خبراء دوليون لـ«الشروق»: سياسات الاقتراض ضد التنمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:16 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماريا فاتوريلى: على مصر أن تسأل نفسها كيف تراكمت ديونها إلى هذا الحد قبل أن تقترض من جديد

خبراء دوليون لـ«الشروق»: سياسات الاقتراض ضد التنمية

البرازيل استغرقت ثلاثين عاما لمعرفة اصل ديونها  - تصوير : روجيه انيس
البرازيل استغرقت ثلاثين عاما لمعرفة اصل ديونها - تصوير : روجيه انيس
كتب ــ محمد جاد:
نشر في: الأحد 9 سبتمبر 2012 - 9:40 ص | آخر تحديث: الأحد 9 سبتمبر 2012 - 9:40 ص

فى توقيت يثار فيه جدل واسع حول إقبال مصر على الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وما يستتبعه من سياسات تقيد الحكومات المقبلة، زار القاهرة ثلاثة خبراء من أوروبا وأمريكا اللاتينية، وهما قارتان لهما خبرة طويلة مع الديون وسياسات خصخصة الخدمات العامة وآثارها على التنمية، لحضور مؤتمر نظمته أمس «الحملة الشعبية لإسقاط ديون مصر».. «الشروق» التقت بالخبراء واستمعت لآرائهم حول تأثير سياسات الاستدانة على اقتصاد ما بعد الثورة، فى بلد يستهلك ربع نفقاته العامة فى سداد فوائد الديون.

 

 

 يعتبر العديد من الخبراء أن التجربة الاقتصادية للرئيس البرازيلى ذى الأصول العمالية، لولا دا سيلفا، نموذجا يحتذى به للدول النامية، حيث نجح فى تحرير بلاده من الارتباط بتوصيات صندوق النقد الدولى عندما سدد ديون بلاده للصندوق عام 2005، لكى يستكمل إطلاق سياساته الاجتماعية متحررا من قيود الصندوق التقشفية، إلا أن نظرة أعمق لتلك التجربة تكشف عن أن تحررها من المديونية الدولية لم تكن أمرا سهلا. فبرنامج دا سيلفا الاجتماعى «بولصا فاميليا» ذائع الصيت، الذى يستفيد منه 50 مليون مواطن، يكلف الدولة سنويا 7 مليار ريال برازيلى، بينما تدفع البرازيل 2 مليار ريال يوميا كمصاريف لديونها العامة، كما تقول الخبيرة المالية ماريا فاتوريلى، «الديون المتراكمة على البلاد تقلص من قدرة الدولة على الإنفاق على الاحتياجات الاجتماعية والتنموية، فهى تمتص 45.05% من الإنفاق العام، الأمر الذى جعلنا فى المركز 84 على مستوى العالم فى التنمية البشرية».

 

 

 

من أين تأتى الديون؟

 

وتعتبر الخبيرة البرازيلية التى تعمل منسقة لحملة مراجعة الديون فى بلادها أن تراكم الديون إلى هذا الحد جاء بشكل غير منصف، حيث كانت نسبة من تلك الديون توجه لمصالح النخب الحاكمة وليس للمصلحة العامة، وهى الديون المسماة بالديون الكريهة، ويطالب ناشطون دوليون بإسقاطها. «النسبة الأكبر من ديوننا فى السبعينيات، لم نتوصل إلى جذورها إلا فى تحقيقات بالبرلمان عامى 2009 و2010، ولا تزال هناك ديون قديمة لم نعثر على الوثائق الخاصة بها» ــ تقول فاتوريلى.

 

ومثلت فوائد القروض المحلية والخارجية فى مصر 25.7% من إجمالى نفقات موازنة عام 2012 ــ 2013، ويعتبر الخبراء أن الانفاق الحكومى موزع بشكل رئيسى بين تكاليف الدعم والأجور الحكومية وأعباء الديون، الأمر الذى يقلل من فرص الإنفاق على التنمية.

 

«المشكلة أن الدول تستدين لسداد دين قديم، وتظل فى هذه الدائرة المفرغة دون أن تسأل ما هو أصل هذا الدين، وهل كان موجها للمصلحة العامة، هذا هو السؤال الذى يجب أن تطرحوه فى مصر قبل أن تفكروا فى أية ديون جديدة» ــ برأى فاتوريلى.

 

وتعتبر الحملة الشعبية لإسقاط ديون مصر، التى نظمت مؤتمرا عن الديون المصرية أمس، أن تجربة الاكوادور فى إسقاط الديون التى تكونت خلال الحقبة الديكتاتورية نموذجا مهما تستطيع مصر الاستفادة منه. وتحكى فاتوريلى، التى شاركت فى معاونة الرئيس الاكوادورى رفاييل كوريا فى إسقاط ديون بلاده، عن تلك التجربة «لقد استمع الرئيس كوريا لفريق من المحامين المحليين والدوليين حول الموقف القانونى لبلاده تجاه ديونها العامة، وانتهى إلى أنه قدم عرضا بأنه لن يدفع أكثر من 30% من تلك الديون، والمفاجأة أن 95% من الدائنين وافقوا على تسوية الدين على هذا النحو».

 

 

 

هل تغير الصندوق؟

 

ويواجه اتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولى بتمويل بقيمة 4.8 مليار دولار، اعتراضات من قطاعات شعبية وتيارات سياسية، خشية فرض الصندوق سياسات تقشفية على مصر فى الوقت الذى يتطلع فيه المصريون إلى مزيد من الرفاه بعد الثورة. بينما تكرر مديرة المؤسسة الدولية، كريستين لا جارد، فى تصريحاتها أن الصندوق غير من رؤيته الاقتصادية وتعلم من الربيع العربى أن النمو الاقتصادى يجب أن يلازمه عدالة فى التوزيع. «الصندوق لم يغير من سياساته فالنصائح التقشفية التى قدمها فى الماضى القريب إلى المكسيك والبرازيل والأرجنتين، هى التى يقدمها الآن إلى ايرلندا ورومانيا واليونان، وفى كل مرة تكون السياسات مضرة بحقوق العمال ويدفع الفقراء ثمن الأزمات الاقتصادية» ــ يقول نك دردين، الخبير بحملة جوبلى البريطانية لمكافحة المديونية فى الدول الفقيرة.

 

ويدافع المؤيدون لقرض الصندوق عنه بأنه ليس فقط أداة تمويلية ولكنه ضمانة لاتباع الحكومة المنتخبة للإصلاحات الاقتصادية التى يقدمها الصندوق فى مجال اعادة هيكلة سياسات الدعم والسياسات الضريبية، والتى يرون انه ليس لها بديل آخر، حتى وإن كان بعضها مؤلمة اجتماعيا. «هذا الطرح ناقشناه فى العديد من الدول على مدار ثلاثين عاما، والواقع أن هناك العديد من البدائل لمساندة الوضع المالى تقوم على تطبيق سياسات إعادة توزيع الثروة بشكل عادل، لقد اتبعت دول مثل الاكوادور وبوليفيا وفنزويلا تلك البدائل وحققت نموا اقتصاديا، كما نجحت فى تخفيض الفقر» ــ برأى دردن.

 

ورغم مساندة الصندوق لتطبيق ضريبة تصاعدية وضريبة على الأرباح الرأسمالية فى مصر بعد الثورة، إلا أن اقتصاديين مصريين اعتبروا أن الزيادة فى الضريبة التصاعدية كانت محدودة، بلغت نسبتها 5%، وساهمت ضغوط من رجال الأعمال فى تعطيل ضريبة الأرباح الرأسمالية.

 

وتشير فاتوريلى إلى أن التوسع فى الضرائب غير المباشرة، كضريبة المبيعات، كان أحد الآليات المفضلة للصندوق لتوفير الايرادات للدولة والتى يتحمل اعباؤها المواطن العادى. «لقد توسعت البرازيل فى تطبيق ضرائب المبيعات خلال فترة التعاون مع صندوق النقد فى الوقت الذى تمتع فيه الأثرياء بحوافز التصدير والإعفاءات الضريبية». ويساند الصندوق فى مصر أيضا تطوير نظام الضرائب على المبيعات المتبع إلى ضريبة القيمة المضافة، التى يتوقع خبراء أن تساهم فى رفع التضخم.

 

 

 

مخاطر خصخصة المشروعات العامة

 

مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إحدى الآليات التمويلية الجديدة، التى اتبعتها العديد من الدول النامية، وتسعى الحكومة المصرية للتوسع فيها خلال الفترة القادمة، كطريقة لتوفير السيولة لإقامة المشروعات العامة بالاعتماد على القطاع الخاص. إلا أن اندرس لوستجارتن، عضو حملة كاونتر بالانس المراقبة لبنك التنمية الأوروبى، يحذر من التوسع فى تلك الآلية، «لقد تسبب هذا النمط من المشروعات فى رفع أسعار الخدمات العامة للمواطنين، والدول التى اعتمدت على تلك المشروعات فى اوروبا كإسبانيا تعانى من أزمات تمويلية، كانت هذه الأداة التمويلية أحد أسبابها».

 

وبالرغم من أن إدخال القطاع الخاص فى مجال إدارة الخدمات العامة وتحرير أسعارها نسبيا، يقدم على أنه أحد أفكار اقتصاد السوق، إلا أن أحد أبرز عيوب تلك التعاقدات أنها ليست مبنية على فكر السوق الحرة، كما يقول لوستجارتن. «القطاع الخاص المستثمر فى تلك المشروعات يشترط ضمان نسبة من الأرباح المستقبلية بغض النظر عن حجم الاستهلاك الذى سيحدث بالفعل، وقدمت المجر نموذجا على فشل تلك المشروعات عندما اشركت القطاع الخاص فى إنشاء طرق، يدفع المواطنون رسوما للمرور منها، بناء على توقعات مستقبلية بارتفاع معدلات استهلاكها. وعندما خابت التوقعات اضطرت الدولة لتأميم تلك الطرق، الأمر الذى زاد من تكاليف هذا المشروع مقارنة بحالة إنشائه من البداية بالاعتماد على الدولة». 

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك