فى الساعة الواحدة والنصف من بعد الظهر السبت 6 أكتوبر .حضر المشير أحمد إسماعيل إلى حسبما اتفقنا عليه وركبنا العربة الجيب الخاصة بالجيش، وكنت أرتدى الزى العسكرى وتوجهنا إلى غرفة العمليات، حيث جلست فى مكانى والقائد العام عن يمينى، وكانت التعليمات أن الجميع يجب ألا يلتزموا بالصيام، وقد أصدرنا هذه الأوامر بفتوى من المشايخ، وكنت أتصور أن القادة قد نفذوها، ولكننى لم أكن واثقا من أن هذا قد حدث بالفعل فسألتهم «أنتم ما بتدخنوش ليه؟» ليه ما بتشربوش سجاير؟ العملية دى عايزه تركيز وانتباه).. لاحظت عليهم حرجا شديدا فطلبت الشاى لنفسى وأشعلت غليونى ورحت أدخن.. على الفور فعلوا كلهم مثلى.
وفى الساعة الثانية تماما وهى إشارة العبور وصل الخبر بأن طائرتنا قد عبرة قناة السويس وكانت 222 طائرة نفاثة سرعتها فوق سرعة الصوت أنهت ضربتها الأولى فى ثلث ساعة بالضبط فقدنا فيها خمس «طائرات فقط».. كما فقدت فى تلك اللحظات الأولى من الحرب أخى الطيار الشهيد عاطف الذى هو فى منزلة ابنى لأننى أنا الذى ربيته ولكنهم أخفوا على حينذاك نبأ استشهاد أخى.
ونجحت ضربة الطيران نجاحا كاملاً ومذهلاً حسب التخطيط الذى وضعناه لها مذهلاً لنا فى المقام الأول فقد حققت الضربة نتائج فاقت التسعين فى المائة بخسائر لم تزد عن أثنين فى المائة .ومذهلا لإسرائيل وللعالم كله شرقه وغربة.. فقد كان تقدير الاتحاد السوفييتى الرسمى بواسطة خبرائه قبل أن يخرجوا من مصر أنه فى أية حرب مقبلة فإن ضربة الطيران الأولى سوف تكلف سلاح الطيران المصرى على«أحسن الفروض 40% من قوته» ولن تحقق نتائج أكثر من ثلاثين فى المائة، وبالقطع كان هذا التقدير من جانب السوفييت يهدف إلى تعجيزنا وتخويفنا من المعركة فلم يكن لهم ثقة فينا على الإطلاق تماما كما فقدنا الثقة فيهم.
فى ثلث ساعة فقط أى بعد عشرين دقيقة من ساعة الصفر كانت طائرتنا قد ضربت مراكز وإدارة الطيران ومراكز إدارة الدفاع الجوى وحين تحققت هذه النتيجة وأنا فى غرفة العمليات هنأت «قائد الطيران حسنى مبارك» الذى «خطط ونفذ هذه الضربة» وهنأت جميع القادة فى غرفة العمليات إذ هذه الضربة قد حددت بالفعل مصير المعركة بعد ذلك..فقد فقدت إسرائيل توازنها بالكامل ليس للأربع وعشرين الساعة الأولى الحاسمة بل لأكثر من أربعة أيام كاملة فقدت فيها السيطرة على قواتها فى سيناء، وانقطع الاتصال كاملاً بهذه القوات، لقد أستعاد سلاح الطيران المصرى بهذه الضربة الأولى كل ما فقدناه فى حربى 1956 وهزيمة 1967 ومهد الطريق أمام قواتنا المسلحة بعد ذلك لتحقيق ذلك النصر الذى أعاد لقواتنا المسلحة ولشعبنا ولأمتنا العربية الثقة الكاملة فى نفسها وثقه العالم بنا.. أنهى إلى الأبد خرافة إسرائيل التى لا تهزم.
إقرأ أيضاً:
اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق: مجموعتى نقلت سيناء إلى مركز القيادة فى القاهرة
و«لسه السلاح صاحى»
اللواء محمد الغبارى: «أكتوبر» مرجعا تاريخيا فى الفكر الاستراتيجى
اللواء كمال حسن على مدير سلاح المدرعات: ديان يستنجد: المصريون حشدوا الجيش الرابع
محمد عبدالغنى الجمسى يكشف سر اختيار يوم 6 أكتوبر لبدء الحرب
المشير أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة: حققنا انتصارا مضاعفا فى حرب أكتوبر
الفريق سعد الشاذلى رئيس أركان حرب القوات لمسلحة: نفذنا أعظم عملية عبور فى تاريخ البشرية
«الجيش المصرى».. الواقع التى حطم الأسطورة