فتوى من مجلس الدولة بعدم مشروعية جميع الكيانات العمالية المستقلة - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:44 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فتوى من مجلس الدولة بعدم مشروعية جميع الكيانات العمالية المستقلة

أرشيفية - لجنه الخمسين - تصوير لبنى طارق
أرشيفية - لجنه الخمسين - تصوير لبنى طارق
كتب ــ محمد بصل:
نشر في: الجمعة 9 ديسمبر 2016 - 8:42 م | آخر تحديث: الجمعة 9 ديسمبر 2016 - 8:42 م
- «عمومية الفتوى والتشريع»: لا سند دستوريًا أو قانونيًا لإنشاء اللجان والنقابات والاتحادات المستقلة.. والتعدد يضعف الحركة العمالية

- لجنة الخمسين اتفقت على رفض «التعددية القاعدية» بعبارات حاسمة لعبدالفتاح إبراهيم وعبدالعزيز وعبلة عبداللطيف وأبوالغار وسلماوى

- الديمقراطية النقابية لا تعنى تعدد اللجان بالمنشأة الواحدة.. ومصر أوفت بتعهداتها الدولية فى المادة 76 من الدستور
أصدرت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى مجلس الدولة فتوى قانونية مهمة، هى الأولى من نوعها، بعدم مشروعية جميع الكيانات المسماة باللجان العمالية المستقلة أو النقابات العمالية المستقلة أو الاتحادات العمالية المستقلة.

وصدرت الفتوى برئاسة المستشار يحيى دكرورى، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، ردا على كتاب من وزير الإسكان يستفسر بشأن كيفية التعامل مع الطلب المقدم من «اللجنة النقابية المستقلة للعاملين بشركة مياه الشرب بالقاهرة الكبرى» لتوفير مقر لها وإعطائها صورة من القرارات التى تصدر عن الشركة وتمكين ممثليها من حضور اجتماعات مجلس إدارة الشركة.

وأظهرت أوراق طلب الإفتاء أن رئيس الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة أرسل خطابا إلى شركة مياه الشرب بالقاهرة الكبرى يبلغه فيه بأن العاملين بالشركة شكلوا نقابة مستقلة أودعت أوراقها بوزارة القوى العاملة والهجرة عام 2012، وذلك طبقا لاتفاقية العمل الدولية 87 لسنة 1948 بشأن الحريات النقابية وحماية حق التنظيم، وأن هذه الاتفاقية أصبحت جزءا لا يتجزأ من التشريع المصرى بعدما صدقت عليها مصر.

استعرضت الفتوى النصوص التشريعية المنظمة للتعددية النقابية، ومنها المادة 76 من الدستور الحالى التى تنص على أن «إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون. وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم فى رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات ولا يجوز حل مجلس إدارتها إلاّ بحكم قضائى. ولا يجوز إنشاء أى منها بالهيئات النظامية».

وكذلك المادة 2 من الاتفاقية الدولية بشأن الحرية النقابية التى صدقت عليها مصر، وتنص على أنه «للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أى نوع، الحق فى إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق فى الانضمام إلى تلك المنظمات دون ترخيص مسبق».

كما استعرضت الفتوى مواد قانون النقابات العمالية والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التى أقرتها الأمم المتحدة عام 1966 ووقعت عليها مصر فى 1967 ووافق عليها الرئيس الراحل أنور السادات فى أكتوبر 1981 وتنص مادتها 22 على أنه «لكل فرد الحق فى حرية المشاركة مع الآخرين بما فى ذلك حق تشكيل النقابات أو الانضمام إليها لحماية مصالحه. وأنه لا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير تلك المنصوص عليها فى القانون والتى تستوجبها – فى مجتمع ديمقراطي ــ مصالح الأمن الوطنى أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، ولا تحول هذه المادة دون فرض القيود القانونية على أعضاء القوات المسلحة والشرطة فى ممارسة هذا الحق».

الحق يخضع للتنظيم

وبناء على هذه النصوص، قالت الفتوى إن «الدستور كفل الحق فى إنشاء النقابات العمالية على أساس ديمقراطى، وقرر لهذه النقابات العمالية الشخصية الاعتبارية، ومنحها الحرية فى ممارسة نشاطها»، مؤكدة فى الوقت ذاته أن «هذا الحق وتلك الحرية لا يتأبيّان على التنظيم التشريعى، شأن أى حق من الحقوق، متى كان هذا التنظيم دائرا فى الحدود التى تهيئ أفضل السبل لممارستهما».

وأضافت الفتوى أن «المشرع الدستورى حرص على الأخذ بالنظام الديمقراطى فى تنظيم النقابات العمالية، ووضع قيدا على السلطة التشريعية وهى بصدد تنظيم هذا الحق؛ مؤداه الابتعاد عن وضع أية قاعدة تمثل تدخلا فى شئون التنظيمات النقابية، سواء بصورة مباشرة، أو من خلال وكلائها أو أعضائها، لأن الغاية الواضحة من الأخذ بالنظام الديمقراطى هو منع التدخل باتخاذ أى تدابير يُقصد بها الدفاع لإنشاء منظمات عمالية تخضع لهيمنة أصحاب العمل أو منظماتهم أو دعم المنظمات العمالية بالمال أو غيره من الوسائل».

ومع ذلك شددت الفتوى على أن «الأخذ بالنظام الديمقراطى فى إنشاء النقابات لا يمكن أن يسمح بإطلاق يد الأفراد والجماعات فى إنشاء النقابات العمالية دون ضابط، بل يجب أن يكون ذلك وفقا للقواعد الصادرة عن السلطة المختصة فى حدود ما يسمح لها الدستور، وبما يحقق مصلحة الوطن، وهو ما عبرت عنه المادة 76 بأن أحالت إلى القانون وضع ضوابط لممارسة هذا الحق».

آراء قاطعة للجنة الخمسين

ولجأت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى الأعمال التحضيرية للدستور الخاصة بهذه المادة لتوضيح موقف لجنة الخمسين من التعددية النقابية، حيث تحدث عضو اللجنة عبدالفتاح إبراهيم قائلا: «نحن ضد التعددية فى القاعدة، نحن مع الحرية النقابية لكننا ضد التعددية، ولا يمكن إطلاقا قبول التعددية فى المنشآت، فبهذا ممكن وجود 200 نقابة فى جامعة القاهرة و500 نقابة فى الأزهر».

وقال عضو اللجنة محمد عبدالعزيز: «سنجد أكثر الدول دفاعا عن التعددية النقابية فى القاعدة هى أكثر الدول ظلما للعمال، وهدف ذلك هو تفتيت الحركة النقابية العمالية، وهى فكرة لا تخدم العمال، وستؤدى لتعارض فيما بينها فى توقيت الانتخاب وتنظيم الإضرابات، وسيعيق ذلك العمل والإنتاج وبالتالى عواقب خطيرة على الاقتصاد».

وعبرت عضوة اللجنة د. عبلة عبداللطيف عن رأيها قائلة: «لا يجوز إطلاقا أن نتبنى مفهوم التعددية».. وقال عضو اللجنة د.محمد أبوالغار: «يوجد مصنع به 550 عاملا وفيه 7 نقابات عمالية وهذا يتسبب فى فوضى غير معقولة»، بينما أشار المتحدث باسم اللجنة محمد سلماوى إلى أنه «طالما أصررنا على تكوين النقابات على أساس ديمقراطى، فلا بد أن تكون نقابة واحدة، وإذا رأت القاعدة أن إدارة النقابة لا تعبر عنها فبإمكانها أن تغيرها ديمقراطيا، وكل دول العالم بها نقابة عمالية واحدة، والحركة العمالية قوتها فى تكوين نقابة واحدة».

وأكدت الفتوى أن هذه المناقشات توضح أن ما قصده المشرع الدستورى من تبنى النظام الديمقراطى فى تأسيس النقابات «لا يعنى السماح بتأسيس أكثر من لجنة نقابية عمالية فى المنشأة الواحدة».

التعهدات الدولية مطبقة

وذكرت الفتوى أن «قانون النقابات العمالية لا يعترف بتعددية اللجان النقابية العمالية بالمنشأة الواحدة، وجاءت عباراته واضحة بعدم السماح بذلك» مشيرة إلى أن هذا القانون أقام البنيان النقابية على شكل هرمى، وعلى أساس وحدة الحركة النقابية، بحيث يبدأ البنيان الهرمى باللجنة النقابية العمالية بالمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية، ثم النقابة العامة، وصولا إلى الاتحاد العام لنقابات العمال.

واعتبرت الفتوى أنه لا ينال من هذه التفسيرات ما تضمنته الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، مؤكدة أنها تهدف إلى عدم تقويض الحرية النقابية «ويجب تفسير نصوصها فى ضوء هذا المفهوم، دون تعسف فى التفسير بحيث يُتصور السماح بتكوين أكثر من لجنة نقابية عمالية فى المنشأة الواحدة، مما يضعف الحركة النقابية ويفت من عضدها بالمخالفة لهدف الاتفاقية».

وشددت الفتوى على أن «الدولة المصرية أوفت بتعهداتها الدولية، فلم تحظر إنشاء اللجان النقابية، وتركت الحرية فى الانضمام لها والخروج منها، وسمحت لها بالحرية فى ممارسة نشاطها، ومنحتها الشخصية القانونية التى تمكنها من ممارسة هذا النشاط، بنص المادة 76 من الدستور».

وانتهت الفتوى إلى عدم مشروعية مثل هذه الكيانات المسماة بـ«النقابات المستقلة» لافتقارها للأساس القانونى، وعدم أحقيتها فى التمتع بممارسة أية سلطات، أو منحها مزايا وحدات البنيان التعاونى الواردة بقانون النقابات العمالية.

حكم سابق مخالف

يذكر أنه وعلى النقيض من هذه الفتوى، أصدرت محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار أحمد الشاذلى حكما تمهيديا فى 26 يونيو الماضى بإحالة المواد 4 و7 و13 و63 من قانون النقابات العمالية إلى المحكمة الدستورية العليا، استجابة للمحامى خالد على، للفصل فى مدى دستوريتها فيما تضمنته من حرمان العمال تشكيل نقابات مستقلة.

واعتبرت المحكمة فى حيثيات ذلك الحكم أن «الدستور المصرى يعتنق فكرة استقلال النقابات العمالية وقبول فكرة تعددها داخل إطار المهنة الواحدة أو المهن المتماثلة... وأن وضع قيود وإجراءات تحسر النقابات فى بوتقة تنظيم حكومى واحد على رأسه الاتحاد العام لنقابات العمال أمر به شبهة عدم دستورية».

ويعكس التناقض بين حيثيات الفتوى الحديثة والحكم الصادر فى وقت سابق هذا العام قراءات قضائية مختلفة لموقف الدستور الحالى من تعدد التنظيمات النقابية، وتفسير مفهوم التنظيم الديمقراطى للعمل النقابى، وكذلك مدى اتفاق أو تعارض قانون النقابات العمالية الصادر عام 1976 بتعديلاته مع المادة 76 من الدستور، وهى مسائل معروضة على المحكمة الدستورية العليا فى انتظار حسمها.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك