«الشروق» تكشف: «عصابات مافيا» تجبر صيادى برج مغيزل على تهريب البشر والمخدرات والسلاح - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:23 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تكشف: «عصابات مافيا» تجبر صيادى برج مغيزل على تهريب البشر والمخدرات والسلاح

كتب ــ محمد فؤاد:
نشر في: السبت 5 سبتمبر 2015 - 10:56 ص | آخر تحديث: السبت 5 سبتمبر 2015 - 11:47 ص
- كبار الصيادين فى القرية: مليون جنيه لتهريب المهاجرين و4 ملايين لتهريب المخدرات والأسلحة.. ومن يرفض يسرقون مركبه ويستخدمونه فى التهريب

- 80 % من صيادى «البرج» شرفاء ويحبون وطنهم و20 % فقط تحالفوا مع الإرهابيين ومافيا التهريب

وسط معاناة ما يقرب من خمسة آلاف صياد يعملون داخل قرية برج مغيزل التابعة لمحافظة كفر الشيخ، سعيا «وراء لقمة العيش»، فى ظروف متقلبة، كشفت معلومات موثقة استغلال «مافيا التهريب» حاجة بعض الصيادين، لتأجير مراكبهم لاستخدامها فى تهريب البشر والمخدرات، مقابل أموال طائلة، أو الاستيلاء عليها تحت تهديد السلاح لاستخدمها فى تلك الأغراض.

ومع ارتفاع تكلفة الصيد، والوقود، والمؤن التى يستخدمها طاقم المركب أثناء رحلات الصيد وما يتعرضون له من مخاطر نتيجة الدخول غير المقصود إلى المياه الإقليمية للدول المجاورة فى ظل غياب أى اتفاقيات تعاون بحرى بين مصر وتلك الدول، اتفق ملاك المراكب مع الصيادين الذين يعملون معهم على العمل بنظام «النسبة» بدلا من إعطائهم رواتب ثابتة ليصبح العائد المادى فى «علم الغيب»، أما أن يكون مجزيا، أو تصبح الرحلة دون جدوى.

وأمام هذه المخاطر التى جعلت من الإبحار بمراكب الصيد أمرا بالغ الخطورة، عزف الصيادون عن الإبحار فى البحر المتوسط وأصبحوا عاطلين ولاسيما أن معظم مراكبهم تمت مصادرتها من قبل «المليشيات الليبية»، رغم دفعهم الكفالات المطلوبة، إلا أن تلك المليشيات ترفض تنفيذ قرارات الإفراج فى الوقت الذى تقف فيه الخارجية المصرية مكتوفة الأيدى بسبب الأوضاع السياسية السيئة هناك.

«الـشروق» التقت بعض صيادى برج مغيزل، وقالوا، إن اتهام كل القرية، بتهريب المهاجرين غير الشرعيين، فيه ظلم كبير، مؤكدين أن ما يقرب من 80% من الصيادين يرفضون أن يكونوا أداة فى أيدى «مافيا التهريب والقراصنة الجدد الذين يتحالفون مع الشيطان ذاته»، على حد قول أحد الصيادين الذى رفض ذكر اسمه خوفا من انتقام العصابات.

وأضاف: أنه «رغم الفقر والتهميش والظلم إلا أنهم يعشقون وطنهم ويرفضون ان يقدموا يد العون لمن يضع يده فى أيدى الإرهابيين والمتاجرين بالبشر لأنهم يريدون أن يطعموا أولادهم بالحلال».


كبار الصيادين بالقرية، أطلعوا «الشروق» على قائمة بأسماء «القراصنة الجدد»، مؤكدين أن «20% من صيادى قرية برج مغيزل شكلوا مافيا للاتجار فى جميع الأعمال غير المشروعة».

وفقا لمعلومات كبار الصيادين، فإن «جميع رؤساء مافيا التهريب لا يعيشون فى قرية برج مغيزل فغالبيتهم أصبحوا يمتلكون أموالا طائلة، ويفضلون استخدام رجالهم وأقاربهم فى القرية، بدلا منهم، بينما يفضلون الاقامة فى الاسكندرية التى تعتبر مسرحا للتخطيط لجرائمهم».

وكشفوا عن أن التسعيرة التى وضعها هؤلاء المهربون لتأجير المراكب، هى ما بين «مليون جنيه فى حال تهريب مهاجرين غير شرعيين، وأربعة ملايين جنيه فى حال تهريب مخدرات أو سلاح أو عناصر أجنبية مقاتلة».

محاضر رسمية لجهات سيادية تكشف المستور، المحضر رقم 4541 لسنة 2014 والمحرر بمركز شرطة مطوبس، والمحضر رقم 321 لسنة 2014 والمحرر بمقر نيابة الإسكندرية العسكرية، ومخاطبات أخرى لجهات سيادية كشفت عما يجرى الآن داخل قرية برج مغيزل.

وتفيد الأوراق التى حصلت «الشروق» على نسخة منها سرقة أحد مراكب الصيد، تسمى «أبوأمين» وهو ملك ورثة المرحوم سعيد ابراهيم محمد شبانة، ويحمل رقم 704 ومرخص تحت رقم 246، حيث قام المهربون بسرقته تحت تهديد السلاح لاستخدامه فى «كل أنواع التهريب» منذ بداية العام الماضى، على حد قول البلاغ.

وبعد ابلاغ جميع الجهات المسئولة وابلاغ القوات البحرية وسلطات عدد من الدول التى وردت معلومات بمرور المركب فيها بغرض التهريب قام المهربون بترك المركب أخيرا على شاطئ منطقة العلمين فى الساحل الشمالى حيث يحتاج عملية تعويمه كى يعود إلى ملاكه إلى ما يقدر بنحو 400 ألف جنيه.

عن تفاصيل ما تضمنته الأوراق كان لابد من مقابلة مالكى المركب «أبوأمين»، وهى، رضا سعيد ابراهيم شبانة، ابنة، مالك المركب التى تسكن بمنطقة الأنفوشى بالإسكندرية، وهى من قامت بتحرير جميع المحاضر ضد المهربين الذين نحتفظ بأسمائهم لحين تحرك الأجهزة الأمنية فى هذا الشأن.

تروى رضا بداية ما حدث قائلة: «ما حدث فى مركب الصيد أبوأمين هو نموذج صغير لما يحدث على أرض الواقع مع مئات الصيادين فى قرية برج مغيزل الذين أصبحوا بمثابة قنابل موقوتة لأن كل شىء اصبح ضدهم وللأسف لا يجدون أحدا يقف إلى جوارهم».
السيدة رضا في انتظار المساعدة- تصوير أميرة مرتضى


تكمل رضا: «البداية اكتشفتها بالمصادفة قبل وفاة أبى، العام قبل الماضى حينما استفسرت من والدى عن أحد الاشخاص كان يتحدث معه بصوت مرتفع وكان والدى يرد على المتصل بعبارة «الله الغنى وشوف حد تانى غيرى» وقتها أخبرنى والدى أن المتصل أحد المهربين وكان يعرض عليه مليون جنيه مقابل أن نقل مهاجرين غير شرعيين، إلى إيطاليا».

وأضافت رضا، أن والدها رد على المتصل بعبارة تتذكرها حتى الآن «لو أخدت المليون جنيه من هذا الطريق الحرام سوف يأخذ مع شقى عمرى الحلال».

وتابعت: «عقب وفاة والدى بأربعة أيام فوجئت بقدوم ذات المهرب لتجديد عرضه صراحة وذلك بعرض مليون جنيه مقابل تشغيل المركب فى نقل مهاجرين بطريقة غير شرعية».

تشير رضا إلى أن اشقاءها ووالدتها ردوا على المهرب بالرفض والتأكيد على أنه فى حالة تقديم عرضه مرة آخرى فإنهم سوف يقومون بإبلاغ الأجهزة الأمنية وكان رد المهرب وقتها «هنتقابل قريّب».

توضح رضا قائلة «الأوضاع فى قرية برج مغيزل متشابكة ومعقده، وصلة القرابة بين الصيادين جميعا قوية لذا تخضع عملية القبول والرفض للتعاون مع المهربين للضمير والشرف والتربية لذا فإنه من الممكن أن تجد ضمن العائلة الواحدة الصالح والطالح ولكن أغلبية الصيادين ببرج مغيزل شرفاء ولكن المهربين يستغلون حالة الفقر للضغط على الصيادين للعمل معهم».

تكمل رضا «كان لدينا مركبان، المركب الأول كان يسمى أبوياسمين والمركب الثانى أبوأمين، وعقب رفض عرض المهرب فوجئنا برد سريع لم نكن نتوقعه من المهرب الذى يهيمن على قرية برج مغيزل بالكامل بنفوذه المالى من خلال قيام طاقم أحد مراكبه الذى يقوم بعمليات التهريب بإبلاغ المهاجرين غير الشرعيين الذين يهربونهم باسم المركب الخاص بنا «أبوياسمين» باعتباره اسم المركب الذى يركبونه فى رحلتهم غير الشرعية وبالفعل عقب الإمساك بالمهاجرين قاموا بالإدلاء بالمعلومات التى قام المهربون بالترويج لاسمه لدى سلطات التحقيق وهو ما أدى إلى احتجاز المركب الخاص بنا وسحب ترخيصه لحين انتهاء التحقيق وكان ذلك بمثابة ورقة ضغط و«قرصة ودن من المهربين لنا».

عن سرقة مركب أبوأمين من قبل المهربين تقول رضا: عقب احتجاز مركب أبوياسمين فوجئنا بالمهرب يتصل بنا من جديد ويتقدم بعرض أكبر من العرض الأول وهذه المرة لتهريب صفقة سلاح ومخدرات بواسطة مركب الصيد الثانى الخاص بنا «أبوأمين» من ليبيا مقابل أربعة ملايين جنيه وكانت الإجابة قاطعة بالرفض وتهديدنا له بإبلاغ الأجهزة الامنية.

تضيف رضا: «بعد أيام قليلة من رفض العرض كانت المركب أبوأمين فى طريقه للإبحار بقيادة شقيقى الأصغر سعيد، ولأن هناك عهدا بين أشقائى ووالدتى بأن يقوموا بالاتصال بها بشكل دائم، كانت المفاجأة بانقطاع الاتصال وهو الأمر الذى جعلنا ندرك، أن أمرا ما قد حدث».

وأوضحت رضا أن صيادا كان على علاقة طيبة بأبيها اتصل بها هاتفيا وأخبرها بأن المهرب (الذى نحتفظ بذكر اسمه) سرق المركب وترك أخيها بإحدى الجزر بمنطقة أبوقير، وعقب تحرير بلاغ بالواقعة والذهاب إلى الجزيرة تم العثور على شقيقها مكبل اليدين.


وتروى رضا تفاصيل المعاناة التى عاشتها منذ ذلك الحين وكيف كانت تسمع من صيادين ببرج مغيزل، عن وجود المركب الخاص بهم قرب السواحل الليبية الذين كانوا يشاهدون مركبهم «أبوأمين» وكانت الاخبار تتوارد من الصيادين الذين يعملون معهم فى التهريب الذين كانوا «ينقلون شحنات مخدرات وأسلحة وعناصر أجنبية مقاتلة للقتال مع الجيش الحر فى سوريا»، على حد قولهم.

وكشفت رضا عن مخاطبات رسمية باللغة الإنجليزية لكل قناصل الدول التى كانت تمر بها مركب الصيد أبوأمين عبر سواحلها وبالفعل مع تضييق الخناق قام المهربون بترك المركب بأحد شواطئ العلمين، قبل أن تشحط فى الرمال بسبب الأمواج.

طالبت رضا مجلس الوزراء باتخاذ اجراءات رادعة بشأن المهربين الذين مازالوا طلقاء ويقومون باستغلال فقر الصيادين، فى استقطابهم للعمل فى التهريب.

كما طالبت الأجهزة بأعادة مركبهم «أبوأمين» من شاطئ العلمين نظرا لعدم قدرتهم المالية على ذلك.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك