بأمر القانون: مافيا المقاولات تدمر تاريخ الإسكندرية.. والحكومة ترفع الراية البيضاء - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:11 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بأمر القانون: مافيا المقاولات تدمر تاريخ الإسكندرية.. والحكومة ترفع الراية البيضاء

مافيا المقاولات تعلن الحرب على تراث الإسكندرية القديم
مافيا المقاولات تعلن الحرب على تراث الإسكندرية القديم
كتب ــ محمد فؤاد:
نشر في: الأحد 12 أكتوبر 2014 - 11:30 ص | آخر تحديث: الأحد 12 أكتوبر 2014 - 11:30 ص

* رئيس حى الجمرك: أوافق على الهدم بكسرة النفس.. والبقاء لله فى تاريخ الإسكندرية القديم

* حفيد بيرم التونسى: هدم المبنى جس نبض للقضاء على بقية مبانى الميناء الشرقى التراثية

* رئيس لجنة الحفاظ على التراث: انتظروا تدمير ما تبقى من تراث الإسكندرية بسبب قانون التصالح مع المخالفين

ماذا أقول!! لقد ضنوا علينا حتى بالخيال، البقاء لله فى منظر الإسكندرية القديم الجميل، وأهلا بالعواميد الخرسانية التى يتقن صنعها الحرافيش وأوافق على منحهم رخصة الهدم على كسرة النفس. هذه كانت تأشيرة رئيس حى الجمرك فى محافظة الإسكندرية بتاريخ 13 مايو 2014 ردا على مخاطبة المستشار القانونى للمحافظة والذى انتهى فى مذكرته القانونية إلى عدم جواز إيقاف إجراءات طلب هدم عقار أمام الميناء الشرقى لعدم إدراج المبنى فى مجلد الحفاظ على التراث.

فى هذا التحقيق تكشف «الشروق» أول محاولة تدمير وإفساد لوحة المبانى ذات الطراز المعمارى بمنطقة الميناء الشرقى من قبل مافيا المقاولات التى تريد دق المسمار الأخير فى نعش ما تبقى من تراث الإسكندرية، لا سيما أن الحكومة رفعت الراية البيضاء أمامهم، وأعلنت عن طرح قانون للتصالح مع المخالفين.

الميناء الشرقى لوحة فنية

هنا منطقة الميناء الشرقى القديم أحد أقدم أحياء الإسكندرية العتيقة، حيث تصطف مراكب الصيد الخشبية لتتمايل بهدوء عجيب وخلفها تقبع قلعة قايتباى فى مشهد تاريخى لم يتغير منذ مئات السنين وكأنه لوحة جميلة نابضة بالحياة.

صيادو الميناء الشرقى الذين يفترشون رصيف الكورنيش يموتون ويولد غيرهم والقوارب الخشبية تتهالك وتغرق وتصنع غيرها، وتبقى المبانى المعمارية المصطفة أمام البحر وخلفها القلعة الكبيرة شهود على تاريخ وذكريات الأجداد.

من بين هذه المبانى التى ترى هذا المشهد الجميل التاريخى العقار رقم 19 شارع طريق 26 يوليو التابع لحى الجمرك والذى يقبع خلفه مباشرة منطقة مجمع المساجد والمآذن الكبيرة التى تزين سماء المنطقة وعلى رأسها مئذنة مسجد سيدى المرسى أبوالعباس.

لجنة المبانى الآيلة للسقوط الباب الخلفى لإصدار قرارات الهدم

وعن طبيعة الطرز المعمارية التى تتميز بها منطقة الميناء الشرقى قال عوض «تنفرد منطقة الميناء الشرقى بالطرز الزخرفية بصفة عامة والتى كانت سائدة فى العشرينات والثلاثينيات من القرن الماضى وأيضا إحياء للطرز التاريخية، لاسيما الإيطالية ومن أشهر المبانى المحكمة الأهلية والقنصلية الفرنسية والإيطالية وفندق ويندسور وسيسل ومبنى الصحة العالمية سابقا. يكمل الدكتور عوض قائلا: «ما جدوى هدم عقار غير آيل للسقوط محدد ضمن منطقة تراث معروف أن الارتفاعات المستقبلية فى حالة الشروع ببنائه من جديد لن تسمح له بتجاوز الارتفاع الاصلى للمبنى إلا إذا كانت هناك نية بتجاوز الارتفاعات وتشويه المنطقة التراثية!!.

وأضاف عوض «قرار المالك بهدم عقاره وإعادة بنائه لن يكون مجديا إلا إذا تجاوز الارتفاعات القانونية، وهنا تبرز أهمية وقف مثل هذه الأعمال المخالفة والمستمرة فى نطاق مدينة الإسكندرية، وأهمية عدم الموافقة على إصدار القانون المعيب للتصالح مع المخالفين والذى تتبناه سياسة وزارة الإسكان الحالية».

وكشف عوض عن نقطة خطيرة تتعلق بأن المبانى التراثية يتم هدمها من خلال لجنة المبانى الآيلة للسقوط التى تعتبر الباب الخلفى لإصدار قرارات الهدم ومنها ما حدث فى أحد العقارات بشارع شريف باشا «صلاح سالم» الذى يعتبر من أهم وأميز المناطق والشوارع التراثية فى منطقة وسط البلد.

رئيس الحي: أوافق على الهدم.. والبقاء لله في تراث الإسكندرية

مخطط هدم العقار رقم 19 بشارع 26 يوليو بدأ يدخل حيز التنفيذ بتاريخ 27 سبتمبر 2014 حينما قدم ملاكه طلبا إلى لجنة توصية أعمال هدم العقارات غير الآيلة للسقوط بمديرية الإسكان بالإسكندرية يطلبون فيه هدم العقار.

