«مقهي ريش» مائة عام ثقافة.. إذا سكت الناس الحجارة تتكلم - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:14 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«مقهي ريش» مائة عام ثقافة.. إذا سكت الناس الحجارة تتكلم

مجدي عبد الملاك صاحب كافيه ريش - تصوير: رندا شعث
مجدي عبد الملاك صاحب كافيه ريش - تصوير: رندا شعث
كتب ـ سامح سامي
نشر في: الأحد 3 مايو 2015 - 2:41 م | آخر تحديث: الأحد 3 مايو 2015 - 2:41 م

تجمد المكان الذي يبلغ نحو مائة متر في وسط البلد عند الأعوام الأولى من القرن العشرين.

تحولت من حوله الشوارع والمباني إلى "مسخ" لا يعرف هويته، إذ لم تتمسك هذه الشوارع بتاريخها، ولم تتشبث تلك المباني بأصالتها. أما ذلك المكان الذي يتعامل معه الناس بإضفاء "صفات أسطورية" عليه، فهو أبرز وأعرق مقهي ثقافي منذ 1908 وإلى الآن، احتفظ بهدفه الأساسي وبطباعه الخاصة والصارمة في استقبال المريدين متخذا من إسمه "ريش" مانعا لدخول بعض الكتّاب الذي كان يراهم صاحب المقهي "مجدي عبد الملاك" الذي رحل منذ يومين، غير جديرين بالانضمام إلى عالم "ريش" الثقافي.

ولعل تأسيس المقهي على أنقاض أحد قصور محمد علي، كان عاملا في موقف صاحب المقهي، أضف إلى ذلك أن ألمانيًا قام بتشييده، ثم باعه عام 1914 إلى "هنري بير" أحد الرعايا الفرنسيين وهو من أعطى له اسم "ريش" ليتشابه بهذا الاسم مع أشهر مقاهي باريس التي ما تزال قائمة إلى الآن، وتسمى "كافيه ريش"، ثم اشتراه تاجر يوناني من صاحبه الفرنسي، ووسعه وحسن بنائه، وظل ينتقل بين ملاكه إلى أن وصل ليد المصري مجدي عبد الملاك، وبرحيله يتحسر المثقفون على توقعهم لمستقبل المقهي، الذي قد يتحول كغيره من المباني والذكريات إلى "مسخ" آخر فى وسط البلد.

"طلة" المقهي على ميدان طلعت حرب، جعله قريب من أحداث كبرى في التاريخ المصري. لكن مْن يدقق في كتب التاريخ وحكايات المثقفين يعرف أن المقهي كان المكان الأساسي الذي تخرج منه تلك الأحداث الكبرى.

عنه قال أحمد فؤاد نجم: "يعيش المثقّف على مقهى ريش.. يعيش يعيش يعيش.. محفلط مظفلط كتير الكلام.. عديم الممارسة عدو الزّحام.. وكام اصطلاح.. يفبرك حلول المشاكل قوام.. يعيش المثقّف.. يعيش يعيش يعيش". وعنه كتب نجيب سرور "بروتوكولات حكماء ريش"، كتابة لاذعة لحال المثقفين وإدعاء بعضهم، حيث قال: "نحن الحكماء المجتمعين بمقهى ريش من شعراء وقصاصين ورسامين.. ومن النقاد سحالى "الجبانات" حملة مفتاح الجنة.. وهواة البحث عن الشهرة.. وبأى ثمن.. والخبراء بكل صنوف "الأزمات" مع تسكين الزاى.. كالميكانيزم! نحن الحكماء المجتمعين بمقهى ريش.. قررنا ماهو آت: البرتوكول الأول: لا تقرأ شيئاً.. كن حمال حطب.. واحمل طن كتب.. ضعه بجانب قنينة بيره.. أو فوق المقعد.. واشرب.. وانتظر الفرسان.. سوف يجيئ الواحد منهم تلو الآخر.. يحمل طن كتب!".

الشاعر شعبان يوسف قال إن المقهى كان ملتقى الأدباء والمثقفين والمطربين كأم كلثوم وسيد درويش وأبو العلا محمد، ويوسف إدريس، وأمل دنقل، ويحيى الطاهر عبد الله، وإبراهيم أصلان، وإبراهيم منصور، وصلاح جاهين، وثروت أباظة، ونجيب سرور، وكمال الملاخ، وبهاء طاهر، والمثال كامل جاويش، وشاعر النيل حافظ إبراهيم والشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي وحسين الحلاق السوري والشاعر معين بسيسو الفلسطيني والشاعر السوداني محمد الفيتوري، ونجيب محفوظ، الذي كان يجتمع كل جمعة في المقهي مع محبيه منذ 1963، وروى يوسف كيف وقف ملّاك "ريش" في وجه الأمن الذي كان يريد أن يمنع لقاءات نجيب محفوظ.

غير أن شعبان أشار إلى أن "ريش" ليس فقط مقهي أبرز الأدباء والمفكرين والمطربين، بل هو مقهي ثقافي بامتياز، قائلا: "من كان يريد أن تكون له صلة بالثقافة كان يدخل ويندمج مع المقهي ورواده".
وكان للمقهى دور بارز في ثورة عام 1919، كان مخفيا عن الأنظار إلا أن زلزال 1992 الشهير فضحه بعد اكتشاف "بدروم" تقبع فيه آلات طبع المنشورات السرية للثورة، وكذلك دعمه لحركة الضباط الأحرار، وكذلك رأى الروائي إبراهيم عبد المجيد، أن ريش كان له دور في ثورة 25 يناير، فهو علامة في تاريخ مصر الثقافي والسياسي والفني.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك