«الركود الكبير».. أمريكا تعيد تصدير أزمة 2008 سينمائيا - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 4:23 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الركود الكبير».. أمريكا تعيد تصدير أزمة 2008 سينمائيا

خالد محمود
نشر في: السبت 2 يناير 2016 - 10:53 ص | آخر تحديث: السبت 2 يناير 2016 - 12:06 م

• 4 نجوم يكشفون تحايل المؤسسات المالية لعملية فقاعة العقارات والعمل ينتصر لأحلام المواطن المشروعة

• «كريستيان بيل» و«ستيف كارل» و«مكاى» يقتربون من التتويج بالجولدن جلوب والأوسكار و«براد بيت» يمول السينما الكبيرة

هذا فيلم يحتاج إلى تركيز شديد وأنت تشاهده، ليس فقط لرصده جذور مشكلة مالية مر بها العالم ولم يفهمها كثيرون، وتناوله لأحداث متداخلة بين ماض وحاضر هزت دنيا الاقتصاد فى الولايات المتحدة والعالم. لكن أيضا لسرعة إيقاعه، واسلوب سرده، وحواره الدسم الملىء بالأرقام التى أراد المخرج أن يدخلنا فيها من اللحظة الأولى.

فيلم (The Big Short) أو «الركود الكبير» يدور حول ما عرف بـ«انفجار الفقاعة العقارية» التى أدت إلى ركود 2008، وحاولت به هوليوود أن تنفض غبار الأزمة فى وجه الجميع، برؤية يغلب عليها طابع الكوميديا السوداء، وهو ما منح العمل مذاقا خاصا.

يروى العمل الذى عرض فى ختام مهرجان دبى السينمائى قصة حقيقية مأخوذة عن رواية The Big Short: Inside the DoomsdayMachine النقص الكبير: داخل آلة يوم القيامة للكاتب مايكل لويس، والتى ترصد الجانب المظلم من الأزمة المالية، التى ضربت الأسواق العالمية عام 2008، وذلك من خلال رصد تفاصيل الحياة اليومية لأربعة أشخاص من الكوادر الاقتصادية عانوا كثيرا من الغبن والتهميش ليصبحوا من اللاعبين الأساسيين، الذين يحركون مجريات الأحداث متوقعين لحظة الانهيار، منتقدين جشع الشركات والبنوك الكبرى، وهم مايكل بيرى (الممثل كريستيان بيل)، الذى يتعرض لنبذ أفكاره الجريئة فى عالم الاقتصاد، كونه اعتاد الإشارة إلى حالة الفوضى والخلل، التى ستجتاح سوق العقار فى أمريكا.

وفى الاتجاه ذاته، يقف معه الثنائى «مارك بوم» ستيف كاريل وجاريد فينيت الذى لعب دوره ريان جوسلينج، وكذلك المستشار المتقاعد بين ريكارت الذى يلعب دوره الممثل براد بيت المشارك فى الإنتاج أيضا، والذين يكتشفون أنهم أمام حالة تشبه الدومينو ما إن يسقط الأول حتى يأتى الانهيار، وقد عاشوا ما تجاهلته فى البداية وسائل الإعلام ومسئولو البنوك الكبرى والحكومات خاصة فيما يتعلق بالفساد وكشوف التداول المزورة فى المؤسسات المالية، حيث استثمر هؤلاء الأربعة بجرأة فى عالم البورصة التى قادتهم إلى دهاليز التعامل المالى، وسطوة رجال مال وأعمال تاجروا بأموال المودعين، فلا ثقة بكلام أحد أو وعوده بين المواطنين، بينما يدعى الجميع أن جميع الأمور تحت السيطرة.

ويكشف العمل أن ما يحصل من قفزة كبرى لارتفاع أسعار العقارات وهجمة القروض هو عبارة عن «فقاعة» سيكون مآلها الكارثة والأزمة الاقتصادية، التى ستضطر الكثيرين إلى بيع عقاراتهم لتسديد فوائد قروضهم، التى أخذت تتضخم مقابل الانخفاض الحاد فى أسعار العقارات، التى عاشتها الولايات المتحدة من عام 2007، حتى 2010، بسبب تراكم ديون قروض الإسكان والائتمان، وبلغة سينمائية يغلب عليها اللمسة الساخرة يسلط الفيلم الضوء على السبب الحقيقى للأزمة الخانقة، والذى يعود إلى التحايل وتقديم البنوك بيانات زائفة حول أرباحها من أجل جذب عملاء، واحتفاظ بآخرين، وكانت النتيجة المؤلمة أن الطبقة المتوسطة من الناس الخاسر الأكبر من تداعيات تلك الأزمة.

أجمل ما فى الفيلم أنه رغم نقد سياسات المؤسسات المالية لم يلجأ للحكم على أخلاقيات هؤلاء الناس، وهم يسعون لتأمين الحياة بالسعى وراء قروض بضمانات شبه حقيقية، فأمتلاك منزل وسيارة وحساب فى أحد البنوك هو حلم فى النهاية، بل وربما استفاد المشاهد من وجهات النظر المتعددة بين الأبطال حول سبل تكوين المال.

يذهب المخرج آدم مكاى والذى شارك فى كتابة السيناريو مع شاريز راندولف، بأسلوبه الذى حول حوار الارقام إلى مواقف انسانية فى هذا الفيلم إلى منطقة جديدة من العرض والتحليل للأزمة الاقتصادية الشهيرة، كما يحاول فيه ــ برؤية درامية بدت معقدة فى البداية لكن ذلك تلاشى بمرور الوقت ــ الكشف عن الأسباب ومواجهة ما حدث بجمع كل أطراف وأبطال اللعبة، ليخرج العمل مختلفا فى صيغته وتناوله للأزمة مقارنة مع الأفلام الأخرى التى سبق لها التطرق لهذه الأزمة ومن بينها فيلم «99» الذى عرض فى دورة مهرجان كان الماضية، وكذلك فيلم too big to fill، وأفلام وثائية مثل سقوط ليمان برازرز، وداخل الانهيار.

دون شك كان لتميز أداء نجوم الفيلم الكبار براد بيت الذى مثل الذكاء وكريستسان بيل الذى شكل العبقرية، وجوسلنج ذو الطقوس الخاصة، وستيف كارل الماهر، ومعهم ماريسا تومى فى دور سنسيا بوم، وميليسيا ليو، التى جسدت شخصية جورجيا هيل، ورافى سبال، وتألقهم فضل فى خروج هذا العمل الصعب وجعله مألوفا لمشاهديه رغم خصوصية فكرته وموضوعة، وقد ساهم فى ذلك أيضا موسيقاه، التى قدمها نيكولاس بريتل وكانت تشكل فاصلاً من حين لأخر عبر استعراضات ساخنة ليست بعيدة عن الشهادة على الحدث، وكذلك منطق تسلسل احداثه، وعلو نبرة الدراما الأنيقة بها، وكاميرا المصور بارى إكرويد التى ادخلتنا بتصوير الشخصيات وعالمهم الناضج بالتوتر، فى دائرة لا يتوقف دورانها أمام عيوننا داخل قاعة العرض، ولا فى مخيلتنا عقب مغادرة القاعة. وهو ما يجعل العمل يستحق ترشحه لعدد من جوائز الجولدن جلوب، وبالتالى الأوسكار فى فئات أفضل فيلم وافضل تمثيل لبطليه كريستيان بيل، وستيف كاريل، كما يستحق جائزة أفضل سيناريو.

بينما نجد براد بيت الذى ظهر فى مشاهد قليلة، نموذجا للنجم الذى يؤمن بقيمة الإنتاج ليخرج بعمل يستحق، ويتحمس له، هذا النجم الذى وصل لدرجة التصوف عشقا للسينما، التى تطرح قضايا جادة مثلما أنتج من قبل فيلم «٢٢ عاما من العبودية».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك