قد نعرف الكثير عن فوائد الفيتامينات ومظاهر نقصها لكن تظل معلومات كثيرة غائبة تشرح كيف تعمل ومتى يزداد تركيزها ومتى لا تمتص وأين ينتهى بها الحال بعد أداء مهمتها.
ينسحب الأمر على كل العناصر الغذائية التى يتناولها الإنسان فهى لا تتفاعل كعناصر منفردة إنما منها ما يبطل عمل غيره أو يزيد من تأثيره السلبى أو الإيجابى. منها ما يحل محل الآخر أو يلغى وجوده تماما ويمنع امتصاصه. لذا فالصيغة الأفضل هى تلك التى تجمع بين العناصر المساعدة بعضها البعض. منها الصيغة الثنائية التى يلتقى فيها عنصران بفعل وظيفة كل منهما لدعم عمل الجسد فى مصلحة صحة الإنسان وسلامة أعضائه من أبرز تلك الثنائيات فيتامين ب١٢ والفوليات أو حمض الفوليك.
يحمل حمض الفوليك رقم (9) فى سلسلة عائلة فيتامين ب المركز التى تذوب بكاملها فى الماء على اختلاف وتنوع مصادرها. يظل العلم حتى الآن يوالى كشف أسرار ذلك الفيتامين النادر الذى يشارك فى عمليات بالغة الأهمية تتعلق بحياة الإنسان وأسرار نشأته.
< تبدو أهميته فى ذلك الدور الذى يلعبه منذ بدء تكون النطفة فى رحم الأم حيث يدخل فى العمليات الحيوية التى تمارسها الأحماض الأمينية التى تحمل شفرة الحياة «الدى. إن. إيه» و«الآر. إن. إيه». هو لازم لمعاونتها على الانقسام وتكاثر الخلايا وبدء تكوين الجنين ونشأة التكوينات الأولى التى ستتخصص فيما بعد فى صورة أعضاء الجسد المختلفة. هو أيضا عامل لا يجب أن يختفى عند بدء تكوين القناة العصبية التى ستكتمل فيما بعد لتكون الجهاز العصبى المركزى.
نقص حامض الفوليك لدى الجنين ينجم عنه العديد من العيوب الخلقية التى قد يصعب بلا شك علاجها لدى الجنين حال ولادته. التخلف العقلى ومتلازمة داون إحدى الحالات المؤلمة التى تفاجئ الأهل عند الولادة. عيوب الجهاز العصبى المختلفة خاصة ولادة الطفل بشق مفتوح فى نهاية عموده الفقرى. الشفة الأرنبية وعيوب سقف الحلق وأمراض القلب الخلقية وعيوب الكلى الخلقية كلها تداعيات يمكن تفاديها بالحرص على الحصول على القدر الكافى من حمض الفوليك يوميا: 1 مم سواء كان هذا من الطعام أو فى صورة أقراص الأمر الذى يجب أن تحرص عليه السيدة الحامل دون الاعتماد على المصادر الطبيعية الغذائية والتى قد لا يجتمع فيها هذا القدر الفعال على ضآلته ربما لفساده أثناء الطهى.
< يشكل حامض الفوليك وفيتامين ب المركب ثنائيا غذائية فريدا يساهم فى تكوين خلايا الدم الحمراء المسئولة عن وظيفة التنفس الحيوية وتبادل الغازات (الأكسجين وثانى أكسيد الكربون). الأمر الذى معه أيضا يساهمان فى توزيع الحديد بصورة صحية سليمة فى الأنسجة والخلايا لذا فغياب كل من حمض الفوليك أو فيتامين ب12 يتسبب فى ظهور أحد أنواع الأنيميا التى تتميز بكبر حجم الخلايا الذى يقابله نقص فى مادة الهيمجلوبين.
< يتوافر حمض الفوليك فى كل الخضراوات الورقية داكنة الخضرة مثل السبانخ والخبيزة والملوخية أيضا الفاصوليا والقرنبيط والفلفل الرومى والخس.
يوجد أيضا فى أنواع الموالح ومنها البرتقال واليوسفى والنارنح والفراولة ومنتجات الألبان ومشتقاتها إلى جانب الفول والعدس، وفى البقول والمكسرات خاصة البندق. يمكن أيضا الحصول عليه من الحبوب الكاملة كالقمح فى قشوره أو الردة وجنين القمح أيضا الشوفان والشعير.
الكثير من بلاد العالم تدعم الدقيق بحامض الفوليك نظرا لأهميته خاصة للسيدات الحوامل إلى جانب إضافته للعديد من أنواع سيريال الفطور من نوعية الكورن فليكس الأمر الذى يسهل الحصول عليه فى مقادير صحية ملائمة.
< هناك بعض الدراسات الحديثة التى تشير إلى دور يلعبه حمض الفوليك فى الوقاية من بعض أنواع السرطانات مثل سرطان القولون وعنق الرحم.
أيضا هناك دراسات أخرى تشير إلى أهميته فى الوقاية من أمراض شرايين القلب والسكتة الدماغية. لكنها مازالت تحتاج إلى مزيد من الأسانيد العلمية ليمكن الحديث عنها بصورة الحقائق.
< نقص حمض الفوليك نادر الحدوث لحسن الحظ وغالبا ما يترافق مع نقص ب12 فى حالات خاصة كاستئصال جزء من المعدة سواء فى عمليات التخسيس أو نتيجة إصابة سرطانية. أيضا قد يحدث نتيجة نزيف يتبعه ازدياد مبالغ فيه فى إنتاج خلايا الدم الحمراء.
هناك بعض العلاجات الدوائية التى قد تستهدف ما يحتويه الجسم من قدر من حمض الفوليك مثل علاجات الصرع والسرطان لذا يجب الانتباه لتوفيره فى صورة مكمل غذائى (أقراص).
يظل حامض الفوليك الملاك الحارس للحامل وجنينها لذا يجب الاهتمام برصيد الجسم منه فيتم تزويدها به فى صورة أقراص إلى جانب أهميته فى حماية الوليد من التشوهات الخلقية فإنه أيضا يحميه من الأنيميا الخبيثة بالتعاون مع ب12 ولا ينتج أى أذى من ازدياد نسبته فى الجسم حال أنه يذوب فى الماء فتخرجه الكلى إذا ما اكتفى الجسم وبقى ما يزيد على الحاجة.