وتحطمت الأسطورة عند الظهر «4»: الجيش الذى يقهر.. المصريون يكتبون نهاية الأسطورة.. وإسرائيل تستغيث - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 6:43 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وتحطمت الأسطورة عند الظهر «4»: الجيش الذى يقهر.. المصريون يكتبون نهاية الأسطورة.. وإسرائيل تستغيث

كتب ــ ياسر محمود:
نشر في: الإثنين 9 أكتوبر 2017 - 10:24 ص | آخر تحديث: الإثنين 9 أكتوبر 2017 - 11:41 ص

• اللواء أبو سعدة يروى قصة الإجهاز على اللواء 190: الجنود كانوا يقفزون من الحفر كالشياطين ويقتنصون الدبابات

• حصاد 12 يومًا من القتال: إسرائيل تفقد 600 دبابة و48 طائرة و90 طائرة سكاى هوك

• تفاصيل أضخم جسر جوى فى التاريخ: 420 رحلة لطائرات ستاليفترس و250 رحلة لطائرات جالاكسى.. والطائرات المدنية تنقل الذخيرة

لم تكن التغييرات التى أجرتها إسرائيل فى قيادتها العسكرية بعد اندلاع حرب أكتوبر، سوى محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعدما تحولت الأوضاع على أرض المعركة إلى كارثة على الجبهتين المصرية والسورية. ويرصد الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين فى كتابه «وتحطمت الأسطورة عند الظهر» ــ الصادر عن دار الشروق عام 1973 ــ التقارير التى تحدثت عن حقيقة الأوضاع داخل جيش الدفاع الإسرائيلى، وأبرز ما نشرته الصحف الأجنبية لمراسليها المتصلين بالدوائر الإسرائيلية (خصوصا الصنداى تايمز، والأوبزيرفر، والصنداى تليجراف والنوفيل أوبزرفاتير) للوقوف على القدر المتيقن مما حدث.

بعد 48 ساعة من نشوب القتال، كان الإسرائيليون يواجهون موقفا صعبا يهدد بكارثة، فقد اقتحم المصريون قناة السويس بقوات ضخمة، واخترقت الدبابات السورية الخطوط الإسرائيلية فى الجولان، واستولت على جبل الشيخ، وأحاطت بالقنيطرة، وتساقطت الطائرات الإسرائيلية بنسبة لم يسبق لها مثيل بالنسبة لأى سلاح جو آخر فى العالم، لتنفجر أزمة حادة فى القيادة الإسرائيلية العامة، وفى داخل الحكومة ذاتها حول طريقة إدارة المعركة.

فى تل أبيب، بدأ العسكريون يتهمون السياسيين بعدم تقدير الموقف تقديرا صحيحا، وبالعكس، أخذ الوزراء الذين لم يستشاروا فى الأيام الحاسمة قبل الحرب يتهمون غيرهم بأنهم لم يستخلصوا النتائج الصحيحة من العلامات والنذر التى سبقت القتال.. ونالت المخابرات العامة والمخابرات العسكرية حظها من هذا النقد.

الكارثة الكبرى التى كانت تواجهها إسرائيل، كانت على الجبهة الجنوبية، حيث صار هناك جيشان مصريان متماسكان شرق القناة، وتم الاستيلاء على خط بارليف، وأقيمت رءوس الكبارى القوية التى فشلت كل الجهود لتدميرها، ثم إن هناك مشكلة الخسائر الفادحة، خصوصا فى أعز ما تملك إسرائيل من الطائرات والدبابات وأطقمها البشرية.

• القيادة تنهار
وصل الجنرال إرييل شارون إلى مقر القيادة الجنوبية بعدما تم استدعاؤه من الاحتياط بعد استقالته، لتندلع أزمة فى الجبهة الجنوبية، حيث طلب منه العمل تحت قيادة الجنرال جونين، والذى كان مرءوسه حتى قبل شهرين من اندلاع الحرب، ففى حين كان شارون يرى فى نفسه الخبير الأول بالحرب فى سيناء، كان جونين ــ بحسب شهود عيان ــ قد فقد السيطرة على أعصابه تماما، وكان يصيح باستمرار ويشيع جوا من اليأس بين جنوده، لتنشب بين الرجلين خلافات حادة حول إدارة المعارك، حتى إن شارون قال له ذات مرة: «لقد أوصلتنا إلى موقف جعلنا المصريون فيه نرقص على نغماتهم دون أن نبذل شيئا لتغيير هذه النغمة».

أزمة القيادة الجنوبية المنهارة، بلغت الجنرال ديان، الذى اقترح على رئيس أركانه العازر أن يتبادل شارون وجونين موقعيها، ويتولى شارون القيادة، وهو ما عارضه رئيس الأركان بشدة، بدعوة أن ذلك سيخلق موقفا أكثر تفجرا، ليكون الحل الوسط للتغلب على الأزمة فى استدعاء رئيس الأركان السابق، الجنرال حاييم بارليف ليترأس القيادة الجنوبية، ويعمل الرجلان تحت إمرته.

وعلى الرغم من الاحترام الذى يكنه شارون لقائده الجديد بارليف، فإن خلافا قديما كان يعكر صفو العلاقة بين الرجلين، ففى أثناء حرب الاستنزاف، كان شارون يخطط لإحداث ثغرة فى الجبهة المصرية غرب القناة، من خلال العبور بقواته، وتدمير شبكات الصواريخ المصرية التى عجزت غارات الطيران عن تدميرها، وهى الخطة التى أطلق عليها اسم «غزال»، وهى الخطة التى قال عنها بارليف بعد الحرب، إنها ليست بفكرة شارون، وإنما شاركت فى وضعها الأركان العامة كلها. علاوة على الانتقادات التى وجهها شارون لبارليف وعدد من المسئولين، متهما إياهم بأنهم لم يلتفتوا لوجهة نظره قبل الحرب، حين أنبأهم بأن الصور التى التقطها القمر الصناعى الأمريكى للحشود العربية على الجبهتين، تنذر باندلاع حرب وشيكة.

ومنذ اليوم الثالث للقتال، وشارون يجاهد لتنفيذ الخطة «غزا »، بوصفها الطريقة الوحيدة لإرباك الهجوم المصرى، لينشب خلاف جديد، يحسمه ديان، رافضا منح شارون أكثر من «لواء مظلات» لدعم خطته، ومؤكدا أنه «إذا فشلت تلك الخطة، فلن يبقى لإسرائيل شىء فى سيناء، وسوف تتعرض إسرائيل نفسها للخطر».

• مأساة إسرائيلية
كانت القوات الإسرائيلية قد أنهكت فى مواجهة المشاة المصريين بصواريخهم المضادة للدبابات.. وفى اليوم الثالث أنزل المصريون هزيمة ضخمة بالإسرائيليين أشاعت أكبر قدر من الكآبة فى القيادة الإسرائيلية، فقد وقع اختيار الكولونيل أمنون ريتشيف، قائد القوات المدرعة الأساسية فى سيناء، على اللفتنانت كولونيل عساف ياجورى لكى يقوم بأول هجوم مضاد حقيقى بكتيبة رقم 190 من دبابات بالون الأمريكية، ليخوض معركة انتهت بتدمير اللواء ووقوع عساف فى الأسر، وهى القصة التى ينقلها أحمد بهاء الدين عن اللواء حسن أبو سعدة، قائد الفرقة المصرية التى دمرت اللواء الإسرائيلى.

ويقول أبو سعدة: «كان قادتهم يحاولون الوصول إلى أعماقنا بأى شكل، وكانوا يظنون أنهم يستطيعون أن يفعلوا ذلك كما فعلوا عام 1967... وقد بدأوا محاولتهم الأولى بإرسال اللواء 190 من بئر شوبا على طريق العريش فى اتجاه الفردان... وأخذوا يدفعون مجموعات صغيرة من الدبابات إلى الجناح الأيسر لجس النبض.. كانوا يظنوا أننا نظريون.. وأخذنا نحن نصد هذه الدبابات على أنها الهجوم الرئيسى للعدو.. بعد ذلك أرسلوا قوات صغيرة أخرى لدعم المجموعات المتقدمة.. ومرة أخرى أرسل العدو مجموعة ثانية باتجاه آخر، فأظهرنا له خطة متجاوبة مع هدفه، بمعنى أننا تصرفنا وكأننا نلبى خطته.. فدفع بمجموعة جديدة إلى خلف قواتنا فى مكان جديد.. ثم جاءت معلومات بأن قوات العدو تتجمع على بعد 6 كيلومترات إلى الشمال الشرقى من هذه المنطقة.. وكنت تصورت أين سيكون الهجوم المضاد، وكان فى منطقة الوسط وكنت مستعدا وبدأنا ننصب فخا للعدو».

ويواصل اللواء حسن أبو سعدة روايته: «بعد 10 دقائق بدأ العدو هجومه بسرعة 40 كيلومترا، فأمرت الخط الأول بالنزول إلى المخابئ، وقلت لجنودى: اتركوا اللواء يمر حتى نأخذه بالأحضان... وعندما بدأت الدبابات الإسرائيلية تمر على حفر المشاة المموهة، أخذ الجنود يقفزون من الحفر كالشياطين ويدكون دبابات اللواء 190 فيما كانت دباباتنا وكل وسائلنا المضادة للدبابات تطبق على العدو».

وتشير التقديرات، إلى أن حجم قوات ريتشيف، قائد القوات المدرعة فى سيناء، انخفض بعد هذه المعركة من 250 دبابة إلى 90 دبابة، فلم يهتد أطقم رجال الدبابات الإسرائيلية المجهدون، والذين كانوا فى رعب بالغ أحيانا، إلى وسيلة لمحاربة تكتيكات المشاة المصريين الذين كانوا يزحفون فوق الرمال بصواريخهم وينصبون الكمائن ويطلقون سحابة رهيبة من الصواريخ عندما تظهر الدبابات الإسرائيلية.

وكان المصريون يتقدمون بعنف فيما وصفه ريتشيف بـ«الهجوم الزاحف»، لينقضى أسبوع من القتال، دون أن تتمكن قوات موشيه ديان من إنهاء المعركة فى ستة أيام كما وعد فى أول الحرب.

ويأتى يوم 14 أكتوبر، لتتبدل لغة الحوار الإسرائيلى، فبعد أن كانت بلاغاتهم العسكرية وتعليقات المحللين وتصريحات المسئولين، تؤكد انهم على وشك تدمير الوجود المصرى شرقى القناة، بدأوا يقللون من شأن خط بارليف، ويقولون أنه بعدما استولى عليه المصريون، لن يلبثوا أن يهزموا فى معارك الدبابات المفتوحة، ليضيع ذلك عبثا، فمع أول ضوء فى صباح 14 أكتوبر، تشن المدرعات المصرية هجومها الثانى على طول الجبهة.

ويقول ك. تانر، مراسل وكالة اليونايتدبرس عن هذه المعارك: «إن معارك الدبابات التى تدور رحاها فى الشرق الأوسط الأن قد وصلت وتجاوزت فى بعض الحالات أكبر معارك المصفحات على الإطلاق التى وقعت فى الصحراء وفى ستالينجراد خلال الحرب العالمية الثانية.. إن خبراء الدفاع يبدون دهشتهم إزاء كمية المدرعات التى تم حشدها فى هذه المعارك وخاصة على الجانب المصرى.. ويقول خبراء الدفاع أن استخدام هذا العدد الكبير من المدرعات على جبهات صغيرة نسبيا ومن جانب دول صغيرة نسبيا يعتبر فى الواقع حدثا لم يسبق له مثيل فى التاريخ العسكرى.

• الاستغاثة
بعد 12 يوما من القتال، كانت إسرائيل على وشك الانحدار ــ على حد قول الرئيس السادات ــ فلم يكن قد بقى لها من الذخيرة إلا أقل القليل.. وكانت ترسانتها العسكرية تتآكل وخاصة سلاحى الطيران والمدرعات، علاوة على الخسائر البشرية الفادحة، لتلحظ أمريكا حينها ــ لأول مرة ــ لهجة غير اللهجة التى اعتادت على سماعها من تل أبيب، فقد اختفت لهجة الغرور والتعالى والتأكيد على أنهم قادرون على سحق العرب.

وبحسب المحرر العسكرى لجريدة واشنطن ستار نيوز، جورج شيرمان، فإن «تقديرات المخابرات الأمريكية تشير إلى أن إسرائيل فقدت أكثر من ثلث قوتها الجوية الضاربة، وذلك حتى صباح 13 اكتوبر، وأن خسائرها من الدبابات تتراوح بين 500 و600 دبابة، أى ثلث قواتها المدرعة».

وكان من المعروف أن إسرائيل لم تدخل الحرب بدون سلاح، ولم تكن محرومه منه، حيث أن سياسة أمريكا المعلنة، هى إحداث توازن للقوى فى المنطقة، وهى العبارة التى تترجمها الإدارة الأمريكية بـ«ضرورة أن يكون لدى إسرائيل سلاح يمكنها من مواجهة العرب مجتمعين «بل» تكون متفوقة كذلك عليهم مجتمعين »، لأن منطقهم أن قدرة إسرائيل على تهديد العرب وهزيمتهم هى وحدها التى تمنع العرب من القضاء عليها، لذلك، ومع تساقط الطيران الإسرائيلى أمام شبكات الصواريخ، ومع الدمار الذى لحق بالمدرعات وأطقمها من الأفراد، غيرت إسرائيل رأيها بسرعة بعدما كانت مترددة فى تزويد إسرائيل بالمزيد من السلاح خلال الأيام الأولى من الحرب، وقررت «إنقاذ إسرائيل».

لم تمضى أيام قليلية من استغاثة رئيسة وزراء إسرائيل بالرئيس الأمريكى، حتى كانت إسرائيل تلقت اسطولا كاملا من طائرات الفانتوم (48 طائرة) كانت قد خسرتها فى المعارك، وقالت جريدة واشنطن بوست أنه بدأ شحن ما يتراوح بين 80 و90 طائرة سكاى هوك بطريق البحر، بعد أن خسرت إسرائيل أيضا هذا الرقم تقريبا من نفس النوع من سلاح طيرانها خلال الأسبوع الأول من القتال، وأذاعت وكالة رويترز من لندن أن مطارات أوروبية قد تحولت إلى معسكرات يتدفق عليها مئات الأمريكيين والأوروبيين اليهود من الطيارين والفنيين لنقلهم فورا إلى إسرائيل.

وبحسب سلسلة تحقيقات عن الحرب أجرتها صحيفة الصنداى تليجراف البريطانية، فقد كان أمام الإسرائيليين يومان فقط قبل أن تنفد ذخيرتهم، لولا الجسر الجوى الأمريكى بطائرات جالاكسى الجبارة، حيث تم تجهيز نحو 100 طائرة من تلك الطائرات الضخمة التى تحمل كل منها 100 طن من الذخيرة والدبابات، والأهم من ذلك الأسلحة الإلكترونية الحديثة التى تحكمت فى ساحات القتال.

وكانت طائرات جالاكسى تطير كل 15 دقيقة متجهة إلى مطار اللد، وبحسب مقال نشرة مائير كوهين فى ملحق جريدة هاآرتس الإسرائيلية عن الجسر الجوى الأمريكى فإن «الاسم الذى أطلق على العملية كان (نيكل جراس) وقد استخدمت فيه طائرات النقل الأمريكية الضخمة. إذ قامت طائرات ستاليفترس ــ 141 بنحو 420 رحلة وطائرات جالاكسى بنحو 250 رحلة، ووصل عدد الرحلات اليومية فى أواخر أيام القتال إلى 28 رحلة فى اليوم وكانت أحيانال تتواجد 11 طائرة مرة واحدة فى مطار اللد، وأرسلت أمريكا بعثة من 30 خبيرا للإشراف على عمليات التفريغ والصيانة والتزويد بالوقود».

وفى نفس الوقت – وفقا لجريدة جيروزاليم بوست العبرية – بدأت أمريكا بشحن الأسلحة إلى إسرائيل عن طريق البحر، وقد شوهدت السفينة الإسرائيلية ( بن دان) وهى فى قاعدة نورفولك البحرية محملة بطائرات سكاى هوك وذخائر ودبابات.

وفى الوقت الذى طلبه فيه الرئيس الأمريكى نيكسون من الكونجرس الأمريكى اعتماد مبلغ مليارى دولار لمساعدة إسرائيل بصرف النظر عن الأسلحة التى حصلت عليها، صرح بنحاس سابير، وزير المالية الإسرائيلى، بأن اليهود فى امريكا وعدوا بجمع 750 مليون دولار عن طريق الجباية اليهودية الموحدة، و450 مليون عن طريق السندات والقروض، وطلب من اليهود فى سائر انحاء العالم التبرع بمبلغ 500 مليون دولار أخرى.

• عملية الغزال
فى الوقت الذى بدأ فيه السلاح الأمريكى المتطور يتدفق على إسرائيل، ويصل مباشرة تقريبا إلى خطوط القتال، أعطت القيادة الإسرائيلية الضوء الأخضر لعملية «الغزال»، حيث كان لابد ان يدخل الموضوع عنصر جديد، وكان هذا العنصر ــ فى تقدير أحمد بهاء الدين ــ عنصران: الأول هو الإنقاذ الأمريكى وضمان استمراره، والثانى هو اقتراب موعد لامفر فيه من تدخل العالم لوقف اطلاق النار، وإسرائيل مشهورة ببراعتها فى تنسيق العمل السياسى والعسكرى معا.

وكانت أهداف إسرائيل من فتح ثغيرة بين الجيشين الثانى والثالث، والعبور إلى غرب قناة السويس، أهداف متعددة سواء سياسية أو عسكرية:

أولا: نقل القتال غلى غرب القناة بحركة مفاجئة، تستهدف وضع القيادة المصرية فى موقف مربك بأن تضطر إلى الاختيار بين الوقوع فى الحصار شرق القناة أو أعادة قواتها إلى غرب القناة وهذا هو الحد الأقصى الذى كانت إسرائيل تطمح إليه.

ثانيا: تدمير شبكة الصواريخ الموجودة على الأرض بعد أن عجز الطيران عن تدميرها.. حتى يسترد طيرانها حرية العمل كاملة فوق جو ساحة القتال.

ثالثا: أن نسبق وقف إطلاق النار ولو بنوع من النصر النفسى المحدود الذى يجعلها فيما سوف يتلو وقف اطلاق النار فى موقف أقوى مما أدى إليه القتال فى أكثر من أسبوعين.

وقد فشلت إسرائيل فى تحقيق الهدفين الأولين (العسكريين)، فلم ترتبك القيادة المصرية، ولم تجد نفسها مضطرة للانسحاب إلى غرب القناة، ولم يتم تدمير الجسور المقامة على القناة ولا تقليل حجم القوات الموجودة شرق القناة، ولم تدب الفوضى فى صفوف الجيش المصرى، وهو الأمل الذى كانت تحلم به مثلما حدث فى 1967. ولكنها حققت الهدف الثاث ( السياسي) فى أن يقف اطلاق النار ولها قوة منتشرة فى غرب قناة السويس، عدلت بها وقع الهزيمة الشاملة التى منيت بها.

وكان لإسرائيل هدف رابع لم تحققه فى هجومها، وهو الاستيلاء على إحدى مدن القناة بسبب الدور الإعلامى لمثل هذا الحدث إن وقع، فركزت هجومها على مدينة السويس، وظلت تعلن تكرارها، استولت على المدينة الباسلة، ولكن على الرغم من هجماتها البرية والجوية المتعددة والعنيفة، ظلت السويس صامدة بعدما التحم داخلها الجيش بالدفاع الشعبى، حتى إن العالم لم يصدق أن المدينة لم تسقط، حتى أعلنت ذلك قوات الأمم المتحدة التى وصلت إلى المدينة وأعلنت ذلك على العالم.

• الانتصار ممكن
على الرغم من الوقت القياسى الذى خرج فيه كتاب «وتحطمت الأسطورة عند الظهر»، إذ كان فى الأسواق حتى قبل أن تنتهى أزمة ثغرة الدفرسوار، وإنهاء الوجود الإسرائيلى غرب القناة، إلا أن الكاتب الكبير، أحمد بهاء الدين، والناشر محمد المعلم، راهنا على النصر، وخرجا بكتابهما حتى قبل أن تضع الحرب أوزارها، واثقين من النتيجة النهائية، وهو ما يتضح من الصفحات الأخيرة للكتاب، والتى وضع لها بهاء الدين عنوان «العبرة»، متسائلا: أين كانوا وأين كنا قبل 6 اكتوبر؟؟

ويجيب عن السؤال: إن الحرب لم تنته بعد، ولكن إذا كانت ثقتنا بأنفسنا، وبقواتنا المسلحة قد صعدت، وثقتهم فى أنفسهم ومناعة قواتهم المسلحة قد هبطت، فهذه نتيجة مهمة.

إذا كانت صورتنا فى العالم قد تغيرت إلى الأحسن والهالة التى كانوا يحيطون بها أنفسهم قد شحبت، فهذه نتيجة أخرى.

«كان 6 أكتوبر امتحانا مجيدا عرفنا منه: وعرف العالم، اننا نستطيع أن نهزم الهزيمة.. لا أن نرفضها فقط ونبقى ساكتين.. وعرفنا وعرف العالم أننا وقد هزمنا الهزيمة نستطيع أن ننتصر.. ليس فى ساحات القتال ضد عدو عنصرى توسعى فقط، ولكن أن ننتصر فى كل ساحات التحديات التى يطرحها العصر الحديث على العالم العربى بأكمله».

اقرأ أيضًا:

«وتحطمت الأسطورة عند الظهر».. أحمد بهاء الدين يستجيب لرغبة محمد المعلم ويروى قصة 6 أكتوبر 1973 قبل أن تتوقف المعركة

«وتحطمت الأسطورة عند الظهر».. أحمد بهاء الدين يفنِّد عناصر «الأسطورة الإسرائيلية»: العرب ساعدوا تل أبيب بـ «الجهل» والهروب للغيبيات

«وتحطمت الأسطورة عند الظهر».. أحمد بهاء الدين يجيب عن سؤال «هل لم يعرف الإسرائيليون بالهجوم إلا ساعة إطلاق النار؟»



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك