محسنة توفيق لـ«الشروق»: كلما ابتعدت عن الفن أشعر بالموت - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:12 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حوار امتزج فيه الفن مع السياسة وفتح باب الذكريات..

محسنة توفيق لـ«الشروق»: كلما ابتعدت عن الفن أشعر بالموت

محسنة توفيق
محسنة توفيق
حوار ــ إيناس عبدالله:
نشر في: السبت 9 أبريل 2016 - 10:04 ص | آخر تحديث: السبت 9 أبريل 2016 - 10:04 ص
• الجمهور يحبنى لأننى منه.. أعيش همومه.. وتراودنى أحلامه

• لا أعرف مسك العصا من المنتصف.. وفى الحق صوتى عالٍ ولا أخشى شيئا

• «ليالى الحلمية» حكاية شعب عشته وكنت جزءا منه.. ولم أشترك فى الجزء الجديد لعدم إيمانى بجدواه

• النظام الذى منع «أهل إسكندرية» من العرض لن يسمح بأى عمل ينتقده

• لست ضد الدراما التركية والهجوم عليها حقد رخيص

• حاربونى لأتوقف عن التمثيل لكننى هزمتهم جميعا.. وأقول لمن يحاربنى الآن.. سأعود


تصف وقوفها فوق خشبة المسرح، أو امام كاميرا الفيديو، بأنها حالة مخاض، تشعر فيها بآلام التى تلد والمولود الذى يولد معا، أما السينما فهى عشقها الاول والاخير، وتتفق مع المخرج الراحل يوسف شاهين فى وصفها بأنها «واحدة من مجانين السينما».. للسياسة مساحة كبيرة فى حياتها، لها تاريخها النضالى المعروف، والذى بسببه تم اعتقلها فى عهد الرئيس محمد أنور السادات، قال زملاؤها فى المعتقل انها لم تشعر بخوف للحظة بين جدران الزنزانة، بل كانت تبث فيهم روح الحماس والعزيمة، وكانت تغنى لهم.

الفنانة محسنة توفيق أو «الكنز»، كما وصفها النقاد، صاحبة أجرأ التصريحات، وأشجع المواقف.. والتى تتمتع بوجه مصرى أصيل رغم جذورها التركية، تحدثت محسنة توفيق لـ«الشروق» فى حوار يمتزج فيه الفن مع السياسة ويفتح باب الذكريات.

• توقع كثيرون انك ستكونين أول من يشارك فى الجزء السادس من «ليالى الحلمية» لعشقك لهذا العمل، ولكنك كنت أول المعتذرين فما السبب؟
ــ حينما عرض الجزء الاول من «ليالى الحلمية» عام 1987 شعرت بغيرة، وانا اشاهد هذا العمل الرائع، الذى ينطلق من «الحلمية» هذا المكان الشعبى الوطنى الجميل، بدونى، وانا عاشقة للأحياء الشعبية، انا ابنة «الوايلى» بالاساس، وتمنيت ان اكون جزءا من هذه الملحمة الدرامية للمبدع أسامة انور عكاشة، وهو المؤلف الوحيد الذى صنعت الدراما منه نجما كبيرا، وأرى ان «ليالى الحلمية» كانت تتويجا لأعماله السابقة الاكثر من رائعة، وشاءت الظروف ان اشارك معهم فى الجزء الثانى حتى الجزء الخامس الذى عرض فى منتصف التسعينيات، ولكن للأسف كان اضعف الاجزاء قوة، ولم يحقق نفس نجاحات الاجزاء السابقة، بشهادة عدد كبير من النقاد، وعندما سمعت بحكاية الجزء السادس، لم ترق لى الفكرة، لأن «الحلمية» مشروع عكاشة «وبرحيله كتب عليه النهاية، وهو مشروع المخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ صاحب البصمة الاخراجية المتميزة، اضافة إلى اننا نعيش وقتا صعبا، وأى عمل اذا لم يأت على هوى النظام لن يرى النور.


•كيف يأتى العمل على هوى النظام أو لا يأتى؟
ــ للأسف نحن نعيش أسوأ وقت للحريات، والنظام الذى يمنع عرض «أهل اسكندرية» لن يسمح بعمل ينتقده، فلمن لا يعلم هناك مسلسل اسمه «اهل اسكندرية» ممنوع من العرض لأكثر من 3 سنوات، لماذا؟ لأن ابطاله ومؤلفه لهم مواقف سياسية، ومنهم من يعترض على النظام الحالى، ومنهم من لديه انتقادات عديدة لما يحدث فى مصر، ويعلن رأيه صراحة على الملأ، ليعاقب المسلسل بمنعه من العرض، ويقوم بالتعتيم على أخباره تماما، والتعتيم على ابطاله، وتحديدا، لأنهم يعلمون مدى حب الناس لى، وثقتهم أننى مصرية خالصة عاشقة لتراب هذا البلد، ولن يقبل الناس أى كلام يسىء لى.

• ما سر حب الناس لك بهذا الشكل؟
ــ أنا من جموع الشعب «المضروب بالسلك»، ابنة الطبقة المتوسطة أعيش بينهم وتراودنى احلامهم، منذ نعومة أظفارى ولم أكن طفلة عادية مثل كل الاطفال ومن بينهم اخوتى، كنت انتبه دوما لما يحدث بالشارع، وأذكر حينما سمعت عن حادث فتح كوبرى عباس على المتظاهرين من الطلاب، بشعرت بفجيعة شديدة وكان عمرى حينها 9 اعوام، وادركت هول ما حدث وتمنيت لحظتها الا اكبر، ومنذ هذه اللحظة وانا ابذل جهدى الا اكبر، والكبر هنا ليس فى السن ولكن فى التغيير، فكلما مرت اعوام أرى التغيير البشع فى الناس شكلا وخلقا وافكارا، وبقدر ما استطعت حرصت على الاحتفاظ بنقاء افكارى، وحبى للناس لدرجة العشق خاصة «ملح الارض» الكادحين، وهذا يتضح بشدة حينما اشارك فى بطولة أى عمل، وتجديننى بين عمال المسرح، النجارين وعمال الديكور والكهرباء واشعر اننى منهم وهم منى. وكان سبب التحاقى بكلية الزراعة ان اقترب من جموع الفلاحين واعيش بينهم قبل ان يخطفنى التمثيل.

• ولكن فى المقابل كانت علاقتك متوترة بشدة مع كل الأنظمة الحاكمة التى عشت فيها؟
ــ جميعهم بلا استثناء، منذ ايام جمال عبدالناصر حتى هذه اللحظة، وذلك لأننى لا أعرف مسك العصا من المنتصف، ولى موقف وطنى صارم وحاد، ولا أخشى الدخول فى أى معارك للدفاع عن افكارى مهما كانت العواقب، فأنا اتعامل بفطرتى التى فطرنى الله عليها، وحدث حوار بينى وبين نفسى فى هذا الشأن مرة احدة، وقلت لنفسى اذا شعرت بالخوف لا تنطقى، ولكن وجدت اننى سأحترق اذا لم اقل ما بداخلى، فانطلقت، وتعرضت للسجن والاعتقال فى عهد السادات، اما فى عهد مبارك فكان العهد الذهبى لنضالى والمشكلات التى واجهتها، فكان يتم كثيرا ابعادى عن الفن، وهم يعلمون عشقى له، ولا أبالغ اذا قلت اننى كلما ابتعدت عن الفن اشعر بالموت الحقيقى، ولم يعد لى رغبة بالحياة، ولكن يحسب لى اننى لم انحنى لهم، أو بقيت فى منزلى استجابة لرغباتهم، بل كنت احاربهم وأعود وأقف على خشبة المسرح أو امام كاميرا الفيديو والسينما، وأقول لمن يحاربنى الآن ويرفض عودتى للفن سأعود وبقوة.

• هناك من يؤكد أننا فى أسوأ عهود السينما والمسرح والدراما، ما تعليقك؟ وهل تقبلين العودة فى ظل هذا العهد؟
ــ بعد زيارة السادات للقدس، كانت هناك حملة للتشهير بالناس، وكنا نسمع ان الجمهور سيئ والفن مبتذل، والفنانين «زبالة»، ووصف المرحلة الفنية بأنها مرحلة غثة وقبيحة، وكلام يشبه ما يقال حاليا، وفى هذا الوقت قدمت مسرحية «القصة المزدوجة» واستقبل الجمهور العرض استقبالا لم أجد له مثيل، وشعرت أننى أولد على حجر الناس، وهم يتفاعلون مع العرض وقوته ويتحمسون لأحداثه ويصفقون للحوار، خلاصة القول، ان الجمهور عاشق للفن المحترم، وجملة «الجمهور عايز كده» التى تستخدم كمبرر لتقديم بضاعة تالفة، ليست صحيحة بالمرة، ولذا نجد إقبالا كبيرا من الجمهور للأعمال الجيدة التى تذاع جنبا إلى جنب الاعمال الرديئة.

• هل هذا يبرر انصراف الجمهور عن الدراما المصرية فى وقت من الاوقات والبحث عن الدراما التركية والهندية؟
ــ الجمهور لم ينصرف عن الدراما المصرية،ولكنه جمهور متميز، لديه المساحة والرغبة والحب للاطلاع على اشكال اخرى للدراما، وانا احب مشاهدة الدراما التركية والهندية، وان كان تركيزى اكثر على الدراما التركية، فوالدتى تركية، تتحدث التركية، وانفصلت عن أبى وانا فى سن الثالثة من عمرى، وموسيقى اللغة التركية تعيد لى ذكرياتى الجميلة مع امى وتشعرنى بالحنين الدائم لها والنوم بين ذراعيها، فأنا بالمناسبة أكره الدبلجة التى تفصلنى عن العمل، واحب ان اتذوق العمل بطعم اهل بلده، كما ان الدراما التركية جميلة بالفعل، والهجوم عليها حقد رخيص ومبتذل وغيرها من الناس تقدم اعمالا جيدة، وكفى لعب دور الوصى على الجمهور، فالجمهور يختار ما يشاء، ويحب من يشاء، وعلى صناع الفن فى مصر ان يبذوا جهدا لتقديم أعمالا جيدة.

• بهية «العصفور»، وأنيسة «ليالى الحلمية» هاتان الشخصيتان استفاض النقاد فى مديحهما، والتأكيد انهما من احسن ادوارك، ماذا عنك انت؟
ــ فى «العصفور» نحن نتحدث عن سينما يوسف شاهين، الرجل الذى جعلنى اعشق السينما، وهو صاحب تركيبة غاية التناقض، فرغم انه ولد من رحم السينما التجارية، وعينه دوما كانت نحو هوليوود والنجومية والشهرة، ولكن حينما نشاهد النماذج البسيطة فى افلامه نجد احترامه الشديد لهم، وحبه لهم وشعوره انه واحد منهم، ونرى نزعته الثورية واضحة تماما، يوسف شاهين ولد فى ظروف صعبة بعد ان أفلس ابوه، وواجه مشاكل كبيرة فى حياته، هذا التناقض انعكس ايضا فى افلامه، فنجده قد يلجأ كثيرا إلى فنانات يتمتعن بمواصفات شكلية معينة لجذب الجمهور وتحقيق ايرادات، مثلما حدث مع نجلاء فتحى وكانت مقوماتها فى هذا الوقت انها ممثلة «حلوة» ونفس الامر مع نجوى ابراهيم فى فيلم «الارض»، اما فى العصفور، فرغم اننى كنت فى عز شبابى وكنت جميلة بحق بخلاف ما اظهر على الشاشة، الا ان يوسف وضعنى فى دور يفوقنى كثيرا فى المرحلة العمرية، وتعاملت مع الدور على انه فرصة للوقوف، اما كاميرا هذا المخرج الكبير الذى اعشق اعماله، ولكنه فاجأنى اثناء العرض بمدى أهمية دور بهية والذى اعتبره النقاد فيما بعد رمزا للوطنية.

• وفيما يتعلق بـ«أنيسة»؟
ــ لم أستلهم «أنيسة» من شخصية بعينها، ولكن من خلال احساسى بالانسان المصرى البسيط وما بداخله من مشاعر تجاه بلد وجيرانه وأهل منطقته، والعفوية التى يتمتع بها فى تصرفاته، ولا أنكر ان انتمائى للحى الشعبى لعب دور فى ادائى لهذه الشخصية، وفى «ليالى الحلمية» كنا نتحدث عن حكاية شعب عشته، ولم اسمع عنه، بل عشت كل هذه اللحظات والاحداث واصبحت جزءا منى واصبحت جزءا منها.

• متى تعتزلين العمل السياسى، وهل فكرتى فى كتابة مذكراتك قد تساعد من يفكر فى عمل سيرة ذاتية لك على سبيل المثال؟
ــ رغم سنى الا اننى شاركت فى ثورة 25 يناير الثورة الشعبية الحقيقية الاكبر فى تاريخ مصر، وخرجت ضد الإخوان فى 30 يونيو، حب الوطن لا يمكن اعتزاله ابدا، والعمل السياسى يجرى بدمى، اما فيما يتعلق بكتابة المذكرات، فلن يحدث، فأنا اعانى من عيب غريب، حيث اننى ولدت عسراء أى اكتب بيدى الشمال، ولكن لأن أهلى لم يدركوا هذه الحقيقة فأجبرونى على الكتابة باليد اليمنى، فخطى لا يستطيع أحد قراءته حتى انا نفسى، اضافة إلى اننى لابد ان اكون فى حالة ولادة لأخرج ما بداخلى، أى لابد ان يدير احد معى حوارا واشعر انه يحبنى ويريد ان يسمعنى وأبدا الحديث دون توقف، واخيرا انا لا احب السير الذاتية، وأرى اننى اشبه كثيرين غيرى، ولم أفعل المستحيل.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك