«لا نعتزم تكوين حزب سياسي، ولدينا مرشحون في الانتخابات المقبلة.. لا يوجد ارتباط سياسي بين الشيعة وإيران.. والارتباط الديني لا يتعدى كونه ارتباطا بالمرجعية.. موقف القيادة المصرية في حرب غزة كان مشرفا برفضها اقتراح نزع سلاح المقاومة، والشيعة مندمجون بجميع الاحزاب السياسية عدا النور».
القيادي الشيعي الطاهر الهاشمي، أمين عام اتحاد قوى آل البيت، تحدث في أول حوار صحفي يجريه منذ 30 يونيو مع «الشروق» في عددها الصادر اليوم السبت، عن أوضاع الشيعة في مصر، مقارنا بينها وبين فترتى حكم الرئيسين المخلوع حسنى مبارك، والمعزول محمد مرسى، ومشاركة الشيعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، من خلال انخراطهم بالأحزاب السياسية.
وإلى نص الحوار:
- هل تعتزمون تشكيل حزب سياسي للمشاركة في الانتخابات المقبلة؟
خضنا هذه التجربة من قبل ولم تنجح، ووقتها حاربتنا الدولة، ومنعتنا من تشكيل أي حزب بالتالي لا نعتزم تكوين حزب سياسي، والشيعة في مصر أعضاء في أحزاب سياسية عدة عدا حزب النور، وهم مندمجون اندماجا كليا في هذه الأحزاب.
- هل توصى الشيعة المصريين بالانضمام إلى حزب معين؟
لسنا أوصياء على أحد، وكل مواطن ينتمى إلى أهل البيت يتمتع بالحرية السياسية الكاملة، وفقا لما يمليه عليه ضميره وحسه الوطني، وكل دورنا يتمحور حول التوصية بالعمل مع المخلصين، وأصحاب الكفاءات المشهود لهم بالوطنية.
- ما رأيك في التحالفات السياسية التي تتشكل حاليا لخوض الانتخابات البرلمانية؟
أعتقد أن ظاهرة التحالفات السياسية بين الأحزاب صحية، والأهم أن تستهدف هذه التحالفات المصلحة العليا للوطن، وليس مجرد الفوز بمقاعد البرلمان أو الاستئثار بالسلطة، وإنما النهوض بالبلاد وهو ما يجب أن نضعه نصب أعيننا بالمشاركة الفعالة، وأداء كل ما من شأنه خدمة المواطنين ورفعة الوطن، من خلال الحرص على حقوقهم، والتعبير عن رأيهم واحتياجاتهم تحت قبة البرلمان.
- هل هناك مرشحون شيعة في الانتخابات المقبلة؟
نحن ضد المسميات، وضد تقسيم المجتمع لطوائف، فكلنا مصريون، لا نفرق بين مصري وآخر على أساس الجنس أو الدين أو اللغة او العقيدة، وفقا لما أقره دستور ثورة 30 يونيو، التي قامت أصلا للقضاء على التطرف والعصبيات والمذهبيات التي أضعفت مصر، ونحن لدينا مرشحون على مقاعد البرلمان المقبل، وهم سيخوضون المعركة الانتخابية شأنهم شأن أي مصري يستهدف خدمة وطنه تحت قبة البرلمان، وذلك دون كشف هويتهم.
- في تصورك، هل تغيرت مواقف بعض التيارات الاسلامية الخاصة بنشر دعوات القتل والتهجير ضدكم بعد 30 يونيو؟
التيارات الإسلامية المتشددة شأنها شأن تيارات اليمين الديني في العالم، تملك خطابا عدائيا نحو كل من يخالفهم، ولا يسعنا إلا أن نرجو أن يتغير مسلكهم هذا، عبر التحلي بأخلاق القيادة السياسية، وما بثته فينا ثورة 30 يونيو من أخلاق المحبة والتسامح والتعايش المشترك، ونبذ شتى صور العنف والتعصب.
- ما رأيك في منع «الأوقاف» لأعضاء الدعوة السلفية من صعود المنابر؟
قبل أن نقيم موقف وزارة الأوقاف ينبغي أن ننوه إلى أنه ليس من بنات أفكارها، وإنما هو تنفيذ لقانون تنظيم الخطابة الصادر في عهد الرئيس السابق عدلي منصور، وينبغي علينا أن نتذكر أسباب سن هذا القانون، والأجواء التي صدر فيها، إذ إنه صدر حينما شعرت الدولة بخطورة أن يتولى غير المتخصصين أمر الخطاب الديني.
لذلك توجه المشرع إلى تقنين وضع من يتولون شئون الدعوة وصعود المنبر، ولا نرى أحدا جديرا بتبوؤ هذا المنبر سوى رجال الأزهر، الذين يتمتعون بالعلم والتسامح والخطاب الوسطى التنويري المعتدل، والأهم نبذ الأزهر لفكرة التكفير التي تهدد أوطاننا، وتكاد تفتك بها، أما موقفنا من القانون فلن يخرج عن موقف المشرع، فهو أعلم بمصالح البلاد والعباد.
