تحل اليوم 10 ديسمبر ذكرى ميلاد العالم والفيلسوف والشاعر، والطبيب الفارسي، ابن سينا، الملقب بالشيخ الرئيس والمعلم الثالث وأمير الأطباء.
• نشأته
ولد أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، في قرية «أفشنة» ببلاد فارس، عام 370هـ 980م، لأسرة تهتم بالثقافة والعلم، حيث تلقى تعليمه الأول على يد أبيه، أحد مشايخ الطائفة الإسماعيلية، ثم تتلمذ على يد أشهر العلماء في عصره، كما استفاد الكثير من العارفين الذين كانوا يجتمعون في منزلهم للحديث والمناظرة حول شتى القضايا.
• ابن سينا طبيبًا
حفظ ابن سينا، القرآن الكريم، في العاشرة من عمره، كما حفظ أشهر القصائد العربية، وتعلم على يد أساتذة المنطق والغيبيات البارزين، وحين بلغ الـ16، واصل دراسته بنفسه، وحصل معرفة معمقة في علوم «الطب والشريعة والغيبيات»، وأصبح من أشهر الأطباء بالحي الذي يسكنه، حتى ذاع صيته، فطالبه الأمير نوح بن منصور السمندي، لمعالجته، وقد نجح «ابن سينا» في تطبيبه من مرض عجز أطباء عصره عن تشخيصه ومن ثم علاجه.
• ابن سينا وزيرًا
صار «ابن سينا» وزيرا للأمير شمس الدين البويهي، لكن بعد رحيله ترك «ابن سينا»، همدان، حيث واجه المصاعب التي بلغت ذروتها بأمر اعتقاله، لولا استطاعته الهرب إلى مدينة أصفهان، التي استقر بها مدة 14 عاما، حيث حظي برعاية أميرها علاء الدولة، مما منحه هدوء نسبي ليتابع مؤلفاته.
• نبوغه في الطب
ألف «ابن سينا» كتابه «القانون في الطب»، في عمر الـ20، وهو الكتاب الذي اطلق عليه الغرب «الإنجيل الطبي»، أعقبه بكتاب «الشفاء»، وقد وصلت مؤلفاته إلى ما يقرب من الـ276 مؤلف، لكنها فقدت ولم يتبقى منها سوى 68 كتاب، وقد حارب «ابن سينا» التنجيم وبعض الأفكار الخاطئة السائدة في عصره في بعض نواحي الكيمياء، وخالف معاصريه، وأثبت خطأ إمكانية تحويل بعض الفلزات الرخيصة إلى الذهب والفضة وكان يقول: إن الفلاسفة يخطئون ويصيبون كسائر الناس، وليسوا معصومين عن الخطأ والزلل.
• نبوغه في علم الفلك
بالإضافة إلى نبوغه في الطب، إلا أن ابن سينا، تعمق في علم الفلك، وله في ذلك عدد من المؤلفات القيمة، بالإضافة إلى أبحاثه الهامة في طبقات الأرض «الجيولوجيا»، ودراساته العلمية الجادة بمجال النباتات الطبية، وقد صنف الأدوية في 6 مجموعات، كان لها أثر عظيم وقيمة علمية كبيرة بين علماء الطب والصيدلة، وبلغ عدد الأدوية التي وصفها في كتابه «القانون في الطب»، نحو 760 عقَّارًا التي رتبها أبجديًا.
• بين الإيمان والإلحاد
أثارت شهرة ابن سينا ومكانته العلمية حسد بعض معاصريه وغيرتهم، ووجدوا في نزعته العقلية وآرائه الجديدة في الطب والعلوم والفلسفة مدخلا للطعن عليه واتهامه بالإلحاد والزندقة، ولكنه كان يرد عليهم بقوله: «إيماني بالله لا يتزعزع؛ فلو كنت كافرا فليس ثمة مسلم حقيقي واحد على ظهر الأرض».
• وداعًا ابن سينا
توفى ابن سيناء في أصفهان، بعدما اشتد عليه المرض، حتى أصبح يمرض أسبوعاً ويشفى أسبوعاً أخر، وقد توقف عابن سينا عن تناول الأدوية قائلًا: «إن المدبر الذي في بدىء عجز عن تدبير بدني، فلا تنفعنّ المعالجة»، واغتسل وتاب، وتصدق بما لديه من مال للفقراء، وأعتق غلمانه طلبا للمغفرة، وغادر عالمنا في 21 يونيو 1037م، وهو في عمر الـ58 ودفن في «همدان» بإيران.