تغيير الفكر أولا.. ملامح الثورة تتسلل إلى الورش التدريبية - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 7:26 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تغيير الفكر أولا.. ملامح الثورة تتسلل إلى الورش التدريبية

علي اختلاف الأنظمة المشاركون أصبحوا أكثر حماسة لبلادهم
علي اختلاف الأنظمة المشاركون أصبحوا أكثر حماسة لبلادهم
عبدالرحمن مصطفى
نشر في: الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 11:45 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 11:45 ص

ترى سارة الشريف ــ صحفية وناشطة مصرية ــ أن ازدياد نشاط ورش ومحاضرات التوعية السياسية والحقوقية فى السنوات الأخيرة قد أثر فى وعى الشباب وربما مثل جزءا من عملية التغيير التى شهدتها مصر والدول العربية مؤخرا، وتوضح ذلك بقولها: «نظام مبارك المخلوع، كان يترك مساحة للعاملين فى مجال الحريات وللنشطاء كى يظهر أمام العالم وكأنه مع الديمقراطية، لكن هذه المساحة ساهمت بشكل ما فى نشر مبادئ الحرية والتغيير والثورة». هذا الرأى يتبناه أيضا عدد من المعلقين على تأثير الوعى السياسى وحركة المجتمع المدنى فى ازدهار الربيع العربى وتغيير النظم فى المنطقة.

 

وفى داخل الورش التدريبية ومحاضرات التوعية تتكون علاقات جديدة بين الناشطين والإعلاميين، وهذا من أحد الأسباب التى دفعت سارة للمشاركة للمرة الأولى فى فعاليات «الجامعة الصيفية لمنبر الحرية» التى أقيمت مؤخرا فى القاهرة. تم اختيار سارة بناء على سيرتها الذاتية وأنشطتها السابقة فى مجال الحريات، ووسط قاعة المحاضرة كان النقاش ساخنا حول تصورات «ما بعد الثورات العربية» بين شباب من جنسيات عربية مختلفة، وكان المحاضر هو الدكتور شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، الذى لم يخف ملاحظته عن اختلاف أجواء قاعة المحاضرة هذا العام بالقاهرة تماما عن أجواء أول نشاط للجامعة الصيفية فى العام 2009.

 

ويقول معلقا: «اختلفت حالة المشاركين عن ذى قبل، خاصة مع المشاركين من مصر، إذ أصبحوا يتحدثون بحماس أكبر لبلدهم وفى تفاصيل لم تكن مطروحة من قبل. «تقوم فكرة الجامعة الصيفية التى تنظمها منظمة المنبر الحر على اختيار بلدين فى كل صيف يستضيفان موسمين دراسيين، أحدهما يكون فى المشرق العربى والآخر فى المغرب العربى، ويقام النشاط على هيئة ورش ومحاضرات مكثفة، وتهدف المحاضرات فى مجملها إلى تكريس قيمة الحرية لدى الشباب من خلال مناقشات فكرية وسياسية.

 

وتكفى نظرة على قاعة المحاضرة كى تكشف عن تنوع جنسيات الحاضرين من الدول العربية المختلفة رغم ما يجمعهم من تشابه فى أن أغلبهم ناشطون حقوقيون أو إعلاميون ولهم ماض فى حضور مثل هذه الأنشطة. محمد البلاّوى إعلامى مغربى شاب، كان ضمن طلبة دفعة العام 2009 ببيروت، وجاء للحضور مرة أخرى فى دفعة هذا العام 2011 فى القاهرة، يقول: «من المؤكد أن الاختلافات الثقافية أحيانا ما تظهر داخل نقاشات المحاضرة، لكنها تكون فى إطار مقبول، لأن الجميع تم اختياره بعناية، وفق سيرته الذاتية».

 

وفى رأى بلاوى أن حضور الفعاليات والأنشطة المتعددة يزيد من فرص الفوز فى عند التقديم للحصول على منح أو تدريب، ويضرب بنفسه مثلا إذ يشارك فى أنشطة الجمعيات الأهلية منذ سن السابعة عشرة، مما جعله يصنع تراكما فى سيرته الذاتية، رشحه للحصول على منحة تدريبية فى الولايات المتحدة قبل مشاركته مباشرة فى الجامعة الصيفية هذا العام. ويضيف قائلا: «الأجواء هذا العام أصبحت مختلفة قليلا.. فألاحظ على المصريين أنهم أصبحوا أكثر حماسة عن ذى قبل، ومنهم من يتحدث بقلق عن تجربة الثورة فى بلده».

 

أحد أهم الملامح التى طرأت على هذه الأنشطة التى تجمع شبابا من دول عربية مختلفة هو تأثير الثورات العربية فى نقاشاتهم، إذ كانت القاعة تضم دولا ملكية وجمهورية ودولا ما زالت تشهد معارك ضد نظامها السياسى، وأحيانا ما كانت تثار أسئلة أكثر حماسا فى القاعة من نوعية: «متى نرى الملكيات العربية وقد تحولت إلى جمهوريات؟». فى هذه الحالة على الجميع ــ خاصة من الدول الملكية ــ أن يتسم بالمرونة وقبول الرأى الآخر.

 

وفى أثناء محاضرة الدكتور شفيق الغبرا عن الثورات العربية كانت تدور اشتباكات حوارية حول هل تؤدى الثورات إلى فوضى؟ وهل واجب علينا احترام رؤسائنا وعدم عزلهم حتى إن كانوا مستبدين؟ سارة الشريف من مصر تصدت للدفاع عن الثورة وعن فكرة عزل مبارك، فى مواجهة زميلة يمنية رفضت التحريض على الرؤساء. لكن هذا النقاش الساخن لم يخرج فكرة الجامعة من مضمونها الأساسى المهتم بالفكر الديمقراطى الليبرالى والعمل التنويرى، بل كانت المحاضرة السابقة على تلك المحاضرة على سبيل المثال عن: «مسألة الحرية فى الفكر القومى العربى» وعن أدوار الطهطاوى وجمال الدين الأفغانى ومن تبعهما من المفكرين.

 

لا يخفى منظمو فعالية الجامعة الصيفية الطابع الليبرالى الذى يغلف النقاش وموضوعات المحاضرات، هذا الطابع الليبرالى الذى يغلف المشروع قد يجعل وجود شاب ملتحى مثل محمد عبده سالم ــ مصرى الجنسية ــ غريبا للوهلة الأولى على قاعة المحاضرة، وهو ما يوضحه قائلا: «هذه ليست المرة الأولى التى أحضر فيها الجامعة الصيفية، بل حضرت فى العام 2009 ببيروت وكان مظهرى المتدين مربكا للكثيرين ومثيرا لشكوك الأمن لمجرد أنى ملتح». فى داخل القاعة لا يخفى محمد عبده سالم هويته أو انتماءه إلى حزب النور السلفى، ويعلن بوضوح أنه مع تطبيق الشريعة فى المستقبل، لكنه يعلن تلك الآراء دون أن يحدث صداما مع أحد، حسب القواعد الليبرالية للمكان، ويعلق قائلا: «المشكلة أن بعض الجهات التى تنظم ورشا تدريبية تستبعد السلفيين والإسلاميين أحيانا، وأقول بصراحة إن هناك ليبراليين يدّعون وقوفهم إلى جانب الحريات لكنهم يتخذون مواقف متشددة ضد من يخالفهم.. أما هنا فأجد مناخا يتيح لى أن أسأل وأن أرفض وأن أتعرف على الفكر الليبرالى بحرية، وأؤمن بأفكار وأتحفظ على أخرى، وهذا ما وفره الدكتور نوح الهرموزى مدير برنامج منبر الحرية كنموذج لشخص يعى معنى الحرية والليبرالية فعلا وقولا».

 

رغم ذلك فإن الجامعة الصيفية أحيانا ما تواجه صعوبات مع بعض الدول العربية، إذ تعرض اثنان من المشاركين السعوديين فى الجامعة الصيفية عام 2009 لمضايقات أمنية عند عودتهم من بيروت إلى السعودية، كما رفضت السلطات السورية استقبال الجامعة الصيفية دون إبداء أسباب. ويقول الأكاديمى المغربى الدكتور نوح الهرموزى ومدير برنامج منبر الحرية: «وجدنا هذا العام صعوبة فى استضافة الشباب السورى رغم موافقتنا على طلبات التحاقهم، ولم يحضر إلا واحدا بعد عمليات تمويه.. وهذه هى مشكلات الدول التى تتخوف من فكر الحرية والليبرالية».

 

ويذكر الدكتور الهرموزى أن هناك مشاكل تواجه لفظ الحرية والليبرالية فى مجتمعاتنا إذ يجرى ربطهما بمعان سيئة مثل التفسخ الأخلاقى أو سيادة الشركات العملاقة والرأسماليين، وهذه أمور لها علاقة بمشكلات مجتمعية وليست مشكلة الحرية. وحسب عبارته: «التغيير القادم عليه أن يكون عبر الفكر لبناء المجتمعات وتكوين شبكات من الباحثين وأصحاب الفكر من الشباب.. وهذا ما نطمح إليه».

 

 

جامعة صيفية بدون قاعات دراسة

 

تقوم فكرة الجامعة الصيفية على استغلال فترة الصيف فى تكوين برامج تدريبية وتعليمية للشباب، وهو ما تقوم به أيضا بعض مؤسسات ومنظمات المجتمع المدنى، وقد بدأت فكرة الجامعة الصيفية ضمن مشروع منبر الحرية فى العام 2009، إذ تقام الجامعة مرتين، الأولى فى بداية الصيف والمرة الثانية فى نهاية الصيف، على أن يستضيف فعاليات الجامعة فى المرتين بلد مشرقى، وآخر مغاربى.

 

ويقول نوح الهرموزى مدير منبر الحرية «نشأت فكرة مشروع منبر الحرية قبل سنوات، حين بدأنا بموقع الكترونى ينشر ويترجم مقالات وأمهات الأعمال عن الحرية والديمقراطية والأدبيات الإنسانية، ثم تطورت الفكرة بمجموعة من الباحثين العرب، حتى انتهينا بالجامعة الصيفية قبل عامين». ونشأت الفكرة فى البداية كمشروع تثقيفى يتبنى أن العقل هو محك الفكر والعمل، وفى خلفية تقف ضد الهيمنة الأمريكية ونزعتها العنيفة فى المنطقة، إذ كان الهدف من هذا المشروع هو استهداف الشباب ذوى الثقافة الجيدة والمهتمين بقضايا الحرية فى الوطن العربى لتطويرهم وفتح مجالات فكرية جديدة أمامهم واستكتابهم فى موقع المنبر على الانترنت، وتأتى فكرة الجامعة الصيفية بهدف تكوين علاقات بين الشباب الناشط فى مجتمعه وتعريفه بالمزيد عن قضايا الحريات والليبرالية وجذورها فى المجتمعات العربية. ولا تنتمى الجامعة الصيفية ولا منظمة منبر الحرية إلى أى انتماء سياسى سوى قضية دعم الحريات، وموقعها على الانترنت:

 

minbaralhurriyya.org



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك