قراءة فى كتاب «المعارك الحربية على الجبهة المصرية»: كل ما تريد معرفته عن «ثغرة الدفرسوار» والخطة «شامل» – (4) - بوابة الشروق
الأربعاء 25 يونيو 2025 5:12 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

قراءة فى كتاب «المعارك الحربية على الجبهة المصرية»: كل ما تريد معرفته عن «ثغرة الدفرسوار» والخطة «شامل» – (4)

جنود إسرائيليون يحفرون الخنادق غرب القناة خوفًا من الهجوم المصري
جنود إسرائيليون يحفرون الخنادق غرب القناة خوفًا من الهجوم المصري
عرض – خالد أبوبكر
نشر في: الخميس 9 أكتوبر 2014 - 11:18 ص | آخر تحديث: الخميس 9 أكتوبر 2014 - 11:47 ص

لم تنجح عملية تطوير الهجوم المصرى نحو المضايق يوم 14 أكتوبر 1973، وهى العملية التى تمت بناء على القرار الذى اتخذه الفريق أول أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة مساء يوم 12 أكتوبر، بناء على أوامر الرئيس أنور السادات بداعى تخفيف الضغط على الجبهة السورية، رغم المعارضة الكاسحة للفريق سعد الشاذلى، رئيس الأركان، وقائد الجيش الثانى اللواء سعد مأمون، وقائد الجيش الثالث، اللواء عبدالمنعم واصل.

وترتب على هذا التطوير ــ الذى لم يكلل بالنجاح ــ أن أصبح لدينا غرب القناة لواء مدرع واحد، بعد دفع الفرقة 21 المدرعة التى كانت تعمل كاحتياطى للجيش الثانى غرب القناة، والفرقة الرابعة (عدا لواء مدرع) التى كانت تقوم بنفس الدور فى قطاع الجيش الثالث، للقيام بالتطوير، فضلا عن اكتشاف العدو للمفصل بين الجيشين الثانى والثالث بعد أن قامت طائرة استطلاع أمريكية بالتصوير الجوى للجبهة، وبعدها أقدم العدو على مغامرة العبور إلى غرب القناة ليلة 15ــ 16 أكتوبر، فيما عرف بـ«ثغرة الدفرسوار».

يصل بنا كتاب «المعارك الحربية على الجبهة المصرية»، لمؤلفه اللواء أركان حرب متقاعد، جمال حماد، والصادر عن دار «الشروق» إلى القضية الإشكالية الثالثة ــ من وجهة نظرنا ــ فى التاريخ العسكرى المصرى المرتبط بحرب أكتوبر، وهى ثغرة اختراق العدو لخطوطنا فى موقع الدفرسوار وعبوره لغرب القناة، بعد الجدل حول تاريخ وضع أول خطة هجومية لتحرير سيناء، تحمل معنى الحرب المحدودة، وبعد الجدل حول عملية تطوير الهجوم فى 14 أكتوبر وهل كان ضرورة عسكرية أم أنه قرار سياسى بامتياز.

وكما كان الفريق سعد الشاذلى طرفا أصيلا فى الإشكاليتين الأوليين نراه طرفا فى إشكالية الثغرة، بالنظر لخلافه العميق مع الرئيس أنور السادات والفريق أول أحمد إسماعيل بشأن تصفيتها، وننوه إلى أننا سنعرض لتفاصيل الخلاف بين السادات والشاذلى فى الحلقة القادمة من عرض هذا الكتاب.

فند حماد بأدق التفاصيل عملية العبور الإسرائيلية إلى الضفة الغربية للقناة، فخصص لها 7 فصول من أصل 14 فصلا، عبر 362 صفحة من أصل 903 هى مجموع صفحات الكتاب، عرض خلالها مراحل تطور هذه العبور الإسرائيلى المضاد، وكيف كانت تفكر فيه القيادة الإسرائيلية، والتوقيتات والأماكن التى كان العدو يفكر فى تنفيذه من خلالها، كما عرض للكيفية التى تعاملت بها القيادة العامة المصرية مع هذا الاختراق الإسرائيلى، ووجهات النظر المصرية المتعددة للقضاء عليه، وتطور أعمال القتال غرب القناة، وفشل شارون فى دخول الإسماعيلية، وفشل الجنرال الإسرائيلى ابرام أدان فى دخول السويس، وتفاصيل الخطة «شامل» التى أعدتها القيادة المصرية لتصفية الثغرة غرب القناة.

لماذا فكر الإسرائيليون فى العبور؟

أجاب اللواء جمال حماد عن هذا السؤال فى كتابه بأنه «بعد المفاجأة الإستراتيجية التى لحقت بالجيش الإسرائيلى على جبهتى سيناء والجولان، مما أدى إلى عجز القيادة الإسرائيلية عن تنفيذ ضربة الإجهاض التى كانت تعتمد عليها لسحق أى هجوم عربى قبل وقوعه، وبعد فشل الهجوم المضاد الرئيسى (يومى 8 و9 أكتوبر) الذى كان أمل إسرائيل معلقا عليه لرد الهجوم المصرى على أعقابه وإعادة الموقف إلى ما كان عليه قبل ظهر يوم 6 أكتوبر كان تصميم القيادة الإسرائيلية يتركز على ضرورة تغيير الوضع الإستراتيجى على الجبهة المصرية تغييرا جذريا، قبل أن يصدر القرار المنتظر مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فى ظل هزيمة منكرة للقوات الإسرائيلية، وفى ذروة انتصار مصرى ساحق واضح للعيان، وهو الأمر الذى لا يمكن أن تقبله إسرائيل ولا يمكن أن يرضى به أحد من أصدقائها المخلصين فى البيت الأبيض فى واشنطن وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكى اليهودى الديانة هنرى كيسنجر».

وأضاف حماد بأن «ما شجع الإسرائيليين على تنفيذ مغامرة العبور لغرب القناة، وهو ذلك النجاح الذى أحرزوه على الجبهة السورية فى مرتفعات الجولان بعد أيام قلائل من بداية الحرب، بإرغامهم القوات السورية على إتمام الانسحاب من الجولان يوم 10 أكتوبر والعودة إلى خط وقف إطلاق النار عام 1967 الذى بدأت منه الهجوم يوم 6 أكتوبر، ثم الهجوم العام الإسرائيلى على عمق سوريا اعتبارا من 11 أكتوبر لتهديد العاصمة السورية دمشق، وذلك كله حفز القيادة الإسرائيلية على ضرورة استعادة الموقف أيضا على الجبهة المصرية فى سيناء».

وكان الدعم الأمريكى الواسع النطاق لإسرائيل من العوامل المهمة التى شجعت قيادتها العسكرية على الإقدام على هذه المغامرة، وبحسب ما روى المؤلف فقد «حصلت إسرائيل من الناحية الواقعية على جسر جوى أمريكى متنكر تحت ستر طائرات الجامبو الإسرائيلية التابعة لشركة العال اعتبارا من يوم 7 أكتوبر، كما أصدر الرئيس الأمريكى نيكسون قرارا بتعويض إسرائيل عن كل خسائرها فى الحرب.

هل فكرة العبور الإسرائيلى فجائية؟

يؤكد حماد فى كتابه على أن فكرة عبور القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة «لم تكن فكرة فجائية طرأت على أذهان المسئولين فى القيادة الإسرائيلية فى أثناء الحرب، بل كانت عنصرا أساسيا فى التخطيط العسكرى الإسرائيلى الذى تم وضعه منذ عام 1967 للدفاع عن سيناء فـى مواجهة أى هجوم مصرى واسع النطاق عبر قناة السويس.

ورغم الضرورة الاستراتيجية الملحة التى كانت تحتم على إسرائيل وجوب عبور قواتها إلى غرب القناة، فإن الجنرال حاييم بارليف الذى كان يتولى القيادة فوجئ بأن الخطة التى عرضها لعبور قواته إلى الغرب قد قوبلت بمعارضة شديدة من بعض الوزراء والقادة العسكريين فى أثناء اجتماع مجلس الحرب الذى رأسته جولدا مائير رئيسة الوزراء مساء يوم الجمعة 12 أكتوبر فى تل أبيب، وكان السبب الأساسى فى معارضة خطة العبور الإسرائيلى إلى الغرب ترجع إلى وجود حشد ضخم من المدرعات المصرية يزيد على 400 دبابة على الضفة الغربية لقناة السويس، وهى عبارة عن فرقتين مدرعتين وفرقتى مشاة ميكانيكيتين الاحتياطى التعبوى للجيشين، مما كان يجعل عملية العبور الإسرائيلى إلى غرب القناة عملية محفوفة بالمخاطر ولا تؤمن عواقبها، وكاد قرار القيادة الإسرائيلية يصدر بتأجيل تنفيذ الخطة إلى توقيت أكثر ملاءمة فى المستقبل، وكاد الجنرال بارليف يجمع أوراقه لينصرف من المجلس بعد أن أصابه الإحباط، لولا ذلك النبأ المثير الذى نقله إلى مجلس الحرب أحد ضباط العمليات والذى قلب كل التقديرات رأسا على عقب، وهو بدء عبور القوات المدرعة المصرية إلى شرق القناة، وعلى ذلك تم الاتفاق على تأجيل تنفيذ عملية العبور الإسرائيلى إلى الغرب إلى أن تقوم القيادة الجنوبية بصد الهجوم المصرى المنتظر.

وكان الأمر الذى جد على الموقف على الجبهة المصرية هو ذلك القرار الخطير الذى أصدره الرئيس الراحل السادات إلى القيادة العسكرية بتطوير الهجوم شرقا صباح يوم 13 أكتوبر لتخفيف الضغط عن سوريا، وقد تم تأجيل الموعد 24 ساعة لكى يجرى الهجوم صباح يوم 14 أكتوبر، ورغم معارضة الفريق سعد الشاذلى رئيس الأركان المصرى وكذا اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثانى واللواء عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث لهذا القرار الذى كان توقيته السليم قد فات، فقد أصر القائد العام الفريق أول أحمد إسماعيل على ضرورة تنفيذه استجابة لقرار القيادة السياسية».

وينوه المؤلف إلى أن «القيادة الإسرائيلية استغلت الموقف الإستراتيجى السيئ الذى غدت عليه القوات المصرية بعد عبور القوات المدرعة إلى الشرق، والتى كانت تمثل الاحتياطى التعبوى للجيشين الثانى والثالث أحسن استغلال لكى تقوم بتنفيذ عملية العبور الإسرائيلى إلى غرب القناة بنجاح تام، وساعدتها الظروف على ذلك بعد فشل عملية تطوير الهجوم المصرى يوم 14 أكتوبر فشلا ذريعا، وبعد أن منيت القوات المدرعة المصرية بخسارة فادحة بلغت حوالى 250 دبابة فى بضع ساعات دون أن تحقق أى هدف، وعجز قائدا الجيشين الثانى والثالث عن شن أى هجوم مضاد رئيسى على القوات الإسرائيلية التى عبرت إلى غرب القناة نتيجة لعبور احتياطيهما التعبوى إلى شرق القناة للقيام بعملية تطوير الهجوم الفاشلة».

العبور الإسرائيلى

يفرد حماد فى كتابه المهم التفاصيل الدقيقة لسير المعارك الحربية المرتبطة بمحاولات العبور الإسرائيلى للضفة الغربية للقناة، والمقاومة المصرية الشرسة، ويعرض لأعمال القتال التى دارت فى هذا السياق سواء غرب أو شرق القناة، والتى نؤكد على صعوبة عرض تفاصيل هذه المعارك التى أوردها المؤلف وفق تسلسلها الزمنى فى هذه المساحة، لكننا ستعرض لملخصات شديدة الإيجاز لها تبعا لهذا التطور الزمنى كما سرده المؤلف، اعتبارا من 15 أكتوبر وهو اليوم التالى لفشل عملية تطوير القوات المصرية لهجومها شرقا حتى وقف إطلاق النيران من الناحية الفعلية اعتبارا من الساعة الحادية عشرة صباح يوم 28 أكتوبر 1973.

وحرى بنا أن نشير إلى أن المؤلف قد قسم هذه الفترة وما تم خلالها من عمليات حربية إلى ثلاث مراحل رئيسية كما يلى: الأولى منها تبدأ من 15 إلى 17 أكتوبر، وتم فيها إتمام حشد القوات الإسرائيلية المكلفة بالعبور غربا فى منطقة الدفرسوار، ثم عبور وحدات محدودة من هذه القوات قناة السويس إلى الغرب فى نفس المنطقة شمال البحيرة المرة الكبرى ليلة 15ــ 16 أكتوبر. وتلا ذلك إعلان جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل أمام الكنيست فى الساعة الرابعة مساء يوم 16 أكتوبر أن «القوات الإسرائيلية تقاتل الآن شرق وغرب القناة».

أمام المرحلة الثانية (من 18 إلى 22 أكتوبر) فتم فيها عبور القوات الإسرائيلية الرئيسية المخصصة للعملية قناة السويس عبر الكبارى التى تم إنشاؤها لهذا الغرض، والقيام بصد هجمات القوات المصرية المضادة وإنشاء رأس كوبرى إسرائيلى غرب القناة فى مساحة محدودة فى بادئ الأمر، ثم فشل قوات شارون فى الوصول إلى مدينة الإسماعيلية، وقيام القوات المصرية بتكبيده خسائر فادحة فى المعدات والرجال، قبل صدور قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النيران اعتبارا من الساعة السادسة والدقيقة الثانية والخمسين يوم 22 أكتوبر 1973.

وبدأت المرحلة الثالثة اعتبارا من 23 إلى 28 أكتوبر، وقامت فيها القوات الإسرائيلية الموجودة غرب القناة بتطوير هجومها تحت ستر وقف إطلاق النيران والاندفاع جنوبا وغربا، ووقعت بعد ذلك معركة السويس التى فشلت فيها القوات الإسرائيلية فى احتلال المدينة، نتيجة المقاومة الباسلة لأبناء المدينة ورجال القوات المسلحة الذين عملوا معهم جنبا إلى جنب لمنع تقدم العدو إلى داخل المدينة، تطور الأمر بعد ذلك بحصار المدينة والفرقتين 7 و19 مشاة من الجيش الثالث الميدانى شرق القناة. وحدث بعد ذلك وقف إطلاق النيران الفعلى قبل ظهر يوم 28 أكتوبر.

الخطة «شامل»

خصص المؤلف الفصل العاشر من الكتاب للحديث عن اجراءات القوات المصرية لحصار وتصفية تصفية الجيب الإسرائيلى غرب القناة، والذى تمثل فى وضع الخطة الهجومية المصرية المعروفة بالاسم الكودى «شامل»التى كان تنفيذها كفيل بسحق القوات الإسرائيلية التى عبرت قناة السويس فى الاتجاه الغربى.

ويؤكد المؤلف أنه «خلال فترة حشد القوات المصرية غرب القناة لاحتواء العدو وتثبيته وفى أثناء وضع الخطة الهجومية لتصفية الجيب الإسرائيلى، وعلى الرغم من سريان قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، قررت القيادة العامة المصرية ألا تسمح للقوات الإسرائيلية غرب القناة بأى فترة هدوء أو راحة وحرمانها من تثبيت دفاعاتها أو تحصينها هندسيا وفى تشديد الخناق عليها فى تعاون وثيق بين جميع القوات المحيطة بها، وقد تطورت الأعمال الدفاعية النشطة لقواتنا إلى الحد الذى جعل البعض يطلقون على هذه المرحلة اسم «حرب الاستنزاف الثانية».

واستعرض حماد أهداف القيادة المصرية فى هذه المرحلة، وقال إن على رأس هذه الأهداف «إحداث أكبر قدر من الخسائر فى قوات العدو وأسلحته ومعداته مع القيام بعمليات إزعاج له على أوسع نطاق ممكن حتى يصبح بقاؤه غرب القناة جحيما لا يحتمل، وإرغام إسرائيل على الاستمرار فى تعبئة قواتها الاحتياطية، مما يرهق اقتصادها القومى ويهدد الحياة العامة بها بالشلل الكامل، وكذلك منع العدو من تحسين وتحصين مواقعه شرق وغرب القناة».

ورصد المؤلف مجموعة من الأرقام المهمة عن هذه المرحلة فقال إنه «تم خلال هذه الفترة حوالى 1500 اشتباك بالنيران، اشتمل على حوالى 439 عملية تم الإعلان عنها، وأسفرت هذه الاشتباكات عن إلحاق الخسائر الآتية بالقوات الإسرائيلية وفقا للبلاغات الرسمية: تدمير 11 طائرة و41 دبابة وعربة مدرعة و10 رشاشات ثقيلة، وتدمير 36 بلدوزر ومعدة هندسية وعربة ركوب، وإصابة ناقلة البترول الإسرائيلية «سيرينا» بعطب جسيم، وإغراق قارب إنزال بحرى، وقتل 187 فردا إسرائيليا وإصابة مئات من الجرحى».

وأشار إلى أنه «عقب زوال الخطورة التى كانت تهدد الوضع العسكرى المصرى غرب القناة، بدأت الإجراءات لوضع الخطة(شامل)، وكان القائد المصرى الذى وقع عليه اختيار القيادة السياسية المصرية لتصفية الجيب الإسرائيلى وتدميره تدميرا تاما هو اللواء أركان حرب سعد مأمون، قائد الجيش الثانى حتى يوم 16 أكتوبر 1973، حيث ترك منصبه لداعى المرض».

وأضاف المؤلف بأنه فى يوم 24 ديسمبر 1973 عرض القائد العام الخطة «شامل» فى صورتها النهائية على الرئيس الراحل السادات باستراحة القناطر الخيرية بحضور رئيس الأركان وقادة الأفرع الرئيسية بالقوات المسلحة واللواء سعد مأمون، وأقر الرئيس الخطة، وأصدر توجيهاته بأن تكون جاهزة للتنفيذ فى أى وقت اعتبارا من نفس اليوم (24.ديسمبر).

خريطة توضح الخطة «شامل» لتصفية الثغرة في غرب القناة

 

أوضاع إسرائيلية سيئة

انتقل بعد ذلك اللواء حماد فى استعراض الموقف العام للقوات المصرية والإسرائيلية يوم 24 ديسمبر، فقال إنه بالنسبة لموقف القوات المصرية كان الوضع كالتالي:

ــ زال التهديد العسكرى الإسرائيلى غرب القناة فى اتجاه القاهرة والدلتا تماما، بعد أن تم حشد التشكيلات المصرية غرب القناة، وأعيد التوازن الإستراتيجى للقوات المصرية شرق القناة وغربها، بينما كان لإسرائيل غرب القناة ثلاث فرق مدرعة كانت القوات المصرية التى خصصت لعملية تصفية الثغرة تتكون من فرقتين مدرعتين (4، و21) وثلاث فرق مشاة ميكانيكية (3 و6 و23) وحدات من الصاعقة والمظلات علاوة على قوات مخصصة من احتياطى القيادة العامة جاهزة للدفع للاشتباك والانضمام إلى قوات تصفية الثغرة بقرار من القائد العام. ويتضح من مقارنة القوات بعضها ببعض أن الموقف كان فى مصلحة القوات المصرية، وأن نسبة التفوق بصفة عامة كانت تبلغ 2:1

ــ قامت القوات المصرية غرب القناة بشن حرب استنزاف ضد القوات الإسرائيلية الموجودة بالثغرة بعد يومين فقط من وقف إطلاق النيران وبلغ مجموع العمليات التى وجهت ضد القوات الإسرائيلية 439 عملية عسكرية، مما كان له تأثير سيئ فى الروح المعنوية لأفرادها، وترتب على الموقف العسكرى السيئ للقوات الإسرائيلية قيام هذه القوات بوقاية مواقعها عن طريق حفر خنادق مضادة للدبابات على معظم المواجهة بعرض من 6إلى 7 أمتار وبعمق 5 أمتار، كما تم لها وضع حوالى 750 ألف لغم للدبابات وللأفراد.

ــ فى الوقت الذى انخفضت فيه الروح المعنوية للقوات الإسرائيلية، كانت الروح المعنوية للقوات المصرية مرتفعة، وكان الشعار الذى يردده القادة أمام جنودهم أنه إذا كانت القوات المصرية قد اقتحمت قناة السويس فى 6 أكتوبر رغم أنها من أصعب الموانع المائية فى العالم وعرضها يزيد على 180مترا، فإن مانع الدبابات الموجود أمام القوات المصرية فى الجيب الإسرائيلى يعتبر مانعا بسيطا يمكن التغلب عليه بسهولة، وكان اللواء سعد مأمون يردد أمام قواته دائما أنه قبل 6 أكتوبر كان لدينا العلم فقط، والآن بعد معارك الحرب أصبح لدينا العلم والخبرة.

ــ كانت القوات المصرية مؤمّنة تماما من خطر الهجوم الجوى الإسرائيلى، فقد كانت داخلة فى نطاق شبكة الدفاع الجوى المصرى بعد أن استعادت هذه الشبكة قدراتها وكفاءتها على الوجه الأكمل، وبقيت رءوس الكبارى المصرية التى أقامها الجيش الثالث شرق القناة صامدة قوية، ولم تفكر مطلقا فى الانسحاب إلى غرب القناة أو التسليم رغم الحصار الإسرائيلى المضروب حولها، ويرجع ذلك إلى ارتفاع الروح المعنوية لأفرادها ولعدم مواجهتها أى مشكلات إدارية رغم انقطاع خطوط مواصلاتها مع غرب القناة نظرا لكفاية حجم المخزون والمكدس فيها من الاحتياجات الإدارية.

واستعرض المؤلف موقف القوات الإسرائيلية فى نفس التاريخ، وكانت كالتالى:

ــ لم تتمكن القوات الإسرائيلية التى عبرت إلى غرب القناة من القضاء على الاحتياطات التعبوية للجيشين الثانى والثالث، ولا على الاحتياطى الإستراتيجى للقيادة العامة، بل تمكنت هذه القوات من حصار القوات الإسرائيلية واحتوائها ومنع انتشارها إلى الغرب.

اضطرت القوات الإسرائيلية غرب القناة إلى اتخاذ الأوضاع الدفاعية، ولم تحاول استخدام ميزة المبادأة مطلقا، فعلاوة على الخندق الصناعى المضاد للدبابات الذى أقامته أمام مواقعها وآلاف الألغام التى وضعتها حولها فى كل مكان، كانت مواسير المدافع الإسرائيلية تتجه دائما إلى أعلى دليلا على عدم استعداد أفرادها للبدء فى إطلاق النار، كما كان من النادر أن يرد هؤلاء الأفراد على النيران المصرية، كان المعتاد أن يردوا بطلقة واحدة على كل عشر طلقات مصرية.

ــ فشلت القوات الإسرائيلية فى أثناء العمليات الحربية غرب القناة فى الاستيلاء على أى من المدن الرئيسية فى القناة، فقد تم صد هجوم الجنرال شارون على الإسماعيلية، كما فشلت قوات الجنرال أدان فى اقتحام السويس رغم تكرار الهجوم عدة مرات.

ــ أصبح الوجود الإسرائيلى غرب القناة مأزقا عسكريا ووضعا خطيرا للقوات الإسرائيلية التى اختل توازن قواتها الإستراتيجى شرق القناة وغربها فإن الجيب الإسرائيلى غرب القناة أصبح منفصلا عن القواعد الرئيسية فى سيناء لا يربطه بها سوى ممر ضيق عرضه حوالى 10 كيلو مترات يمكن قطعه بسهولة بواسطة القوات المصرية التى كانت تحيط به من كل جانب، وأصبحت القوات الإسرائيلية داخل الجيب غرب القناة رهينة لدى القوات المصرية التى تحاصرها.

وينهى حماد هذا الفصل المهم بأنه «لم يكتب للخطة (شامل) التنفيذ العملى، ففى الساعة التاسعة من مساء يوم 17 يناير 1974بتوقيت القاهرة، أذيع اتفاق فصل القوات بين مصر وإسرائيل تحت إشراف الأمم المتحدة، ووضعت هذه الاتفاقية موضع التنفيذ اعتبارا من الساعة الثانية عشرة يوم 25 يناير، وبدأت إسرائيل فى سحب قواتها من المناطق المتفق عليها، وسارت أعمال فصل القوات وفقا للاتفاق وبانتهاء الصراع السياسى فى هذه المرحلة، صدرت أوامر القيادة السياسية بتجميد الخطة شامل».

 

 

جنود إسرائيليون قلقون على مصيرهم في الثغرة



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك