زكى سالم يكتب عن أحلام فترة النقاهة للأديب الكبير نجيب محفوظ «5» - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:06 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

زكى سالم يكتب عن أحلام فترة النقاهة للأديب الكبير نجيب محفوظ «5»

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
كتب- زكي سالم :
نشر في: السبت 6 فبراير 2016 - 9:46 ص | آخر تحديث: السبت 6 فبراير 2016 - 9:46 ص

لعلك تعلم – يا صديقى العزيز – أن أستاذنا العظيم نجيب محفوظ، كان مثالا للدقة، والانضباط، وحسن تنظيم الوقت واستثماره، ولولا هذا الحرص الشديد على قيمة «كل لحظة»، لما استطاع أبدا أن يُنتج لنا كل هذه الأعمال الإبداعية الخالدة.

مع ملاحظة أن أستاذنا بعد أن تخرج فى الجامعة مباشرة، أى فى صيف عام 1934، أصيب بمرض فى عينيه، منعه من القراءة والكتابة بكثرة فى أيام الصيف، ومن ثم كان يبدأ موسم الكتابة بداية من شهر أكتوبر، وحتى شهر مايو، وخلال هذه الشهور، كتب أستاذنا كل رواياته البديعة وقصصه الجميلة، أما شهور الصيف فكان يستغلها فى التأمل والتفكر والتخطيط، ثم تبدأ عمليه الكتابة بعد انتهاء فصل الصيف، وهكذا كانت جل أعماله تبدأ وتنتهى فى خلال سنة واحدة، وثمة استثناءات قليلة، أهمها كانت «الثلاثية»، عمله الأكبر، من جهة الحجم، فقد استغرق التفكير فيها وكتاباتها نحو خمس سنوات.

أما آخر أعماله، «أحلام فترة النقاهة»، فقد استغرقت أكثر من عشر سنوات، وهى تعد، من وجهة نظرى، أخصب المراحل الإبداعية لنجيب محفوظ.

وإذا نظرنا إلى عدد هذه الأحلام، الذى تجاوز الخمسمائة حلم، نُدرك حجم التدفق الإبداعى المدهش لأستاذنا الأكبر، مع مراعاة حالته الصحية، وتعرضه للمرض، ودخوله إلى المستشفى، مرات عدة، فى خلال العقدين التاسع والعاشر من عمره المثمر، وبرغم ذلك فإنه، فى المتوسط، كان يُبدع نصا غير قابل للتكرار، كل أسبوع، فيا له من أسطورة يندر أن يُجود الزمان بمثلها.

•••

فى حلم رقم (222): «رأيتنى أعاصر التغير الكبير حيث ألغيت الحدود بين الدول ورفع عن المرور أى عوائق تحت مظلة العدل والحرية واحترام حقوق الإنسان، وتجولت بين العواصم ووجدت فى كل مكان عملا مناسبا ولهوا ممتعا ورفقاء فى غاية العظمة، ثم حننت إلى مصر فرجعت إليها وقابلنى أصدقاء الطفولة وطلبوا منى أن أحدثهم فقلت لهم: هلموا أولا إلى الحى القديم فنصلى فى مسجد الحسين (رضى الله عنه) ثم نتغدى عند الدهان ثم نذهب إلى الفيشاوى فنشرب الشاى الأخضر وأقص عليكم العجائب».

ها هو أستاذنا يحلم بما نحلم به جميعا، بأن تصبح الأرض كلها للأنام جميعا، بإلغاء الحدود المصنوعة بين الدول، حتى تتاح حرية التنقل والسفر للبشر كلهم، دون تمييز مفتعل بين الناس، تحت مظلة العدل والحرية واحترام حقوق الإنسان، هذا حلم البشرية الأروع، حيث يتاح العمل المناسب لكل إنسان، ويجد الناس وسائل اللهو الممتع، فيسعد الجميع ببهجة الحياة، ومن ثم نجد الرفاق فى قمة العظمة، فحينما تتحسن ظروف معيشة البشر، وتسود قيم العدل والحرية والكرامة، (قيم ثورة يناير النبيلة)، سترى الغالبية العظمى من البشر أسوياء، ويحسنون التصرف، إذ يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، لكن كل هذه الأوضاع المثالية، لا تمنع الإنسان من الحنين إلى بلده وأهله وأحبابه، ومن ثم لابد من العودة، فى النهاية، إلى حضن الوطن!

كما لابد للمثقف أن يقوم بدوره الحيوى فى نقل التجارب الإنسانية، والمعارف الجديدة إلى الآخرين، فتعم الفائدة، ويتسع الوعى العام، وتتفتح العقول، وتضىء بنور الحضارة الحديثة.

•••

وفى حلم رقم (223): «رأيتنى أحمل حقيبة السفر الكبيرة أنا وزوجتى وإذا بالمحبوبة «ب» تجيء فتساعدنا، فاستخفنى الطرب ولمست يدها وقلت: لن أنسى هذه اللحظة ما حييت، فقالت لى: بل عليك أن تنساها وأصارحك بأننى سعيدة مع زوجى وأولادى، فانطفأت آخر شمعة فى مصباحى».

ما الحياة إلا رحلة سـفر، طويلة كانت أم قصيرة، وكل منا يحمل حقيبته، ومن كانت حقيبته كبيرة، فحمله ثقيل، أو كما يقول أهلنا من المسيحيين: «صليبـه ثقـيل».

وإذا كان الراوى تشاركه زوجته فى هذه الرحلة، وفى حمل الحقيبة الكبيرة، إلا أن شعوره بثقل أعباء الحياة اليومية، يتجلى واضحا، ومن ثم حين تظهر الحبيبة وتساعدهما، يستخفه الطرب، فيلمس يدها، وفى هذا إشارة واضحة لرغبته فى القرب منها، والتشبث بملمسها الناعم فى ثنايا حياته الخشنة، ولذلك أعتبر هذه اللحظة الخاطفة أجمل ما فى حياته، إلا أنها قضت تماما على كل أحلامه فى حياة أخرى، يستمتع فيها مع شريكة يُحبها وتحببه، ومن ثم انطفأت آخر شمعة، أو آخر أمل له فى حياة يملأها الحب وتغمرها السعادة.

وكم يمثل هذا الرواى من أناس كثيرين فى بلادنا، إذ يعيشون مع شركاء لا يحبونهم، فيشعرون بأعباء الحياة ثقيلة للغاية، فالبشر لا يسعدون، فى هذه الحياة، بدون مشاركة وجدانية مع الآخرين، وبدون حب حقيقى يدفء القلوب، ويفتح العقول، ويُطلق الطاقات الإنسانية الخلاقة.

•••

وفى حلم رقم (224): «رأيتنى معها فى حديقة الشاى وهى تقول لى: أنت وعدت أن تزور أبى وهم ينتظرونك، فقلت لها إننى عندما علمت بأننى أكبر منها بعشرين عاما تراجعت حتى لا أظلمها، فقالت: لكننى لا أعترض، فقلت لها أنا لا أستغل البراءة وأظلمك، ومرت أيام عذاب طويلة حتى علمت أن زميلى «أ. ن» عقد قرانه عليها وهو يماثلنى فى العمر وأكثر من ذلك أنه أرمل وأب لبنت فى سن الزواج فتذكرت الشعر الذى يقول:
«من راقب الناس مات غمًّا وفاز بِاللذةِ الجَسورُ»

فى هذا الحلم إشارة لموضوع فى غاية الأهمية، نراه كثيرا فى حياة الناس اليومية، وسبق أن كتب عنه الأستاذ نجيب، فى أكثر من حلم، وهو يتعلق بأهمية اتخاذ الإنسان للقرارات المهمة فى الحياة بشجاعة، وفى الوقت المناسب، فكثير من العلاقات الإنسانية تفـسد تماما، أو تنتهى نهائيا، حين يتأخر الإنسان عن اتخاذ القرار الحاسم فى الوقت المناسب.

بالإضافة إلى أمر آخر، يبدو أكـثر وضوحا، فى هذا الحلم، وهو يتعلق بفكرة خداع النفس، فكثيرا ما يُفضل البشر أن يخدعوا أنفسهم، باستخدام حجج أخلاقية، يخفوا وراءها خوفهم أو ضعفهم أو ترددهم، فالراوى هنا يخشى من الأقدام على زواج هذه الفتاة الصغيرة، لأسباب عديدة، يمكن لنا أن نستنتج بعضها، فمن يتأخر فى اتخاذ قرار الزواج، عادة ما يتردد كثيرا قبل أن يقدم على هذه الخطوة المهمة، بل إن بعضهم، قد يقضى حياته كلها فى هذا التردد العجيب!

والراوى هنا، يقابل فتاة تقبل بفارق السن بينهما، لكنه لا يملك شجاعة اتخاذ القرار السليم فى الوقت المناسب، وهو أيضا يُغلف ضعفه الإنسانى بغلالة أخلاقية، تسقط سريعا حين يتقدم آخر، يماثله فى العمر، وظروفه الخاصة أصعب، لكنه أكثر شجاعة وإقداما، ومن ثم يختم أستاذنا حلمه ببيت من شعر أحد شعراء العصر العباسى الأول، هو سلم الخاسر، (المتوفى 186 هـ)، وقد ذكر أبوالفرج الأصفهانى، فى كتابـه الموسوعى «الأغانى»، تفسيرا لسبب تسميته بالخاسر، أنه لما مات عمرو أبو سلم الخاسر اقتسموا ميراثه، فوقع فى قسط سلم مصحف، فرده وأخذ مكانه دفاتر شعر كانت عند أبيه، فلقب حينئذ بالخاسـر.

•••

وفى حلم رقم (225): «رأيتنى فى مكتبى أستقبل فتاة هى قريبة لى من بعيد وأخبرتنى بوفاة أمها من أسبوع فتذكرت فترة من الماضى الجميل. وقالت: إنها أوصتنى قبل وفاتها بأن ألجأ إليك عند الحاجة إلى مشورة، فقلت فى نفسى: يرحمها الله آثرتنى على خالها وعمها، فلا خيبت لك ظنك».
ها هو الراوى يُعلى من قيمة العلاقات الإنسانية الجميلة، بما يجعلها تعلو على صلات الدم والرحم، فكما قال الشاعر العربى الشريف الرضى (355 ــ 436 هـ):
«رُبَّ أخٍ لى لم تلده أمّى
ينفى الأذى عنّى ويجلو همّى
ويصطلى دونيَ بالملمِّ
إذا دعيت اشتدَّ ماضى العزم
كأَنَّ ما قال منادٍ باسمى».

فثمة علاقات رحم لم يك لنا يد فيها، ومن ثم ربما تكون رائعة، أو غير ذلك، أما العلاقات الإنسانية الأخرى، والتى اخترناها بمحض إرادتنا، بناء على ائتلاف الأرواح، أو اتفاق الأفكار، كعلاقات الحب والصداقة، فمثل هذه العلاقات الوثيقة من أجمل نعم الحياة الدنيا، والراوى يُقدر هذه الصلات القوية بين البشر، كما تقدرها أيضا المرحومة وابنتها، وهكذا كان أستاذنا الأكبر فى حياته الشخصية، فقد كان يُقدر الصداقة جدا، وعلاقاته مع أصدقائه المتنوعين كانت مثالا يحتذى فى المحبة والمودة، والمشاركة والرقى.

•••

وفى حلم رقم (226): «رأيتنى مع كتيبة من الجنود فى مخبأ مغطى بالأعشاب نتحين الفرصة للخروج ومفاجأة العدو، وفى الوقت نفسه نخشى أن يعثر العدو على باب المخبأ فيسلط علينا غازاته ونموت كما تموت الفئران».

يحتوى هذا النص القصير على خلاصة رأى أستاذنا النبيل فى قضية بالغة الأهمية، تتعلق بالحروب المشتعلة بين البشر، فعبر تاريخ البشرية كله، ثمة صراعات كثيرة، وحروب متواصلة، وقتل وتدمير، وانتهاكات فاضحة لحقوق الناس وكرامتهم، وجرائم بشعة ضد الإنسانية، وشيخنا الحكيم لا يرى أن الحروب هى الوسيلة الصحيحة لحل الصراعات بين البشر، ولذلك كان دائما مع السلام، وضد الحرب، وكان يرى أن معايير التقدم البشرى، والتحضر الإنسانى، والرقى الحضارى لا يصح أن تسمح بموت البشر هكذا كما تموت الفئران.

•••

وفى حلم رقم (227): «رأيتنى جالسا مع المرحوم «ك» فى شرفة بيته الريفى تحت ضوء البدر الساطع وفى حضن ليل الريف الساجى وكان يقول لى: أنت تعلم أنى لا أهتم بالسياسة وعلى الرغم من ذلك انقض علىَّ زوار الفجر وساقونى معصوب العينين إلى حجرة مظلمة قضيت فيها شهرا دون تحقيق ولا معرفة لسبب ذلك، ولما عدت إلى قريتى كانت أعصابى قد اختلت ثم كانت النهاية. فقلت له: لقد سار فى جنازتك جميع الحرافيش وهم يتساءلون».

منذ عقود طويلة، وحتى الآن، وشعبنا الطيب يعانى مرة المعاناة من زوار الفجر هؤلاء! ولعل كل منا يعرف عددا من أمثال هذه القصص الإنسانية المؤلمة، إذ يتم القبض على الأبرياء، بطريقة مهينة للغاية، ثم يوضعون فى أماكن احتجاز غير آدمية على الإطلاق، ومنهم من يتعرضون للتعذيب الشـديد، من أجل الحصول على اعترافات غير حقيقية، وأحيانا يتم الزج بهم فى قضايا سياسية أو جنائية ملفقة، وكل هذه المعاناة للأبرياء وأسرهم البائسة، بسبب أن ثمة فرعون أحمق مستعد أن يوسد عرشه (الزائل) فوق جماجم البشر!

ومن الملاحظ فى أمثال حالات الظلم الفادح هذه، أن المناضلين الحقيقيين يمكنهم أن يحتملوا البهدلة والسـجن والتعذيب، أما الأبرياء فلا يعرفون سببا لمعاناتهم القاسـية، ومن ثم غالبا ما يتعرضون لأزمات نفسية عنيفة، وقد يفقدون حياتهم جراء معاناتهم النفسية والجسدية.

وهذا الشهيد، كما نقول بالعامية، لا ظهر له، ولذلك ضرب على بطنه، حتى الموت، وإذا كان هو لم يعلم سببا لكل ما تعرض له من ظلم، فكذلك جميع أصدقائه من الحرافيش، كانوا مثله يتساءلون عن السبب فى معاناة إنسان برىء؟!

والإجابـة عن هذا السـؤال الجوهرى، أنت بالتأكيد تعرفها يا صديقى، كما يعرفها ملايين المصريين الأحرار الذين ثاروا فى يناير 2011.

•••

وفى حلم رقم (228): «رأيتنى فى الإسكندرية ودخلت بنسيونا أنيقا وتبين لى أن التى تديره هى حبيبتى فغرقت فى العشق حتى قمة رأسى فقالت لىِ: لمَ لا نتزوج إذن؟ فقلت متذكرا ما جرى بينى وبينها فى العباسية: إنى أخشى إن تزوجتك أن أفقدك. والمرة الثانية وجدت البنسيون مغلقا وقال لى البواب إن المدام رحلت إلى أثينا موطنها الأصلى».

كان يخشى أن يفقدها، فماذا حدث؟ ولماذا؟ وهل الحب دائما ما يكون هكذا، خاطفا، أو محدد المدة؟!

إن هذا الحلم القصير، يثير الكثير من الأسئلة عن علاقة الرجل والمرأة، فالعشق وحده لا يكفى، لاستمرار العلاقة بينهما، وإنما لابد من القدرة على احتواء كل طرف منهما للطرف الآخر، والتحلى بالمعانى السامية للمودة والرحمة، سواء فهم كل منهما منطق الآخر، أو لم يفهمه، إذ إن التعاطف والتراحم ضرورى بين الطرفين، وخصوصا فى ساعات الغضب.

فالراوى يتذكر ما حدث بينهما فى العباسية، ونحن لا نعلم تفاصيل ما حدث، لكن يبدو أن ثمة خلافا نشأ بينهما، مما أدى إلى ما يُشبه التصدع فى علاقتهما، ولأن الراوى لا يريد أن يفقدها، فقد تصور أن العلاقة بينهما يمكن لها أن تستمر إذا ما ابتعدت عن التزامات الحياة الزوجية، لكنها كانت تفكر بطريقة مختلفة، وهذا الاختلاف فى النظر إلى الأمور، وعدم فهم كل طرف لطريقة تفكير الطرف الآخر، هو السبب الأهم فى تصدع كثير من العلاقات العاطفية.

•••

وفى حلم رقم (229): «وجدتنى فى مقهى ريش مع أصدقاء ريش وكلنا ننتظر بدء الحفل، وجاء أعضاء الأوركسترا حتى اكتملوا عدا وعدة إلا المايسترو فوضعنى الأصدقاء مكانه وأدرت الحركة بنجاح، وتخلل العزف صوت أم كلثوم وصوت عبدالوهاب، وغنى الأصدقاء والنادل وصاحب المقهى وفتحت النوافذ التى تحيط بالمقهى، واشتركوا جميعا فى الغناء حتى تواصل الغناء بين السماء والأرض».

كم يعتز أستاذنا الكريم بعلاقات الصداقة، ولذلك كثيرا ما يظهر أصدقاؤه فى أحلامه، وها هم يقدمونه من بينهم لقيادة الأوركسترا، فإذا به يقوم بدور المايستروا بتلقائية ونجاح، ولعل هذا الموقف يذكرنى بما حدث مع أستاذنا فى أيام الإعلان عن حصوله على جائزة نوبل عام 1988.

ففى السنوات التى سبقت حصوله على الجائزة، كان أستاذنا دائما ما يقول إن الاسم العربى الوحيد الجدير بالترشيح لجائزة نوبل، هو توفيق الحكيم!

فعلى مدى سنوات صداقتهما (محفوظ والحكيم)، والتى امتدت لأكثر من نصف قرن، كان أستاذنا يتعامل مع الحكيم باعتباره أستاذه، وقد كان لى شرف الجلوس معهما، ورؤية بعض ملامح الصداقة الرائعة بينهما، أما هذا التواضع المحفوظى فكان ومازال يأسر لُبى.

وحين جاءته الجائزة تسعى إليه، تحدث إلى العالم كممثل للأدب العربى كله، وتصرف بنبل وأريحية، فاعتبر أن أسـاتذته: طه حسين، وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم أحـق منه بالجائزة! وأهدى الجائزة إلى صديقه يحيى حقى، وتعامل مع الناس جميعا بمنتهى الحكمة.

وقد كنت أخشى عليه حينئذ، وهو فى سـن متقدمـة (77 سنة) من الإرهاق، والتوتر، والضغط العصبى، وكنت أقول لنفسى: كيف يكتب الأستاذ كلمته التى ستلقى فى احتفال الجائـزة، وهو يشعر بكل هذه الضغوط من حوله؟!

لكن حين استمعت إلى خطابه ثم قرأته مرات عدة، قلت فى نفسى: لو أن حكماء الأمة وكتابها الكبار اجتمعوا معا لكتابة هذه الكلمة الأولى من نوعها فى لغتنا العربية، لما أمكنهم أن يكتبوا مثل ما كتب الأستاذ من كلمات فى غاية الصدق والقوة والعمق والروعة والجمال.

فنجيب محفوظ، الأديب العالمى، صاحب القلم العبقرى، هو أيضا فيلسوف صاحب رؤية كونية ثاقبة، وله أطروحاته الخلاقة لتطوير عالمنا إلى الأفضل.

اقرأ أيضا

زكى سالم يكتب عن حكاية «أحلام فترة النقاهة»

زكى سالم يكتب عن أحلام فترة النقاهة.. الأحلام الأخيرة «2»

زكى سالم يكتب عن أحلام فترة النقاهة الأحلام الأخيرة للأديب الكبير نحيب محفوظ «3»

زكى سالم يكتب عن «أحلام فترة النقاهة» للأديب العالمى نجيب محفوظ (4)



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك