عن الحقد والشماتة.. السادات في مذكراته: عزيزتي أمريكا.. «نقبك على شونة» (3) - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 4:50 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في الحلقة الثالثة من سلسلة «السادات الآخر.. العثور على الذات» من التاريخ السري الذي كتبه الرئيس الراحل بخط يده..

عن الحقد والشماتة.. السادات في مذكراته: عزيزتي أمريكا.. «نقبك على شونة» (3)

ياسر محمود
نشر في: الجمعة 4 أكتوبر 2013 - 9:30 ص | آخر تحديث: الجمعة 4 أكتوبر 2013 - 9:53 ص

على عكس ما انتهت إليه العلاقة بين أنور السادات والولايات المتحدة الأمريكية من «تحالف» وصداقة وود؛ كانت البدايات تملؤها الكراهية والحقد، وكثير من الشماتة على ما يصيب أمريكا من أزمات ومصائب، خاصة فى تعليقاته على موقف الولايات المتحدة من الرئيس جمال عبدالناصر، ومن بين ما سجله السادات فى يومياته، يقول:

الخميس 11/4/1967 - القاهرة

تركيز أمريكا الآن موجه لجمال شخصيا وبإصرار..

حملة عند الحكومات العربية فى بيروت وخلافها.. هدفها أن المسئول عن المعركة (النكسة) وفشلها هو جمال عبدالناصر، وقد أفصح بورقيبة (الرئيس الجزائرى) باتفاق وتوجه من أمريكا عن هدف الحملة..

ويصاحب هذه الحملة تشدد عنيف فى موقف أمريكا فى الأمم المتحدة الآن.. ولكن «نقب أمريكا على شونة».

بالنسبة للوضع الداخلى فالخطوة التالية للانتهاء من محاكمة المؤامرة ــ يقصد النكسة ــ وموضوع عبدالحكيم، هى إعادة البناء السياسى بما فى ذلك تعديل الدستور، ولا مركزية التنفيذ والحكم المحلى.

ويعود السادات للحديث فى نفس الأمر، والتخلص من جمال عبدالناصر فى تدوينة أخرى بعدها بفترة وجيزة، كتب خلالها..

الأحد 29/10، الاثنين 30/10/1967

واضح تماما الآن أن نوايا أمريكا بإصرار، هى التخلص من هذا النظام عن طريق الضغط العنيف لعدم الوصول إلى تسويه، والحل الوحيد الآن هو الحرب، وقد أصبحت أمرا مؤكدا أكثر مما كان الحال فى الأيام الأولى من يونيو.

الحمد لله لقد استرددنا أنفسنا تماما.. وستكون الجولة المقبلة حامية بعون الله.

إن أمريكا تظن نفسها الإله، وقد أعماها الغرور والغنى والقوة.. برغم ما يصيبها فى فيتنام، ولعله هو أيضا ما يدفعها إلى مواقف التشدد، ولكن أمريكا تنسى أن الله أقوى من كل قوة، وأنه مع الحق، وأن الشعوب لا تقهر أبدا... وسنرى.

وعلى ذكر ما تلاقيه أمريكا فى حربها على فيتنام، كتب السادات فى يومياته:

12/2/68 - الهرم

إن الهجوم الذى قامت به جبهة تحرير فيتنام منذ أول هذا الشهر ولايزال حتى اليوم، قد مرغ رأس أمريكا فى التراب.

وهو نقطة تحول لنا أيضا، برغم تبجح إسرائيل وغرورها.. لقد خسف الله بغرور أمريكا.. ولايزال هذا العام يحمل الكثير.. اللهم لك الحمد.

وفى ذكرى المولد النبوى التى حلت فى 8 يونيو من عام 1967، يكتب السادات عن «الذكرى الأولى للأيام الأربعة السوداء التى تبعت النكسة، وانتهت بتنحى الرئيس فى مساء 9 يونيو»، ويسرد السادات ما مرت به البلاد فى تلك الأيام بشىء من الأسى، ولا يستعيد تفاؤله المعروف عنه إلا حين يتناول الأوضاع الخارجية خلال هذا العام، باسطا مساحة كبيرة من تدوينته لما حل بالولايات المتحدة من أزمات وكوارث. وقول السادات فى مذكراته:

«أما فى المجال الخارجى، فإنه برغم الأيام السوداء التى تلت النكسة وبالذات تحدى يوليو وأغسطس 67، فإن كل شىء سار بعد ذلك فى أحسن مسار... وأروع شىء هو أن لعنة اليهود حلت بأمريكا.. فقد كانت الحكومة الأمريكية من وراء إسرائيل ولازالت إلى اليوم سرا وعلنا فى مواجهة العالم كله، ولو استعرضنا ما حل بأمريكا منذ يونيو 67 إلى اليوم، وبعد سنة فقط، لاتضح مدى ما حل بأمريكا وسيحل..

• كارثة حاملة الطائرات فى فيتنام.

• تطور الحرب الفيتنامية أوائل عام 68 إلى مجزرة رهيبة للأمريكان، وتحول ميزان القوى فى هذه الحرب نهائيا لصالح الفيتناميين.

• انقسام الرأى العام فى الداخل على جونسون، وتفشى الشغب وظهور بوادر تحلل خطيرة فى المجتمع، وهو ما اضطر جونسون أن يعلن عدم ترشحه.

• ثورات الزنوج.

• انهيار الدولار لأول مرة فى التاريخ، ونسفت أسطورة قوته ومناعته، وظهور المجتمع الأمريكى على حقيقته.

• سقوط المجتمع الأمريكى أمام العالم نتيجة حوادث العنف والاغتيال (مارتن لوثر كينج ثم روبرت كيندى).. وكثير وكثير..

إنها لعنة اليهود، وما لم ينتبه الشعب الأمريكى، فسيشهد فى هذا العام والعام القادم كوارث أكبر ومفاجآت أخطر.

 

نيكسون.. الضعيف الانتهازي

فى نهايات عام 1968 انتهت الانتخابات الأمريكية بفوز ريتشارد ميلهوس نيكسون (9 يناير 1913 ـ 22 أبريل 1994)، ليصبح الرئيس السابع والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من (1969 ـ 1974)، انتهت بإجباره على التنحى فى بداية فترة رئاسته الثانية بسبب ما عرف إعلاميا بفضيحة ووترجيت.

وفى تعليق السادات على فوز نيكسون، كتب يقول:

الثلاثاء 12 نوفمبر 1968 - الهرم

الشىء العجيب أننى لم أتحمس لتسجيل فوز نيكسون فى حينه، ولو أنى سعدت لمجرد أن ذلك سيسقط جونسون الذى عمل كل ما فى وسعه لإنجاح همفرى (نائبه)، بما فى ذلك إيقاف الغارات مع فيتنام.

لا أعتقد أن نيكسون سيحدث تغييرا فى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.. خاصة أنه معروف عنه أنه انتهازى، ولكن قد يحدث بعض التغيير فى الأسلوب وليس فى الأهداف، خاصة أن اليهود قد أعطوا أصواتهم كلها لهمفرى.

سيبقى دائما الأمر متوقفا على استعدادنا للمعركة.. وقد بدأ اليهود يفقدون أعصابهم نتيجة عملية الفدائيين ومعاركنا فى القناة... الوقت ولا شىء غير الوقت..

مناورة الأمس مع الرئيس على طريق السويس كانت أكثر من رائعة..

ويرد الحديث عن نيكسون فى جزء آخر من تدوينات السادات بمناسبة زيارة أحد المبعوثين الأمريكيين إلى مصر ولقائه مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. يقول السادات:

الأحد 8/2/1968 - الهرم

أمس الأول قابل الرئيس جمال، سكرانتون، مبعوث نيكسون..

لا أعتقد أن شيئا سيتغير، خاصة أن نيكسون ليست له الشخصية القوية، ولو أن تصويت اليهود (لمنافسه) كان من الممكن أن يكون مفتاحا لأمور كثيرة.. أعتقد أن الموقف سيظل دائما متوقفا علينا نحن.

رأيى أن نعيد النظر فى كل شىء، خاصة بعد أن انتهى مؤتمر الاتحاد الاشتراكى يوم الأربعاء الماضى بشأن الجامعة والطلبة.

ويجب أن نقابل الثورة المضادة فورا بعقلية جديدة.. وتعبئة جديدة فى كل الميادين، مع عملية عزل مستمرة لقوى هذه الثورة فى كل المجالات... مطلوب أسلوب جديد تماما..

إن تحدى إسرائيل مع تحركات الثورة المضادة يحتم الحركة فى اتجاهين:

1 ـ البناء العسكرى وتغيير نوعيته بالنسبة للمدى الطويل.

2 ـ البناء السياسى على فهم حزبى ملتزم حازم.

3 ـ عزل أعداء الشعب على ضوء المعركة.

 

«جاهل.. تافه.. كذاب».. هكذا يصف جونسون

على كثرة التدوينات التى حررها السادات عقب نكسة يونيو 1967، يبدو واضحا نقمته على الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها ليندون بينيس جونسون (27 أغسطس 1908 ـ 22 يناير 1973) الذى كان الرئيس السادس والثلاثين للولايات المتحدة خلال الفترة من (1963 إلى 1969)، ولعل كراهية السادات لجونسون ترجع لما عرف عن الأخير من مواقف ضد العرب وضد الرئيس جمال عبدالناصر، والذى كان كل همه هو الحد من نفوذ جمال عبدالناصر، وكان يتحالف مع كل من يختلف معهم جمال عبدالناصر، وأطلق عليه «الديك الرومى».. واصفا نكسة 5 يونيو بأنها «عملية اصطياد الديك الرومى. ويرد السادات على «صلف جونسون» فى تدويناته، واصفا إياه بأنه «جاهل وتافه وكذاب»، حيث كتب السادات فى إحدى صفحات «كراسته» ما يلى:

الخميس 12/9/68.... الهرم

عدنا من الإسكندرية يوم الثلاثاء (أمس الأول) بعد أن استراح الرئيس إجازة الثلاثة أسابيع بعد العلاج فى تسخا لطويو.. وكنا قد سافرنا إلى الإسكندرية يوم الأحد ــ 18 أغسطس 1968، أى ثانى أيام وصول الرئيس إلى الوطن..

ولقد حدث تحول فى المعركة بيننا وبين إسرائيل بدأ أولا بكمين الدورية فى الإسماعيلية شرق، وثانيا بمعركة المدفعية، وكلا الاثنين وقعا فى الأسبوعين الأولين من سبتمبر 1968..

لقد اشتكت إسرائيل إلى مجلس الأمن ولكنها حتى هذه اللحظة تدبر لإجراء ما يكون ردا على طريقتها.. ونحن منتظرون..

وبالأمس خرج جونسون رئيس أمريكا بحديثه أمام جمعية «بناى بريت» الصهيونية، وهو حديث مرتب طبعا.. كله تأييد لإسرائيل، مع الكلام عن ميزان القوى فى المنطقة..

هذا الجونسون يريد فى هذه اللحظة التى تتحول فيها المعركة، أن يقف فى طريق التحول..

إنه بحق جاهل وتافه وكذاب.. ولطالما تاقت نفسى أن أكتب مقالا يكون عنوانه هذه الصفات الثلاثة التى استحقها جونسون بجدارة.

وفى تدوينة أخرى وتعليقا على الصفقة الأولى من طائرات الفانتوم الأمريكية لإسرائيل فى أكتوبر عام 1968، التى شملت 50 طائرة سعت أمريكا من ورائها ضمان التفوق الجوى الإسرائيلى، كتب السادات:

الثلاثاء 15 أكتوبر 1968.. الهرم

أمريكا تعتقد أننا سنخاف عند الإعلان عن صفقة الفانتوم.. أمريكا تنسى أننا شعب عمره آلاف السنين وأننا لا نخاف أبدا... بل إن الذى يريدنا أن نخاف لن يزيدنا إلا صلابة وتحديا.. وسيرى معنا جونسون الجاهل التافه الكذاب.

 

- تدوينات على جدران الزنزانة:

 • التعبئة ضد أمريكا

 18 يوليو 1969 - الإسكندرية

أستعد اليوم للسفر إلى مرسى مطروح للقاء الطلبة فى باجوش، وقيادات وشباب الاتحاد الاشتراكى.

لايزال الموقف فى تصعيد، وبعد ضربة لسان بورتوفيق، يجهز اليهود الآن لضربة عندنا، بعد أن نادت صحفهم والرأى العام هناك بهيستيريا للرد.

موقف أمريكا لايزال أسوأ مما كان، ولايزال رأيى أن تبدأ فورا تعبئة الشعب تعبئة كاملة للحرب ضد أمريكا، وفى رأيى أن هذه التعبئة ستفيدنا فى معركتنا المقبلة، وهى مريرة، ولن نخسر بهذه التعبئة أبدا، بل سنحصن بها شعبنا ضد مؤامرات أمريكا التى توجه الآن بشراسة نحو الجبهة الداخلية.. فى تقديرى أن الموقف يتطلب الحركة وبسرعة وبقوة.

 

• أطول أيام التاريخ

 5 مارس 1970 - الهرم

فى البدء كانت الغارة على الخانكة، ثم كنا فى القناطر الخيرية، ثم استدعاء السفير السوفييتى وكبير الخبراء.. وما تم بعد ذلك.

من أجل ذلك كانت الأيام الماضية من شهر فبراير، هى أطول أيام التاريخ بالنسبة لنا.

وفى يوم الاثنين الماضى 2 مارس 1970، عدنا من الإسكندرية بعد تشييع العم خليل، بعد أن قمنا بالقطار من أسوان إلى الإسكندرية.

نحن على أبواب رحلة جديدة قد تبدأ أوائل أبريل، إلا أن مارس الآن يمثل نقطة تحول بالنسبة لنا.. لابد أن أجد يوما الوقت لكى أكتب تفاصيل هذه المرحلة.

 

• يوم المعارك

26 يوليو 1969 - الهرم

انتهى أمس، المؤتمر الثالث للاتحاد الاشتراكى، الذى بدأ عقده فى 23 يوليو، ومن قبل ذلك كان يوم 20 يوليو 1969، الذى سمى بيوم المعارك الكبرى، وفيه كان التحول فى المعركة، فقد فشلت فجر ذلك اليوم معركة احتلال الجزيرة الخضراء، التى أراد العدو أن يرد بها على معركة لسان بورتوفيق، وكانت خسائر العدو كبيرة إلى درجة أنه فقد أعصابه، وأدخل الطيران المعركة، ظهر 20 يوليو، ثم كان الرد، ودخل سلاح الطيران المصرى، وضرب المواقع فى سيناء فى ضربة خاطفة، ثم أسقط للعدو طائرتين فى معركة جوية..

انعقد المؤتمر فى هذا الجو، وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يكون 23 يوليو 1969 نفس عيد الثورة، هو نقطة التحول فى المعركة..

كان المؤتمر ناجحا والحمد لله.

 

• نجحت ثورة السودان.. حكمتك يا رب

نجح تنظيم الضباط الأحرار (السودانى) فى 25 مايو 1969 فى تنفيذ الانقلاب العسكرى، والذى كان يعد له منذ عام 1959 عندما تكون التنظيم بصورة سرية من عناصر الحزب الشيوعى والناصريين والديمقراطيين من الضباط خريجى الكلية الحربية، وتكون مجلس قيادة الثورة بقيادة الرائد جعفر نميرى، ليكتب السادات صبيحة 26 مايو:

العبد فى التفكير والرب فى التدبير.. بالأمس (25 مايو) قامت ثورة السودان..

ثورة تحررية تقدمية مائة فى المائة.. وعلى غير انتظار، بل إن العكس هو الذى كان محتملا بانتصار الرجعية، للمجهود المريع الذى بذلته أمريكا وبريطانيا والمانيا الغربية فى السودان فى الفترة الأخيرة.

كانوا يريدون تصفية العناصر التحررية فى المنطقة، ونحن مشغولون.. والآن تصفى عناصر الرجعية برغم أننا مازلنا مشغولين.

حكمتك يارب..

إن ثورة السودان منطلق لأحداث ستكون حاسمة بإذن الله فى معركتنا الحالية، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بأبعادها، ولكنها إرادة الله الذى فجر هذه الثورة فى هذا الوقت بالذات، وعلى هذا الصعود ستكون لها أبعاد لا يعلمها إلا الله..

ولكنها ستكون رائعة ومجيدة وعنيفة.. وسننتصر بإذن الله، فقد أرسل لنا العلامة.

 

اقرأ أيضًا:

الحلقة الأولي

«السادات» يعلن استقلاله في وثيقة «كراسة الزنزانة 54» (1)


الحلقة الثانية

مذكرات «السادات»: انتحار عبدالحكيم عامر أشجع وأنجح قرار اتخذه في حياته (2)



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك