تصلب الشرايين.. قراءة جديدة فى كتاب قديم - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:12 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تصلب الشرايين.. قراءة جديدة فى كتاب قديم


نشر في: الجمعة 11 يناير 2019 - 11:11 م | آخر تحديث: الجمعة 11 يناير 2019 - 11:11 م

القلب عضلة فريدة لها قدرة هائلة غير محدودة على العمل فى دأب وانتظام يبدأ فى جوف رحم الأم والإنسان جنينا ولا يتوقف إلا ليعلن للكون خبر انسحابه من الدنيا. تنقبض تلك العضلة وتنبسط لتدفع الدم وتستقبله فى إيقاع ثابت لا يتغير وفقا لقانون يعرف بقانون إما الكل أو لا شىء. بمعنى أن كل خلايا القلب تنقبض فى آن واحد وتنبسط أيضا كلها فى توقيت واحد، وذلك هو سر قدرتها المذهلة التى تضمن للإنسان قدرا من الدم يكفى حاجة كل عضو فيه ليعمل بكفاءة فى منظومة صحة البدن وسلامته.
فى مقابل تلك القدرة الهائلة على دفع الحياة فى الشرايين كان من المحتم أن يتوافر للقلب مدد من الدم حاضر ومتدفق تكفى حاجته من الطاقة بل وله رصيد ضخم يمكن استخدامه وقت الحاجة.. فماذا يحدث لو تصلبت شرايين القلب التاجية؟
تصلب الشرايين (Aiherosderosis) حالة مرضية تفقد فيها الشرايين المهمة كشرايين القلب التاجية، شرايين المخ، والكلى ليونتها نتيجة لتراكم ترسيبات من مواد دهنية أهمها الكولستيرول خاصة النوع الخفيف المعروف بالردىء على جدرانها يتبعه التهاب موضعى يتسبب فى زيادة تراكم الخلايا الالتهابية وبقايا الخلايا الدموية الأخرى والصفائح الدموية والنسيج الليفى.
تراكم كل تلك العناصر يؤدى إلى ضيق فى مجرى تيار الدم وإلى عمليات حيوية أخرى قد تتسبب فى تقلص هذا الشريان واعتلال خلايا بطانته مما يزيد من احتمالات تجلط الدم. تلك العوامل مجتمعة تتسبب فى انفجار وتمزق البطانة الشريانية فيحدث تجلط مفاجئ للدم يؤدى غالبا إلى انسداد مفاجئ فى الشريان مما يعرف بالنوبة القلبية فى حالة الشرايين التاجية قد يؤدى للوفاة.
كان هذا إلى عهد قريب هو السيناريو المقبول لأحداث النوبة القلبية. وإلى عهد قريب أيضا كان العلاج يتحدد وفقا لتلك الوقائع المسلسلة وكانت الوقاية من أمراض تصلب شرايين القلب التاجية تعتمد على الاحتفاظ بمستويات الكولسيترول فى الدم والدهون وسكر الجلوكوز عند قراءات طبيعية إلى جانب ممارسة النشاط البدنى وتناول الأدوية الموسعة للشرايين والمكافحة لهبوط عضلة القلب لدى من ثبت أنه مصاب بقصور فى عمل الشرايين التاجية، أما الآن فإن الثورة التى حققها تقدم آليات التشخيص تشير إلى أن هناك ما يشير إلى أن التهابات البطانة الشريانية يحدث قبل الترسبات الدهنية بل أنه ما يثيرها ويستحثها على هجرة الدم والاستقرار فوق تلك التفاعلات الالتهابية التى تحفل بالعديد من الخلايا البيضاء والحمراء والصفائح الدموية.
قد لا يتصور الإنسان أنه ليس هناك أهمية لتسلسل الأحداث لكن الواقع أن الأمر يختلف تماما عند إعادة النظر فى تلك الاستراتيجيات التى يلجأ إليها أطباء القلب للوقاية التى هى أفضل بالطبع من العلاج.
الوقاية هنا تبدأ من شرايين سليمة تماما لإنسان معرض لخطر أى تلف فى بطانة الشرايين التاجية قد ينشأ من التهابها.
فمتى يكون الإنسان عرضة لذلك؟
ــ تصلب الشرايين التاجية هو أكثر أمراض القلب شيوعا بعد ارتفاع ضغط الدم. الرجال عرضة لتصلب الشرايين بصورة أكبر من المرأة لكن نسبة حدوثه ترتفع لدى السيدات بعد انقطاع الدورة الشهرية كذلك لدى المدخنات ومريضات السكر.
تزداد نسبة حدوثه أيضا مع تقدم العمر حتى إنه يصيب الرجال والنساء على حد سواء فى نسبة لا تقل عن عشرين بالمائة بعد سن السبعين.
ــ يسرى هذا المرض فى عائلات دون غيرها مما يشير إلى أهمية الاستعداد الوراثى لدى أشخاص بعينهم.
ــ ارتفاع ضغط الدم يزيد من احتمالات الإصابة بالجلطة القلبية والسكتة الدماغية أيضا، لذا فالحفاظ على مستوى الضغط فى الشرايين أمر مهم ويقى بالفعل من حدوث الجلطات.
ــ مرض السكر: تزداد الإصابة بأمراض شرايين القلب والمخ وفى سن أصغر نسبيا عند الإصابة بمرض السكر خاصة حينما لا يمكن التحكم فيه. لكن هناك دلائل كثيرة تشير إلى أن دقة التحكم فيه عن طريق النمط الغذائى أو الأدوية يمكن أن تقى الإنسان شر الجلطات.
ــ التدخين: الإيجابى والسلبى منه يعرض الإنسان لخطورة حدوث الجلطة فى القلب والمخ وتزداد خطورته عند السيدات المدخنات ويعانين من مرض السكر فى الوقت ذاته.
ــ ارتفاع نسبة الكولستيرول: هناك علاقة طردية بين ارتفاع نسبة الكولستيرول والإصابة بجلطة الشريان التاجى والمخ.. من الدراسات الشهيرة التى سجلت بوضوح تلك العلاقة دراسة MRFIT التى أجريت على ثلاثمائة ألف رجل ثم دراسة فيرمنجهام الموسعة التى جاءت بذات النتائج.
ــ السمنة: تعد بما يصاحبها من ارتفاع فى ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكولستيرول وانخفاض معدلات الحركة والجهد العضلى.
ــ انخفاض اللياقة البدنية.
ــ ارتفاع نسبة الهوموسيستين وانخفاض مستوى الكولستيرول عالى الكثافة وزيادة نسبة دلالات الالتهاب (CRP) كذلك الضغوط العصبية المستمرة وضغوط العمل التى تفوق احتمال الإنسان.
ــ الحقيقة أن بعض المرضى يعانون من أكثر من عامل واحد يسبب لهم اخطارا حقيقية لذا يجب التنبه للإنذار المبكر. الجهود الوقائية والكشف المبكر عن عوامل الخطر أمر واجب على كل طبيب يعود مريضا لديه دلائل خطر قادم.
النظرة التقليدية كانت تبرئ ساحة الشرايين لمجرد غياب الانسداد على الرغم من شكوى المريض من الألم لكن النظرة الحديثة تعيد النظر فى كل الاحتمالات حتى مع غياب الأعراض فإن تصوير القلب بالصدى الصوتى والمسح الذرى وربما CT Scon واختبارات رسم القلب مع المجهود أمور أصبحت متاحة يمكن بها الحكم على حالة القلب وشرايينه حتى فى حالة غياب الأعراض ووجود عوامل خطر أخرى مثل ارتفاع الضغط أو مرض السكر.
النظرة الحديثة تؤكد أن الوقاية تبدأ بمقاومة حدوث إلتهابات الشرايين وترسبات المواد الدهنية وما يتبعها فى آن واحد وليست التركيز على الترسبات الدهنية وحدها. حماية بطانة الشراييين من أن تنشأ فيها أى تفاعل إلتهابى يكون مقدمة لوقائع متتالية نتيجتها النهائية تصلب الشرايين هو الهدف الأول الآن فى استراتيجيات الطب الوقائى. لذا فقد يدهش المريض إذا ما أضاف طبيبه دواء جديدا للوقاية من تصلب الشرايين لا لعلاجها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك