المسرح المصرى ينتظر.. دقات البداية - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 2:18 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المسرح المصرى ينتظر.. دقات البداية

مسارح وسط البلد - تصوير رافي شاكر
مسارح وسط البلد - تصوير رافي شاكر
أعد الملف ــ عبدالرحمن مصطفى
نشر في: السبت 14 مارس 2015 - 2:57 م | آخر تحديث: السبت 14 مارس 2015 - 2:57 م

فى الوقت الذى أبدت الدولة اهتمامها باستعادة النشاط فى دور العرض المسرحية، برز تيار شبابى يدعو لاستغلال المسارح المهجورة لصالح الفنانين الشباب، ورغم ذلك تستمر «أزمة المسرح» فى مواجهة عالم تشتعل فيه الأحداث يوميا، ومزاج جديد يجذب المشاهد ناحية شاشات السينما والفضائيات، ومساحات أخرى من التفاعل صنعها الانترنت، ليظهر عبء جديد على المسرحيين المصريين، فى كيفية تحقيق الجاذبية والابهار، حتى يعود النشاط المسرحى إلى قوته.. كصناعة وفن يؤثران فى المجتمع.
فى منتصف شارع عماد الدين داخل منطقة وسط القاهرة، سور يحيط بأرض فضاء، عليه لافتة تحذر من التعدى على قطعة الأرض التى تخص البيت الفنى للمسرح، حيث تقع أطلال مسرح مصر، وعلى مدار سنوات سابقة تكررت الوعود بإعادة بناء المسرح من جديد، وهو ما لم يتم حتى الآن.
«كان المسرح يعمل حتى التسعينيات ثم انهار، وتحول إلى أرض فضاء». يتحدث باختصار حارس المسرح المتهدم، بينما يستكمل الحديث سامى سالم، صاحب المحل المجاور، الذى يحفظ تاريخ عدد من المسارح القديمة فى شارع عماد الدين.
وفى خارج تلك المنطقة من القاهرة يكثر عدد المسارح التاريخية، التى يصعب حصر تبعيتها فى جهة واحدة، إذ تنقسم بين مسارح تابعة للدولة وأخرى خاصة، وبين مسرح مهجور بسبب الإهمال، وآخر معطل بسبب غياب العروض والجمهور، يبدو المشهد فى تلك المنطقة بائسا مع انسحاب العروض المسرحية من شارع عماد الدين ومنطقة وسط البلد.
«تم الاتفاق مع القوات المسلحة على امدادنا بالمخططات الهندسية اللازمة لإعادة بناء مسرح مصر فى شارع عماد الدين، كما سيتم تخصيص جزء من ميزانية البيت الفنى للعام القادم من أجل هذا المشروع». هذا ما يوضحه فتوح أحمد رئيس البيت الفنى للمسرح الذى يخضع له مسرح مصر.
حسب حديث رئيس البيت الفنى للمسرح لـ«الشروق» فإنه يدير 13 مسرحا، كما أن لديه برامج مزدحمة بالعروض الفنية التى تحتاج إلى مزيد من المسارح، ويقول «ليس لدينا مسارح مهجورة أو معطلة». لكنه عاد واستثنى مشروع إعادة بناء مسرح مصر الذى ينتظر الدعم.
فى الجهة المقابلة لأطلال «مسرح مصر» يقع مبنى مهجور لسينما القاهرة، إذ ترجع ملكية المبنى لورثة أحمد الحاروفى، الذى كان قد خصص جزءا من هذا المبنى لعرض مقتنيات المطرب الراحل عبدالحليم حافظ، نظرا لعلاقتهما الوطيدة، وهو ما انتهى قبل سنوات، ولم يتبق من المبنى سوى كافتيريا مهجورة ومحل لبيع السجائر.
«المكان لن يتم إعادة إحيائه كمسرح أو سينما.. لقد توقف النشاط مع وفاة أحمد الحاروفى الذى كان متفرغا لإدارة هذا النشاط الفنى». هذا ما يؤكده خالد صالح، أحد ورثة الحاروفى.
وتتكرر القصة مع مسارح أخرى هجرها ملاكها أو تعطل إنتاجها مقارنة بما كانت تنتجه فى السابق، فعلى سبيل المثال لا ينتج المسرح الخاص حاليا سوى ثلاث مسرحيات هى «تياترو مصر» على مسرح جامعة مصر، و«دنيا حبيبتى» على مسرح الفن، و«بابا جاب موز» على مسرح الريحانى. ولا تعمل هذه المسرحيات على مدار الأسبوع.
وفى تلك الأثناء فإن هناك نماذج أخرى من المسارح الخاصة، تحولت عن تقديم العروض المسرحية الكلاسيكية إلى أنشطة أخرى بديلة، إذ إن بعضها تديره شركات تهدف إلى الربح، مثل شركة أفلام محمد فوزى التى امتلكت حق إدارة دار سينما ومسرح قصر النيل منذ عام 1988، وهو المسرح الذى شهد العديد من مسرحيات ذات الانتاج الخاص، بينما كان آخر العروض المسرحية التى أقيمت عليه، هو عرض «براكسا» فى العام 2011، وتم استغلاله فيما بعد فى حفلات غنائية.
«حُسن البضاعة ولا حُسن السوق». يستعير عماد عبدالمنعم مدير دار سينما ومسرح قصر النيل هذا المثل الشعبى فى وصف التطور الأخير لحالة المسارح الخاصة، فغياب أبطال العروض المسرحية الذين نشطوا منذ السبعينيات، قد أثر بشكل مباشر على حالة تلك المسارح.
وكما يوضح مدير دار سينما ومسرح قصر النيل فإن هناك طريقين للتعاقد عند إتاحة استغلال المسرح، وهو إما أن تحصل إدارة المسرح على مبلغ كامل مقابل العرض، أو أن تحصل على نسبة من الإيراد، ويعلق على تجربة إتاحة المسرح للحفلات الغنائية فى السنوات الأخيرة: «كانت التذاكر ذات أسعار معقولة، فى متوسط 40 جنيها ثمنا للتذكرة، وهو ما لم يكن مربحا على المدى البعيد». وعلى نفس هذا المسرح أقامت المطربة الراحلة أم كلثوم أهم حفلاتها الغنائية، وكذلك كان المطرب عبدالحليم حافظ، والفنان فريد الأطرش. بينما تطمح إدارة مسرح قصر النيل أن تعد برنامجا شهريا بحفلات غنائية، يعيد ارتباط الجمهور بالمسرح ذى الطابع التاريخى. أما فى مسرح راديو المجاور فقد اختارت شركة الإسماعيلية التى تدير عددا من المبانى التاريخية فى منطقة وسط البلد، أن تقوم على تأجيره لبرامج تليفزيونية، كما كان الحال مع برنامج «البرنامج» للإعلامى باسم يوسف، قبل توقفه.
ومع قلة العروض المسرحية الخاصة، وانسحاب نجومها منذ سنوات إلى العمل التليفزيونى والسينمائى، أصبح للمسرح المدعوم من الدولة أكثر أهمية، لما تقدمه الدولة من دعم، لكن حقيقة أرقام ميزانية وزارة الثقافة التى تدير مسارح البيت الفنى للمسرح، وهيئة قصور الثقافة، دار الأوبرا، تبرز مشكلة أخرى فى حقيقة دعم الدولة للحركة المسرحية، إذ كانت وزارة الثقافة قد أعلنت عن أن ميزانيتها للعام الماضى تمثل نسبة 0.23% من إجمالى الموازنة العامة للدولة بما يقارب واحد ونصف مليار جنيه، وأن 52.43% منها ينفق على أجور وتعويضات على العاملين فى الوزارة حسب تصريحات الوزير السابق صابر عرب.
«هناك أزمة أعمق من مسألة دعم المسرح، وهى عن التحدى الذى يتعرض له المسرح منذ سنوات، فعلى سبيل المثال، قمنا بإعداد استطلاع للرأى بين جمهور المسرح، وكشف عن أزمات فى التسويق والامكانيات المحدودة، وضعف المستوى الفنى، وغياب الإبهار». الحديث هنا لهانى أبوالحسن مدير عام المركزالقومى للمسرح.
وخلف مكتبه فى مقر المركز فى حى الزمالك بالقاهرة، يوضح هانى أبوالحسن أن المسرح يعانى عالميا من أزمة انسحاب الجمهور، حيث اتجه الكثيرون إلى إبهار السينما والتليفزيون، وإلى حالة التفاعلية التى يتيحها الانترنت، ما يجب أن ينتبه إليه الفنان المسرحى.
«كانت الفترة الماضية منذ السبعينيات تعمل على تغذية الحس المحافظ فى المجتمع، ما أنتج مزاجا غير مقبل على الحياة المسرحية، وهو ما يبرز فى قلة أعداد دارسى المسرح، وفى جانب آخر فإن انخفاض ميزانية العروض، ينعكس على كم الإبهار البصرى الممكن فى هذه العروض». يستكمل هانى أبوالحسن حديثه مستعيرا بعض النماذج التى تخلصت من عبء الإنفاق على الموظفين فى تجربتى مسرح الهناجر ومركز الإبداع الفنى، بينما تواجه أماكن أخرى كما كبيرا من العمليات الروتينية، والزيادة المفرطة فى أعداد الموظفين.
وبين ما تبديه الدولة من اهتمام بعودة الحياة المسرحية كما هو واضح من تصريحات كبار المسئولين الحكوميين، إلا أن الواقع يحمل معه مشاكل أخرى، عن تغير المزاج العام، وكم الانفاق المتاح على الحياة المسرحية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك