أبوالغار يكتب: جهاز شفاء الإيدز «تدليس».. وخروجه من مؤسسة الجيش «عيب» - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:33 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أبوالغار يكتب: جهاز شفاء الإيدز «تدليس».. وخروجه من مؤسسة الجيش «عيب»

الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي
الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي
بوابة الشروق
نشر في: السبت 15 مارس 2014 - 12:46 م | آخر تحديث: السبت 15 مارس 2014 - 12:46 م

امتلأت الصحف وقنوات التليفزيون بمواد بعضها جاد ومعظمها هزلى، وذلك لشرح ما يسمى بجهاز تشخيص وعلاج الفيروسات، وخاصة الالتهاب الكبدى الوبائى سى والإيدز.

وتطرق اللواء (المكلف) المشرف على الأبحاث إلى فائدة الجهاز فى علاج مرض السكر والسرطان وأشياء أخرى. الموضوع أخذ اهتماما كبيرا من الناس لأن هذا «الاكتشاف» أعلن فى مؤسسة مصرية معروفة بالجدية وحسن التنظيم ولها مكانة عند الشعب وهى القوات المسلحة. فاعتبر ذلك علامة على جدية الاكتشاف والاختراع، خاصة أنه تم إعلانه فى احتفال بوجود رئيس الجمهورية ووزير الدفاع المشير السيسى، ولذا لم يشك الكثيرون فى جدية الأمر وصحة الاختراع.

وحيث إننى مهموم عبر أكثر من ثلاثين عاما بالبحث العلمى نظريا وتطبيقيا فلقد ذهلت من جرأة مدعى اختراع الجهاز بأنهم أعلنوا أنه يقوم بتشخيص وعلاج الفيروسات بدون ظهور بحث واحد نشرته هذه المجموعة فى إحدى المجلات العلمية المهمة التى تنشر هذه الاكتشافات الخطيرة فى الطب وهى معروفة ولا تتعدى خمس مجلات عالمية كبرى.

بالنسبة للجانب التشخيصى فهناك فكرة موجودة ومعروفة عن احتمال تشخيص الفيروسات بواسطة قياس بعض الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة منها بواسطة جهاز خارجى، وقد نوقشت هذه الفكرة فى بعض الأبحاث العلمية، بل وتم نشر معلومات عن هذه الأبحاث واحتمال تطورها المستقبلى فى الصحف اليومية فى أوروبا وأمريكا.

إذن الفكرة موجودة علميا ودعائيا.. الآن يتم تشخيص هذه الفيروسات بتحليلات دم بعضها بسيط يعتمد على قياس مستوى الأجسام المضادة لهذه الفيروسات أو قياس الفيروسات مباشرة بعد أن تتضاعف وتتوالد مرات كثيرة بجهاز (PCR) وهذه الطرق متوافرة فى كل العالم بما فى ذلك مصر فى كل مكان.

إذا كان هذا الجهاز قادر على تشخيص الفيروسات بسهولة وبسرعة وبتكلفة قليلة فالحكم فى ذلك هو دراسة مقارنة بين تحليل الدم والجهاز، يتم مراجعتها بدقة وأمانة على أن تنشر فى إحدى المجلات الكبرى المتخصصة.. بعد نشر هذا البحث يتم إلقاؤه فى مؤتمر علمى متخصص ويتم مناقشته بين المتخصصين قبل أن يخرج إلى الإعلام وبعد أن يتم تسجيله فى براءات الاختراع.

واضح أن الإعلان عن هذا الجهاز التشخيصى لم يتخذ فى أية مرحلة الخطوات العلمية السابقة ذكرها ولذا ففى عرف الأطباء والباحثين وكل العلماء الحقيقيين فى مصر وفى العالم كله، يعتبر هذا الأمر إعلانا متسرعا سابقا لأوانه ولم يتبع فيه الأصول البحثية، وعيب أن يحدث ذلك فى مؤسسة معروف عنها النظام بطريقة صارمة.

أما موضوع العلاج بالجهاز وشفاء الإيدز والفيروس الكبدى الوبائى فهو بصراحة كلام فارغ لأن العلاج الطبى الجديد لابد أن يمر بمراحل ثلاثة معروفة ينشر كل منها فى مجلة دولية محترمة، وبعد ذلك تبدأ مراحل تسجيل العلاج فى الدولة المنتجة. وهذا الأمر يأخذ خمس إلى عشر سنوات منذ ظهور البحث الأول عن المرحلة الأولى والذى يتلوه نشر أبحاث عن المراحل الثانية والثالثة فى المجلات العلمية، وحيث إنه لم يتم نشر أى بحث عن أى مرحلة فى أية مجلة علمية، فيعنى ذلك أن ما حدث هو تدليس واضح وصريح على الشعب المصرى الذى يعانى مئات الآلاف منه من فيروس سى، وقد صدقوا بالفعل سحر هذا الجهاز، وأعلن أحدهم أنه قد شفى بعد استخدام الجهاز.

الوحدة الهندسية سبق أن قدمت تطويرا علميا متميزا لطلمبات ضخ المياه تحت ضغط عال، استخدم بنجاح كبير فى فتح ثغرات فى خط بارليف تسمح بمرور دبابات قام بها اللواء باقى زكى قبل حرب 1973 وكانت أحد العوامل التى ساهمت فى العبور العظيم. هكذا كانت الاكتشافات التى تجرب بنجاح فى حرب حقيقية قبل أن تعلن على الملأ.

الأمر بسيط أن السيد اللواء عبدالعاطى الذى قال إنه سوف يضع العلاج فى صباع كفتة، وبعد أن يتخلى الجيش عن خدماته ربما يفتح سيادة الأستاذ عبدالعاطى عيادته الخاصة غير المرخصة لعلاج الفيروسات، وسوف يتوافد عليه عشرات الآلاف من الغلابة المصريين الذين سوف يدفعون دم قلبهم فى علاج وهمى يصرفون عليه تحويشة العمر. وقد حدث فى التاريخ الطبى المصرى الحديث عشرات الاكتشافات الوهمية التى جرى وراءها آلاف من المرضى، أملا فى الشفاء دون طائل. هذا هو المستقبل الحقيقى لهذا الجهاز وعلى الوحدة الهندسية التى قدمته للشعب إذا كانت مازالت تعتقد فى فائدة جهاز التشخيص فلتسلك المسلك العلمى الطبيعى ولتسجل الجهاز بعد أن يثبت فائدته، أما الجانب العلاجى فلا بد من الإعلان عن التخلى عنه حتى يظهر شيئا علميا حقيقيا.

وقد نشر السيد رئيس تحرير «الشروق» فى عموده يوم السبت الماضى بعنوان «علاج مريض فيروس سى خلال شهر بخمسة آلاف جنيه»، أوضح فيه أنه بعد مقابلة أحد أساتذة الطب المشاركين فى مشروع الجهاز الذى قال وأقسم إن الجهاز حقيقى وأن الفيصل فيه هو النتيجة النهائية وأن «المية تكدب الغطاس»، ويقول إن الناس اهتمت بالشكل والإجراءات ولم تهتم بالمضمون، والحقيقة أنه لا يوجد فى البحث العلمى على الإطلاق شيء اسمه مضمون بدون إجراءات علمية دقيقة، لأنه بدون ذلك قد يكون المضمون خيالات وأوهاما. وقال الأستاذ إن الهجوم على الجهاز «كان خوفا من المنافسة بين أطباء الكبد وأنه قد تم علاج 300 مريض وتم شفاؤهم تماما». وأنا أتمنى أن يكون هذا الكلام صحيحا يتم إثباته علميا بالنشر فى كبرى المجلات العالمية وتحقيقه بجهات علمية محايدة، حينئذ سوف ننحنى جميعا أمام هذا الاكتشاف الجبار الذى سوف ينتشر فى العالم كله ويحقق المليارات لمخترعيه ولمصر.

وأخيرا نشرت «الشروق» حديثا بقلم رئيس التحرير بأنه خلال اجتماع مع قادة الجيش كان أن هناك استياء منهم بسبب النقد الذى تم توجيهه إلى هذا الجهاز، وأنا أعتقد أن أى نشاط للجيش فى الحياة المدنية مثل تقديم هذا الجهاز أو أى نشاط مدنى آخر فى الطب والهندسة والسوبر ماركت ومحطات البنزين وإنشاء الطرق وغيرها يجب أن يخضع للنقد والتمحيص مثله كمثل أى مشروع تقدمه أى جهة مدنية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك