اعتاد الباحثون فى مجال الإسكان طرح مزايا السكن فى المدن الجديدة، لكن خبير الإسكان الأمريكى ديفيد سيمز هذه المرة تناول مزايا السكن فى العشوائيات، بعيدا عن كل ما تحمله الكلمة من دلالات سيئة وصورة ذهنية عن حياة ليست آدمية، ورغم ما تمثله المناطق العشوائية من خطورة على الأمن القومى، فالمقارنة التى قام بها سيمز بين المدن الجديدة والعشوائيات أثبتت أن معدلات النمو فى العشوائيات تفوق المدن الجديدة بكثير.
ديفيد سيمز هو أحد الاستشاريين، الذين تستعين بهم وزارة الإسكان والهيئة العامة للتخطيط العمرانى، فهو مقيم بالقاهرة منذ السبعينيات وله أكثر من كتاب عن التخطيط العمرانى وأنماط السكن فى مصر، أغلبها صدر عن دار نشر الجامعة الأمريكية.
واعتمد سيمز فى دراسته على المقارنة بين مواقع المناطق العشوائية فى إقليم القاهرة الكبرى وبين المدن الجديدة، وانتهى إلى أن جميع العشوائيات راجحة على حساب المدن الجديدة، فمعدلات النمو فى العشوائيات رغم كل مساوئ الحياة بها مرتفعة، نظرا لأن مواقع العشوائيات أقرب للإمكان التى تتركز بها فرص العمل. تضمنت الدراسة مقارنة بين مدن القاهرة الجديدة ــ بدر ــ الشروق ــ العبور ــ 6 أكتوبر ــ الشيخ زايد ــ 15 مايو، ومناطق عشوائية «غير مخططة» منها الخانكة ــ البساتين ــ دار السلام ــ الطلبية ــ العمرانية ــ الخصوص.
يقول سيمز: إن سكان العشوائيات يحتاجون إلى فترات تتراوح بين 40 و60 دقيقة للوصول إلى مقار عملهم، فى حين يحتاج سكان المدن الجديدة إلى 2ــ3 ساعات للوصول إلى أعمالهم. كما تقع المناطق العشوائية فى قلب خطوط المواصلات العامة بأنواعها المختلفة، فى الوقت الذى تفتقر فيه جميع المدن الجديدة حول القاهرة، إلى المواصلات العامة سواء للوصول إليها أو للتنقل داخل أحياء هذه المدن، ويكون الاعتماد فى الغالب على الميكروباص «غير المنظم» للوصول لهذه المدن والتحرك داخلها.
تؤكد دراسة سيمز أن مجتمع العشوائيات أكثر مرونة من مجتمع المدن الجديدة، فمجتمع العشوائيات به أسواق توفر فرص عمل لسكان هذه المناطق، كما تستوعب المناطق العشوائية أنشطة بسيطة مثل الباعة الجائلين، وأصحاب المهن البسيطة لذا فهى توفر فرص عمل للفقراء وتدر عليهم دخلاً ولو بسيطا، على العكس منه يقف مجتمع المدن الجديدة الذى لا يستوعب المهن الهامشية كما أنه لا يقدم لقاطنيه أسواقا كافية توفر تنوع فى السلع المطروحة، لذا فتكلفة الحياة فى المدن الجديدة أعلى.