العقار المطلوب هدمه عبارة عن دور أرضى وثلاثة أدوار علوية، حالة العقار المعمارية ممتازة وليس بحاجة لأعمال ترميم ولذلك تم اللجوء إلى لجنة العقارات غير الآيلة للسقوط التى تعتبر بمثابة الباب الخلفى لهدم العقارات التراثية.

مديرية الإسكان عقب تقديم ملاك العقار الطلب قامت بتحويل الطلب إلى المركز الذكى الذى حوله بدوره إلى حى الجمرك لمعرفة الشق القانونى، وبعد الاطلاع على مستندات الملكية الخاصة بملاك العقار واستيفاء التقارير الفنية الهندسية كان الرد بأنه لا مانع من السير فى إجراءات استخراج رخصة الهدم.

أما بالنسبة للشق الفنى الوارد من رئيس التنظيم فقد أفاد عقب اطلاعه على الملف بأن العقار المذكور غير مدرج داخل مجلد الحفاظ المعمارى، إلا أنه أكد أن العقار يقع فى منطقة الحفاظ على التراث المعمارى.

وعقب إرسال تقرير الشئون القانونية والهندسية بحى الجمرك إلى المركز الذكى بشأن الموافقة على استخراج رخصة الهدم لاستكمال الإجراءات لم يتبق سوى توقيع اللواء أحمد أبوطالب، رئيس حى الجمرك.

بمجرد أن اطلع رئيس حى الجمرك على الملف والمخاطبات بتاريخ 6 مارس 2014، كان الأمر بالنسبة له كالصاعقة فالعقار الذى سيتم هدمه غير آيل للسقوط ويقع ضمن منطقة الحفاظ على التراث المعمارى بأهم موقع داخل الميناء الشرقى على بعد شارع واحد من المدخل المؤدى لمسجد المرسى أبوالعباس، ومن ثم أبدى اعتراضه وأرسل مخاطبة إلى المركز الذكى يطالبه بسحب التقرير الفنى والقانونى للحى، ولكنه لم يستجب.

كل الشواهد أمام رئيس الحى تؤكد أن الشروع فى هدم المبنى الغرض منه هو استبدال المبنى المعمارى المتميز ببرج خرسانى أسمنتى لن يلتزم فيه مقاول المبنى باشتراطات الارتفاعات بالمنطقة ولذلك أرسل مخاطبة عاجلة إلى محافظ الإسكندرية بتاريخ 9 مارس 2014 لاتخاذ ما يلزم بشأن الحفاظ على المبانى القديمة وجمال منطقة الكورنيش التى تتميز بطابع خاص.

ولم يكتف رئيس الحى بذلك ولكنه أرسل مذكرة عاجلة إلى المستشار القانونى لمحافظة الإسكندرية من أجل التأكيد على خطورة هدم العقار واستبداله بعقار خرسانى مرتفع فى منطقة الميناء الشرقى إلا ان الرد جاء صادما لرئيس الحى على عكس ما كان متوقعا حيث أرسل المستشار القانونى للمحافظة خطابا بتاريخ 11 مايو 2014 طالب فيه حى الجمرك بعدم جواز إيقاف السير فى إجراءات طلب هدم العقار لعدم إدراجه فى مجلد الحفاظ مع مراعاة التقيد بالاشتراطات البنائية.

بعد كل ذلك لم يجد اللواء أحمد أبو طالب، رئيس حى الجمرك، أمامه سوى أن يوافق على منح ملاك العقار رخصة الهدم، ولكنه لم يكتف بالتوقيع والإمضاء بل أضاف قائلا «ماذا أقول!! لقد ضنوا علينا حتى بالخيال، البقاء لله فى منظر الإسكندرية القديم الجميل، وأهلا بالعواميد الخرسانية التى يتقن صنعها الحرافيش وأوافق على منحهم رخصة الهدم على كسرة النفس».

رئيس النيابة الإدارية بالإسكندرية: هدم العقار جريمة.. والمقاولون يستغلون القصور التشريعى

المستشار محمود بيرم التونسى، رئيس النيابة الإدارية فى الإسكندرية، وحفيد الشاعر بيرم التونسى قال لـ«الشروق» فى هذا السياق «هدم المبنى جس نبض لهدم بقية مبانى الميناء الشرقى التراثية ما لم تتدخل الدولة، مشيرا إلى أن عملية الهدم تمثل بداية وصول التعديات الهمجية على جزء من التراث العقارى والمعمارى بالإسكندرية».

وأوضح المستشار محمود بيرم أن المنطقة التى تم هدم العقار فيها هى منطقة حفاظ معمارى، مؤكدا أن عائلة بيرم التونسى مازالت تعيش بذات المنطقة التى تحتفظ بذكريات وعبق الماضى، فهناك كتب بيرم التونسى قصيدته «أنا اللى جيت من السيالة»، كما أن الفنان محمود سعيد رسم بذات المنطقة لوحته الشهيرة بنات بحرى.

واعتبر المستشار بيرم أن هدم العقار يعد جريمة لأنها على حد قوله صورة من صور الفساد الموجود فى مصر يستغل فيه المقاولون القصور التشريعى الموجود فى القانون رقم 119 لسنة 2008 الذى لابد أن يتم تغييره لوقف نزيف التراث المعمارى فى مصر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك