«الشروق» تنشر حكم «العدل الدولية» فى قضية مقاربة لأزمة سد النهضة - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 4:02 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تنشر حكم «العدل الدولية» فى قضية مقاربة لأزمة سد النهضة

سد النهضة الاثيوبى
سد النهضة الاثيوبى
محمد بصل
نشر في: الإثنين 10 يونيو 2013 - 9:02 ص | آخر تحديث: الإثنين 10 يونيو 2013 - 9:02 ص

طوال تاريخها الممتد لثمانية وستين عاما، تصدت محكمة العدل الدولية بلاهاى لنزاعات المياه بين الدول مرتين، الأولى والأبرز كانت فى التسعينيات من القرن الماضى بين المجر وسلوفاكيا على تنفيذ معاهدات سابقة بين الدولتين بشأن إنشاء السدود على نهر الدانوب، ومازالت الأزمة مستمرة حتى الآن بين البلدين رغم صدور حكم المحكمة، أما الثانية فكانت عام 2010 بين الأوروجواى والأرجنتين حول بناء مصانع ورق على نهر الأوروجواى، وانتهت بالتوافق السياسى بين الدولتين.

 

وتتشابه تفاصيل قضية نهر الدانوب مع أزمة بناء سد النهضة فى إثيوبيا على النيل الأزرق، التى يروج البعض الآن فى مصر إلى وجوب التوصل لاتفاق مع إثيوبيا للجوء إلى محكمة العدل الدولية لحل هذه الأزمة، ليس فقط لأن محكمة العدل الدولية هى أعلى درجات السلم القضائى التحكيمى بين الدول، ولكن لأن تراثها القضائى ومبادئها المتوارثة، خاصة فى قضية نهر الدانوب، تؤكد صحة موقف مصر المستند إلى اتفاقيات عديدة وقعتها مع إثيوبيا أو شاركت فيها الدولتان، وتضمنت جميعا تعهدات إثيوبية بعدم بناء سدود على نهر النيل الأزرق، لعدم المساس بحصة دولتى المصب مصر والسودان.

 

ويعود التشابه بين قضيتى الدانوب ونهر النيل، إلى أن هناك اتفاقيات حاكمة بين الدول أطراف الأزمة حول النهرين، وأن دولة تحاول التراجع عن تعهداتها مع الأخرى، حيث شددت المحكمة على وجوب الالتزام بهذه الاتفاقيات بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى.

 

لكن الاختلاف الجوهرى هو أن سبب قضية الدانوب لم يكن محاولة منع بناء سدود، بل كانت رغبة سلوفاكيا فى أن تلتزم المجر بتعهداتها السابقة فى اتفاقية بودابست عام 1977 بالمشاركة فى إنشاء سلسلة سدود «جابتشيكوفو ـ ناجيماروش» على نهر الدانوب بين الدولتين.

 

تعود القصة إلى عام 1977 عندما وقعت المجر وجمهورية تشيكوسلوفاكيا السابقة معاهدة لإنشاء هذه السلسلة من السنود بهدف منع الفيضانات وتسهيل التنقل عبر نهر الدانوب وإيجاد مصدر جديد نظيف للكهرباء، وذلك كمحاولة للاستفادة من نهر الدانوب وترويضه وعدم التضرر منه كما حدث فى الفيضانات العاتية عامى 1945 و1965، بحيث تمتد السدود من مدينة جابتشيكوفو بسلوفاكيا إلى مدينة ناجيماروش المجرية وتحويل مجرى جزء من النهر إلى قناة صناعية مثل البحيرة الصناعية بالقرب من قرية دوناكيليتى المجرية.

 

وفى عام 1981 اتفقت الدولتان المنتميتان للمعسكر الشيوعى الشرقى آنذاك على إبطاء المشروع بسبب مشاكلهما الاقتصادية، غير أنه فى عام 1984 شهدت المجر احتجاجات شعبية ضد إنشاء سلسلة السدود، تزعمتها حركة دائرة الدانوب (دونا كور) بحجة حجب الحكومة الاشتراكية القائمة آنذاك المعلومات عن المواطنين، والادعاء بأن إقامة السد سوف يعرض الاحتياطى الاستراتيجى للمجر من المياه للتناقص، كما سيعرض الأراضى الزراعية لأخطار عديدة.

 

إلا أن حكومة تشيكوسلوفاكيا كانت ماضية قدما فى إنشاء السد من ناحيتها، حيث أنهت أعمال تحويل مياه النهر إلى منطقة قريبة من مدينة براتيسلافا (العاصمة السلوفاكية فيما بعد) وأنجزت الهياكل الأساسية للسد فى مدينة جابتشيكوفو، وتم شق قناة صناعية عام 1992 وانتهت أعمال ملئها بالمياه عام 1996.

 

وفى ظل هذه الأعمال تم تقسيم جمهورية تشيكوسلوفاكيا، وورثت جمهورية سلوفاكيا الوليدة مشاكل السد، ورأت أنه من الضرورى المضى قدما فى الإنشاءات، لكن المجر رفضت وأعلنت أنها ترغب فى إزالة جميع المبانى والمنشآت وعودة النهر إلى حالته الأصلية، وطلبت إلغاء معاهدة 1977، فلم تجد سلوفاكيا بدا من الاتفاق مع المجر على اللجوء لمحكمة العدل الدولية، حيث تداولت المحكمة القضية فى جلسات متعاقبة بين يومى 3 مارس و15 أبريل 1997 بل ونزل أعضاء المحكمة للقيام بمعاينة فعلية على أرض الواقع، لأول مرة فى تاريخ المحكمة، لتصدر فى النهاية حكمها القاضى بأن معاهدة بودابست عام 1977 ملزمة للطرفين دون استثناء، وأنه يجب على المجر أن تشارك سلوفاكيا فى إتمام إنشاءات السد، دون الالتفات للمخاطر البيئية التى أثارتها الحكومة المجرية كسبب لنقض المعاهدة.

 

وأمرت المحكمة باتباع خطة مفادها إنهاء سلوفاكيا عملياتها الإنشائية فى جابتشيكوفو وتغييرها مسار النهر وحفر قناة صناعية أخرى غير التى كان متفقا عليها، وتأجيل الإنشاءات على الجانب المجرى.

 

كما قضت المحكمة أيضا بأن سلوفاكيا أخطأت وخرقت التزاماتها القانونية بأن أنهت مبكرا أعمال نظام التحكم فى تدفق المياه، دون توافق مع المجر، وألزمت كلا من الطرفين بدفع تعويضات للطرف الآخر عن الضرر الناجم عن ممارساتهما، ودعتهما للتفاوض مرة أخرى على أساس معاهدة 1977.

 

يذكر أن جميع الاتفاقيات والمعاهدات التى وقعتها كل مصر مع إثيوبيا والسودان وبريطانيا مع إيطاليا كدولتين مستعمرتين منذ 1902 إلى 1959 تنص على ألا تقل حصة مصر من المياه عن 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وعدم قيام إثيوبيا بأى أعمال إنشائية أو سدود على النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السودان، لعدم التأثير على حصة مصر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك