«عملية الصلصة».. كيف دعمت إسرائيل قوات الإمام بدر ضد الجيش المصرى فى حرب اليمن؟ - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:38 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«عملية الصلصة».. كيف دعمت إسرائيل قوات الإمام بدر ضد الجيش المصرى فى حرب اليمن؟

مقاتلوا الإمام بدر يصدون أحد هجمات الجنوبيين
مقاتلوا الإمام بدر يصدون أحد هجمات الجنوبيين
كتب- محمد حامد:
نشر في: الأحد 12 أبريل 2015 - 9:46 ص | آخر تحديث: الأحد 12 أبريل 2015 - 9:46 ص

  • ــ المخابرات البريطانية لعبت دور الوسيط... والإسرائيليون اعتبروها فرصة لكسر جدار الكراهية العربية لهم

  • ــ تل أبيب رغبت فى زيادة تورط الجيش المصرى فى اليمن لتقليص قدرته على شن حرب مستقبلية على إسرائيل

 


فى مطلع خمسينيات القرن الماضى طرح رئيس الوزراء الإسرائيلى، دافيد بن جوريون، رؤيته الداعية إلى خلق ما سماه تحالف «قوى الهامش»، وذلك بعقد تحالفات مع دول غير عربية فى الشرق الأوسط، مثل إيران وتركيا، ومع الأقليات الدينية والعرقية فى المنطقة واستغلالها فى إضعاف الدول العربية، وخاصة الدول التى تشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل كمصر والعراق وسوريا.

وبمرور الزمن أصبحت هذه الرؤية ركيزة أساسية فى نظرية الأمن الإسرائيلى، حيث نشطت إسرائيل ودعمت الأقلية المسيحية فى لبنان، والكردية فى العراق، وحركة التمرد فى جنوب السودان ثم فى دارفور.

وقبل عدة سنوات، كشف الأرشيف الإسرائيلى عن تورط إسرائيل فى تقديم دعم عسكرى لقوات نظام الإمام بدر فى اليمن خلال حربها ضد الجيش المصرى الذى أرسل إلى هناك لدعم الثورة الجمهورية فى ستينيات القرت الماضى، فى إطار عملية سميت بـ«عملية الصلصة».

الدعم الإسرائيلى لقوات الإماميين بدأ، عبر وساطة المخابرات البريطانية «إم آى 6»، التى كانت أحد أكبر الداعمين لنظام الإمام بدر، إلى جانب السعودية والأردن، كما يقول المؤرخ البريطانى كليف جونز فى كتابه «بريطانيا والحرب الأهلية اليمنية 1962ــ 1965».

يوضح جونز أنه «خلال ربيع وصيف عام 1963 تدهور وضع قوات الإماميين المؤيدين للملكية الذين أصبحوا محاصرين فى الجيوب الجبلية دون أى منفذ بحرى، بعد نجاح الجيش المصرى فى قطع قوافل الإمداد التى كانت ترسلها السعودية، كما حاول سلاح الجو الملكى البريطانى تقديم مساعدات للإماميين مرة أو مرتين، لكن ذلك لم يكن كافيا».

فى هذه المرحلة قررت المخابرات البريطانية تنفيذ الاتفاق الذى توصلت إليه مع المؤيدين للملكية بالحصول على مساعدات ودعم عسكرى من إسرائيل. وبدأت الاتصالات بين بريطانيا وإسرائيل خلال لقاء جمع رجل المخابرات البريطانية ديفيد سمايلى والملحق العسكرى الإسرائيلى فى لندن دان حيرام. وزار سمايلى إسرائيل أربع مرات باسم مستعار، والتقى مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية فى ذلك الوقت شمعون بيريز، وقائد سلاح الجو عيزرا فايتسمان، وضباط من شعبة الاستخبارات فى الجيش الإسرائيلى.

وخلال التواصل بين الجانبين، قوبل العرض البريطانى بحماس فى إسرائيل، والتى رأت أن ذلك الدعم فرصة لكسر جدار الكراهية العربية، ومحاولة لإقامة أول علاقات لها مع دولة عربية، فسارع رئيس الحكومة ليفى إشكول بالموافقة عليه، وعهد إلى دافيد قارون، رئيس شعبة الشرق الأوسط فى جهاز الموساد، بمهمة تنسيق الاتصالات مع الإمامين.

أما داخل أروقة الجيش والمخابرات فكانت وجهة النظر السائدة أنه كلما زاد تورط المصريين فى اليمن، عبر إرسال مزيد من قوات الجيش إلى هناك، تضاءلت فرص الحرب، وقلت قدرات الجيش المصرى على شن حرب على إسرائيل، أو كما قال رئيس جهاز الموساد السابق شبتاى شافيط فى مقابلة مع صحيفة «هآرتس»، «لقد فعلنا ذلك كى نتمكن من مواجهة ألد أعدائنا».

من جهته، أشار المؤرخ البريطانى جونز إلى أن السعوديين لم يكونوا على علم بالدعم الذى قدمته إسرائيل لحلفائهم الإماميين، وربما تخلوا عن حلفائهم فى حال علمهم بذلك، وهذا هو السبب فى أن العملية ظلت فى طى الكتمان، فكانت الطائرات الإسرائيلية تطير على طول الساحل السعودى دون أن تكتشف، إذ لم تكن السعودية تمتلك فى ذلك الوقت أنظمة رادار تسمح لهم بمراقبة الطائرات.

وبحسب الأرشيف الإسرائيلى، فإن تل أبيب حشدت لهذه العملية المسماه بـ«الصلصة»، أكبر طائرة نقل فى سلاح الجو الإسرائيلى فى ذلك الوقت، وهى من طراز «ستارت كروز». وبعد تدريبات استغرقت ثلاثة شهور، وفى الحادى والثلاثين من مارس 1964 أقلعت من قاعدة تل نوف أول طائرة إسرائيلية تحمل معدات وأسلحة عسكرية وأغذية ومواد طبية. وخلال العامين التاليين أرسلت إسرائيل 13 رحلة جوية إلى اليمن، وكانت آخر رحلة فى الخامس من مايو 1966.

من جهتها، كانت صحيفة سلاح الجو الإسرائيلى، أول من كشف عن العملية، وقالت إنه رغم التواجد العسكرى المصرى فى اليمن لم يحدث صدام بين الطائرات المصرية والإسرائيلية إلا فى مرة واحدة عندما توجهت طائرات ميج مصرية لاعتراض طائرة إسرائيلية، فسارع قائد الطائرة الإسرائيلية بالنزول إلى ارتفاع منخفض.

كما كشفت الصحيفة أن البريطانى تونى بويل الذى كان يعمل لحساب مخابرات بلده فى اليمن كخبير عسكرى لدى قوات الإماميين، وأحد الشخصيات الرئيسية التى وقفت وراء العملية، اقترح على الإسرائيليين قصف مطار صنعاء، وتحمس عيزر فايتسمان، قائد سلاح الجو للفكرة، وبدأ سلاح الجو فى إعداد خطة التنفيذ، وتجهيز الطائرة بـ18 برميلا متفجرا لتدمير مدارج المطار، لكن رئيس الأركان إسحق رابين لم يتحمس للفكرة، ورفض رئيس الحكومة ليفى إشكول الموافقة عليها، وقيل إنه كاد يغشى عليه عندما سمع هذا الاقتراح.

لم تكتف إسرائيل ــ كما يقول رئيس جهاز الموساد آنذاك ميئير عاميت ــ بتقديم الدعم العسكرى إلى الإماميين، بل قام الموساد بإرسال عدد من عملائه إلى اليمن حيث أمضوا هناك فترة من الزمن، بهدف جمع معلومات عن الجيش المصرى. وكان من بين هؤلاء العملاء باروخ مزراحى الذى ألقى القبض عليه فى اليمن عام 1967، ونقل إلى مصر التى ظل بها حتى أطلق سراحه بعد حرب أكتوبر فى صفقة تبادل الأسرى.

أما من حيث نتائج العملية فيقول البروفيسور أمنون كوهين، المتخصص فى تاريخ الشرق الأوسط، إن الدعم الإسرائيلى فشل فى النهاية فى إعادة أنصار الملكية فى اليمن، صحيح أن المصريين غرقوا أكثر فى الوحل اليمنى، لكن إسرائيل لم تكسب حلفاء مهمين فى الشرق الأوسط.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك