«الطريق إلى أسطنبول».. كيف يجند داعش المراهقين من أوروبا؟ - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:35 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الطريق إلى أسطنبول».. كيف يجند داعش المراهقين من أوروبا؟

خالد محمود
نشر في: الأربعاء 9 مارس 2016 - 10:30 ص | آخر تحديث: الأربعاء 9 مارس 2016 - 10:30 ص
• أم تبحث عن فلذة كبدها فى رحلة تكشف أسرار التنظيم الإرهابى
• الفيلم صورة سينمائية صادمة لواقع أمهات الضحايا


هذا الفيلم تكمن قوته فى بساطة وطزاجة طرحه سينمائيا لقضية شائكة ومعقدة وصادمة، وهى كيف يتم تجنيد فتيات وشباب اووربا للانضمام إلى تنظيم الدولة الاسلامية داعش فى سوريا ؟

فالمخرج الفرنسى الجزائرى رشيد بوشارب فى فيلمه الجديد «الطريق إلى اسطنبول» الذى عرضته شاشة بانوراما مهرجان برلين السينمائى اراد ان يوصل الرسالة دون رتوش، وهو يلقى بكرة اللهب فى وجوه الجميع، ليطرح عملية انجذاب المراهقين والمراهقات للفكر الداعشى، وكيف يخاطرون بأنفسهم بعد ان يتسلل إلى وجدانهم الإيمان بما يقوم به التنظيم، تاركين عائلاتهم وحياتهم الهادئة إلى مصير مجهول بالحرب بين صفوفهم، ليشكل عبر صورة سينمائية صادمة أمرا بات واقعا عن معاناة من رحل أبناؤهم إلى وطن المتشددين.

بوشارب تعمد أن تكون الأسرة التى تظهر فى الفيلم من خلفية غير إسلامية، فهناك ام عزباء تعيش فى الريف البلجيكى تجسد دورها الممثلة البلجيكية «استريند ويتنال» مع ابنتها ألودى «١٨ عاما» وتقوم بدورها الممثلة «بولين برلينت»، فجأة تنقلب حياتها رأسا على عقب بعد ان اختفت ابنتها، وتكتشف الأم بعد ذلك امرا لم تكن تتخيله على اإاطلاق، ان الابنة ذهبت إلى تركيا برفقة شاب للانضمام إلى داعش بسوريا، بعد ان سهل سمسار ترحيل الشباب للمعسكرات مهمة السفر، وتخوض الأم مغامرة السفر إلى اسطنبول ومنها إلى الحدود السورية حيث استأجرت تاكسى لتبحث عن فلذة كبدها بنفسها فى محاولة شبه يائسة، بعد ان تخلت عنها السلطات رغم الألم وقال لها مسئولون فى بلجيكا انه لأن ابنتها بالغة لا يمكنهم مساعدتها فى إعادتها للوطن، ونرى كيف تواجه اليزابيث خلال الرحلة العديد من الصعوبات خاصة على الحدود السورية التركية، حيث يتم منعها، بعد ان شكك حرس الحدود فى روايتها، فكيف لامرأة فى سنها تريد ان تدخل المنطقة الملتهبة لتأخذ ابنتها وتعود بها ؟! وتبقى الأم فى المنطقة الصحراوية شبه شريدة، لا تملك سوى النظرة اليائسة للسماء، ثم تعود إلى تركيا، وتصر على عدم العودة إلى موطنها دون «ألودى» ويحاول أحد ضباط الأمن ان يساعدها، وفى مشاهد مؤثرة تحاول الأم الاتصال بابنتها، لكن تليفونها فى كل مرة لا يجيب، إلى ان تتلقى رسالة من الابنة تخبرها بموعد اتصال عبر شاشة الكمبيوتر وتظهر الودى على الشاشة، لتدرك الأم انها اصبحت شخصية اخرى، حيث اردت «ألودى» الحجاب، وتجهم وجهها المرهق ونسمع دوى طلقات نار، وتنقطع المكالمة بعد الحاح الأم وسؤالها عن مكان ابنتها بالضبط.

لم يختر المخرج الذى شارك فى كتابة السيناريو مع الجزائرى ياسمينة خضرا والفرنسى اوليفييه لوريل بطلته من أصول أو ثقافة إسلامية أو عربية ليعطى للقضية بعدا اكبر، ويلهب حماس الأمهات فى الغرب الذين وجدوا انفسهم فى نفس الموقف وذهب ابناؤهم إلى داعش بسوريا والعراق، وملأتهم مشاعر اليأس، ليدركوا ان الأمر بجد خطير، وايضا ماذا سيكون شعور الأخريات وقد نجح بالفعل فى ان ينقل البعد البشرى المهم لحالة القلق، وكشف السيناريو الكلاسيكى، المناخ الملتهب والملىء بالمخاطر والفوضى والعنف، عبر رحلة بحث الأم البلجيكية، رغم اننا لم نشاهد الصورة صريحة داخل المعسكرات أو منطقة المعارك، فقط صوت انفجارات مدوية.

المشهد كان بحق مؤثرا للغاية بفضل أداء وتعبيرات الأم أو الممثلة البلجيكية أستريد ويتنال، وهى تنظر لصورة ابنتها التى عاشت معها 18 عاما، وقد تغيرت تماما، احسسنا بضياع ألودى فى عين امها التى تحجرت فيها الدموع، وايضا نظرة

اصرار على ألا تعود سوى معها، وبالفعل اتصل بها الشرطى ليخبرها بأنها موجودة مع المصابين بأحد المستشفيات، وتسير الأم وقد امتلأت الشاشة بصورة قاقة متوترة تتنفس بأنفاس الأم التى ستلاقى الابنة، وكلها شغف بكيف ستجدها، وفى المستشفى نرى الفتاة وعلى وجهها أثار جروح وبلا قدمين، لتصل قمة الأداء والتعبير عبر موسيقى تمزج اليأس بالأمل والأم تنظر بعمق إلى الابنة لتحتضن ما تبقى منها، انها مشاعر الحب غير المشروط من الأم لابنتها.

وقد استغل العمل كل مشاعرها من أجل تعرية وحشية الإرهاب العالمى.

الفيلم ــ الذى امتلأ بلقطات جميلة بشكل مخيف وسيناريو لم يفقد عنصر التشويق – يبدو وكأنه نقطة ضوء تحفز الوعى والبصيرة للوقوف على السبب الذى دفع الآلاف من الشباب الأوروبى ــ معظمهم من النساء – لترك منازلهم للانضمام إلى داعش فى العراق وسوريا، حيث شاهدنا فى مشهد مبكر لإيلودى التى تسجل فيه شريط فيديو صامت على الإنترنت، وذلك بوضع بطاقات عليها جمل غير مرتبه أمام كاميرا شاشة الكمبيوتر ترصد قصة اعتناقها الإسلام ولم يظهر إلى أى طرف تبعث. وفى نهاية القصة نشعر بلمسة غير مكتملة لعدم الخوض فى كيف ولماذا وضعت ألودى نفسها على مسار للموت، حيث كان بالفيلم حد ادنى من الحوار.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك