ربما كان تحول نحو 151 محلا تجاريًّا في سوق  الراعي الصالح بشبرا، إلى أكوام من الرماد، هو الحادث الأكبر على مستوى  حرائق «الممرات التجارية» المنتشرة في العديد من الأحياء، ولكن المؤكد أنها  لن تكون الحادثة الأخيرة، خاصة في ظل عدم تلافي أسباب الحرائق.
«ممرات ضيقة ــ محال متلاصقة ــ بضائع مكدسة ــ  غياب تام لعوامل الأمن».. جميعها عوامل متشابهة في الأسواق الشعبية وأسواق  الجملة، تنذر بتكرار الحادث، فحينما أتت النيران على 25 محلا في سوق غزة  في سبتمبر من العام 2011، ظن البعض أن الحادث كان ناقوسًا للخطر، سيعقبه  إجراءات حاسمة تحول دون تكراره، إلا أن الأبشع لم يكن قد حل بعد، إذ استيقظ  أهالي منطقة شبرا، أمس الأول، على ألسنة لهب انتشرت كانتشارها في الهشيم،  لتلتهم نحو 151 محلا متجاورة في ممر الراعي الصالح في منطقة دوران شبرا  المكتظة بالسكان، وهو ما أرجعه اللواء ممدوح عبد القادر، مدير الحماية  المدنية بالقاهرة، إلى «عدم إجراء أعمال الصيانة في طفايات الحريق»، ما حال  دون السيطرة على الحريق في مهده.
ولا يختلف التكون بين «الراعي الصالح» وسوق غزة  في منطقة الزاوية الحمراء كثيرًا، حتى في الإهمال، حسبما يقول أحمد بسيوني  البائع في سوق غزة: بعض الباعة بعد حريق 2011 حرصوا على شراء طفايات حريق،  ولكن الكثير منهم لم يهتم، أما جاره. مرتضى إسماعيل فقال: «ما حدث لممر  الراعي الصالح من الممكن أن يحدث لنا بسبب عدم الاهتمام بتوفير سبل الأمان،  فالحريق الذي حدث عام 2011 دمر محلات عديدة بسبب وجود منتجات بلاستيكية  وملابس وأقمشة وهي منتجات سريعة الاشتعال، وبالتالي لا تكفي الطفايات، بل  يجب توفير عربات إطفاء بالقرب من كل سوق وممر حتى لا يتكرر ما حدث.
وقال أحمد شوقي أحد العاملين في السوق: «مساحة  الممر ضيقة للغاية، ولو حدث حريق لن تستطيع عربات الإطفاء الدخول والسيطرة  على الموقف.. الأزمة ليست فقط في المحلات، ولكن الممر يمتلئ بالزبائن ليلا  ولو حدث حريق في هذا التوقيت فبالتأكيد سيخلف خسائر بشرية.
غير بعيد عن الزاوية الحمراء، وتحديدًا في  الممر التجاري الواقع في شارع 10 بمنطقة الوايلي، يتكدس الشارع بمحلات  الملابس والمواطنين، في ظل غياب لثلاثة عوامل بصورة مميتة مستحيل أن تمر  سيارة.. مستحيل أن تجد طفاية حريق.. مستحيل أن تمر حملة تفتيش «بحسب ما  أكده الباعة في السوق».
ويقول أحمد سمير، أحد سكان شارع 10: «هناك تخوف  من تكرار ما حدث في الراعي الصالح في شارع 10، فالباعة مهملون، وفي أكثر  من مرة يحترق محل بسبب سيجارة مشتعلة ولا يهتمون بحياة سكان الشارع أو  المارة»، وطالب سمير المسؤولين بالتفتيش الدوري على الشارع، والتأكيد على  وجود طفايات الحريق والتزام الباعة، بقواعد الأمان حرصًا على حياة  المواطنين.
اللواء أحمد ضيف، نائب محافظ القاهرة لشمال  القاهرة، قال لـ«الشروق»: «إدارة الحماية المدنية هي المسؤولة عن التفتيش  وإعداد التقارير الخاصة بعد التزام الباعة بتوفير سبل الأمان والحماية  ووجود طفايات الحرائق»، وكشف ضيف أن الحماية المدنية «أرسلت لنا من قبل  تقارير تفيد بعدم التزام الباعة بممر الراعي الصالح، وهو ما قابلته  المحافظة بقطع تيار الكهرباء عنهم للضغط عليهم، ولكن دون استجابة منهم، ما  أدى إلى انتشار الحريق في الممر بهذه الصورة».
وقال اللواء ممدوح عبد القادر، مدير الحماية  المدنية بالقاهرة: «مسؤولية التفتيش تتولاها لجنة السلامة والصحة المدنية،  وهي لجنة مشتركة تتشكل من المحليات، ووزارة القوى العاملة، وإدارة الحماية  المدنية»، مضيفًا أن الإدارة تتحرك في حال البلاغ وليس من اختصاصها التفتيش  على المحال التجارية للتأكد من التزامها باشتراطات الدفاع المدني.
وطالب عبد القادر بتغليظ العقوبة على الباعة  غير الملتزمين، موضحًا أنه رصد ثلاث حنفيات معطلية بممر الراعي الصالح  أثناء الحريق «والوضع يمكن أن يتكرر في كثير من الممرات التجارية».