«أحسن من سنغافورة؟».. كيف تفوقت الجزيرة الصغيرة في الرياضيات والتعليم على «أم الدنيا» - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«أحسن من سنغافورة؟».. كيف تفوقت الجزيرة الصغيرة في الرياضيات والتعليم على «أم الدنيا»

التعليم في سنغافورة
التعليم في سنغافورة
علياء حامد
نشر في: الخميس 4 فبراير 2016 - 4:01 م | آخر تحديث: الخميس 4 فبراير 2016 - 4:01 م
- سنغافورة: نهتم بتطوير مناهجنا وليس بمقارنة أنفسنا بباقي الدول

أثار تصريح دكتور أحمد هاشم، المشرف على إحدى لجان تطوير مناهج العلوم والرياضيات في وزارة التربية والتعليم، "بأن الموضوعات في مناهج الرياضيات في مصر أفضل من سنغافورة وتقترب المنهج الأمريكي"، سخرية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن سنغافورة تحتل المركز الأول في مسابقات تقييم مهارات طلبة المدارس في الرياضيات والعلوم، بينما تحتل أمريكا المركز 44.

"الشروق" اطلعت على نظام التعليم في سنغافورة، التي احتفلت العام الماضي بمرور خمسين عاما على استقلالها، خلال زيارة قامت بها مؤخرا، حيث تعرفت على النظام التعليمي الذي وضع هذه الدولة الجزيرة ضمن مصاف الدول المتقدمة.

- مراحل تطور التعليم في سنغافورة وربطه بالاقتصاد

منذ حصولها على الاستقلال في 1965، ربطت سنغافورة نظامها التعليمي بالتنمية الاقتصادية، حيث مر بمراحل مختلفة، بدأت بمرحلة أطلقوا عليها "البقاء على قيد الحياة"، حيث كان الهدف وضع الجميع في المدارس، فكان التركيز على التعليم واسع النطاق، دون اهتمام كبير بالمعايير والجودة ، فقط بناء الكثير من المدارس ووضع الطلبة فيها.

"الدور الأساسي للتعليم هو دعم الاقتصاد، وقد أدركنا أننا بدون أي موارد طبيعية، بالتالي الأفراد هم المورد الوحيد لنا لذا نضع كثير من التركيز على رأس المال البشري"، هكذا ينظر المسؤولون في سنغافورة إلى التعليم وتنمية الأفراد، بحسب أحد كبار الموظفين في وزارة التعليم السنغافورية، جريس هوو.

توضح هوو أن تطوير العملية التعليمية، التي من شأنها تنمية وتطوير المواطنين في سنغافورية، لا تقوم بها وزارة التعليم فقط، "لكن نعمل مع كل الوزارات والهيئات الحكومية، حتى أن كبار القادة يلتقون تقريبا كل عام لمناقشة أو التنبؤ بنوع المهارات التي سنحتاجها البلاد خلال الخمس إلى عشر سنوات القادمة، كما أن هناك ارتباط وثيق بيننا وبين العاملين في مجال الصناعة لنعرف ما يحتاجونه"، على حد قولها.

المرحلة الثانية في نهاية السبعينات أدرك المسؤولون في سنغافورة أن هناك معدلات تسجيل عالية في المدارس لكن صاحبتها معدلات تسرب من التعليم مرتفعة أيضا، بالتالي لا يحقق الطلبة أي تقدم، فكانت هذه المرحلة لمساعدة الطلبة على التقدم وإكمال التعليم في المدارس، وكان الاقتصاد وقتها يتطلب عمالة مؤهلة.

في المرحلة الثالثة خلال التسعينات، ارتبط التعليم في سنغافورة بالمعرفة التي يقوم عليها الاقتصاد، تقول هو "كنا بحاجة لعمالة أكثر مهارة في الصناعات المختلفة" مشيرة إلى أن الحكومة بدأت تعطي المدارس بعض الاستقلالية في تحديد كيفية تقديم البرامج التعليمية للطلبة، "بمعنى أننا لدينا منهج قومي، لكن بالإضافة إلى هذا نعطيهم تمويلا خاصا إذا أرادوا تنظيم برامج إضافية، أو إذا أرادوا عمل شراكات مع مؤسسات دولية دون الرجوع إلينا".

- مرحلة التركيز على الطلبة

ومنذ عام 2012 بدأت مرحة "التركيز على الطلبة والقيم" التي أطلقها وزير التعليم، بعد أن أدركت الحكومة أن الاقتصاد الآن يقوده الابتكار، وهو ما توضحه هو بأنه " أصبح من غير المؤكد وصعب في ظل العولمة تعليم الطلبة ما يطلبه الاقتصاد أو سوق العمل، بينما أدركنا أهمية القيم لنربطهم بالبلد وفي نفس الوقت نبني شخصيتهم حتى يتمكنوا من تجاوز كل الاختلافات في العالم، وهذه هي المرحلة التي نقف عندها الآن، نظام تعليمي يتمحور حول قيم الطلبة".

وتضيف هوو "بالإضافة إلى رغبتنا في أن يساهم الأطفال في الاقتصاد، ندرك أن لديهم تطلعاتهم الخاصة، لذا نحاول من خلال الوزارة أن نخصص برامج مختلفة لمساعدتهم على تحقيق أحلامهم بأفضل طريقة ممكنة".
وتبلغ ميزانية التعليم في سنغافورة 11.5 مليار دولار ، ما نسبته 3% من إجمال الناتج المحلي، مما يجعلها ثاني أكبر ميزانية بعد الدفاع.

- تطوير المناهج لا ينتهي

وتضم وزارة التعليم في سنغافورة مكاتب لتخطيط المناهج وطرق تدريسها، مكونة من المعلمين ومديري المدارس السابقين، يخططون للمناهج الذي تحتاجها البلاد خلال الخمسة أو ستة أعوام قادمة ، بالتعاون مع شركاء آخرين مثل أساتذة جامعات أو رجال الصناعة. وبمجرد بدء دورة الخمس أو ست سنوات تلك يبدأ الإعداد للدورة التالية.

وقد نجح النظام التعليمي في سنغافورة بفضل هذه الاستراتيجية في أن يضعها ضمن المراكز الأولى لمسابقات تقييم مهارات طلبة المدارس في الرياضيات والعلوم، وكان أخرها احتلال المركز الأول في الترتيب الذي تضعه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لـ 76 دولة حول العالم، بالإضافة إلى احتلال المركز الثاني في البرنامج الدولي لتقييم الطلبة PISA في العلوم والرياضيات والقراءة.

تقول هوو "نحن لا نعد الطلبة لهذه الاختبارات، حيث أن هدفنا من اجتياز ها هو معرفة إلى أي مدى نظامنا يعمل بصورة جيدة مقارنة بالدول الأخرى، وعندما ظهرت النتائج كنا منبهرين أيضا".

- مراحل وفروع التعليم في سنغافورة تشمل الجميع

وتبدأ الدراسة في المدارس الابتدائية من سن السابعة إلى الثانية عشر لمدة ست سنوات، وفي نهايتها يخوض الطلبة اختبار ا ووفقا لدرجاتهم يتم تحويلهم لمرحلة الثانوية، التي تضم ثلاث فروع مختلفة، الأولى يطلق عليها "اكسبريس"، ويلتحق بها أغلب الطلبة نحو 57%، وهي عبارة عن 4 سنوات دراسية ويحصلون في نهايتها على شهادة GCE O’level المماثلة لنظيرتها البريطانية، بينما الفرع الثاني من النظام الثانوي، هو "الأكاديمية العادية" Normal Academic ، وينضم لها 46% من الطلبة وتستغرق 5 سنوات للحصول على الشهادة، وكلا الفرعان يدرسان نفس المنهج باستثناء أن نظام الأكاديمية العادية أطول بعام واحد.

أما الفرع الثالث فهو الثانوية "التقنية العادية" ومدتها أربعة أعوام ويلتحق بها نحو 23% من الطلبة ليحصلوا على اختبار المستوى العادي، وتعتمد أكثر على العمل اليدوي والتعليم التقني.

بعد الثانوية يلتحق نحو 28% من الطلبة لما يطلق عليه Junior college ، وهي عبارة عن دراسة لمدة عامين، للحصول على شهادة المستوى المتقدم، استعدادا للالتحاق بالجامعة، بينما ينضم 46% من الطلبة للمعاهد الفنية الخمسة الموجودة في البلاد، و23% منهم يلتحقون بمعهد التعليم التقني.

وبالإضافة إلى هذا النظام الأساسي، وضعت الحكومة السنغافورية أنظمة أخرى لتلبية الاحتياجات المختلفة للطلبة، ومنهاما يسمى "بمدارس البرنامج المتكامل"، ويلتحق بها الطلبة الراغبين في الحصول على شهادة المستوى المتقدم مباشرة، وتستغرق ستة أعوام.

وهناك المدارس المستقلة الخاصة، وهي مخصصة للأطفال أصحاب المواهب في الفن والرياضة وحتى الرياضة والعلوم، وهذه حديثة جدا بدأت منذ حوالي 4 إلى 5 سنوات، وأيضا المدارس ذات التمويل الخاص، وهي غالبا المدارس الدولية.

وليكون النظام التعليمي شامل للجميع، انشأت سنغافورة المدارس المتخصصة، والتي تستوعب الطلبة الذين يتكرر رسوبهم في اختبارات الابتدائية، وبدلا من خروجهم من العملية التعليمية في سن مبكر بدون شهادة تساعدهم في الحصول على عمل، يلتحقون بهذه المدارس حيث يتعلمون مهارات أخرى مثل التصفيف والطهي وغيرها.

تقول هوو" نحاول أن نجهز الطلبة للعمل والحياة"، مشيرة إلى أن الأمر لا ينتهي بالتخرج من المدارس أو الجامعات، حيث يستمر التعليم والتدريب من خلال وزارة القوى العاملة لإعداد خرجين المدارس والجامعات والحفاظ على الميزة التنافسية.

- كفاءة المدرسين على رأس العملية التعليمية

وتضع سنغافورة كفاءة المعلمين على رأس العملية التعليمية، فتقول هوو "نؤمن أننا بحاجة لمدرسين مميزين للوصول للنتائج التي نرجوها مع الطلبة"، موضحة أن الراغبين في العمل كمعلمين عليهم أولا الذهاب للمعهد الوطني للتعليم لمدة عام على الأقل للحصول على شهادة التعليم، وبعد انضمامهم للنظام التعليمي يستمرون في التدريب والتطور من خلال ما يطلق عليه "أكاديمية معلمي سنغافورة".

"أي أن الأمر لا يتوقف، والمدراس لديها أنظمة لمساعدة المعلمين على بناء أنفسهم ، كما أن معايير اختيار المعلمين صارمة للغاية، حيث نقبل الـ 30% الأفضل من جميع المتقدمين"، بحسب هوو، مشيرة إلى أنه لكل 17 طالبا هناك مدرس، ويبلغ متوسط عدد الطلبة في الفصول 25- 30 طالبا.

وتحاول سنغافورة أن تغرس في طلابها عددا من القيم الأساسية التي تؤهلهم للعمل في أي بيئة أو بلد، وذلك من خلال كل المواد التي تدرس والأنشطة البدنية، وتشمل هذه القيم الاحترام، والمسؤولية، والمرونة، والنزاهة، والرعاية، والتناغم، بالإضافة إلى الكفاءات الاجتماعية والعاطفية، والتي تشمل الوعي الذاتي والاجتماعي وإدارة الذات واتخاذ القرارات المسؤولة وإدارة العلاقات، والتفكير النقدي والإبداعي، ومهارات التواصل والتعاون والمعلومات، والتعلم المدني والوعي العالمي والمهارات العابرة للثقافات.

"الهدف المرجو من التعليم هو إخراج شخص واثق من نفسه ويعلم نفسه ذاتيا، ومواطن مهتم بسنغافورة، ومساهم نشط في المجتمع"، بحسب هوو.
 
 
 
 


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك