تحريات الشرطة.. باب للحبس الاحتياطى فى النيابة وسبب للبراءة فى المحكمة - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:46 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحريات الشرطة.. باب للحبس الاحتياطى فى النيابة وسبب للبراءة فى المحكمة

عبدالرحمن بهلول وعادل قورة
عبدالرحمن بهلول وعادل قورة
كتب ــ محمد جمعة:
نشر في: الأربعاء 11 مايو 2016 - 9:27 ص | آخر تحديث: الأربعاء 11 مايو 2016 - 9:27 ص

- أحكام النقض المستقرة لا تقبل الرأى المجرد من الدليل.. والنيابة تكتفى بالتحريات لحبس المتهم قبل الإحالة

- قورة: التحريات هى النواة الأولى للتحقيق.. ويجب التأكد من مصدرها إذا ترتبت عليها إدانة

- بهلول: المحكمة تختص بتقدير جديتها.. ورفعت السيد: الشرطة تستخدم أدوات القرن 18 ويجب اتباع وسائل جديدة لتكون أكثر مصداقية

- ياسر سيد: سيف على رقاب المواطنين وتستخدم للتنكيل بسبب خلافات سياسية أو شخصية

تثير قرارات الحبس الاحتياطى الصادرة بحق المتهمين فى العديد من القضايا بناء على تحريات من المباحث والأمن الوطنى، تساؤلات عن سلامة الأساليب التى تُستخدم فى التحرى والبحث عن الواقعة ومرتكبيها، ومدى صحة الاعتداد بالتحريات دليلا وحيدا للحبس أو توجيه الاتهام فى مرحلة التحقيقات، خاصة أنها لا تعتبر وحدها دليل إدانة أمام محكمة النقض.

وتكمن أهمية تحريات أى واقعة فى أنها السند الرئيسى لجهات التحقيق فيما تقرره من إجراءات، ولها أثرها فى تكوين عقيدة المحكمة حال الحكم فى الدعوى، ولخطورة التحريات صارت محلا للدفع ببطلانها أو عدم جديتها من قبل المتهمين، وللتحريات أيضا أهمية فى مجال الضبط القضائى إذ إن هناك إجراءات لا تعتبر صحيحة إلا إذا سبقتها تحريات.

وفى ذلك يؤكد المستشار عادل قورة رئيس محكمة النقض الأسبق، أن «التحريات تعد النواة الأولى للتحقيق والحصول على الدليل وجزءا مهما فى تكوين عقيدة المحكمة عند نظر القضية، ولابد أن تعمل التحريات على تجميع الأدلة حتى يتم التحقيق فيها»، مشيرًا إلى أن «ما يسهل عملية الحصول على الدليل هو إجراء المعاينة بعد حدوث الجريمة مباشرة والتفتيش بناء على إذن جهات التحقيق».

فيما يقول المستشار رفعت السيد الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة سابقًا، إن «التحريات فى مفهومها عبارة عن تجميع مجموعة من الأدلة أو الشبهات التى تكشف عن ارتكاب متهم أو أكثر جريمة من الجرائم التى يعاقب عليها قانون العقوبات وكذلك القوانين الجنائية الخاصة، واستنادًا إلى ما تكشف عنه التحريات وما توافر لدى من قاموا بها من مأمورى الضبط القاضى سواء كانوا من رجال الشرطة أو الرقابة الإدارية أو غير ذلك، يُقدم محضرا بما توصل اليه مأمور الضبط القضائى إلى النيابة العامة التى اذا استبان لها من مجمل ما ورد فى المحضر جدية هذه التحريات فإنها تصدر قرارا بندب محرر محضر التحريات أو من يندبه للقيام بالتفتيش أو ضبط واحضار المنسوب اليه الاتهام ومواجهته بما نسب إليه».

ويستطرد السيد: «ثم تبدأ النياية فى التحقيق، وهى المرحلة التى يكلف فيها مأمورو الضبط القضائى بمعاونة النيابة بتقديم أدلة الاتهام سواء كانت قولية أو فنية أو كتابية أو تسجيلية أو تقديم الشهود على صحة الاتهامات، وفى النهاية يمكن أن يقدم مأمور الضبط القضائى تحريات تكميلية بما تجمع لديه من أدلة تثبت الاتهام أو تنفيه لأن مأمور الضبط القضائى جزء من منظومة العدالة».

«التحرى بين حريات الأفراد والمصادر السرية»
ومن المفترض ألا تنطوى التحريات على تقييد حرية الأفراد ولا المساس بحرية وحرمة نفس أو منزل المتحرى عنه، وهذا ما أكدته محكمة النقض فى أحد أحكامها «بأن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم بعينه، وكان هناك من الدلائل ما يكفى للتصدى لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية، وأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولا إلى سلطة التحقيق التى أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع، إلا أنه إذا دفع المتهم ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهرى وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة. «الطعن 17531 لسنة77 ق – جلسة 5/5/2009».

ويقول المستشار عبدالرحمن بهلول عضو مجلس القضاء الأعلى سابقًا، إنه «يجوز للنيابة اعتبار التحريات وحدها دليلا ضد المتهمين وتحيلهم إلى محكمة الجنايات أو الجنح التى يكفل لها القانون تقدير جدية التحريات من عدمه والبحث عن الدليل والقرائن ومدى تطابقها مع التحريات ثم تكون عقيدتها وتقضى فى الدعوى».

بينما يرى المستشار رفعت السيد أنه وللأسف الشديد.. فإن الاجراءات التى تُتخذ لضبط الجرائم أو معاقبة مرتكبها تتخذ من ذات الأساليب والقواعد المستخدمة منذ القرن الثامن عشر ولا يلحقها التحديث فى الغالب الأعم، ولذا نجد آلاف القضايا التى استندت النيابة فى تقديمها إلى المحاكم للتحريات وشهادة مجريها يكون مصيرها البراءة.

وفى السياق ذاته، يعرب المحامى ياسر سيد أحمد عن «مخاوفه من افتقار التحريات التى يجريها رجال الضبط القضائى من المباحث والأمن الوطنى للجدية والدليل».

ويوضح المحامى أنه «يجب لكى تكون التحريات القولية جادة؛ أن يتم الكشف عن مصادرها حتى تتحقق منهم النيابة والمحكمة بالاستماع إلى أقوالهم وفقا للقانون»، موضحا أن هذا لا يحدث فى الآونة الأخيرة حيث يمثل الضباط الذين أجروا التحريات أمام النيابة أو المحكمة فى العديد من القضايا المهمة ويرفضون الكشف عن مصادرهم».

«لا إدانة بالتحريات وحدها»
رغم أن النيابة العامة تستند إلى التحريات وحدها للحبس على ذمة الاتهام لحين الإحالة للمحكمة، كما حدث مؤخرا فى عدد من وقائع التظاهر، فإننا نجد اتجاها آخر لمحكمة النقض بشأن التحريات.

فرسخت محكمة النقض مبدأ متواترا فى أحكامها بأن «تحريات الشرطة بحسبانها قرينة لا تصلح بمجردها أن تكون دليلا كافيا بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام فهى لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد، حتى يتحقق القاضى بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية فى الإثبات« (طعن 24530 لسنة 59ق بجلسة 22 مارس 1990م).

وارتباطا بركن «تحقق القاضى من مصدر التحريات» الذى تحدثت عنه محكمة النقض فى المبدأ السابق ذكره، فإنه من الثابت فى محاضر جلسات محاكم الجنايات والجنح فى العديد من القضايا ــ بصفة خاصة قضايا أعمال العنف المتهم فيها عشرات المواطنين ــ أن ضباط الأمن الوطنى والمباحث الذين أجروا التحريات يؤكدون عدم تذكرهم تفاصيل الوقائع عند مثولهم أمام المحكمة باعتبارهم شهود إثبات.

وفى هذه المسألة، يتفق المستشاران عادل قورة وعبدالرحمن بهلول على أن «التحريات وحدها لا تكفى أن تكون دليلا يمكن أن تستند اليه المحكمة، وإذا لم تتضمن أوراق القضية سوى التحريات يصبح الدليل ناقصًا، وأنه قد جرى العرف على عدم إلزام مجرى التحريات بالإفصاح عن مصادره التى استقى منها معلوماته إذا كانت سرية، ولكن إذا تضمنت التحريات معلومات مهمة يترتب عليها الإدانة والعقوبة فلابد أن يكون مصدرها معلوما وتساندها أدلة سواء كانت فيديوهات أو شهودا أو مستندات أو تسجيلات أو خلافه مما يعزز التحريات وتطمئن إليه المحكمة عند الفصل فى الدعوى».

ويرى المحامى ياسر سيد أحمد أن «عدم تذكر مجرى التحريات تفاصيل الواقعة يفتح الباب أمام الدفع بكيدية الاتهامات وعدم جدية التحريات، فتكون طريقا للبراءة أمام محكمة الجنايات أو النقض« لافتا إلى أن «هذه البراءة لا يحصل عليها المتهمون إلا بعد حبسهم وربما التنكيل بهم على مدار شهور أو سنوات».

«تحديث طرق التحرى.. ضرورة عملية»
تثبت عشرات الأحكام الصادرة من محكمة النقض، وبصفة خاصة فى العامين الأخيرين، عدم جدية التحريات وافتقارها للدليل فى العديد من القضايا، أو عدم سلامة الاعتماد عليها وحدها.

ولذلك يطالب المستشار رفعت السيد بتحديث وتطوير العمل الشرطى فى مجال البحث والتحرى عن الجريمة وتعقب مرتكبيها وتطوير أدلة الثبوت باستخدام جميع الوسائل الحديثة أسوة بالغرب والدول العربية، بحيث تتضمن التحريات الفيديوهات أو الصور أو التسجيلات أو الوثائق أو شهود العيان المعلومين حتى لا يستطيع المجرم إنكار الاتهام.

ويلفت السيد النظر إلى أن «استناد مأمور الضبط القضائى (الشرطة) إلى معلومات مكتوبة فقط تفتقر إلى الدليل والقرينة أو الكشف عن مصادرها أصبح أسلوبًا لا يناسب العصر، لا سيما فى الوقائع الميدانية كأحداث العنف والمظاهرات، التى يجب لتوثيقها استخدام كاميرات مراقبة من التى لا يخلو منها الآن محل تجارى، لتصبح التحريات أكثر مصداقية.

«أحكام نقض حديثة أبطلت الاستناد للتحريات وحدها كدليل إدانة»
ألغت محكمة النقض فى الآونة الأخيرة العديد من الأحكام الجنائية التى استندت إلى التحريات وحدها دليلا ضد المتهمين وسطرت فى حكمها «أنه لا يجوز الاعتداد بالتحريات وحدها كدليل إدانة ضد المتهمين» ومن بين هذه القضايا:

• قضية خلية الماريوت (الطعن رقم 26806 لسنة 82 ق).
• قضية قتل اللواء نبيل فراج (الطعن رقم 26645 لسنة 84 ق).
• قضية أحداث البحر الأعظم (الطعن رقم 33693 لسنة 84 ق).
• قضية أحداث عنف المنصورة 30 أغسطس 2013 (الطعن رقم 22781 لسنة 84 ق).
• قضية مذبحة قسم كرداسة (القضية رقم 11010 لسنة 2013 جنايات كرداسة).
• أحداث الأزهر ديسمبر 2013 ( القضية رقم 6959 لسنة 2013 جنح ثان مدينة نصر).



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك