في افتتاح قناة السويس قبل 146 عامًا.. الحفل تكلف 1.4 مليون جنيه وحضره 100 ألف زائر - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:47 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في افتتاح قناة السويس قبل 146 عامًا.. الحفل تكلف 1.4 مليون جنيه وحضره 100 ألف زائر

ارشيفية لأفتتاح قناة السويس في عهد الخديو اسماعيل
ارشيفية لأفتتاح قناة السويس في عهد الخديو اسماعيل
القاهرة - أ ش أ
نشر في: الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 3:12 م | آخر تحديث: الثلاثاء 4 أغسطس 2015 - 3:12 م
- هدية وداع الخديو إسماعيل لأوجيني كانت «مبولة» غرفة نوم من الذهب الخالص تتصدرها ياقوته

- تلقت أوجيني هدية أخرى من الخديو عبارة عن سرير مكسو بطبقة سميكة من الذهب الخالص رصعت أعمدته بالأحجار الكريمة

- الخديو إسماعيل رأى أن حفل الافتتاح فرصة ليطلع ملوك وأباطرة وأمراء أوروبا على «النهضة» التى شملت مصر فى عهده

- استحضر الخديو 500 طاه وخادم من فرنسا وإيطاليا

يبقى التاريخ شاهدا على مظاهر الاحتفال بافتتاح قناة السويس قبل 146 عاما فى عهد الخديو إسماعيل، التى وصفتها الامبراطورة اوجينى بأنها "لم تر فى حياتها أجمل مما رأت"، حيث بلغت تكلفة الحفل مليونا و400 الف جنيه، كما وصل عدد من نزلوا بمدينة الإسماعيلية أثناء حفلات القناة يومى 17- 18 نوفمبر 1869 على أقل تقدير 100 ألف من الأجانب والمصريين، وشيدت دار الأوبرا فى 5 أشهر بتكلفة 160 ألف جنيه.

واستعرض الأثري ولاء الدين بدوى رئيس قسم العصر الحديث والمعاصر بالمتحف القومى للحضارة، أبرز مظاهر الاحتفال بافتتاح قناة السويس فى 17 نوفمبر 1896، مشيرا إلى أن دول العالم كانت ترقب لحظة افتتاح المعبر المائي ونجاح فكرة المشروع الذي راود الكثيرين منذ قديم الأزل، وفى يوم افتتاح قناة السويس جرى إلتقاء مياه البحرين المتوسط والأحمر بعد عمل دام عشر سنوات، وانشأت مدينة الإسماعيلية عند نقطة العمل وإلتقاء البحرين، وكذلك انشأت مدينة بورسعيد على شاطئ البحر المتوسط .

وأوضح بدوى، أن الخديو إسماعيل كان يريد حفل الافتتاح فرصة كى يطلع ملوك وأباطرة وأمراء أوروبا على ما اسماه بـ«النهضة» التى شملت مصر فى عهده، ولذلك أبحر إلى أوروبا مع وزير خارجيته نوبار باشا خصيصا لتوجيه دعوة حضور حفل الافتتاح إلى كبار شخصيات العالم من الملوك والرؤساء والأمراء ورجال العلم والآداب والسياسة والصحافة وعظماء مصر والسودان، كما استحضر الخديو 500 طاه وخادم من فرنسا وإيطاليا علاوة على الطهاة والخدم من المصريين والأتراك الذين كانوا فى خدمته.

وأضاف، أن الصحف الأجنبية أرسلت مراسلين لها لتغطية أنباء الاحتفال وبدأ المدعوون بالحضور إلى الإسكندرية منذ يوم 15 اكتوبر1869، واعدت لهم رحلات إلى الوجه القبلى عبر النيل فى السفن التى أعدت وجهزت لهذا الغرض، وذلك قبل بدء المهرجان الرسمى للافتتاح، حيث انفق إسماعيل عن بذخ وإسراف لا مثيل له فى الافتتاح .

وأشار إلى أن أول من حضر ولى عهد هولندا ثم امبراطور النمسا فولى عهد بروسيا ثم وصلت الامبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا وتغيب زوجها الامبراطور نابليون الثالث لأسباب سياسية، وقد مرت قبل وصولها إلى مصر بالقسطنطينية، حيث استقبلها السلطان العثمانى عبد العزيز، وأقام لها العديد من الولائم واغدق عليها الكثير من الهدايا، مع ملاحظة أن الخديو إسماعيل لم يدعو السلطان العثمانى لحضور الافتتاح.

وقال رئيس قسم العصر الحديث والمعاصر بالمتحف القومى للحضارة، إن أوجينى وصلت إلى الإسكندرية يوم 16 أكتوبر 1869 على اليخت «النسر» الذى اقلها من القسطنطينية، فأستقبلها الخديو إسماعيل وحاشيته والأمراء بالحفاوة وإطلاق المدافع وعزف الموسيقى، وركبت القطار من الإسكندرية إلى القاهرة ثم بدأت هى الأخرى رحلتها إلى الوجه القبلى وأعجبت أشد الإعجاب بالآثار المصرية القديمة، وقالت «حيا الله المصريين إنهم يعطون للموت اهتمام الناس بالحياة»، مشيرا إلى انه عندما اكتمل عقد المدعوين فى يوم 16 نوفمبر انتشر المصريون من الجنود والأهالى على ضفتى القناة بخيامهم وأدواتهم لمشاهدة هذا المهرجان العظيم، وفى الساعة الثانية بعد ظهر هذا اليوم رأست الامبراطورة اوجينى الحفلة الدينية وحضرها جميع المدعوين بينما كانت الموسيقى تصدح والمدافع تدوى إيذانا بإبتداء الحفلة.

وأضاف، أن شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم السقا قام خلال الحفلة، ودعا الله بأن يختص هذا العمل العظيم بمثابته ورعايته وأن يهيئ له نجاحا دائما، وقام بعده رئيس القساوسة وتلا الصلاة وبارك هذا العمل العظيم، ثم القى المونسينور بلرو مندوب البابا وواعظ نابليون، كلمة بليغة شكر فيها جهود إسماعيل فى اتصال القارتين، وفى المساء مدت الموائد للمدعوين وسطعت الأنوار فى كل جانب وعزفت الموسيقى إلى ساعة متأخرة من الليل.

وتابع الأثرى ولاء الدين بدوى، أنه فى يوم 17 نوفمبر، وهو اليوم المحدد لفتح القناة، تحرك الركب من بورسعيد لدخول القناة وقد قسم إلى خمس قوافل، وفى مقدمة هذا الركب يخت الإمبراطورة اوجينى وكان بجوارها «ديلسيبس» وورائها باقى اليخوت والأساطيل وبواخر نقل المدعوين، بينما الرجال على الشاطئ يهتفون والنساء يزغردن حتى وصلوا إلى الإسماعيلية، وفيها استقبلهم الخديو فى قصره الفخم الذى بناه من اجل هذه المناسبة، ومضى الركب إلى الشاطئ الأسيوي حيث ذهبت الإمبراطورة إلى عيون موسى وحرصت على تفقد المكان الذى نزل فيه «بونابرت» فى السويس عند حضوره إليها لدراسة إمكان شق القناة أثناء حملته على مصر.

وأوضح، أن حفل الافتتاح أقيم ببورسعيد وتم تخصيص ثلاث منصات الكبرى للملوك والأمراء وكبار المدعوين، والثانية لرجال الدين الإسلامي، والثالثة لرجال الاكليروس، وفى مساء يوم 18 نوفمبر أقيمت سهرة راقصة اعقبها «مقصف» حوى أطيب المأكولات وأفخر المشروبات فى كرم منقطع النظير، ويكفى دليلا على مبلغ الإسراف أن نعرف نفقات الحفلات قد بلغت على اصح تقدير مليون و400 الف جنيه وهذا ما أدي إلى إفلاس البلاد فيما بعد، وبالرغم من ذلك انهالت التهانى على «ديلسبس» تنسب له فضل هذا المشروع العظيم .

واستطرد قائلا، إن ديلسبس أصر فى قرارة نفسه على الا تمر ذكرى افتتاح القناة إلا وتكون هذه الذكرى معلقة فى ذهنه برباط شخصى، حيث تزوج من كريمة قنصل المكسيك بالقاهرة لويز هيلين الفتاة التى يبلغ عمرها 20 عاما وهو قد بلغ 64 من العمر، لافتا إلى أن الكاتب الفرنسى اميل زولا كتب يقول "لقد زوج المسيو ديلسبس البحر المتوسط بالبحر الأحمر ثم تزوج هو نفسه".

وأشار رئيس قسم العصر الحديث والمعاصر بالمتحف القومى للحضارة إلى أنه فى صباح يوم 19 نوفمبر تقدم يخت الإمبراطورة أوجينى، تليه اليخوت الأخرى والأساطيل إلى مدينة السويس، فوصلوا إليها فى صباح اليوم التإلى بعد أن أمضوا الليلة على سطح البحيرات المرة يشاهدون الألعاب النارية، ولما وصلوا إلى البحر الأحمر دوت المدافع إيذانا بإنتهاء المهرجان، وقد بلغ من كرم وبذخ إسماعيل عند انتهاء المهرجان، أنه رجا من يريد الإقامة من ضيوفه فى مصر أن ينزل فى ضيافته إلى وقت ما يشاء.

وقضت أوجينى يومين فى السويس وضواحيها لتستمتع بمعالمها، ثم رجعت إلى بورسعيد، ومنها أبحرت إلى الإسكندرية وتجولت أيضا فى بعض مدن الوجه البحرى، وقد رجعت إلى القاهرة حيث انشأ لها الخديو إسماعيل قصر الجزيرة، فقد كلف مهندس البلاط الخديو «يوليوس فرانس» عام 1863 بتصميم قصر بجزيرة الزمالك، فشيد له سراى الجزيرة على غرار قصر «الهمبرا» بغرناطة، لأن أوجينى مواليد غرناطة بإسبانيا عام 1826، وانتهى منه عام 1868، واستخدم كمقر لإقامة الإمبراطورة أوجيني وحاشيتها خلال احتفالات افتتاح قناة السويس.

وكشف بدوى عن عدد من من القصص الطريفة التى ذاعت فى القاهرة آنذاك ومنها أن هدية وداع الخديو لاوجينى كانت «مبولة» غرفة نوم من الذهب الخالص تتصدرها ياقوته حمراء نقشت حولها بالفرنسية عبارة «عينى على الأقل.. ستظل معجبة بك إلى الأبد»، وأيضا هدية أخرى عبارة عن سرير مكسو بطبقة سميكة من الذهب الخالص رصعت أعمدته بالياقوت والزمرد والفيروز تذكارا لزيارتها وادى النيل.

وأضاف، أن عدد من نزلوا بمدينة الإسماعيلية أثناء حفلات القناة بلغ على اقل تقدير 100 ألف من الأجانب والمصريين وكانت المدينة تموج بزائريها كالبحر الزاخر، وكان من أصعب الأمور على الضيوف والسواح الأجانب العثور على سرير للنوم بفنادق ومنازل المدينة لأنها كانت مشغولة بالنازلين بها، وأمر الخديو بإقامة الخيام على ضفاف الترعة الحلوة ونصب الأسرة لمبيت الضيوف والزائرين، وعندما عزمت الإمبراطورة أوجينى على الرجوع إلى بلادها رافقها إسماعيل وكبار رجال حاشيته إلى يختها بالإسكندرية ومنه إلى باريس.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك