر الفلسطيني رشيد الخالدي المحاضر بجامعة كولومبيا وأستاذ كرسي إدوارد سعيد يرى أن الوعد، الذي يصفه بالجائر، امتداد لسياسة بريطانيا الاستعمارية، وهو ما يشرحه بالقول: "الوعد لم يرتبط بأي بعد ديني أو اخلاقي بل هو محاولة من بريطانيا إلى مد نفوذها إلى فلسطين بسبب موقعها المتميز، فاهتمام بريطانيا بفلسطين يسبق أي علاقة بينها وبين الحركة الصهيونية".

لكن ومثل أي شيء يتعلق بوعد بلفور فإن هناك خلافا كبيرا بين المؤرخين حول الأسباب التي تكمن وراء إصدار الوعد، كما يشرح البروفيسور أفي شلايم الأستاذ بجامعة أوكسفورد بقوله إن: "وعد بلفور يمثل قضية مثيرة للجدل بين المؤرخين فهناك وجهة نظر ترى فيه مشروعا بريطانيا مسيحيا نبيل الأهداف لمساعدة اليهود إلى وطنهم التوراتي حظي بدعم ساسة متعاطفين مع الحركة الصهيونية، بينما يربط فريق آخر من المؤرخين بين الوعد والسياسة الإمبريالية لبريطانيا والتي كان من بين أهدافها الحصول على دعم يهود الغرب".

ويبدو أن الخلاف حول وعد بلفور ليس قاصرا على المؤرخين بل أن الخلاف ولد قبل صدور الوعد نفسه، كما يقول البروفيسور أفي شلايم الذي يرى أن "الوعد كان مثار خلاف داخل حكومة لويد جورج فعندما كان رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين يؤيدون اصدار الوعد كان هناك فريق يعارض الأمر. ومن بين أعضاء فريق المعارضين الوزير اليهودي الوحيد في الحكومة الذي كان يرى أن إنشاء وطن قومي لليهود سيقوض من الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين اليهود وغيرهم".

تباين الآراء في القدس
في القدس يبدو الخلاف حيال الوعد واضحا، فعند سؤال أبناء المدينة من الفلسطينيين بالقرب من ساحة المسجد الأقصى ستكون الإجابة دائما واحدة فهو فعل خيانة وعمل استعماري قامت به بريطانيا.

أما عند مدخل الحائط الغربي فإن اليهود يرون فيه فعلا نبيلا أعاد إليهم ما يرونه وطنهم التوراتي.

أما عند كنيسة القيامة فهناك حالة من عدم المعرفة بالوعد.

تتكرر نفس الإجابات الناقمة على الوعد في الضفة الغربية خاصة بين أبناء المخيمات الذين يرون في الوعد أصل كل الشرور.

وبالطبع يرى المستوطنون اليهود في الوعد الفعل الأكثر نبلا لتأسيس وطن لشعب تعرض للكثير من الاضطهاد طيلة تاريخه.

العودة إلى لندن لم تعن نهاية الجدل والنقاش حيال وعد بلفور. حيث دشن ناشطون من أصول فلسطينية حملة تطالب بريطانيا بالاعتذار عن إصدار وعد بلفور.

ماجد الزير رئيس مركز العودة الفلسطيني يرى أن الاعتذار هو أقل ما يمكن أن تفعله بريطانيا.

 

 

اعتذار أم احتفال؟
وفي بريطانيا لا ينتهي الجدل حول وعد بلفور فبينما يدعو فريق الحكومة البريطانية إلى الاعتذار عن إصدار الوعد يرى فريق آخر أن ذكرى الوعد المئوية فرصة للاحتفال.

ماجد الزير رئيس مركز العودة الفلسطيني يرى أن الاعتذار هو أقل ما يمكن أن تفعله بريطانيا لأنها تسببت في تشريد قطاع كبير من الشعب الفلسطيني.

وبينما ترفض الحكومة البريطانية الاعتذار وتصر على الاحتفال يرى وزير الخارجية البريطاني السابق، جاك سترو، أنه يجب النظر إلى السياق التاريخي الذي صدر فيه الوعد، فبريطانيا كانت تخوض غمار حرب وجاء الوعد استجابة لضرورة استراتيجية. ويرفض الوزير السابق الاعتذار عن أحداث وقعت قبل مئة عام.

ويبدو أن الوعد الذي صدر منذ مئة عام لا يزال يثير الجدل والخلاف، فهو عند البعض خيانة وعند آخرين فعل نبيل. لكن ما لا يُختلف عليه هو أن وعد بلفور يلقي بتبعاته على حياة الملايين مصداقا لمقولة الشاعر البريطاني ويليام شكسبير بأن "هناك شيئا من التاريخ في حياة كل البشر".

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك