أسماء البلتاجي.. «ليست كأبيها» - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:06 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسماء البلتاجي.. «ليست كأبيها»

أسماء البلتاجي خلال مشاركتها في أحداث محمد محمود
أسماء البلتاجي خلال مشاركتها في أحداث محمد محمود
عزة جرجس
نشر في: الخميس 14 أغسطس 2014 - 7:06 م | آخر تحديث: الخميس 14 أغسطس 2014 - 9:11 م

الشمس تخرج على استحياء من جانب السماء الشرقي، ترسل ضوء نهارها على الأرض ما يلبث أن يمتزج  بالدخان المتصاعد فيصبح حائلا بلا لون.. طلقات النيران تدوي؛ قتلى يسقطون، جرحى ينزفون.

 من بين دفتي خيمتها تطل برأسها كطفل يستطلع أجواء عصيبة، تملأ قرنية عينيها بمشاهد أشلاء من كانوا يعتصمون بقربها..  تضطرب، تتجمد في مكانها، ثم تتراجع خطوة للخلف،  تنتبه إلى حقيبتها، تخرج منها زجاجة مياه، تطلب من أمها أن تسكب بعضًا من المياه لتتوضأ.

تقف لتصلي
الأصوات  تتعالى بالخارج
تنفذ إلى أذنيها
تربكها
لا مفر
تطبع قبلة على جبين والدتها وتغادرها “سأذهب لإسعاف المصابين يا أمي”

دقائق و تخترق رصاصة  صدرها، فتسقط على أثرها أرضًا..  يحملها بعضهم لمستشفى ميداني مكدس بالجرحى والقتلى، على أطراف الاعتصام،  يجاهد طبيب شاب في إخراج الرصاصة من جسدها،  تتمتم هي “يالله يالله” يبدو أنها تكمل صلاتها التي لم تكملها بخيمتها، لحظات معدودة وتخرج روحها إلى بارئها الذي تناديه.

هذه هي “أسماء البلتاجي” التي قتلت وهي في السابعة عشرة من عمرها، في فض اعتصام رابعة العدوية، منذ عام. أسماء “الثائرة” شاركت في معظم التظاهرات منذ 25 يناير ومرورًا بأحداث محمد محمود، والعباسية وحتى يوم استقرت الرصاصة في صدرها.. وهو اليوم الذي رفضت فيه مستشفيات عدة أن تستخرج لها شهادة بالدفن لأنها “إخوانية”، حسبما قال شقيقها في حوار لوكالة أنباء الأناضول.

أسماء في اللحظات الأخيرة قبل وفاتها

أسماء في اللحظات الأخيرة قبل وفاتها

“ليست كأبيها”

“ليست كأبيها” هكذا علق الناشط علاء عبد الفتاح على رحيلها، وهو ينشر لها فقرة كتبتها عنه عندما كان سجينًا في 2011،  تقول أسماء عن صورة لعلاء وهو يحتضن ابنه خالد الرضيع:

“ستقضي وقتًا ليس بالقليل يا علاء تراقب حركات أنفاسه وتنهداته، تقيس العلاقات الهندسيّة بين أصابعه، عندما تضمّه إليك ستنسى ضمّة الزنزانة، على عتبة عينيه الصغيرتين ستنسى وحشة الأيام التي قضيتها تتخيل ملامحه..

أنا إلى حد ما مبسوطة، وبطالب بالإفراج عن أبي يحيى المتهم بدون دليل في أحداث كنيسة إمبابة وبقيّة من لا يحاكمون أمام قاضيهم الطبيعي، والمعتقلين في مجلس الشعب و الشورى، يسقط يسقط حكم العسكر”

تنتشر كتابات “أسماء” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتكشف أنها لم تكن يومًا لها ذات  المواقف السياسية التي تبنتها جماعة الإخوان، وتبناها أبوها القيادي الإخواني محمد البلتاجي.

يرثيها النشطاء ويؤكدون أنها كانت إلى جوارهم عندما  خذلتهم “الجماعة”.. ففي أحداث محمد محمود العام 2011، وصف الإخوان المتظاهرين بأنهم “بلطجية ومدفوعو الأجر” بينما كانت أسماء تستنكر هذه الاتهامات وتهتف مع الثوار في الشارع الشهير “يسقط يسقط حكم العسكر”.

أسماء 3

مذبحة ماسبيرو

مطالعة كتابات “أسماء” على حسابها  بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” يكشف الكثير من شخصيتها، فتقول عقب مذبحة ماسبيرو التي راح ضحيتها أقباط، بعدما قامت قوات الشرطة العسكرية بإطلاق النيران عليهم ودهستهم بالمدرعات في 2011.

“30 روح صعدت البارحة تشكوك يا مجلس العسكر إلى بارئها، وجرح شهداء الثورة لم يندمل في قلوبنا بعد!.. أنت المسؤول بكل ما تحويه الكلمة من معانٍ، أنت من لم تلتفت لمطالب الناس حتى تفاقم الوضع، أنت المسؤول عن عدم محاسبة إعلام التضليل والتحريض ومحاكمة النشطاء عسكريًّا بدلا من ذلك.

لا نريد أن يجلس الطيّب و شنودة لالتقاط الصور الفوتوغرافية، ليس عندنا فتنة طائفيّة يا سادة، عندنا ثورة يريد العسكر تسكينها.. نريد أن يحاسب كل من تسبب في الحادث، كل من قتل نفسًا زكيّة بغير حق، نريد نقل السلطة إلى المدنيين”.. هذه كانت كلمات الراحلة.

أسماء 2

“كل مرشح لا يقرأ هموم الناس في قهوته الصباحية لا يعول عليه”

على حسابها بموقع goodreads يظهر أنها كانت تقرأ كتبًا ليست لمن هم في مثل عمرها، فقد قرأت  لكبار المفكرين ومنهم علي عزت بيجوفيتش، وعبد الوهاب المسيري.

وقبيل الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، كتبت أسماء تقول: “كلّ ثورة تسكُن بعسكر يحتويها لا يعوَّل عليها، كلّ صندوق يبيت في أحضان الشرطة لا يعوَّلُ عليه، كلّ مرشّح لا يقرأُ آلام النّاس في قهوته الصباحيّة، لا يسمع أصواتهم في حركاته و سكناته، ولا يفارقه في غدوه ورواحه مشهد الناس وهم يسائلونه.. لا يعول عليه”.

و بعد سلسلة المذابح التي شهدتها مصر في العام 2011 و2012، تكتب أسماء جملة نجيب سرور الشهيرة “لا حق لحي إن ضاعت في الأرض حقوق الأموات” كانت هذه هي رسالتها التي تركتها  للأحياء.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك