رحلة معتقل فلسطيني من داخل سجون الاحتلال منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى في كتاب جديد - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 9:45 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رحلة معتقل فلسطيني من داخل سجون الاحتلال منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى في كتاب جديد

منى غنيم
نشر في: الجمعة 3 مايو 2024 - 6:39 م | آخر تحديث: الجمعة 3 مايو 2024 - 6:52 م

الجارديان: المذكرات تجربة إنسانية فريدة من نوعها عن معاناة إنسان داخل السجن بلا أمل يلوح في الأفق

 

تركزت المحاولات الرامية لإنهاء العنف في غزة على تبادل الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر الماضي بالفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وكان واحدًا من هؤلاء الفلسطينيين هو ناصر أبو سرور، المسجون منذ عام 1993 لتورطه المزعوم في مقتل ضابط مخابرات إسرائيلي خلال الانتفاضة الأولى.

وقد سبق وأن غمر "أبو سرور" الأمل في إطلاق سراحه ٣ مرات في السابق، ولكنها جميعها انتهت بخيبة أمل، حتى عندما كان إطلاق سراحه جزءًا من تعهد عملية السلام لعام 2013 بوساطة إدارة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية "أوباما".

تلك التجربة القاسية بين جدران سجون الاحتلال دفعت "أبو سرور" دفعًا لكتابة مذكراته التي تحمل اسم «قصة جدار» والتي صدرت عن دار نشر "بنجوين" وترجمها المترجم لوك ليفجرين، إلى نمط من أنماط الكتابة النثرية الغنائية باللغة الإنجليزية، فاستهلها قائلًا: "قصتي تلك هي قصة جدار اختارني بطريقة ما كشاهد على ما قاله وفعله منذ إقامته"، وأردف: "الجدران موجودة دائمًا في السجن، دائمة دوام العالم ذاته".

ولقد اعتاد "أبو سرور" بشكل ما على طبيعة الحياة في السجن من خلال نشأته في مخيم للاجئين في بيت لحم كان قد نزح إليه والداه بسبب النكبة في عام 1948، وشهد هذا المخيم المحاط بأسوار من أربعة جوانب والمكدس بالسكان الفلسطينيين جزء من الانتفاضة الأولى عام 1987، وكان رد قوات الاحتلال حينها عنيفًا للغاية، وأسفر عن القمع الجماعي والسجن لأفراد المخيم ومن بينهم "أبو سرور".

وتم وضع "أبو سرور" في الحبس الانفرادي في بداية عقوبته، وفي مستهل الأمر، كتب "أبو سرور" على حائط السجن عبارة "وداعًا أيها العالم" تيقنًا منه أنه سيخلف الحياة كما يعرفها ورائه في ظل سجون الاحتلال، وبعد إضراب طويل عن الطعام من جميع نزلاء السجن، تحسنت الظروف قليلًا وتم نقله إلى زنزانة مشتركة.

وكشفت المذكرات عن طبيعة تلك المرحلة القاسية؛ فبالرغم من أن "أبو سرور" وجد الأنيس والجليس بعد نقله للزنزانة المشتركة؛ حيث أصبح له رفقاء يتناول الطعام ويناقش جوانب السياسة معهم، إلا أنه لم يشعر بالراحة أبدًا، وكان يشيح بنظره عن المناظر الطبيعية الربيعية الخلابة بالخارج من داخل عربة نقل السجناء لأنه يعلم أن وجهته الحقيقية هي عودته إلى جدران السجن.

وقد أقام "أبو سرور" علاقة من طراز خاص مع جدار السجن عبر الأعوام الطويلة؛ لقد أصبحت فكرة الجدار نقطة محورية وعلامة على الثبات، ومصدر للراحة والاستمرارية، وكان يرى فيه الوضوح رغم المساحة الفارغة، ووفرة الأسئلة والأجوبة التي تنبع من داخل قلبه والتي لم تُكتب بعد على الورق.

وقال "أبو سرور" أنه عانى من التغييرات المتكررة لموقع سجنه، ما بين صحراء النقب إلى ساحل عسقلان، ولكنه رآها ک "نقاط انطلاق" للتأملات حول التاريخ والجغرافيا والأدب والدين من قلب تلك البقعة الصغيرة من الأرض.

إن موقع "أبو سرور" بعيدًا عن المجتمع الذي نشأ فيه يمنح سرده عبر كتاب المذكرات موضوعية مميزة؛ فهو - بسجنه - لم يعد طرفًا في الأحداث الفلسطينية من قريب أو من بعيد، وهو يتابع التطورات من مكان واحد منعزل.

وأشار "أبو سرور" إلى أنه في البداية جلبت اتفاقيات أوسلو بعضًا من الأمل، وهي اتفاقيات سلام وقعتها إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993 بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.

ووصف "أبو سرور" تلك اللحظات قائلًا: "لقد ظل السجناء واقفين داخل معسكرات الاعتقال لساعات من فرط الانفعال بعد الإعلان عن تلك الاتفاقية"، ولكن سرعان ما انحسر الأمر مع ظهور التفاصيل؛ حيث رفض الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرافات العرض الذي تقدم به الجانب الإسرائيلي للشعب، وتبخرت أحلام الحرية.
ورأي "أبو سرور" أن ذلك أثر بشكل ما في مجريات الأحداث العالمية فيما بعد؛ فوفقُا له هجمات 11 سبتمبر وما تلاها من صعود للإسلاموية داخل النضال الفلسطيني هي أدلة دامغة على فشل لغة الحوار بين العرب وبين الغرب، وقال إنه تحمس كثيرا لثورات الربيع العربي؛ حيث منحته تلك الانتفاضات شعورًا بالأمل وبالاستمرارية موازية لما يحدث في النضال الفلسطيني.

وأشادت صحيفة الجارديان بكتاب المذكرات باعتبارة تجربة إنسانية فريدة من نوعها عن معاناة إنسان داخل السجن بلا أمل يلوح في الأفق، لقد تحدث بلغة "التحليق"، فالسجناء هم "أهل السماء"، الذين انفصلت أرواحهم وأجسادهم، وتركتهم أحرارًا لبلوغ آفاق جديدة. إن هذه الرقة الشعرية في التعبير والوصف هي التي تضفي الروح على قصته التي هي قصة واحدة من بين آلاف القصص في ذلك الصراع الممتد الطويل الأمد، وهي تجعلنا نراها في ضوء جديد.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك