في الذكرى 47 لتجليسه.. منصف سليمان يكتب: البابا شنودة لن يتكرر - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 7:48 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في الذكرى 47 لتجليسه.. منصف سليمان يكتب: البابا شنودة لن يتكرر


نشر في: الخميس 15 نوفمبر 2018 - 2:51 م | آخر تحديث: الخميس 15 نوفمبر 2018 - 2:51 م

البابا شنودة الثالث، تاريخ لا ينسى، وشخصية غير عادية، كنا من المحظوظين إذ عشنا في عصره، وشاهدناه، وشهدنا شخصية اعتقد أنها لن تتكرر إلا بعد آلاف السنين.
كانت أول مرة أشاهده فى أكتوبر عام 1965، حين كان يزور إبراشية قنا، ولأول مرة أسمعه يعظ، سمعت شيئًا غير معتاد، لغة سهلة وبسيطة وفصحى وليست عامية، عربية بسيطة يفهمها المثقف وغير المثقف.
ثم حديث نابع من الروح وتأملات لا يمكن أن تصدر من شخصية عادية، خرجت من المحاضرة مذهولًا، وقلت لأبي يومها شاهدت خطيبًا لم نسمعه من قبل، فقال لي لأنكم جيل لم يسمع خطباء مثل سعد زغلول ومكرم عبيد، "فأي واحد حيتكلم حيعجبكم"، ثم شاهده أبي وقال: "سمعت خطيب مفوه لا نظير له".
منذ ذلك التاريخ أصبحت اتتبع خطواته، وأكون حيث أسمع أنه يعظ، وكان ينظم لقاءات أسبوعية في جمعية الاقتصاد والعلوم السياسية في شارع رمسيس بالقاهرة، هو والشيخ أحمد حسن الباقوري، وكان يتكلمان في موضوع واحد يمس مكارم الأخلاق.
وكان شارع رمسيس يزدحم لأخره في يوم الخميس لسماع محاضرة الأنبا شنودة والشيخ الباقوري، واستمر ذلك حتى صار بطريركًا وانتقلت المحاضرة لمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وكان حديث الأربعاء الذي ينتظره كل مصري، وكان ينشر مقالات في جميع الصحف المصرية يقرأها كل مصري يجد فيها ما يحبه من حديث عن الأخلاق.
اقتربت من قداسته كثيرًا، بعد انتهاء أزمة 1985 وخرج من الدير، وكان لي لقاءات متعددة وحوارات متعددة، أخرج منها وأنا أتعجب من رجاحة الفكر والتمسك بالفضائل والوطنية الشديدة، كان معلمًا قديرًا، وهو ما سيطر على أسلوب حياته أنه معلم.
وأذكر أنني ذهبت مرة لأحصل على توقيعه على عقد مسجل، وبرفقتي موثق بالشهر العقاري، وكان مريضًا في 2007، وبادر بالتوقيع، ثم نظر لي وقال "عايز حاجة تاني؟"، ثم قال الموظف: "احكيلي وكلمني عن الشعر قداستك"، فقاله "أنا تعبان"، قاله: "يمكن مقدرش أقابلك تاني".
ثم نظر لي البابا وقال: "خذ العكاز وحطه على الحيطة، وألغي المواعيد كلها"، وأجاب الموظف على أسئلته في ثلاث ساعات.
وكنت أراقبه وهو يلقى علينا محاضرته، كنت أشعر أنه كلما يتكلم أنه يزداد شبابًا.
كان يتمتع بقدرة فائقة على الفكاهة، وكان شهمًا وجريئًا.
كنت في حضرته، وتحدث إليه الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، وقت الحصار في رام الله عام 2001، ثم اتصل بشيخ الأزهر الراحل، محمد سيد طنطاوي، وطالبه بعمل مؤتمر لتأييد ياسر عرفات غدًا، في الكاتدرائية، وشاهدنا مظاهرة وطنية عربية مصرية لتأييد عرفات، ولا أنسى هذا المؤتمر وأثره.
ذكريات البابا شنودة، لا يكفيها حديث أو بضع كلمات، لتاريخ قديس كان يعيش على الأرض، وتولى منصبه وكان للكنيسة القبطية ثلاث كنائس في الولايات المتحدة الأمريكية، وتركنا وغادر الحياة ونحن لدينا هناك أكثر من 300 كنيسة و3 أديرة و3 إبراشيات، وفى عهده امتدت الكنيسة القبطية وأصبحت كنيسة دولية، وكان شغله الشاغل مصر.
البابا شنودة، خير تكريم له أن نسير على مبادئه، وهو مازال يتألق بأعماله وحبه لمصر.

-------------
* الكاتب: محامي البابا شنودة الثالث وعضو المجلس الملي والمستشار القانوني للكنيسة الأرثوذكسية



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك