بعد أكثر من 20 يوما على مذبحة مسجد قرية الروضة فى مركز بئر العبد بشمال سيناء، والذى يعد أكبر حادث إرهابى شهدته سيناء ومصر وراح ضحيته أكثر من 300 شهيد وإصابة العشرات، رصدت «الشروق» كيف بدأت القرية تطوى أحزانها بالإعانات والتأهيل والمشروعات الخدمية.

فى اليوم الأول بعد وقوع المذبحة، صدق الرئيس عبدالفتاح السيسى على مساعدات للضحايا بواقع 200 ألف جنيه لأسرة كل شهيد، و50 ألف جنيه للمصاب، بينما قرر المحافظ السيد عبدالفتاح حرحور، صرف إعانات عاجلة لهم، بواقع 10 آلاف جنيه لأسرة كل شهيد، و5 آلاف جنيه لكل مصاب، وتبع قراره بزيارات متواصلة إلى القرية، لمواساة الأهالى والإشراف على عمل الفرق. 

وقال مدير عام التضامن الاجتماعى فى شمال سيناء منير أبوالخير، إنه تم اعتماد 70 مليون جنيه لصرف التعويضات المقررة، بواقع 50 مليون جنيه من وزارة المالية، و20 مليون جنيه من وزارة التضامن الاجتماعى، أما بخصوص إعانات المحافظة فتم صرف 5 آلاف جنيه لكل من الـ102 مصاب، و10 آلاف جنيه لأسرة كل شهيد، فضلا عن 5 آلاف جنيه لـ275 حالة، مقدمة من إحدى الجهات.
فى نهاية الأسبوع الأول بعد الحادث الإرهابى، شارك شيخ الأزهر أحمد الطيب، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، فى أداء صلاة الجمعة فى مسجد القرية، وسط حضور شعبى كثيف، وتم تغيير اسم المسجد إلى «روضة الشهداء» بدلا من الاسم القديم «مسجد بلال»، وأعلن شيخ الأزهر حزمة إعانات لأهالى القرية، شملت البدء الفورى فى توسعة معهد الروضة الابتدائى، وتحويله إلى إعدادى وثانوى، بجانب صرف معاش شهرى للأرامل والمحتاجين من بيت الزكاة.

كما شملت القرارات إعفاء طلاب قرية الروضة من المصروفات الدراسية حتى الانتهاء من الجامعة، بجانب حج الأرامل فى العام المقبل على نفقة الأزهر، وتسكين طلاب وطالبات جامعة الأزهر فى المدن الجامعية، وفتح اتصال مباشر مع المحافظ وشيوخ القبائل والمشيخة لتلبية الاحتياجات فورا، وتوجيه قوافل دعوية وطبية لأهالى شمال سيناء، وخاصة بئر العبد.

وقال رئيس مركز ومدينة بئر العبد نصر الله محمد، إنه منذ اليوم الأول تم تشكيل فرق الإغاثة والعمل، وأعيد تأهيل شبكة الكهرباء الداخلية فى القرية، وتم رفع الأسلاك الهوائية لخط الضغط العالى وتحويلها إلى مسار أرضى، كما تم البدء الفعلى فى حصر المنازل تمهيدا لإعادة تأهيلها.

وأشار نصر الله، فى تصريحات صحفية، إلى وصول فرق جهاز التعمير وتنفيذه أعمال الرفع المساحى للمنطقة التى سيتم فيها إنشاء 300 وحدة سكنية لصالح أهالى القرية مزودة بالمرافق، كما تم اختيار 3 مواقع لتنفيذ المشروعات، وهى 12 فدانا لعمل صوب زراعية، ومساحة 20×30 فدانا لإقامة مزرعة إنتاج حيوانى، و100× 200 متر لإقامة مصنع لإنتاج الملح.

وأضاف أن «قافلة الخير» وصلت من محافظة الوادى الجديد لدعم أهالى الروضة، وأقلتها 3 شاحنات، متضمنة عددا من المواد الغذائية، شملت 10 أطنان دقيق، و10 أطنان أرز، و2 طن سكر، و127 كرتونة زيت، و100 كرتونة صلصة، و146 كرتونة مكرونة، و3.5 طن بلح، بجانب كمية أعلاف خاصة بأغنام المواطنين، تضم 5 أطنان ذرة صفراء، ونصف طن نوى، و30 طنا من البرسيم. 

وتكفلت شركات خاصة وجمعيات أهلية بضخ إعانات للأهالى، شملت إعادة فرش مسجد القرية بسجاد جديد، خلافا لتكفل جمعية الأورمان بتزويد سكان القرية بـ1000 رأس أغنام، تم تسليم 225 رأسا منها للأهالى حتى الآن، كما حصر فريق الأورمان 50 بيتا أولى بالتأهيل، من ضمن 415 بيتا تضمها القرية، وقدم الهلال الأحمر 1000 بطانية و500 كرتونة مواد غذائية للأهالى.

كما أتمت اللجنة القضائية التابعة لمحكمة شمال سيناء، المخصصة لضحايا قرية الروضة، تحرير 285 إعلام وراثة لأسر الضحايا، تقدمت الأسر بها إلى اللجنة المنعقدة فى مركز بئر العبد، وتم تحرير 110 إعلانات وصاية، فى الوقت الذى يستمر عمل اللجنة فى مقر مركز إعلام بئر العبد.

ونظمت مديرية الطب البيطرى حملة لفحص وعلاج رءوس المواشى فى الروضة، حيث تم فحص 111 حالة بالسونار، وعلاج 43 من الأمراض الباطنة، وإجراء 11 عملية جراحية، وتقديم علاج وفحص لـ1315 حالة من الطفيليات الداخلية والخارجية، مع إجراء فحوصات أخرى لـ1203 حالات.

وفى الجمعة الثالثة، وصل 15 عضوا من مجلس النواب لأداء الصلاة فى مسجد القرية، برئاسة رئيس اللجنة الدينية أسامة العبد، وبحضور محافظ شمال سيناء، وتم استطلاع مطالب أهالى القرية، وتقديم واجب العزاء لهم.

كما أكدت وكيل وزارة التربية والتعليم ليلى مرتجى، وصول 17 خبيرا من وزارة التربية والتعليم لتقديم التأهيل النفسى والدعم التعليمى لطلاب مراحل المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية فى قرية الروضة، بخلاف فرق المديرية التى تنظم زيارات شبه يومية إلى مدارس القرية. 

وقالت مقررة المجلس القومى للمرأة فى شمال سيناء حسناء الشريف، إنه تم الانتهاء من تصوير ٦٠٠ بطاقة رقم قومى لأهالى الروضة والقرى المجاورة على مدى 3 أيام، بخلاف زيارات الدعم النفسى لسيدات وأطفال القرية، كما نظم فرع المجلس القومى للسكان برئاسة نوال سالم، زيارات متتالية، وقدم تسهيلات لاستخراج الأوراق الثبوتية للأهالى، فيما وصلت فرق دعم طبى للكشف المجانى وتقديم الأدوية للسكان. 

كما أكد وزير التنمية المحلية هشام الشريف، أن سيناء محل اهتمام كبير من القيادة السياسية ورئاسة الوزراء، مستعرضا الإمكانيات البشرية والموارد المختلفة لمركز بئر العبد، تمهيدا لتنفيذ برنامج عمل لتحقيق أكبر فائدة منها.

وقال الوزير، خلال زيارته للقاء أهالى بئر العبد فى 9 ديسمبر الحالى، بحضور محافظ شمال سيناء، الذى استهله بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح ضحايا مذبحة الروضة: «جئنا هنا لنبنى معا ونعمر، ونحول هذه المنطقة إلى أجمل منطقة فى العالم، وليس فى مصر فقط».

وقال محافظ شمال سيناء إن زيارة الوزير تهدف إلى الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة من الجهاز التنفيذى والقيادات الشعبية فى بئر العبد لتطوير المنطقة، فيما عرض رئيس المركز نصرالله محمد، طبيعة المنطقة وإمكانياتها فى جميع المجالات فى فيديو موجز، خاصة فى مجال استغلال الثروة السمكية، والمجال الزراعى، ومسار ترعة السلام، موضحا أنه يجرى تجهيز مستشفى مركزى مطور.

وقال رئيس «قرية قاطية» سليمان سالم إن مقومات القرية تحتاج إلى دعم بالصوبات الزراعية والمناحل، والأسمدة، والقضاء على ذبابة الزراعات، وأشار رئيس قرية رابعة أحمد سليم ثابت، إلى حاجة القرية إلى مواجهة البطالة بتشغيل الأيدى العاملة، وإنشاء مصنع ملح، وأحواض سمكية، ومصنع تدوير قمامة.

وتحدث الشيخ سيد عودة نصر، من وجهاء مركز بئر العبد، أن أبرز مطالب الأهالى يتركز فى توزيع أراضى ترعة السلام، وإعادة النظر فى قرار تحديد حرم الطريق الدولى بـ150 مترا، وإنشاء ميناء صيد شرق رمانة لخدمة الجميع، مع تعيين شباب الخريجين، وتسهيل الانتقال من معديات قناة السويس، والسعى إلى إيجاد مستثمرين لاستغلال منطقة بئر العبد الصناعية التى تم ترفيقها، مع تحويل قريتى رابعة ورمانة إلى مدينة.

وسجل وزير التنمية مطالب الأهالى ورؤساء القرى، مؤكدا أنه سيتابع تنفيذ المطالب التى تخص الوزارة، ويعمل على التنسيق لتحقيق المطالب الأخرى مع الوزارات المختصة.

وقال المسئول الإعلامى بمجلس مدينة بئر العبد، فى شمال سيناء صابر غانم، إن المجلس بدأ حصر وتسجيل الطلاب من مختلف الجامعات والمدارس والمعاهد الفنية لإعفائهم من مصروفات الدراسة، والخريجين والعمال والحرفيين من أبناء مركز ومدينة بئر العبد، والمقيمين بها بشكل دائم من غير العاملين فى أى جهة حكومية أو فى القطاع العام لتشغيلهم.

ودعا «غانم»، فى تصريحات صحفية، شباب الخريجين إلى تسجيل أسمائهم لدى العلاقات العامة بمجلس المدينة، مع إحضار صورة المؤهل الدراسى وصورة الرقم القومى، معلنا حصر طلاب جامعة الأزهر من بئر العبد، تنفيذا لتوصيات شيخ الأزهر أحمد الطيب، تمهيدا لإعفائهم من مصروفات الدراسة والمدن الجامعية، وتسكين من لم يتم تسكينه حتى الآن.

وعلى الجانب الأمنى، تم تخصيص خدمات ثابتة فى داخل وخارج محيط قرية الروضة، تقوم بالحراسات على مدى الساعة، كما تواجد أفراد أمن على أسطح البنايات ومئذنة المسجد، وتم ضع بوابات إلكترونية للكشف عن المفرقعات، فى إطار التصدى لعمليات إرهابية محتملة.