- كيف ترى الموقف الرسمي لمصر من العدوان الإسرائيلي على غزة؟
كان موقفا مشرفا وواضحا كعادة مصر في نصرتها للشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني، وجددت مصر موقفها الدائم فيما يتعلق بنصرة القضية الفلسطينية، خاصة مع تولى دفة البلاد قيادة حكيمة، أعادت لمصر دورها الريادي في المنطقة، ووجهت رسالة إلى العدو الصهيوني أن العقيدة المصرية لن تتغير تجاهه، وأنه العدو الوحيد، والخطر الأكبر على المسلمين عموما، والأمة العربية خصوصا.
ولا نرى برهانا على سمو دور مصر، أكثر من نشر صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريرا صحفيا يتناول المفاوضات التي كانت تدور في مصر، ووصفها بأنها كانت أكثر تشددا من المقاومة الفلسطينية فيما يتعلق ببند محاولة نزع سلاح المقاومة، إذ أكدت مصر أن الفكرة مرفوضة جملة وتفصيلا، بل إنها غير قابلة للطرح أصلا، وبذلك تكون مصر بسطت حمايتها على كل فصائل المقاومة، بما فيها حركة حماس، لأن الهدف الأكبر هو قضية الشعب الفلسطيني.
- هل المقاومة الفلسطينية تضم عناصر شيعية؟
المقاومة بصفة عامة تعنى مقاومة كل ظلم وكل طغيان، وهى فكرة جامعة لكل معانى الإنسانية، وهى عامة بحيث لا يصح أبدا تصنيف من ينطوي تحت لوائها سني أو شيعي أو مسيحي، فالأوطان المسلوبة يهب كل وطني للدفاع عنها، والشيعة هم جزء من نسيج الأمتين العربية والإسلامية، لذلك فمن المؤكد انخراطهم في صفوف المقاومة، وكلهم ينتمون لحركات المقاومة الفلسطينية باستثناء حماس.
المقاومون الشيعة يقومون بدورهم في صفوف الجهاد الإسلامي، وسائر الحركات الأخرى، وبالطبع لا تعترف المقاومة الفلسطينية بالمذهبية، فالعدو واحد، والقضية مشتركة، والمقاومة تحوى السنى والشيعي والمسيحي، لكن لا يتم إعلان ذلك حتى لا تثار الفتن، وتؤجج النعرات الطائفية بينهم، ويخسر الجميع شرف مقاومة العدو الصهيوني.
- كيف يتعامل النظام الحالي مع الشيعة كطائفة؟
نحن نرفض تسميتنا بالطائفة، فالمصريون أمام القانون سواء، دون تفرقة بينهم بسبب اللغة أو الدين أو الجنس أو العقيدة، وهذا مبدأ دستوري، ونحن نثمن جهود النظام الحالي في محاولاته الحثيثة لتفعيل هذا النص بهدف النهوض بمصر من كبوتها الاقتصادية، وتطويرها سياسيا واجتماعيا، أما بالنسبة للتعامل معنا كشيعة، إن أردتم التصنيف، فنحن ليست لنا مطالب خاصة، ورؤيتنا أن النظام يرفض أصلا فكرة التصنيف، ونأمل أن تسود المجتمع قيم المحبة والتسامح والمساواة بين المواطنين، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الدينية.
- يواجه الشيعة العرب اتهامات بأن الولاء الأول لهم لإيران.. كيف تتعاملون مع ذلك؟
أود أن أوضح أنه لا يوجد ارتباط سياسي بين إيران والشيعة، فعقيدتنا تقول إن حب الوطن والانتماء له هو الايمان بعينه، وبالتالي فكل شيعي ينتمى لوطنه الذى يعيش فيه ويحبه، لأن الدين والعقيدة تدعو لذلك، أما بالنسبة للارتباط الديني فهو لا يتعدى كونه ارتباطا بالمرجعية، وهذا الأمر له علاقة بالقدوة الفقهية كعالم دين، ولا علاقة له بأي انتماء أو تقليد سياسي.
- إذن أنتم تؤمنون بفصل الدين عن السياسة؟
رؤيتنا ببساطة مثل رؤية الإمام على، وهو قدوتنا؛ حيث كان في سياسته العديد من المحاذير، لا مراوغة، ولا مراوعة، ولا كذب، والدليل على ذلك مخالفته لرؤية المخالفين في موقعة صفين، وأنصح الرئيس عبدالفتاح السيسي بالاقتداء بالإمام على في منهجه ودستوره، ولو أن الأمم تخلقت بأخلاق آل البيت لنهضت الأمة، واستعادت مجدها.