حمل أحمد عساف، المتحدث باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، الحكومة الإسرائيلية مسئولية تصاعد الأحداث والعنف في الضفة الغربية خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا أنه يأتي نتيجة طبيعية لجرائم الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه الفترة ضد الشعب الفلسطيني سواء كانت من قبل قوات جيش الاحتلال أو المستوطنين أو الانتهاكات اليومية لحرمة المسجد الأقصى المبارك، وبالتالي من بدأ في هذه الموجة هو من يتحمل مسئولية هذا التصعيد.
وقال عساف - في حديث خاص مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى رام الله - إن الحكومة الإسرائيلية هي التي أعطت القرارات والتعليمات للجيش بأن يطلق الرصاص بدون العودة إلى أي مسئول، بالإضافة لحماية قوات الاحتلال للمستوطنين المتطرفين، بالإضافة للمؤسسات التشريعية التي سنت قوانين من أجل حماية قوات جيش الاحتلال التي تطلق النيران بهذه الطريقة، وبالتالي الحكومة الإسرائيلية بكل مكوناتها هي المسئولة عن التصعيد.
وأضاف "أن انتهاك إسرائيل للمسجد الأقصى واقتحاماتها اليومية، وهو شىء مقدس لدى كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وعدم مراعاة شعور المواطن الفلسطيني تجاه هذا المكان المقدس وعنف المستوطنين المتطرفين تجاه الفلسطينيين بحرق عائلة دوابشة، هو المحرك الرئيسي لهذه الهبة الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم".
وعلى الصعيد الرسمي، أكد عساف أن حكومة بنيامين نتنياهو تتنكر لكل حقوق الشعب الفلسطيني، وتساءل "ما هو المطلوب من الشعب الفلسطيني؟ ما الذي بقي على هذه الحكومة ولم تفعله ضد الشعب الفلسطيني، وبالمقابل إلى متى سننتظر وسنصبر على هذه الحكومة وجرائمها أو نعطي فرصة لعملية سلام؟" .. مضيفا "عندما نحرق في بيوتنا كعائلة دوابشة أو نحرق ونحن أحياء كما حدث مع الشهيد محمد أبوخضير أو تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك، أعتقد أنه لم يعد شىء يحتمل.. الشعب الفلسطيني قرر الدفاع عن نفسه وعن بيوته وأرضه وعن مقدساته وعن مسجده الأقصى المبارك".
وردا على سؤال عن استمرار هذه الهبة الشعبية وإلى أين ستصل، قال أحمد عساف إن هذا يعتمد على الحكومة الإسرائيلية، فإذا ما استمرت جرائم الاحتلال الإسرائيلي سواء قوات جيش الاحتلال أو الشرطة، فإن الشعب الفلسطيني سيواصل دفاعه عن نفسه، وإذا ما استمرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، فإن الشعب لن يوقف نضاله إلا بدحر هذا الاحتلال وإقامة دولته المستقلة.
وأضاف "المعادلة بسيطة.. الموضوع ليس له علاقة بالأرقام.. انتفاضة أولى أو ثانية أو ثالثة.. طالما هذا الاحتلال الإسرائيلي يتواجد على الأراضي الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني سيواصل نضاله حتى دحر الاحتلال، والفرق أنه أحيانا هناك موجات أو تصاعد لمقاومة الشعب الفلسطيني لها علاقة بردود فعل على مستوى الجرائم الإسرائيلية، وبالتالي الاحتلال الإسرائيلي هو يبقى صاحب القرار، فإذا ما انسحبت إسرائيل من الأراضي الفلسطينية وأنهت احتلالها انتهى الموضوع، أما طالما الاحتلال موجودا فالشعب الفلسطيني سيواصل نضاله".
وأوضح عساف أن هذا النضال يأخذ شكلين يسيرين بالتوازي، الأول هو التصدي لإجراءات قوات جيش الاحتلال والمستوطنين في الأراضي الفلسطينية من خلال المقاومة الشعبية التي تتصاعد في كل القرى والمدن الفلسطينية ولجان الحراسة التي تم تشكيلها في كل القرى الفلسطينية، والثاني.. المقاومة السياسية التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن"، والتي تسعى إلى حشد الدعم الدولي واعترافات بالشعب الفلسطيني وحقه على هذه الأرض، وفي نفس الوقت عزل الاحتلال الإسرائيلي وسياسة حكومته.. مشيرا إلى تحقيق إنجازات كبيرة على هذا الصعيد وآخرها كان رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة لأول مرة.
وأكد المتحدث باسم حركة "فتح" أن (أبومازن) خاض معركة كبيرة وانتصر فيها على إسرائيل وعلى حلفائها الذين صوتوا ضد رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة، وهم عددهم قليل (8 دول)، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية التي صوتت ضد رفع العلم.. مؤكدا أن غالبية دول العالم صوتت لصالح رفع العلم الفلسطيني، وهو يعتبر انتصار سياسي كبير لصالح الشعب.
وقال "العالم ضد الاحتلال الإسرائيلي لأنه اقتنع بالسياسة الفلسطينية وبحقنا وهذا التحول الكبير الذي حدث، فالظروف تغيرت والعالم يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ويدعمنا ويدعم حقنا، وفي نفس الوقت يعزل الاحتلال الإسرائيلي، وبدأت خطوات عملية للتأثير على هذا الاحتلال مثل مقاطعة منتجات المستوطنات من قبل الاتحاد الأوروبي والأكاديميين الأمريكيين، والكنائس الأمريكية التي قاطعت الاستثمار في أي شىء له علاقة بالأراضي التي احتلت في عام 67 وبالتالي هذه المعركة التي نخوضها بالتوازي ما بين الميدان والسياسة ستستمر ولن تتوقف إلا بدحر الاحتلال".
وفيما يتعلق باستئناف المفاوضات، قال عساف إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان واضحا فهو رئيس الشعب الفلسطيني، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وأكد موقف الشعب الفلسطيني أثناء خطابه في الأمم المتحدة فيما يتعلق بموضوع المفاوضات، فإذا أوقفت إسرائيل الاستيطان وأفرجت عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى وأقرت بحقوق الشعب الفلسطيني ونفذت كل الاتفاقيات السابقة ضمن سقف زمني محدد وإطار دولي وفق المبادرة الفرنسية، عندها يمكن الحديث عن عملية سلام ذات ذات مغزى، أما أن تبدأ المفاوضات بالصيغة السابقة لم تعد مجدية بمعنى أن هدفنا من المفاوضات إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال "نحن نعتبر المفاوضات وسيلة للوصول إلى هذا الهدف.. إسرائيل تعتبر أن المفاوضات هي هدف بحد ذاته لتحقيق أهدافها المبيتة وهي تعميق الاحتلال من خلال الاستيطان واستمرار التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وبالتالي لن نكرر التجربة السابقة".
وحول مساعي إسرائيل لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، قال أحمد عساف إنه كان حلم لإسرائيل وسعت إليه منذ سنوات طويلة وفشلت، ولكن للأسف هذا الحلم الآن مطبق بأيدي فلسطينية وهي حركة (حماس) التي نفذت انقلابا على الشرعية الوطنية الفلسطينية وتقود قطاع غزة نحو الفصل عن الضفة والقدس.. مضيفا "لن نسمح بتمرير المخطط الإسرائيلي الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال فصل قطاع غزة، وبالتالي الحديث بأن الدولة في قطاع غزة أو ما يسمى بـ"دولة غزة" وهو المخطط الإسرائيلي الذي تسعى إليه دائما، وهو فكرة لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي جوييرا آيلاند، حيث تحدث عن دولة غزة وهو صاحب هذا المشروع المشبوه الذي تعاطت معه حركة (حماس)".
وأضاف أن إسرائيل بدأت بهذه الفكرة عندما نفذ شارون انسحابا أحادي الجانب، وللأسف تلقفتها بعض الأطراف الفلسطينية، ومنها حركة (حماس)، حيث سعت لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.
ويختم عساف حديثه بالتأكيد أنه لا دولة فلسطينية في قطاع غزة، ولا دولة فلسطينية بدون قطاع غزة، سواء شاءت دولة الاحتلال الإسرائيلي أو (حماس) أم لا فهذا قرار الشعب الفلسطيني، ولن نسمح لأحد بتصفية القضية الفلسطينية وإضاعة كل هذه التضحيات من أجل تحقيق أهداف حزبية.