كما يبدو من نتائجها، فإن المعركة الدائرة بين جيش الاحتلال الإسرائيلى وفصائل المقاومة الفلسطينية فى غزة، غير متكافئة تماما، سواء من حيث القدرات العسكرية أو الخسائر البشرية والمادية، فهى تدور بين قوة عسكرية إقليمية مدججة بترسانة ضخمة من أحدث أنواع السلاح، وبين تنظيمات فلسطينية لا تملك سوى سلاح دفاعى خفيف وبعض الصواريخ
لكن معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية بكافة توجهاتها من يمينية ودينية ويسارية، تقدم صورة مخالفة للواقع تتعلق بميزان القوى، فإسرائيل، وبحسب الصورة التى ترسمها الصحف الإسرائيلية، هى التى تتعرض لهجوم متواصل من أطراف متعددة، بينما غزة هى معقل العدوان على إسرائيل.
وقد تجاهلت الصحف الإسرائيلية الحديث عن ضحايا قصف الطائرات والزوارق الحربية الإسرائيلية لغزة، الذين بلغ عددهم 172 شهيدا وأكثر من 1180 جريحا، وركزت على «الضحايا الإسرائيليين» (معظمهم مصابون بحالة هلع).
وبما أنه لم يعلن رسميا حتى الآن عن سقوط قتلى إسرائيليين، فإنها تبرز صور الخسائر المادية، كاشتعال النيران فى سيارة بمدينة أسدود، أو سقوط صاروخ على منزل وإصابة سكانه بإصابات طفيفة، أو مصابين بـ«هلع» من صواريخ المقاومة. ونتيجة ذلك أن يشعر الإسرائيلى بأنه هو الضحية، وأن على الجيش أن يواصل قتله للفلسطينيين
صحيفة «هاآرتس»، التى تتبنى خطا يساريا معتدلا، كانت الصحيفة الوحيدة التى دأبت على نشر أعداد الضحايا الفلسطينيين، بل وأبرزت أن 40% من الضحايا هم من المدنييين. ورغم أن الإعلام الإسرائيلى فى معظمه هو إعلام خاص يحظى بحرية كبيرة دون سيطرة الدولة عليه، إلى حد أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنامين نتنياهو، اشتكى مؤخرا من أن الإعلام يعرض آراء اليسار الإسرائيلى فقط.
والإعلام الإسرائيلى، وكما أثبتت الحروب التى خاضتها إسرائيل مع العرب، يتبنى موقف المؤسسة العسكرية والسياسية، وتحول إلى بوق للمؤسسة العسكرية، فالصحف الإسرائيلية تبنت جميعها مصطلح «الأضرار الجانبية»، الذى يستخدمه المتحدث باسم جيش الاحتلال لوصف الضحايا المدنيين الفلسطينيين، الذين لا علاقة لهم بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما اعتبره أحد الصحفيين الإسرائيليين «خبرا سيئا لسكان غزة».