أمضى عالم النفس الأمريكي، مارتن سليجمان، عقودًا وهو يحاول مساعدة من يعانون من الاكتئاب على التقليل من حدة شعورهم بعدم السعادة. لكن الآن، وفي سن الـ76، وبعد أن بات يُعرف بـ«أبو علم النفس الإيجابي»، أصبح يعتقد أن رؤيتنا للاكتئاب خاطئة تمامًا. 

وبناءً عليه، يقول إن الجميع يعاملون الاكتئاب على أنه مرض، غير أنه في الحقيقة ليس كذلك؛ وكنتيجة لهذا الأمر، يُسرع الأطباء إلى وصف مضادات الاكتئاب كعلاج له، بينما هناك علاجات أخرى من الممكن استخدامها، مثل الجلسات العلاجية، أو اقتناء حيوان أليف، قد تكون أكثر فاعلية، وذلك وفقًا لمقال نشرته صحيفة «THE TIMES». 

ويبرهن على نظريته هذه قائلًا: «الاكتئاب لا يسقط عليك كما يسقط جدار من الطوب، فبإمكانك اختيار الطريقة التي تتناول بها الأمور، والأشياء التي تركز على رؤيتها، فهناك الكثير من الأشياء، التي بإمكانك اختيارها، لتزيد من سعادتك بطريقة دائمة».

رغم هذا، فإن الأدوية يُنظر إليها على أنها جزء هام من مراحل علاج المرضى الذي يعانون من الاكتئاب ثنائي القطب، وذلك «لأنه يعتبر مرضًا بيولوجيًا، وفقًا لعلم الأعصاب، ويمكن علاجه طبيًا»، هذا بالنسبة للاكتئاب ثنائي القطب. لكن عندما يتعلق الأمر بالاكتئاب أحادي القطب، وهو الأكثر شيوعًا بين الناس، فإن «سليجمان» غير مقتنع بالأمر، فهو كما يقول: «ليس مرضًا بيولوجيًا، وليس له علم أعصاب معروف». 

ولهذا يعتقد «سليجمان»، أنه بالنسبة لهذا النوع من الاكتئاب، فإن العلاج السلوكي المعرفي، يعتبر خيارًا أفضل من العلاج بالأدوية، موضحًا: «هذا النوع من العلاج يسمح لك بأن تكون مشاركًا فعّالًا في علاجك الخاص، لأنك تحاول أن تغير الطريقة التي تتصرف بها، والكيفية التي تتناول بها الأمور». 

كتب «سليجمان»، وهو مدير برنامج علم النفس الإيجابي في جامعة بنسلفانيا، في عدة موضوعات مثل التفاؤل، والمرونة، إلى جانب ما أسماه بـ«العجز المُتعلًّم»، والذي ينتج من خلاله الاكتئاب، كنتيجة للإحساس بالعجز أمام موقف ما. 

أجريت تجاربه الأولية، في هذا الصدد مع الكلاب، لذلك من المثير للاهتمام أن واحدة من أبسط نصائحه، لأجل تحسين المزاج، تشير إلى اقتناء كلب، وتعقيبًا على ذلك يقول: «هناك أدلة جيدة للغاية على أن الكلاب تساهم في تحسين صحتك العقلية، إلى جانب إمكانية اعتبارهم شركاء مخلصين ومحبين». 

يضيف «سليجمان» أنه بالاعتماد على أدوية مضادات الاكتئاب، فإننا نسير في الطريق الخاطئ تمامًا، لأن هذه الأدوية برأيه لا تشجع الناس على تغيير تفكيرهم أو تصرفهم حيال الأمور، لهذا ينتهي بهم المطاف إلى العودة إلى الاكتئاب مرة أخرى. 

يقول: «عندما تقول إن الإدمان على الكحول مرض، أو الاكتئاب مرض، فإن هذا يجعل الناس عاجزين، إنه يدفعهم نحو التفكير في أنه يجب عليك تناول حبة دواء، ولا يجعلهم يتطرقون إلى مسألة أن الطريقة التي يعيشون بها حياتهم، قد يكون لها أي تأثير، فهذا النموذج الطبي سلبي».