كواليس «تفاهمات سوفيتيل» التى قادت لولادة تأسيسية الدستور المتعثرة - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 7:49 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدگتور وحيد عبدالمجيد يگشف ل«الشروق» تفاصيل 28 اجتماعًا: اجتمعنا لعشرة أيام لترتيب الموعد الأول للأطراف كلها

كواليس «تفاهمات سوفيتيل» التى قادت لولادة تأسيسية الدستور المتعثرة

وحيد عبدالمجيد
وحيد عبدالمجيد
أحمد فتحى
نشر في: الأحد 10 يونيو 2012 - 10:20 ص | آخر تحديث: الأحد 10 يونيو 2012 - 10:20 ص

الدكتور وحيد عبدالمجيد النائب بمجلس الشعب رئيس لجنة الوساطة بين الأحزاب من أجل الوصول للمحطة النهائية للتشكيل هو مهندس غرفة العمليات التى جمعت الأحزاب والقوى السياسية من أجل إنجاز «مهمة شبه مستحيلة» للتوصل لاتفاق بشأن معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فى ظل الاستقطاب السياسى الحاد، كما مثل حلقة الوصل بين الأحزاب، وهو أيضا جامع الأضداد على كلمة سواء، وشاهد عيان على لحظة تاريخية مهمة فى تاريخ الأمة المصرية شهدت ميلاد تشكيل التأسيسية.

 

رحلة التأسيسية التى استغرقت شهرين ونصف الشهر من الاجتماعات سواء داخل مجلس الشعب أو خارجه فيما عرف ب«تفاهمات سوفيتيل» فى إشارة إلى أحد فنادق القاهرة الذى جمع عددا من لقاءات القوى السياسية، يرويها عبدالمجيد فى حواره المطول مع «الشروق»، كاشفا خلال الحوار عن كواليس الاجتماعات وحالات الشد والجذب بين الأحزاب بسبب أزمة عدم الثقة «الفظيعة» بين الأحزاب الإسلامية والليبرالية وجبل الجليد الذى ذاب شيئا فشيئا حين رفعت الأحزاب شعار «مصر أولا» وتنازل كل طرف للآخر، كما تحدث عبدالمجيد عن دور المجلس العسكرى والذى وصفه ب«السلبى» فى اجتماعات تأسيسية الدستور، مضيفا «محدش يقدر يضغط على حد أو حد يلوى ذراع حد، سواء المجلس العسكرى أو مجلس الأمن إن لم يكن هناك رضا وتوافق سياسى».

 

 

متى بدأت التحرك فى لم شمل الأحزاب والقوى السياسية من أجل إتمام تشكيل جمعية الدستور؟

 البداية فى 24 مايو 2012 مع اختيار لجنة المائة الأولى لوضع الدستور والتى تشكلت بطريقة أثارت استياء لدى بعض القطاعات حين لم يحدث توافق وانسحب ربع أعضائها منها، من هنا بدأ التحرك السريع.. وقلت حينها إذا لم يتم إصلاح عيوب اللجنة سأنسحب منها؛ إزاء ذلك شكلت لجنة للحوار والوساطة مع المنسحبين، وكان معى دكتور محمد البلتاجى، ود. معتز بالله عبدالفتاح، ود. نادية مصطفى، ونادر بكار، وحاتم عزام.

 

وجاء الاجتماع الأول للجمعية التأسيسية يوم 28 مارس، ثم صدر حكم القضاء الإدارى ببطلانها يوم 10 أبريل، وعليه فقد تحركنا فى محاولة لتصحيح تشكيل الجمعية، لمعالجة العيوب وواجهتنا صعوبات كثيرة.

 

لماذا فشلت محاولات إصلاح الجمعية التأسيسية لوضع الدستور؟

 اكتشفنا أنه من الصعوبة بمكان تصحيح عيوب الجمعية، وأنه من الأفضل العودة لانتخاب الجمعية من جديد، ووصلنا لهذه النتيجة قبيل الوصول للحكم القضائى..

 

وماذا فعلتم حين صدر الحكم ببطلان جمعية الدستور؟

 حين صدر الحكم، دعوت ومعى عدد من النواب حزب الأكثرية فى مجلس الشعب (الحرية والعدالة) لعدم الطعن على الحكم والبدء فى عمل جدى وحوار مكثف وسريع للاتفاق على معايير موضوعية لتشكيل جمعية توافقية ومتوازنة وتعبر عن فئات المجتمع تعبيرا صحيحا.

 

ما العوائق التى واجهتكم من أجل الوصول لحوار يجمع كل الأحزاب المدنية والإسلامية على طاولة واحدة؟

 أقر بأنه فى بداية الأمر، فإن المشهد السياسى حمل أزمة عدم ثقة حادة وفظيعة بين الأحزاب الإسلامية والليبرالية، واستغرقنا وقتا طويلا امتد لأكثر من 10 أيام لمجرد ترتيب ميعاد يجمع الأطراف كلها، ووقتها عملت مع النائب عن حزب الحضارة حاتم عزام، وساعدنا الدكتور محمد البلتاجى من حزب الحرية والعدالة، ومن المصريين الأحرار دكتور أحمد سعيد والسيد مصطفى خليفة من حزب النور السلفى؛ فى محاولة لإعادة الثقة المفقودة بين هذه الأحزاب.

 

ما هى المحطة الرئيسية الأولى فى رحلة قطار التأسيسية حتى انتهت بالتوافق على معايير التشكيل؟

 ظللنا لأكثر من 10 أيام نسعى إلى تنظيم اجتماع.. وكانت البداية بتنظيم لقاءات بين نواب الأحزاب الممثلة فى البرلمان فى محاولة لاستغلال حالة الود السائدة ولقاءات النواب بعضهم ببعض فى البرلمان بشكل شبه يومى. وجاءت المحطة الأولى والرئيسية فى الاتفاق فى تنظيم اجتماع مصغر بمقر حزب الوفد يوم 17 أبريل، بحضور السيد البدوى رئيس حزب الوفد، والمهندس أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط، ومحمد سامى رئيس حزب الكرامة، والنائب محمد عبدالمنعم الصاوى، ولم نستطع إقناع أحزاب المصرى الديمقراطى الاجتماعى والمصريين الأحرار والحرية والعدالة والنور السلفى بالحضور.

 

وما هى نتائج هذا الاجتماع؟

 وضعنا مشروع قانون لمعايير التأسيسية، حيث كتبنا صياغة أولية للمعايير، وتمثيل البرلمان والهيئات والاتحادات والنقابات والشخصيات العامة والمؤسسات الدينية ( الأزهر والكنيسة) ووضعنا مشروعا أوليا للمعايير.

 

وكيف أقنعتم الأحزاب الإسلامية والليبرالية بالحضور؟

 استثمرنا علاقات النواب الممثلين للأحزاب الإسلامية والليبرالية الطيبة فى البرلمان لمد الجسور بين الأحزاب التى يوجد بينها أزمة عميقة، فعقب وضع المشروع الأولى والذى شارك فى وضعه البدوى وماضى وكانا لهما إسهام مهم فيه، التقينا فى اليوم الثانى (18 أبريل) مع نواب الأحزاب التى لم تحضر اجتماع الوفد، وأطلعناهم على النتائج التى توصلنا إليها، واتفقنا على عقد اجتماع موسع يوم 21 ابريل بأحد فنادق القاهرة على كورنيش النيل بعيدا عن كاميرات الإعلام. وداخل هذا الفندق عقدنا اجتماعات متتالية على مدار 6 أيام فيما سمى ب«تفاهمات سوفيتيل)، لكن فى هذه الأثناء وقعت أزمة، بعد أن طلب رئيس مجلس الشعب من اللجنة التشريعية صياغة مشروع قانون لتأسيسية الدستور، وهو ما أثار انزعاج الأحزاب المدنية، وبدأ حدوث اجتماعات موازية لما سمى بالجبهة الوطنية (15 حزبا) واشتدت أزمة الثقة وبرزت حالة الاستقطاب السياسى بقوة.

 

وكيف تجاوزتم هذه الأزمة؟

 بدأنا اجتماعات سوفيتيل المغلقة من الأحد 22 أبريل حتى الجمعة 27 أبريل بشكل يومى، وكان هذا اليوم (الأحد) هو بداية الاجتماعات الموسعة حيث ضمت هذه الاجتماعات معظم الأحزاب سواء إسلامية أو مدنية أو بعض الشخصيات العامة؛ فحضر الحرية والعدالة والنور والوفد والمصرى الديمقراطى الاجتماعى والمصريين الأحرار والوسط وغد الثورة، وشارك فى بعضها د. عبدالجليل مصطفى من الجمعية الوطنية للتغيير، وسامح عاشور نقيب المحامين.

 

لكن تردد أن اجتماعات سوفيتيل لم تسفر عن شىء ملموس؟

 بالعكس حدث فى هذه الاجتماعات تقدم ملموس فى موضوع معايير التشكيل، وضبط النسب للنقابات والهيئات القضائية والمؤسسات الدينية.

 

وماذا كانت أزمة الاجتماعات الأساسية.. ومن المتسبب فيها؟

 أزمتها الأساسية كانت فى نسبة التصويت على مواد الدستور بعد تشكيل الجمعية، فحزبا المصرى الديمقراطى والمصريين الأحرار أصرا على أنه لن يحدث أى تقدم فى معايير التشكيل وسيكون غير كاف ما لم يتم حسم التصويت بنسبة الثلثين داخل الجمعية كحد أدنى، فيما رفض الحرية والعدالة والنور ذلك، وطالبا بالتصويت بنسبة 50% + 1. وفى يوم 25 ابريل انتهينا عند هذا الخلاف ولم نستطع تجاوزه.

 

وعادت أجواء التوتر تسود من جديد وأزمة عدم الثقة، لكن الأوضاع فى البلاد دفعتنا إلى محاولة مواصلة الاجتماعات، ولاح فى الأفق مبادرة لحل أزمة التصويت، صاحبها أيمن نور رئيس حزب غد الثورة، ملخصها التدرج فى نسب التصويت، على أكثر من مرحلة.. وإذا لم يحدث توافق، فنأتى بالنسبة الأقل.

 

وفى هذه الأثناء طلبت الأحزاب فرصة للتوافق، وفى اليوم التالى الخميس 25 أبريل والجمعة 26 واصلت الأحزاب الاجتماعات لكن فى غياب حزبى المصرى الديمقراطى الاجتماعى والمصريين الأحرار وقالا إنه لا جدوى من الاجتماعات ما لم تتم الموافقة على التصويت بنسبة الثلثين، لكننا استكملنا المعايير، وأسماء الشخصيات التى يوجد عليها توافق.

 

واجتماعاتكم مع المجلس العسكرى بشأن التأسيسية.. متى بدأت؟

 الاجتماع مع المجلس العسكرى بدأ مباشرة فى اليوم التالى من نهاية اجتماعات سوفيتيل، ففى يوم 28 أبريل كان الاجتماع وفيه تم حل الخلاف على نسبة التصويت فتم الاتفاق فى الاجتماع على أن تكون 67% فى المرة الأولى.

 

وما الذى منع توافقكم على المعايير واستكمال تشكيلها؟

 باجتماع المجلس العسكرى قطعنا شوطا كبيرا لا بأس به، وكان المفروض ان نستكمل لكن بدأت أحداث العباسية الثانية وفض الاعتصام بالقوة فانشغلنا بهذه الأحداث وطغت على شىء، ففى هذا الأسبوع لم يحدث جديد.

 

وحين انتهت أحداث العباسية بدأ الحديث عن نية المجلس العسكرى إصدار إعلان دستورى مكمل، فانشغلنا فيه لبعض الوقت حيث اتجه بعض الاحزاب لطرح مشروع إعلان دستورى حتى لا ينفرد العسكرى بإعداد الإعلان.

 

وكان لدينا فترة ضائعة من آخر آبريل حتى أواخر مايو بسبب أحداث العباسية والإعلان الدستورى المكمل، وحين وصلنا لنهاية مايو بدأ التوتر يسود مع قرب انتهاء الانتخابات الرئاسية وعدم وجود التأسيسية.

 

لحل الأزمة قمت بإعداد مشروع وفيه حل وسط بآخر ما انتهى إليه النقاش حول المعايير بشكل يرضى الجميع وعادت النقاشات داخل مجلس الشعب بين النواب الممثلين للأحزاب.

 

وعقدنا الأحد 2 يونيو اجتماعا فى مكتبى. للاتفاق على المشروع فى اتفاق، لكن الخلاف ظل عند نقطة نسب تمثيل الأحزاب.

 

وفى اليوم التالى (الاثنين) عقدت الأحزاب المدنية بمشاركة الكرامة والتجمع والتحالف الشعبى وغد الثورة لمناقشة الخلافات وكيفية حلها.

 

وفى الثلاثاء 4 يونيو طلب المجلس العسكرى لقاء الأحزاب وحدد مهلة 48 ساعة لحل التأسيسية، لذا عقدت الأحزاب اجتماعا يوم الثلاثاء الماضى فى مقر حزب الوفد، وحضرت جميع الأحزاب السياسية بهدف الوصول لاتفاق نهائى.

 

واستمر الاجتماع من مساء الثلاثاء حتى فجر الأربعاء وفيه توصلنا لاتفاق كامل على المعايير ونسب التشكيل، وبقى الخلاف الأساسى على تشكيلة الجمعية وقال المصرى الديمقراطى إن المسألة ليست مضمونة إلا اذا حدث اتفاق على أن يكون نصف أعضاء الجمعية من المنتمين للتيارات الإسلامية والنصف الثانى من المنتمين للتيارات الأخرى، وهو ما رفضه الحرية والعدالة، واستمر الخلاف هل تكون بنسبة 50 للمدنية و50 للإسلامية أم 53 للإسلامية و47 للمدنية.

 

وتوقعنا أن تحسم هذه المسألة فى اجتماع العسكرى ظهر نفس اليوم، وبالفعل وخلال الاجتماع تقدم صفوت عبدالغنى من حزب البناء والتنمية (الجماعة الإسلامية) بمبادرة رائعة حين تنازل عن مقاعد الجماعة للأحزاب غير الإسلامية.

 

ما مجمل الاجتماعات التى عقدتها الأحزاب؟

 انتهى اتفاق الأحزاب بعد شهرين ونصف الشهر من العمل، وبعيدا عن اجتماعات البرلمان التى يصعب حصرها، فإن لقاءات خارج المجلس وداخله شملت 22 اجتماعا أكثر من نصفها حضرها جميع الأحزاب على النحو التالى (داخل المجلس بين نواب الأحزاب نحو 10 اجتماعات، فضلا عن 18 اجتماعا لقيادات الأحزاب الإسلامية والمدنية (12 اجتماعا للأحزاب مجتمعة، و3 اجتماعات للمدنية، و3 اجتماعات لعدد من الاحزاب فى غياب المصرى الديمقراطى والمصريين الأحرار.

 

من هم الوسطاء الذين ساهموا فى مد جسور بين الأحزاب الإسلامية والمدنية؟

 حزبا الوفد وغد الثورة، ساعد وجودهما على إيجاد المساحة التوافقية ولعبا دورا كبيرا فى الحد من أزمة عدم الثقة، كما أن النائب حاتم عزام قام بدور أساسى فى الوساطة. ولعب الوسطاء دورا كبير فى إزالة عدم الثقة التى كانت المشكلة الأساسية فيها بين الحرية والعدالة والمصرى الديمقراطى.

 

من المسئول عن سرعة التوصل للتوافق.. هل الأحزاب الإسلامية أم المدنية؟

 الأزمة يتحملها الأحزاب على الجانبين، وتتمثل فى عدم الثقة الشديدة بينها، وكل طرف يفسر الأمر على أن شيئا ما يدبر ضده فى الخفاء.

 

تردد أنه لولا تدخل المجلس العسكرى ما توصلت الأحزاب لتفاهم حول تأسيسية الدستور؟

 هذا كلام فارغ فالمجلس العسكرى لم يفعل شيئا مفيدا طيلة الفترة الانتقالية وفى جميع الخلافات التى نشبت بين الأحزاب، فإن حلها لم يكن بيد العسكرى بل جاء بتوافق القوى السياسية، والخلاف الرئيسى حول نسب التصويت، فإن مبادرة الحل جاءت من الدكتور أيمن نور، كما أن الاجتماع الأخير ولولا مبادرة صفوت عبدالغنى التى تسجل له فى التاريخ لم يكن الاجتماع قد نجح وكانت التأسيسية ستؤجل لاجتماعات أخرى.

 

فى قضية الدستور محدش يقدر يضغط على حد أو حد يلوى دراع احد، سواء المجلس العسكرى أو مجلس الأمن إن لم يكن هناك رضا وتوافق سياسى، وعليه فإن المجلس العسكرى لم يفعل شيئا.

 

وما هو دور المجلس العسكرى إذن؟

 أستطيع القول بأن دور المجلس كان سلبيا، فكانت بعض اجتماعات المجلس العسكرى تحمل تعطيلا لمسار توافق الأحزاب عبر حضور عدد من الأحزاب ليست لها علاقة بما يدور من حوار حول الجمعية التأسيسية.

 

ما هى النتائج التى خرجت بها من الوساطة بين الأحزاب بشأن التأسيسية ويمكن البناء عليها؟

 هناك تراكمات من عدم الثقة بين الأطراف سواء الإسلامية أو المدنية، وأن بناء أساس سليم للحياة السياسية سوف يستغرق وقتا طويلا وسيحتاج لجهود هائلة وصبر ومثابرة، مع وجود أطراف وأحزاب قادرة على أن تقوم بدور توافقى حين يشتد الاستقطاب.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك