من مذكرات العريف حاييم نجار سائق الدبابة فى الكتيبة 106: كان أقسى يوم سبت مر علينا - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 11:03 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من مذكرات العريف حاييم نجار سائق الدبابة فى الكتيبة 106: كان أقسى يوم سبت مر علينا

ترجمة: محمد حامد
نشر في: الأربعاء 7 أكتوبر 2015 - 11:06 ص | آخر تحديث: الأربعاء 7 أكتوبر 2015 - 2:18 م

كان الوقت متأخرا، واعتقدنا أننا سنخلد للنوم. لم ندرك بعد أننا فى الحرب. بدأنا فى التحرك على ظهر الدبابات. سار فى مقدمة الكتيبة رجال الاستطلاع بقيادة أرنون الذى قاتل فى حرب يونيو فى إطار الكتيبة.. تحركنا لمسافة 500 كم على ظهر الدبابات حتى الطاسة، ومن هناك ذهبنا لتلقى التعليمات وقفت الدبابات فى طابور. كنا مازلنا نعتقد أننا فى تدريب فى قاعدة تساليم، والمعلم يصيح على فى الطريق يا ناجار انطلق انطلق... أريد أن أتوقف عن الحرب. انتهت حرب يونيو فى ستة أيام، وهذه المرة ستنتهى الحرب فى ثلاثة أيام.

عندما وصلنا إلى الطاسة ذهب قائدنا لتلقى التعليمات. نزلت أنا وعميرام من دباباتنا وتعانقنا بينما كانت طائرتان تحلقان فوقنا. قلت لعميرام ها هو سلاح الجو. لم نفلح فى التحرك عندما أطلقت الطائرات صواريخ فى اتجاهنا. طرنا فى اتجاه الدبابات ودخلنا وأغلقنا المقصورة. أدركت عندئذ أننى لست فى قاعدة بتساليم.

دبابة السنتريون خفيفة تجرى فى المنحدرات. وفى موازتها دبابات الكتيبة 106 تتحرك لمواجهة العدو المصرى. كنا فى قمة الانفعال. الانفجارات تتردد من حولنا. لم نفلح فى إطلاق قذيفة واحدة إذ حدث انفجار ضخم فى داخل الدبابة التى طارت فى الهواء بوزنها الذى يبلغ 50 طنا. امتلأت الدبابة بالدخان وساد الصمت. صرخ قائد الدبابة: النيران فى داخل الدبابة. ورغم خبرتى المتواضعة بالدبابات أمسكت بمقبض المطفأة وأدت الطفايات دورها، لكن فى ذلك الوقت انطفأ المحرك وكنا فى منحدر أمامى. طلب منى قائد الدبابة أن أتقدم بسرعة فى المنحدر. حركت الدبابة وتقدمت إلى مكان منخفض. ناديت على إيلى وجادى. ساد صمت. ظننت أن الطاقم قد قتل. التفت للوراء وصدمت. لقد احترقت الدبابة من خلفى.

احترقت بطانية أو معطف. أسرعت بالإمساك بطفاية الحريق وأطفأت النيران. رأيت من خلفى نقطة نور من جانب اليسار. ظننت أننا هالكون فقد بدأت القذائف تحترق. وجهت ما تبقى من سائل المطفأة فى نفس الاتجاه. تشجعت ونظرت لأرى ما الذى يحترق، وعندئذ رأيت المصباح مضاء، بينما جعلنى التوتر أظنه شيئا آخر... خرجت من الدبابة لأستطلع الخسائر. وجدت قائد الدبابة بخير. خرج إيلى وجادى أيضا فتنفست الصعداء. من حولنا كان هناك كثير من الأسلاك الكهربائية بلون اسود. اتضح أنها الأسلاك التى خلفتها صواريخ ساغر. اخترق الصاروخ قمرتى العتاد الأولى والثانية، ودخل إلى أضعف نقطة فى الدبابة بين الهيكل القاعدى وبرج الدبابة، فدخلت النار مباشرة إلى داخل الدبابة. كان قائد الدبابة يرتدى نظارة «الريبان» التى أخذها هدية من صديقته. لم يكن ينقصه سوى عدسة واحدة حتى أرى أمامى موشيه ديان.

فى يوم الجمعة كنا على الهضبة نحتاج إلى المؤن والسلاح والوقود. وعند الظهر جاءت دبابات لتعزيز القوة الموجودة فى التل قبالة قناة السويس.. حل المساء. كنا قد حركنا بالدبابات إلى مواضع متقدمة، وفى الصباح تراجعنا إلى الوراء قليلا ننتظر التطورات. كانت دبابتنا التى أصيبت فى المعركة الأولى قد فقدت بالفعل جزءا من عتادها. وكان مدفع الدبابة يتحرك كيفما اتفق. قرر قائدنا أن ننتقل إلى دبابة أخرى، وطلب من قائد الفصيلة آفى كاتس أن يقترب منه ويتبادلا الدبابات. وفجأة بدأنا نتعرض للقصف. ولحقت أضرار بعلب زيت المحرك، وبدأ الزيت يسيل. أدركنا أن الوضع خطير. وبعد القصف بدأ عدد كبير من الدبابات فى الهجوم علينا.. كانت دبابات العدو قريبة منا، وكنا دون ذخيرة.. اما أنا فكنت أصلى أن يعيدونا إلى الخلف للتزود بالسلاح والوقود.

لكن المعجزة لم تحدث. دخلت دبابة يافلونك إلى مدى الدبابات المصرية المهاجمة. صرخ فيه قائدنا عبر اللاسلكى أن يتراجع.. فى تلك اللحظة تلقت دبابة يافلونك قذيفة واصيب يافلونك بجروح خطيرة.. واصل قائدنا إطلاق القذائف، ولكن فى مرحلة معينة أصيبت دبابته، فأمر بالتراجع. تعرقلت إحدى الدبابات، فنزل إليها موتى روتفيلد وأنقذ السائق يوئيل. ولحسن حظ يوئيل سقطت قذيفة على خزان الوقود الأمامى واخترقت مقصورة السائق. أصيب رحيمى وفقد إحدى عينيه. كان ذلك أقسى يوم سبت مر علينا.

اقرأ أيضًا:

إسرائيل تكشف أسرارًا جديدة عن معركة الجزيرة الخضراء

«يوميات الفوضى والرعب»



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك