«العربي»: قراءة وثيقة الاستراتيجية مهمة لفهم ما يحدث في مصر.. وعجز الميزان التجاري 50 مليار جنيه - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:45 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«العربي»: قراءة وثيقة الاستراتيجية مهمة لفهم ما يحدث في مصر.. وعجز الميزان التجاري 50 مليار جنيه

صالون المسلماني تصوير محمود العراقي
صالون المسلماني تصوير محمود العراقي
مصطفى ندا ونجلاء سليمان
نشر في: الخميس 12 يناير 2017 - 12:31 م | آخر تحديث: الخميس 12 يناير 2017 - 12:31 م

أشرف العربي في الصالون الثقافي:
• طموحنا الوصول بالنمو الاقتصادي إلى أكبر 30 اقتصاد في العالم
• النمو الاحتوائي يستهدف جميع الطبقات وليس طبقة على حساب الأخرى
• معدل الاستثمار وصل إلى 14% ولكنه غير كافي لتحقيق النمو الاقتصادي
• لدينا 50 مليار دولار عجز في الميزان التجاري من صادرات وواردات
• تخفيض عجز الموازنة من أهم التحديات التي تواجه الحكومة
• تكلفة الإصلاح السبب الرئيسي في زيادة الأسعار
• الحكومة المصرية جريئة لاتخاذ إجراءات إصلاحية مثل تحرير سعر الصرف
• المركزي للتعبئة والإحصاء أعلن وصول معدل التضخم إلى 24%
• عجز الموازنة أهم أسباب التضخم
• عجز الموازنة أحد أهم أسباب زيادة الأسعار
• المجتمع لم يتربى على فكرة المستقبل والتخطيط له
• وزارة التخطيط لم تحدد الحد الأدنى للأجور
• مصر تعهدت بخفض معدلات الفقر بنسبة 50%
• الدولة تزيد من الإنفاق علي الدعم ومع ذلك يزداد الفقر
• الحكومة تستهدف دعم الطبقة الوسطى الأدنى القريبة من خط الفقر
• نستهدف التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي
• مليون و200 ألف أسرة تحصل حاليا على معاش من مشروع كرامة وتكافل
• شهادة النيل ستحل محل الثانوية العامة تدريجيا
تحت عنوان «رؤية عامة للاقتصاد المصري في 2017» أقام الإعلامي أحمد المسلماني ندوة عن مستقبل الاقتصاد المصري، والتحديات التي تواجهها الحكومة خلال الفترة المقبلة، في صالونه الثقافي بمنطقة الزمالك، وذلك بحضور الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط، ونخبة من كبار المثقفين والصحفيين المصريين، الذين شاركوا في حلقة نقاشية حول سبل حل الأزمة والنهوض بالاقتصاد المصري إلى آفاق المستقبل.

استهل الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط حديثه بالتركيز على الملف الاقتصادي في مصر واصفا إياه بأنه موضوع الساعة قائلا: «لابد أن نبدأ بالإطار العام فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والإجراءات والبرامج المتبعة من قبل الحكومة المصرية لمواجهة التحديات، فنحن نتحدث عن أجندة التنمية بمفهومها الواسع، وهي التنمية المستدامة من بعد عام 2015، وخير دليل على هذا الأمر هو زيارة الرئيس السيسي إلى نيويورك في شهر سبتمبر عام 2015، حيث تم خلالها الإعلان عن أهداف التنمية المستدامة، والتي تسعى دول العالم إلى الالتزام بتحقيق أهدافها قبل الوصول إلى عام 2030».

وقدم الوزير أشرف العربي خلال الندوة التي عقدت مساء الأربعاء، شرحا مفصلا عن فكرة التنمية المستدامة، موضحا أنها تغطي ثلاثة أبعاد رئيسية على التوازي، هي البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قائلا في حديثه: إنه «لو تم التركيز على أزمات الاقتصاد فقط سوف نستطيع تقديم معدلات تشغيل ونمو مرتفعة، ولكن سنهمل البعدين الآخرين، ولن يكتب بذلك للتنمية الاستدامة لأننا أغفلنا البعد الاجتماعي، وكذلك لو أهملنا البعد البيئي واستنزفنا الموارد الطبيعية فإننا نظلم بذلك الأجيال القادمة، وبالتالي لن يكتب لتلك التنمية الاستدامة أيضا، وبالتالي لابد من التوازن بين الأبعاد الثلاثة».

وركز الدكتور أشرف العربي على بعض النقاط السلبية فيما يتعلق بمناقشة القضايا الاقتصادية منها أن هناك قطاع عريض من الأفراد يركز على فكرة الأرقام المطلقة ومعدلات النمو، ولكن السؤال الأهم هو كيف تم توليد هذا الدخل، فهل هو نتاج العمل أو الريع أو الفوائد أو الأرباح، وبالتالي يعد الأمر مقلقا للغاية عندما يأتي التوزيع الأولي للدخل من حساب عوائد عوامل الإنتاج الأخرى، بخلاف الأجر الذي يعتبر عائد العمل فضلا عن المشاكل الأخرى المتعلقة بالخلل في التوزيع الأولي عندما يعاد توزيع الدخل، وبالتالي تترسخ فكرة عدم العدالة وينتج عنها سياسات دعم غير فعالة ولا تصل إلى مستحقيها.

وتابع وزير التخطيط حديثه، أن أجندة التنمية المستدامة برمتها تم تبنيها على الصعيد الدولي في سبتمبر عام 2015 من خلال الأمم المتحدة والبنك الدولي، وأن مصر كانت من الدول السباقة في تبنيها ومتابعتها مبكرا، مؤكدا أن مصر تتبنى رؤية استراتيجية فيما يتعلق بالتنمية المستدامة، تم العمل بها منذ عام 2013 بعد ثورة 30 يونيو، وتمتد تلك الرؤية حتى عام 2030، من خلال المجموعة الوزارية المهمومة بالمستقبل، مشيرا إلى أن هناك مجموعات عمل اجتهدت على الأرض منذ يناير 2014 واستمرت تعمل على مدار عامين حتى أطلقت الاستراتيجية بشكلها النهائي في فبراير 2016 من خلال رئيس الجمهورية.

وأضاف العربي في كلمته «عندما عملنا على استراتيجية التنمية المستدامة كان يجب أن نسأل أنفسنا أين نحن اليوم؟ وذلك من خلال تحليل الأبعاد الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وما تحتها من محاور رئيسية، وقدمنا تصورا عن مصر الجديدة التي طالما حلمنا بها لإدراكنا أن الدولة لن تتقدم إلا من خلال المجموعة الحالمة التي تمتلك القدرة والإبداع والابتكار، والتطلع إلى آفاق المستقبل، ولكن وفقا لحسابات دقيقة دون مبالغة في الطموح، لأننا إذا بالغنا في الواقعية وأخذنا نتحدث عن أزمة ارتفاع سعر الدولار والسكر والزيت لن نتحرك خطوة إلى الأمام، والعكس صحيح، فإذا بالغنا في الطموح دون الارتكاز على أرض صلبة سوف نتعرض للإحباط، وهو ما أدركه المسؤولون مبكرا».

وأردف وزير التخطيط «سألنا أنفسنا ما هي التحديات والفرص ونقاط القوة والضعف لدينا، وتم تحليل هذا الأمر من خلال رسم آفاق المستقبل وماذا يدور في العالم والإقليم من حولنا وتحدثنا عن 10 محاور رئيسية متعلقة بالبعد الاقتصادي منها التنمية الاقتصادية، وكذلك المحور الخاص بالطاقة والمحور المتعلق بالبحث والابتكار، لأننا أردنا أن نكون اقتصادا قائما على المعرفة، ومحور خاص بالعدالة الاجتماعية، وكذلك التعليم والصحة والثقافة ومحور خاص بالبيئة والتنمية العمرانية، وذكرنا أن هناك نقطتان نضعهما في الاعتبار وهما بعد الأمن القومي والسياسة الخارجية، وما يدور في المنطقة وما يدور في العالم من تغيرات، والتهديدات التي تواجه مصر، ووضعنا نصب أعيننا مصائر الدول التي تعرضت للتقسيم، وأخذنا هذا في الاعتبار، كذلك اعتبارات الأمن الداخلي أثناء التحضير لوثيقة التنمية المستدامة والرؤية الاستراتيجية الخاصة بها».

وأوضح أشرف العربي في كلمته بالندوة أهم أهداف الوثيقة وهو الجزء المتعلق بالجانب الاقتصادي وكيف تصبح مصر من أكبر ثلاثين اقتصادا على مستوى العالم، مضيفا أنه هدف طموح وواقعي جدا ومن الممكن تحقيقه بحلول عام 2030، ولكن لكي يتحقق هذا الهدف لابد من تحقيق معدلات نمو مختلفة، مشيرا إلى أنه بعد ثلاثة سنوات من عمر ثورة 30 يونيو لا تزال مصر تدور حول نسبة 2% فيما يتعلق بمعدل النمو الاقتصادي، وهو أقل من معدل نمو السكان.

وتابع «بالعمل الكثير استطاعت الدولة المصرية مضاعفة معدل النمو الاقتصادي في العامين الأخيرين، ولكن طموحنا هو الوصول إلى أكبر 30 اقتصاد في العالم، وهو ما يتطلب معدلات نمو ما بين 7% و8% في المتوسط سنويا، لمدة الـ15 عاما القادمة، وهو السبيل الوحيد لتحقيق معدل نمو مختلف عن النمو الذي كان العالم يتحدث عنه خلال الفترات السابقة، فنحن نتحدث عن النمو الاحتوائي وليس النمو الاقتصادي العادي، لكي تتحقق العدالة الاجتماعية، ويستهدف النمو الاحتوائي جميع الطبقات وليس طبقة على حساب الأخرى».

وعدد الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط السبل اللازمة لوصول مصر إلى أن تكون ضمن أكبر ثلاثين اقتصادا على مستوى العالم بحلول عام 2030 ومنها الحصول على معدلات استثمار مختلفة عن الموجودة في الفترة الحالية، مشيرا إلى أن أرقام معدلات الاستثمار والتي تعد نسبة من الناتج المحلي الإجمالي وهي مؤشر اقتصادي هام تدور حول الـ 14%، وهو ليس معدل الاستثمار الذي يعطي معدل النمو الاقتصادي الذي يصل بمصر إلى الهدف المرجو، موضحا أنه قبل الأزمة المالية في عام 2008 وصل معدل الاستثمار إلى 22% كنسبة من الناتج المحلي، واليوم نتحدث عن أن النسبة تجاوزت الـ14% ووصلت إلى الـ 20% ولكن الدول التي حققت قفزات اقتصادية وصلت معدلات الاستثمار بها إلى 30 و40%.

وأوضح الدكتور أشرف العربي أن المستثمر سواءً المصري أو الأجنبي لديه مؤشرات أولية وتساؤلات قبل أن يساهم بالاستثمار، من بينها هل هذه الدولة مستقرة سياسيا وأمنيا؟، وفي تلك النقطة تحديدا أكد أن مصر مقارنة بدول المنطقة وبالفترات السابقة الصعبة التي مرت بها قد تقدمت كثيرا، وأيضا من ضمن الاعتبارات التي يضعها المستثمر المصري أو الأجنبي في الاعتبار هل البلد بها استقرار مالي أو نقدي؟.

وأضاف وزير التخطيط «بالنسبة للاستقرار النقدي فهو يرتكز على سعر الصرف، أما بالنسبة للاستقرار المالي فإن المستثمر يتابع شكل عجز الموازنة، وما وصل إليه في البلد وهو المؤشر الأساسي لوجود استقرار مالي من عدمه في أي دولة، تحديدا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والدين العام سواء داخلي أو خارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وليس كقيمة، وبتطبيق الأمر علي الوضع المصري سوف يري المستثمر أن العجز كنسبة من الناتج المحلي تجاوز نسبة الـ 12% وبالتالي عندما يري أن الدين العام الداخلي أو الخارجي قد اقترب من 100% من الناتج المحلي الإجمالي سوف يتبين له أن هذه الدولة لا يوجد بها استقرار، وهذه كانت أهم التحديات التي قمنا برصدها في برنامج عمل الحكومة الذي تقدم به المهندس شريف إسماعيل إلى البرلمان بشكل واقعي وحقيقي».

وأكد الدكتور أشرف العربي أن السبيل الوحيد للحصول على معدلات نمو مختلفة واستثمار ونسب تشغيل جيدة هو معالجة المشاكل الهيكلية في الاقتصاد، وليس مجرد الأزمات التي تظهر في أوقات معينة، مشيرا إلى أن هناك أزمات في هيكل الاقتصاد المصري أشبه بالمريض الذي لديه مرض مزمن ومع ذلك يأخذ المسكنات، وبالتالي نحن نعالج العرض وليس المرض.

وكشف العربي عن أهم المشاكل الهيكلية في الاقتصاد المصري، ومن بينها عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري، مشيرا إلى أن الناس تصب كامل تركيزها فقط على سعر الصرف والدولار وتتابع بترقب متي سوف يهبط السعر، على الرغم من أن هذا الأمر بمثابة العرض، ولكن المرض الحقيقي بدايته تتمثل في عجز الميزان التجاري وينتهي بعجز في ميزان المدفوعات، حيث أنه لدينا 50 مليار دولار عجز في الميزان التجاري من صادرات وواردات، وتاريخيا لم نصل إلى هذا الرقم من قبل، وكنا في السابق نعوض العجز في الميزان التجاري بالميزان الخدمي في أوجه متعددة منها السياحة وإيراد قناة السويس والحساب الرأسمالي وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمار الأجنبي المباشر، وبالتالي ينتهي رقم ميزان المدفوعات الكلي بتحقيق فائض ولو بنسبة بسيطة أو رقم متوازن لأنه في حال الوصول إلى العجز في ميزان المدفوعات فهذا يعني السحب من الاحتياطي، والتنكيل بالاحتياطي النقدي الأجنبي والضغط على العملة.

وتابع قائلا: «لذلك نحن جادون كدولة في مواجهة تلك التحديات الاقتصادية الصعبة من خلال محاولات خلق فرص عمل وتحقيق نمو احتوائي وتشغيل وجذب الاستثمار، وقد استطاعت الحكومة المصرية أن تعطي رسالة جادة لصندوق النقد الدولي في تنفيذ والالتزام بالبرنامج الإصلاحي، وعلاج هذا الأمر، وهو ما يحدث حاليا من خلال تحرير سعر الصرف وإظهار القيمة الحقيقية للعملة، وصحيح أنه قد تكون الحقيقة مؤلمة، ولكن لا سبيل غير ذلك، فنحن أخذنا الخطوة الصحيحة وجاءت متأخرة فيما يتعلق بتعويم الجنيه».

وأوضح الدكتور أشرف العربي أنه من ضمن التحديات التي تواجه الحكومة هو كيفية تخفيض عجز الموازنة والذي وصل إلى 12% حتى يقل ويصل إلى معدلات طبيعية بين 6% و8%، وسوف يتحقق ذلك الأمر عندما تقل القروض، ويتحقق ذلك بدوره عندما ينخفض الدين العام، وهو ما يتحقق عندما يقل معدل الزيادة في عجز الموازنة ويزيد الناتج بمعدل أسرع من معدل نمو العجز، وبالتالي يتراجع العجز كنسبة من الناتج ويتراجع الدين كنسبة من الناتج وتتراجع القروض الداخلية والخارجية كنسبة من الناتج، وهذه هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ببساطة وكانت مرصودة من قبل المسؤولين في الدولة لكي تتحقق العدالة الاجتماعية.

ويرى الدكتور أشرف العربي أن السبب الرئيسي في زيادة الأسعار هو وجود تكلفة للإصلاح، ولكنه يوضح أن العائد فيما بعد سوف يكون أكبر بكثير من هذه التكلفة، موضحا أنه كلما حدث تأخير في اتخاذ الإجراءات الإصلاحية، فإن التكلفة تزداد، واصفا الحكومة المصرية بالجريئة في اتخاذ تلك الإجراءات والتي تنم عن إرادة قوية من قبل الحكومة والقيادة السياسية.

وأشار وزير التخطيط إلى أن مصر بتلك الإجراءات الإصلاحية في الاقتصاد تسير على الطريق الصحيح، مؤكدا ضرورة اتخاذ تلك الخطوات منذ وقت مبكر، مضيفا أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قد أعلن أن معدل التضخم قد وصل إلى 24% لأن زيادة الأسعار كبيرة، وبالتالي لو كانت الحكومة قد اتخذت هذه الإجراءات في فترة سابقة، كان التأثير فيما يتعلق بالتضخم وارتفاع الأسعار سوف يكون أقل.

وأوضح الدكتور أشرف العربي أن واحد من أهم أسباب التضخم وزيادة الأسعار هو عجز الموازنة لأن الطلب لم يقابله عرض، وبالتالي لابد من إدراك أن عجز الموازنة واحد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الأسعار، مشيرا إلى أن جزء كبير من استهلاك الأسرة المصرية من سلع الطعام والشراب، علما بأن أغلب السلع الغذائية نقوم باستيرادها، وبالتالي فإنه مع ارتفاع سعر الدولار فإن الأسعار تزداد تباعا، وهذه الأمور تعد من المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري.

وأكد العربي أن أحد أسباب المشاكل الهيكلية في الاقتصاد المصري يعود إلى أن المجتمع لم يتربى على فكرة المستقبل والتخطيط له، وخاصة إذا تحدثنا عن التخطيط للمدى الطويل على غرار أفريقيا التي تعمل وفقا لرؤية مستقبلية مستمرة حتى عام 2063، وبالتالي يجب النظر إلى أفريقيا التي تعمل على تعديل أوضاعها الاقتصادية على مدى 50 أو 60 عاما ووضعت رؤية وبرنامج إصلاحي في تلك المدة وواجهت التحديات الصعبة.

وكشف وزير التخطيط، أن الحكومة المصرية الحالية وضعت رؤية لـ 15 عاما مقبلة واتفقت مع صندوق النقد الدولي الذي دعم هذا البرنامج الإصلاحي الذي اتخذته الحكومة وصدق عليه، وهو أمر في غاية الأهمية فضلا عن أن المسؤولين المصريين داخل الحكومة قدموا مؤشرا واضحا على سير مصر نحو طريق الإصلاح والتصميم عليه، مشيرا إلى أن صندوق النقد قد استمع كثيرا للتعهدات المصرية فيما يتعلق بالبرنامج الإصلاحي فيما بعد 25 يناير، وأنه بصفته وزيرا كان حاضرا لكافة المفاوضات التي تمت بين صندوق النقد الدولي في فترة حكم المجلس العسكري وكذلك الإخوان، ولكن الآن هي المرة الأولى التي يتحقق فيها صندوق النقد من صدق نوايا الحكومة المصرية بعدما رأى خطوات على الأرض فيما يتعلق ببداية البرنامج الإصلاحي الوطني في إطار رؤية استراتيجية من خلال وثيقة التنمية المستدامة والتي يتم الاعتماد فيها على 250 مؤشر قياسي، منها مؤشرات مدخلات ومخرجات ومؤشرات مستحدثة من قبل الأمم المتحدة، وكذلك تعمل الحكومة على متابعة التقدم في تحقيق الاستراتيجية وتحقيق برنامج الحكومة الذي التزمت به مع صندوق النقد الدولي، وكذلك الأهداف الأممية فيما يتعلق بالتنمية المستدامة.

وأضاف العربي أن مصر تسير على الطريق الصحيح، مع التأكيد على أهمية الخطوات اللاحقة لتلك الإجراءات الإصلاحية واستجابة السوق وتحسين مناخ الاستثمار من خلال الانتهاء من قانون الاستثمار والخدمة المدنية والإفلاس، وكذلك العمل على ملف الطاقة وفتح ملف الأراضي لطمأنة المستثمرين المصريين والأجانب، وتباعا سوف تتحقق فرص عمل وسوف يكون هناك عرض زائد على الدولار وطلب أقل عليه في المستقبل، ومن ثم يعود لمعدلاته الطبيعية وبالتالي فإن المرحلة المقبلة سوف تشهد اتجاه متوقع لهبوط سعر الدولار وهو ما تسعى إليه الحكومة.

أما بالنسبة لقضية الدعم، فقد أشار الدكتور أشرف العربي في حديثه إلى أنه تم تداول خبر مجهول المصدر بأن وزارة التخطيط تدرس زيادة الحد الأدنى للأجور إلى حوالي 1500 جنيه، قائلا «نحن كذبنا هذا الخبر لأن زيادة الأجور يترتب عليها خطورة فإنها تؤدي إلى حلقة مفرغة غير قادرين عليها، وإذا حدث زيادة بالفرض في أجور القطاع العام فماذا نفعل مع القطاع الخاص والقطاعات الغير رسمية، وبالنسبة للأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل وبالتالي فإن المدرسة التي تقترح تزويد الأجور بدون تحسن في الإنتاج والخدمات المقدمة سوف يكون مردودها هو قفز معدلات التضخم من 24% لتصل إلى 30% ويجب أن نضع في الحسبان وجود البطالة المقنعة ونقص التشغيل، فضلا عن القطاعات غير الرسمية وغير المنظمة، وزيادة الحد الأدنى للأجور سوف يؤدي ببعض الناس إلى عدم دفع التأمينات».

مستطردا في الحديث عن ملف الدعم.. قال الدكتور أشرف العربي إن مصر في عام 2000 وقعت على أهداف الألفية للتنمية وتعهدت بخفض معدلات الفقر بنسبة 50% ولكن معدلات الفقر أصبحت اليوم حوالي 27.6% بعد أن كانت في السابق حوالي 16%، وهو ما يفسر أن إجمالي ما كانت تخصصه الدولة للدعم على مدار الـ15 عاما الماضية تضاعف أضعاف كثيرة جدا، وبالتالي فإن الدولة تزيد من الإنفاق على الدعم ومع ذلك يزداد الفقر وهو ما يؤكد وجود خلل في المنظومة، ويؤكد أيضا أن الدولة لا تستطيع أن تدعم 92 مليون مواطن مصري.

وأضاف: «الحكومة تستهدف دعم الطبقة الوسطى الأدنى القريبة من خط الفقر لحمايتها، فضلا عن أن مشكلة الفقر تزداد وهي قضية كبري، وبالتالي لابد من استهداف الفئة التي تحتاج إلى الدعم مع ضرورة تحويل الدعم العيني المقدم لهم إلى دعم نقدي وفقا لخريطة الفقر المتركزة في الصعيد والوجه القبلي والقرى الأكثر فقرا والتي تبلغ معدلات الفقر فيها أكثر من 70% من خلال برنامج تكافل وكرامة».

وفيما يخص قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف، أكد وزير التخطيط أن القرار هو رؤية استراتيجية لحل الأزمة لأن وجود سعرين للعملة يفتح المجال للسوق السوداء.

وبسؤاله عن ضرورة توفر الكوادر القادرة على تطبيق استراتيجية التنمية المستدامة، قال الدكتور أشرف العربي إن موضوع الكوادر كان بمثابة تحدي أساسي تم رصده، والحكومة تتحرك على مستويين، أولا على الصعيد الاستراتيجي والذي يتضمن خطط متوسطة وطويلة الأجل فيما يخص ملف الإصلاح الإداري وهو غاية في الأهمية والذي تمخض عنه قانون الخدمة المدنية الجديد والمنوط به فرز الكفاءات وإتاحة الفرصة للأفراد أصحاب الكفاءات والقدرات المرتفعة إلى الالتحاق بالجهاز الإداري وليس من يمتلكون الواسطة.

وتابع وزير التخطيط حديثه، أن من مزايا قانون الخدمة المدنية الجديد هو إبراز مديرين بشكل مختلف خلال الفترة المقبلة فضلا عن إعطاء الأجور للعاملين الأكثر إنتاجا والتزاما وبالتالي سوف تتغير استراتيجية شئون العاملين في الإدارات المختلفة، وتتحول إلى ما يسمى بإدارة الموارد البشرية، وتكون مرتبطة باستراتيجية الدولة وفقا للقانون فضلا عن التدريب الفعال للأفراد وكذلك تغيير نظام الأجور والتعيين وربط الأجر بالإنتاج وجعل المعاش المبكر اختياري وبالتالي من هو فوق الخمسين عاما متاح له الترقية للدرجة الأعلى والتجديد له خمسة سنوات إضافية على مدة الخدمة.

أما على المستوى التكتيكي فهناك خطط قصيرة الأجل تتضمن تجميع الشباب الخريجين من أوائل الجامعات وأفضلها "t twenty" من أجل إعدادهم للدخول كمستشارين في الجهاز الإداري للدولة، وقمنا بتأسيس شركات لهم على غرار شركة أيادي وندمج معهم الكفاءات من صغار الشباب الذين لديهم الفكر الاستراتيجي والتدريب عالي المستوى مما يساهم في خلق كوادر جديدة على غرار مدير إدارة، ومن المتوقع أن قد يكون معدل الإنجاز بتلك الاستراتيجية ليس كبيرا خلال السنة الأولى ولكن هناك حراك في الجهاز الإداري.

وعلى صعيد آخر تحدث وزير التخطيط عن ملف شبكة الحماية الاجتماعية قائلا «هناك شبكة اجتماعية أقوى بكثير مما كانت عليه في حدود قدرات الدولة وما يتوفر من إمكانيات، وعلى سبيل المثال هناك 500 ألف أسرة في يونيو 2016 حصلت على المعاشات من مشروع كرامة وتكافل ثم تزايد العدد إلى مليون و 200 ألف أسرة في يناير 2017 ومن المتوقع أن يبلغ 1.7% في يونيو 2017، وصحيح أنه ليس معاش كافي ولكن أفضل من عدم حصولهم على معاش، فضلا عن أن الخدمة المدنية أعطت علاوة دورية بمقدار 7% من الأجر الوظيفي وتم زيادة التموين من 15 جنيها إلى 18 جنيها للفرد ثم أصبح 21 جنيها، ومن ضمن دلائل قوة شبكة الحماية الاجتماعية ملف الإسكان الاجتماعي وهو صورة من صور الدعم العيني فنحن نتحدث عن وحدات سكنية مساحتها 90 متر بمرافق على عكس ما سبق.

وتابع الدكتور أشرف العربي حديثه «من ضمن الدلائل على قوة شبكة الحماية الاجتماعية هو وجود قواعد البيانات وهي من الإنجازات التي اعتبرها جيدة بالنسبة لوزارة التخطيط، حيث تحول المجتمع المصري إلى مجتمع رقمي، بمعنى وجود رقم قومي للأفراد ورقم قومي للمنشآت ورقم مكاني فضلا عن أن تعداد السكان سوف يتم لأول مرة في تاريخ مصر بشكل الكتروني في مارس المقبل فنحن نعد خريطة الأساس لمصر، ونضع عليها خرائط الفقر والاستثمار فضلا عن الإسراع في عمل ميكنة للحيازات الزراعية والسعي للانتهاء منها في يونيو 2017 من أجل معرفة المساحة المنزرعة، وكذلك كشف التعديات وفي المستقبل سوف تصدر وزارة التخطيط دليل أهم 500 خدمة حكومية من أجل إراحة المواطن المصري.

واعتبر وزير التخطيط، الدكتور أشرف العربي، التعليم من أهم الأوجه والمحاور الاستراتيجية للتنمية المستدامة قائلا "نسعى دائما للتخطيط من أجل إصلاح التعليم كرؤية استراتيجية من الممكن تطبيقها وظهور نتائجها على المدي الطويل، ويتمثل الأمر في وضع قصص نجاح على غرار فكرة شهادة مدارس النيل حيث يحصل الطالب على الشهادة الموثقة من إحدى الجهات التعليمية المرموقة عالميا، وهي جامعة كامبريدج سعيا في أن تحل تلك الشهادة تدريجيا محل الثانوية العامة، ونسعى لكي يتوسع الأمر في باقي المدارس، وفي بداية هذا المشروع كانت هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بفتح 25 من مدارس النيل والتي تستهدف خصيصا الطبقة الوسطى من أجل عمل شهادة مصرية معتمدة من جهة دولية مرموقة، وأن يتم اختيار الطلبة بمعايير معينة وهناك إطار معين للامتحانات والمصروفات تناسب تلك الطبقة.

وتابع حديثه "كان أول تشغيل لمدارس النيل في عام 2010 ولكن لسوء الحظ قامت الثورة، والآن جددنا الاتفاقية مع كامبريدج وأدخلنا المدارس في المدن الجديدة وهيئة المجتمعات العمرانية وأمر رئيس الجمهورية بإنشاء 25 مدرسة لشهادات النيل خلال عام واحد، والمرحلة المقبلة سوف تشهد تطوير المدارس وتحويلها إلى نظام مدارس النيل".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك