اللعب حول الخط الأحمر - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:06 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تطور العلاقة بين العدسة والمدرعّة .. مصورو العمليات الخطيرة

اللعب حول الخط الأحمر

الكاميرا ترصد اشتباكات ما بعد الثورة    تصوير: مجدي إبراهيم
الكاميرا ترصد اشتباكات ما بعد الثورة تصوير: مجدي إبراهيم
عبد الرحمن مصطفى
نشر في: الخميس 10 نوفمبر 2011 - 2:05 م | آخر تحديث: الخميس 10 نوفمبر 2011 - 2:05 م

لم تختلف ملامح المدرعة العسكرية فى زمن حرب أكتوبر كثيرا عن ملامحها الحالية، ما اختلف هو مواقعها حين تنطلق التحركات العسكرية وسط شوارع المدينة، وهو ما جعل صورة المدرعة التى التقطها مصور مثل «تونى فارس» فى عام 1973 مختلفة تماما عن صور المدرعات الحالية حيث المظاهرات والاشتباكات، وهو واقع جديد فى عالم التصوير لم يكن موجودا قبل عدة أشهر فقط.

 

فى داخل مبنى جريدة الأهرام اليومية يبدو تونى فارس (82 سنة) متصالحا مع تجربته الثرية فى التصوير الصحفى، إذ يحرص على الحضور مبكرا وسط زملائه الأصغر سنا رغم بلوغه سن المعاش منذ أكثر من 20 سنة، ويروى عن تجربة التصوير فى زمن الحرب قائلا: «كان يتم إخطارنا عبر الجريدة من الشئون المعنوية بالقوات المسلحة عن إقامة مناورة أو عملية عسكرية مرتقبة، وكان علينا الالتزام التام بصحبة مرافقينا وعدم الارتجال أثناء التصوير بعيدا عن أهدافنا». التقط تونى فارس صورا فى زمن حرب أكتوبر 1973 ولمناسبات عسكرية أخرى مثل مفاوضات تسلم مدينة طابا وحرب تحرير الكويت عام 1991، وعلى مدى سنوات كان المجال العسكرى أبرز مجالات التصوير الصحفى لديه، وهو ما جعله يحرص حتى اليوم أثناء شرحه لقواعد العمل مع القوات المسلحة أن يبرز أهمية الالتزام بالقواعد الرقابية على النشر، أما تعليقه على الواقع الجديد الذى أصبحت فيه المدرعات تجول فى شوارع المدينة، فيصفه قائلا: «الدنيا اختلفت تماما.. والسياسة التحريرية للصحف المستقلة أصبحت مختلفة عن الماضي»، لكنه يستدرك أن القواعد المعمول بها فى نشر الصور التى تخص القوات المسلحة ما زال مفعولها ساريا.

 

لم تعد حركة المدرعات والجنود مثلما كانت من قبل، فقد صرج اللواء حسن الروينى ــ عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ــ بأن : مدرعات الجيش تجوب شوارع القاهرة الكبرى ليلا فى سرية تامة لمواجهة الخارجين عن القانون. وهو ما يفرض واقعا جديدا قد يواجه المصور الصحفى. يتذكر عمرو نبيل ــ نائب رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين ــ تغطيته لأحداث السفارة الإسرائيلية فى 9/9 الماضى معلقا: «يبدو الأمر كمعضلة.. الأحداث أحيانا ما تجبر المصور على تصوير مدرعات وتحركات عسكرية داخل المدينة، بل قد تقام مظاهرات أمام منشآت عسكرية». هذه المعضلة صنعت ارتباكا فى الأسابيع الماضية، منها احتجاز إعلاميين وناشطين بسبب قيامهم بالتصوير بجوار منشآت عسكرية، منها على سبيل المثال اعتقال طاقم قناة «أون تى فى» أثناء تغطية تليفزيونية، واعتقال الناشطة سحر ماهر وتحويلها للقضاء العسكرى بسبب التصوير بكاميرا الهاتف المحمول أثناء وقفة احتجاجية أمام مبنى المحكمة العسكرية، ورغم إخلاء سبيل أصحاب هاتين الواقعتين فإن هناك من لايزالون قيد الحبس، هذه المواقف الجديدة تحتم على المصور المحترف نوعا من الذكاء حسبما يصف عمرو نبيل: «من الحمق أن يتسلل أحد المصورين لالتقاط صور لمنشأة عسكرية، لكن وسط حادث مثل التظاهر أمام منشأة عسكرية فإن المصور يقوم بدوره بعيدا عن أى أهداف أخرى، فهو موجود لتغطية حدث وتوثيقه، وأغلب المصورين المحترفين يدركون هذا الفارق بين الواجب المهنى وما يهدد الأمن القومى».

 

أعادت أحداث السفارة الإسرائيلية ثم أحداث ماسبيرو بعدها أهمية الصورة، حين أصبح المصور عينا ترصد الواقعة بكل تفاصيلها وسط اشتباكات بين الشرطة المدنية والشرطة العسكرية من جانب والمتظاهرين من جانب آخر، وهى حالة جديدة فى تعامل العدسات مع الأجواء العسكرية بعيدا عن القواعد التقليدية المعتادة، وفى السياق نفسه تبادل عدد من مستخدمى الإنترنت صورة ضوئية لفاكس منسوب إلى إدارة الشئون المعنوية فى القوات المسلحة تم توجيهه إلى صحيفة مصرية يؤكد ضرورة الحصول على تصريح مسبق قبل النشر فيما يتعلق «بأنشطة القوات المسلحة، أو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأعضائه، أو نشر موضوعات تتصل بالأمن القومى المصرى»، وهو ما ينطبق على الصور أيضا.

 

بعيدا عن هذه التفاصيل فإن الخطر الذى يواجه المصور أحيانا ما يقع لمجرد وجوده فى موقع الحدث، وهو ما تعرض له فادى الصاوى طالب معهد السينما، إذ اعتقل من شارع مجاور للسفارة الإسرائيلية فى يوم 9/9 رغم عدم حيازته آلة تصوير فى هذه الأثناء، ولم تنجح محاولات إقناعه ضباط الشرطة العسكرية بأنه يحمل «كارنيه» لممارسة التصوير، وتعرض للحبس بعدة اتهامات ثم تم إخلاء سبيله بعد الضغط الإعلامى ومساندة زملائه الطلبة.

 

يعلق فادى الصاوى على هذه التجربة قائلا: «المشكلة فى ذلك اليوم أننى لم أعتقل بسبب التصوير، لقد تم القبض على بشكل عشوائى، ولم تكن معى الكاميرا فى تلك اللحظة «. يتذكر فادى أحداث ذلك اليوم جيدا حين كان إلى جواره شاب آخر يدعى ــ ياسر توفيق ــ يهوى التصوير بكاميرا المحمول، اعتقل فى اليوم نفسه ولايزال محتجزا حتى الآن، أما بالنسبة لفادى فهى أول تجربة اعتقال منذ أن احترف التصوير قبل ثلاث سنوات التقط فيها صورا أثناء الاشتباكات مع الأمن فى فترتى ما قبل الثورة وبعدها.

 

تلك الأجواء القلقة تبدو مختلفة عن تجربة جيل «تونى فارس» المخضرم الذى عمل فى صف الجانب العسكرى من أجل فرصة مناسبة للتصوير، رغم المتاعب التى تعرض لها أبناء جيله، وأشهرها استشهاد المصور حسن عبدالقادر من جريدة الجمهورية على جبهة الحرب فى عام 1970 أثناء تغطية صحفية.

 

 ويروى المصور عمرو نبيل ملمحا آخر فى تغطية الاشتباكات العسكرية خارج مصر، إذ قام بتغطية حروب إريتريا وأثيوبيا وحرب العراق، مؤكدا أن قواعد التعامل مع العسكريين فى تلك المواقف تضع المصور فى موقف شبيه بالعاملين فى هيئة الصليب الأحمر كفئة محايدة لها مهمة وليست فى عداء مع أحد. ويعلق قائلا: «حين تجد نفسك ضمن فريق من المصورين داخل حاملة طائرات عسكرية، فهناك قواعد أخرى، منها ألا تعرف مسار الرحلة أو موعد الوصول، أو أن ترسل المواد أحيانا عبر البريد الإلكترونى بواسطة الجهة التى تقيم على أراضيها». فى مثل هذه المهام تكون احتكاكات المصور مع العسكريين بهدف التنسيق، ومن هنا يدرك عمرو نبيل الصعوبة التى مر بها الجيل السابق من مصورى حروب الاستنزاف وأكتوبر نظرا لسرية العمليات آنذاك.

 

اليوم يعيش المصور الثمانينى تونى فارس بقلب مرتاح تجاه القواعد المعمول بها فى التصوير مع الجهات العسكرية بحكم المهنية، أما فادى الصاوى الذى لم يتجاوز العشرين فيقول: « تجربة الاعتقال لن تمنعنى من التصوير مرة أخرى فى أحداث ملتهبة أيا كانت ملابساتها، لأننى جربت أن أعتقل دون سبب واضح.. ربما أتفرغ للتصوير السينمائى فى الفترة المقبلة، لكن لن أضع سقفا لرغبتى فى التصوير». بينما يرى عمرو نبيل ــ نائب رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين ــ أن هناك أمر آخر بدأ يزيد من خطورة التصوير وهو مواقف الناس التى أصبحت أكثر عنفا وجرأة، فى رأيه أنه لم تعد المدرعة هى علامة الإنذار والحذر، هناك أيضا شريحة من الجماهير قد تكون أخطر، ويختم قائلا: «الفيصل فى القيود على المصور الصحفى هو القواعد المهنية التى تحددها المؤسسات، فهى من يعاقب ويقيّم العمل ويؤكد مصداقيته قبل النشر، واليوم قد يكون لنا زملاء من المدونين أو المصورين الهواة يحملون كاميراتهم ويخاطرون، لكنهم فى النهاية غير محاسبين على ما ينتجونه من صور.. لذا فالخط الأحمر هو المهنية».

 

 

أتمنى أن يتحول المحرر العسكرى إلى ناقد ومحلل للمعارك

 

 

على الإنترنت .. تغطيات صحفية بروح المغامرة

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك