الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل لـ«الشروق»: الحكام العرب عاملوني بشراسة.. والقذافي دعاني للإسلام - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:15 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل لـ«الشروق»: الحكام العرب عاملوني بشراسة.. والقذافي دعاني للإسلام

امين الجميل رئيس لبنان السابق تصوير جيهان نصر
امين الجميل رئيس لبنان السابق تصوير جيهان نصر
حوار ــ إسماعيل الأشول:
نشر في: الثلاثاء 17 يناير 2017 - 10:13 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 17 يناير 2017 - 12:36 م

الثورات العربية تم اختراقها وتحييدها عن مسارها الطبيعى.. ولا حل ولا استقرار ولا سلام للعرب دون مصالحة بين مصر والسعودية
حكامنا مشروع سلطة لا مشروع وطن.. والمواطن ينقض على المستبدين حين يشعر بضعفهم
الديمقراطية ليست اختراعًا غربيًا.. وأدعو العرب إلى الحوكمة الصالحة
توقعت ما حدث فى «الربيع العربى» لأن الزوال مصير البناء على الرمال
كان هدفى من اتفاق 17 مايو (أيار) تحرير لبنان.. ومصر لم تتحرر إلا بعد كامب ديفيد
إسرائيل دولة عدو وليست جمعية خيرية.. والجهل أخطر ما يهدد العرب
إذا كنا نريد مصلحة الشعوب فلابد من الموازنة بين الأمن والحرية فى زمن الإرهاب
لبنان حافظ على توازنه بسبب قيمة «الحوار» التى سنحافظ عليها برموش العين.. وقبول الآخر شرط الاستقرار وشرط ممارسة الإنسانية
علاقتى بمبارك كانت ممتازة وكنا كلما طلبنا دعمًا من مصر وجدناه
لم يكد الرئيس اللبنانى الأسبق أمين الجميّل ينتهى من تلقى العزاء فى وفاة شقيقه الأصغر بشير، الذى اغتيل بعد ثلاثة أسابيع فقط من انتخابه عام 1982 رئيسا للبنان، حتى خلفه فى الرئاسة قبل نهاية العام نفسه.


وارتبط اسم الجميّل، المولود عام 1942 فى بلدة بكفيا بجبل لبنان لأسرة يمتد تاريخها لنحو خمسة قرون، باتفاق السابع عشر من مايو (أيار) عام 1983، ذلك الاتفاق الذى أبرمه مع الإسرائيليين برعاية أمريكية، وأثار غضبا واسعا، ولم يعش أكثر من تسعة أشهر وثمانية عشر يوما، حيث اضطر لإلغائه فى الخامس من مارس عام 1984 بعد استهداف القوات الفرنسية فى بلده.
وكان الاتفاق، الذى جاء بعد الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 1982، يرهن انسحاب إسرائيل من لبنان بخروج القوات السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية وعدم نشر أسلحة ثقيلة جنوب البلاد.
ست سنوات قضاها الجميّل بين عامى 1982 و1988 فى حكم بلده المعروف بأنه «مرآة العرب»، وفى مرحلة بالغة الخطورة من الحرب الأهلية اللبنانية التى استمرت ما بين عامى 1975 و1990.
ثلاثون عاما إلا قليلا مرت على ترك الجميّل ــ نجل الشيخ بيير الجميّل مؤسس حزب الكتائب ورئيسه لأربعة عقود ــ مقعد الرئاسة، رأى فيها أخيرا، رئيس حكومته سابقا العماد ميشال عون، يعود مجددا، ومن أوسع الأبواب، لقصر بعبدا الجمهورى.
وعلى الرغم من انشغال الجميّل، خريج القانون والعلوم السياسية وعضو المجلس الوطنى سابقا، فى مؤسسة بحثية حاليا، إلا أنه يؤكد فى السطور القادمة من حواره مع «الشروق» والذى أجريناه بالقاهرة على هامش حضوره مؤتمر مكتبه الإسكندرية «الأمن الديمقراطى فى زمن التطرف والعنف»، على الصلة الوثيقة بين البحث والسياسة... وإلى نص الحوار:

 أريد أن أبدأ معك من الانتساب المصرى فى شخصية أمين الجميّل.
ــ علاقاتنا مع مصر علاقات مميزة، ونعتبرها الراعى الأول لكل الشئون العربية. على مدى التاريخ تولت مصر قيادة العمل العربى، ونأمل أن تعود لهذا الدور الطبيعى. أما إذا كنت تقصد علاقتى العائلية، فوالدتى مصرية ولدت فى مصر وعاشت فى بلدة المنصورة ولم تزل عائلتها موجودة فيها.
ولاشك أن هذا التنوع فى العائلة، موضوع غنى يعطى بعدا شديدا للإنسان وأنا فخور بالانتماء للبنان ولجذور مصرية.

 توليت المسئولية فى فترة من أحرج الفترات (1982 ــ 1988).. كيف تنظر اليوم إلى ما يمر به العالم العربى؟
ــ العالم العربى يتخبط فى مشكلات عديدة، فمنذ خرج من حقبة الانتداب والاستعمار ــ وكأنه لم يتعلم حقيقة من تجارب الماضى ــ فهو يكرر تلك الأخطاء، وبدلا من أن يتحرر من قيود الاستعمار والانتداب والاحتلال، خلق مشكلات جديدة ذاتية من الداخل، وهى عدم استيعاب ضرورة الحوكمة الصالحة فى البلدان.
وهناك مسئولية كبيرة على عاتق المسئول العربى والمجتمع المدنى العربى فى عدم مواكبة الحداثة بشكل جدى وبشكل عملى، وهو ما يعرض العالم العربى لمزيد من الانتكاسات.
بالإضافة إلى أن هناك بعض العناصر التى يجب أن نتوقف عندها، وهى: أولا الحوكمة الصالحة، ونعرف تماما أن مشروع الحكام إجمالا فى العالم العربى هو مشروع سلطة وليس مشروع إقامة وطن، وهذا له انعكاس على حسن سير المؤسسات من فقدان الحوكمة الصالحة والمسئولة.
اهتمامنا كعرب يتركز على السياسة والمصلحة الآنية الذاتية على حساب المصلحة الوطنية، هذا ما نعنيه بالحوكمة القائمة اليوم البعيدة كل البعد عن الحوكمة الصالحة.
أما موضوع التربية، فهناك تقصير كبير على صعيد التربية، لأن التربية هى تربية النشء على حس المسئولية والحرية وإدراك مصالح البلد.
العنصر الآخر هو الاقتصاد؛ هناك ثروات طائلة فى العالم العربى، ولم نحسن استثمار تلك الثروة، وهذا له تأثير على وضع البلاد ككل، فعندما تتعثر الخطة الاقتصادية أو يكون اقتصاد همجى أو فوضوى، فهذا يؤثر على التنمية وعلى كل القطاعات التى من شأنها أن تساعد فى تنمية البلاد.
كما لا توجد أى خطة جدية لوقف الفساد ولا أجهزة رقابة حقيقية، لأنه هذه الأجهزة ليست من مصلحة السلطات أو النظام لكى يهمل ثروات الوطن لأغراض سياسية سطحية أو لأغراض شخصية أنانية.
 إلى أى مدى ترى أن كون حكامنا يمثلون مشروع سلطة لا مشروع وطن، يعزز شوكة الإرهاب؟
ــ تابع لبعضه، فحين يشعر المواطن بأن الدولة لا ترعاه بما فيه الكفاية يلجأ إلى مراجع أخرى، لذلك أتت بعض الجماعات المتطرفة تقنع الشباب بأن الحل هو بهذه القراءة للدين وهذه الآلية الصالحة للإنقاذ من خلال التطرف والعنف السياسى والتعصب وإلى ما هنالك، وبالتالى أركز على الحوكمة الصالحة التى تقنع المواطن أنه مواطن درجة أولى وتعزز المواطنية عنده وتقنعه أن الدولة حريصه على مصالحه وعلى مستقبله.
وأركز على التربية لكون التربية العنصر الأساسى فى إبعاد الشباب عن التطرف والعنف، والاقتصاد لأنه يخلق نوع الحياة الكريمة للمواطن بما يحقق له حاجاته الأساسية، وبالتالى يقتنع بمنطق المؤسسات ومنطق الدولة ويبتعد عن منطق العنف والتطرف.

 الحوكمة الصالحة، هل هى مرادف للديمقراطية على النظام الغربى أم أنها من الممكن أن تراعى ظروف بعض المجتمعات العربية التى لا تتوافر فيها شروط الديمقراطية الغربية؟
ــ ليس الغرب الذى خلق الديمقراطية والحرية، نعرف تماما أن فى أوروبا خلال العصور الوسطى كانت العبودية موجودة والعنف والتسلط وكل أنواع الدكتاتوريات. ونحن فى العالم العربى كان لدينا نوع خاص من الديمقراطية.
الديمقراطية هى مفهوم الحرية وليست حكرا على أوروبا ولا على غير أوروبا، ونحن بإمكاننا كدول عربية أن يكون لدينا ديمقراطية ذاتية، المهم أن تحترم حقوق الإنسان وحريته، وتحقق التنمية الطبيعية، وتؤمن حياة كريمة للمواطن، وتشرك الإنسان العربى بإدارة شئون وطنه، هذه هى الديمقراطية الحقيقية، الديمقراطية ليست شعارا وإنما ممارسة، أن يتحمل المواطن مسئوليته ويشارك فى إدارة شئون الوطن، ويكون له دور فى رسم مستقبل البلد.
توجد تجربة فى مصر طويلة نحو ممارسة ديمقراطية صحيحة، وفى لبنان، وفى تونس أخيرا، وفى بعض الدول العربية. إذن موضوع الديمقراطية ليس ميئوسا منه إنما هناك لسوء الحظ بعض السلطات تمعن بفرض نوع من الدكتاتورية ونوع من حوكمة فاسدة ونوع من تربية غير صحيحة ومفسدة، وبالتالى تظهر هذه المشكلة.
أما فى الدول العربية، فهناك طاقات خيرة ومتقدمة، وكذلك الأمر هناك حوكمة طبيعية صالحة فى بعض الدول، ولدينا ثروة طبيعية طائلة، لماذا لا نستغل هذه الطاقات من أجل وضع العالم العربى على خط التنمية الكاملة ونحو التطور والحداثة.

 حين كنت رئيسا للبنان عاصرت عددا من الحكام العرب الذين أطاحت بهم ثورات أو انتفاضات الربيع العربى.. هل كنت تتوقع أن ينتهى بهم الحال كذلك؟
ــ نعم كنت أتوقع لأن كل شىء مبنى على الرمل يزول، وكل شىء غير طبيعى يزول، وهذه الدكتاتوريات وهذه الأنظمة لم تكن تعبر حقيقة عن مشاعر الناس، فمن الطبيعى أن يثور الناس عليها. وعندما يشعر المواطن بضعف المستبد ينقض عليه، ومن الطبيعى أن هذه الأنظمة المستبدة لم تحقق طموحات الشباب وبالتالى انتفض الشباب عليها، وإنما لسوء الحظ تم اختراق هذه الثورات وتحييدها عن مسارها الطبيعى.

 إلى أى مدى حافظ لبنان على توازنه على الرغم من كل الخراب الذى ضرب العالم العربى فى السنوات القليلة الماضية؟
ــ واقع الأمر يدل على أن لبنان على الرغم من كل الاضطرابات السائدة فى المنطقة حافظ على حد بعيد من الاستقرار، وسر هذا الاستقرار هو ثقافة الحوار التى يتمتع بها الشعب اللبنانى. بأحلك الظروف بقى الحوار قائما بين كل الأطراف وجنبوا لبنان الكوارث التى حلت بدول مجاورة.

 هل ما زلت ترى صيغة النظام السياسى اللبنانى صالحة للاستمرار أطول أم أنها بحاجة لإعادة نظر؟
ــ كل نظام بحاجة للتطوير، إنما مبدأ هذا الحوار الذى هو الحرية والانصهار بين كل مكونات المجتمع اللبنانى، كل هذه قائمة وسنحافظ عليها برموش العين، لأنها ميزت لبنان عن باقى الدول، وحفظت دور لبنان، وجعلت منه رسالة أممية حيث كل هذه المكونات من مذاهب وطوائف وملل تفاهمت على مصلحة مشتركة وقواسم مشتركة وأهداف وقيم مشتركة، وهى التى حفظت لبنان فى هذه المرحلة الصعبة بالمقارنة مع اقتتال مرير بين مكونات الشعوب المجاورة.
وقد حافظ لبنان على الاستقرار وعلى مبدأ الدولة والنظام، وإن كانت هناك مطالبات بتطوير هذا النظام.

 قبل أن تترك الحكم فى لبنان بساعات أدخلت العماد ميشال عون قصر بعبدا الجمهورى رئيسا للحكومة، خرج بعد ذلك إلى المنفى مضطرا، ثم عاد أخيرا، وبعد سنوات طويلة، رئيسا للبنان.. كيف تنظر للرئيس عون ومشروعه فى الحكم اليوم؟
ــ يقتضى ذلك أن ننتظر ونرى ممارسة الرئيس عون فى الحكم، وعلى ضوء ذلك يدلى الإنسان بوجهة نظره. علينا أن ننتظر بعض الوقت من أجل تقويم الواقع السياسى.

 وماذا عن موقع حزب الكتائب فى اهتماماتكم حاليا؟
ــ أنا الآن مسئول عن مؤسسة فكرية بحثية اسمها بيت المستقبل، أنشأتها منذ أربعين سنة، توقفت عن العمل بفترة معينة بسبب الغربة القصرية عن لبنان، واليوم نعيد إنشاء هذه المؤسسة الرائدة.

 هل هذا يعنى أنه لا مجال ليعود أمين الجميّل للسياسة مرة أخرى؟
ــ لا يمكن أن تفصل البحوث عن السياسة، فسياسة بلا بحوث تصبح عقيمة، وبحوث بلا سياسة تصبح بلا فائدة.

 هل نتوقع إعادة ترشحك مرة أخرى لرئاسة لبنان؟
ــ همى الآن هو الوضع الحالى، والمستقبل لله.

 نعم.. لكن نتحدث عن احتمالات الترشح نفسها.
ــ انتخبنا رئيسا لمدة ست سنوات.. وبعد الست سنوات يخلق الله ما لا تعلمون.

 يتخوف كثيرون من تغير خريطة العالم العربى التى كرستها اتفاقية (سايكس ــ بيكو).. هل تتوقع حدوث تغيرات لحدود بعض الدول فى تلك الخريطة؟
ــ أعتقد أن المبادئ الأساسية لاتفاقية (سايكس ــ بيكو) ستبقى كما هى، لكن قد نرى نوعا من إعادة رسم الخريطة السياسية الداخلية، ومزيدا من الحكم الذاتى، واللامركزية، وترتيبات جديدة على صعيدة الأنظمة، إنما على ما يبدو لا سوريا ستتغير جغرافيا ولا العراق ولا لبنان.

 كيف يمكن مواجهة الدعوات الطائفية والمذهبية؟
ــ بتشجيع الحوكمة الصالحة ومن خلال التربية لتنشئة الأجيال على أسس صحيحة، وتأمين رفاهية للشعوب، الشعب الذى يعيش فقيرا يلجأ دائما للتطرف، محاربة التطرف تكون بالحكم الصالح والاقتصاد والتنمية المتوازنة والتربية المنفتحة.

 وكيف تنظر لوضع مسيحيى الشرق اليوم؟
ــ ليسوا على أحسن حالاتهم، نعرف تماما أن الفئات المسيحية فى العراق تتعرض لهجمات مباشرة وكذلك الأمر فى سوريا ولبنان بقدر أقل ولكن الأمر كذلك وقد مرت مرحلة صعبة. أما فى مصر فنعرف أنه على الرغم من كل الجهود التى تبذلها السلطة لتعزيز الوحدة الوطنية فهناك صعوبات تعانى منها بعض الفئات.

 عانيت الاغتيال مرتين.. من الشقيق الرئيس بشير الجميل عام 1982 إلى الابن الوزير بيار الجميل عام 2006.. كيف تنظر لفكرة الاغتيال الجسدى؟
ــ عمل ليس موجها ضد المسيحيين، وإنما موجه ضد الإنسانية، نعرف تماما أن هناك العديد من المسلمين يضطهدون ويقتلون كل يوم، داعش لم تترك أحدا، وهو عمل ينطوى على أحادية فى المنطق غير مقبولة، قبول الآخر شرط الاستقرار وشرط ممارسة الإنسانية.

 بم تفسر لجوء الإنسان إلى فعل القتل للتعبير عن موقف سياسى أو دينى؟
ــ المسئولية عند طرفين؛ الطرف الأول هو: المبشرون بالدين، ونحن المسيحيين عشنا هذه المرحلة فى القرون الوسطى، حيث نظام المحاكم الدينية وكانت أعنف مما يحصل الآن، وكان يتم حرق الإنسان حيا، مررنا بهذه المرحلة وانتصرنا عليها، ونأمل أن يتمكن الإنسان العربى من الانتصار على هذه الحركات ويبنى المجتمع المتقدم، المنفتح، المجتمع الإنسانى. كلمة «إنسانية» مهمة. هناك مسئولية على رجال الدين وبعض المبشرين الذين يستعملون الدين لأغراض غير إنسانية.
أما الطرف الثانى فهو: بعض القادة أو بعض الدول التى تستفيد من هذه الشعارات وهذه الدعوات لتحقيق أغراض ذاتية ومصالح وطموحات.
حكمت لبنان على صفيح ساخن إن جاز التعبير.. هل لك أن تطلعنا كيف سارت الأمور وقتذاك مع الحكام العرب الذين أطيح بهم؟
ــ كان همى مصلحة لبنان أولا وتنمية الوطن وتنمية قدراته وتحقيق الحياة الكريمة للشعب اللبنانى، وعلاقاتى مع الآخرين كانت على هذا الأساس، لم أكن أريد التدخل فى شئون الغير، أو ليس علىّ أنا شخصيا أن أقيّم مدى انسجام هذه السلطات مع رغبات الناس فى الدول الأخرى وطموحات الشباب. هذا شأن داخلى، وليس على أن أدخل بهذه التفاصيل.
كانت علاقاتى طبيعية مع الأنظمة القائمة والمسئولين دون تقييم لمدى تجاوبهم مع رغبات شعبهم.

 ما أثير عن اتفاقية 17 مايو (أيار) ثم إلغائها.. هل كان لمصر دور من خلال حسنى مبارك أو غيره من رموز نظامه؟
ــ كانت ظروف البلد صعبة جدا، حصل الاجتياح الإسرائيلى سنة 1982 وكانت إسرائيل محتلة كل لبنان وكان الهدف عندى أولا وآخرا تحرير لبنان بأقل ثمن ممكن.
نعرف تماما أن مصر لم تتحرر إلا بعد اتفاقية كامب ديفيد التى جرت بالتفاوض مع إسرائيل والتفاهم على قواسم مشتركة. نحن حاولنا التفاوض مع إسرائيل مع الحفاظ على مبدأ السيادة اللبنانية وعلى مصالح لبنان الحيوية.

 هل تذكر مواقف محددة للحكام العرب وقتها مثل مبارك أو القذافى أو حافظ الأسد؟
ــ تعاملوا بشراسة ضدى فى ذلك الوقت لمنع لبنان من أن ينفرد، كما حصل فى مصر وحصل فى الأردن، بالتفاوض مع إسرائيل وكان لأغراض ذاتية وليس حرصا على مصلحة لبنان.
حاربونى، والبعض هدد بصدور أمور فيما لو استمررنا فى التفاوض مع إسرائيل، إنما كانت مصلحة لبنان أن نتفاوض لأن إسرائيل محتلة ولا أعتقد أن إسرائيل جمعية خيرية على استعداد أن تحرر لبنان بدون تفاوض وبدون تسوية معينة، وهذا ما سعينا أن نقوم به مع الحفاظ بشكل أساسى على سيادة لبنان واستقلاله ومصالحه الحيوية.

 بعد مرور كل تلك السنوات، كيف تنظر كمواطن عربى لبنانى إلى إسرائيل؟
ــ إسرائيل دولة عدو، ولديها أطماع واضحة فى فلسطين وخارج فلسطين كما حاصل الآن فى الجولان فى سورية مثلا، وما دامت علاقتنا مع إسرائيل تحكمها اتفاقية هدنة 1949 حتى نصل إلى اتفاقية سلام معها، وإذا تحقق ذلك فإن الوضع بين لبنان وإسرائيل سيبقى بهذا الشكل.

 هل تتوقع فى المدى المنظور أو البعيد أن تصبح إسرائيل جارة طبيعية للعرب؟
ــ لا أعرف، حتى الآن على ما يبدو أن الاتفاق الإسرائيلى مع مصر اتفاق بارد، ومع الأردن اتفاق بارد، والأمور فى كل الأحوال مرهونة بأوقاتها.

 كيف تنظر لفرص إقامة التوازن الممكن بين الأمن والحرية فى زمن الإرهاب وهو موضوع المؤتمر الذى حضرته أخيرا بالقاهرة ونظمته مكتبة الإسكندرية؟
ــ إذا كنا نريد مصلحة الشعوب والديمقراطية والحرية، فلابد أن نصل لحل فى هذا الأمر.

 ما أخطر ما يهدد العرب اليوم؟
ــ هو هذه الأصولية، وأعتقد وراء الأصولية الجهل. الجهل أكثر شىء يهدد العالم العربى والإنسان العربى. ولا تعمل السلطات لمعالجة هذه العلة الأساسية والعاهة التى هى الجهل.

 هل تذكر مواقف معينة جمعتك بالرئيس الأسبق حسنى مبارك؟
ــ كانت العلاقة ودية جدا مع مصر فى حقبة الرئيس مبارك والعلاقات الإنسانية معه كانت دائما ممتازة، كان يتفهم تماما وضع لبنان، ولم يعمل يوما ضد مصلحة لبنان، وكان دائما يمد يد العون فى الظروف الصعبة.

 هل من الممكن أن تذكر لنا موقفا محددا لهذه المساعدة؟
ــ لا أذكر.. كنت على تواصل معه، ومصر كانت دائما تمد يد العون بصورة عامة، «ما كان فيه شىء محدد» كان ذلك سلوكا طبيعيا، وكنا كلما طلبنا دعما من مصر، كنا نجده دائما موجودا.

 وفيما يخص الرئيس الليبى معمر القذافى..؟
ــ (مقاطعا): الله يرحم كل هذه القيادات، دعنا ننظر إلى المستقبل ولا نعود إلى الوراء.

 أود معرفة كيف جرت زيارتك للقذافى فى ليبيا حين كنت رئيسا للبنان؟
ــ كان هناك صراع مرير بيننا وبين القذافى وكان موقفه سلبيا جدا من الحكم فى لبنان ومن سياسة لبنان، فتدخل ملك المغرب الحسن الثانى وأتم مصالحة مع ليبيا، ومنذ ذاك الوقت استقر الوضع نسبيا بين لبنان وليبيا.
 وهل صحيح أن القذافى دعاك للإسلام فى لقائكما معا؟
ــ (ضاحكا) صحيح.. قال لى فى إحدى الجلسات: «إنت راجل ممتاز وبدى تكون مسلم».

 وماذا كان الرد من جانبكم؟
قلت له: بارك الله.. كلنا أبناء إبراهيم عليه السلام.

 ما الذى تود أن تختم به هذا الحوار؟
ــ مصر أم الدنيا، ومصر لابد أن ترجع تلعب دورها، والعالم العربى لن يستقر قبل أن تعود مصر تتعاون مع الأشقاء العرب، وتساهم فى معالجة المأساة التى يتخبط فيها العالم العربى.

 فى ضوء ما تقول.. هناك من يرى أن العلاقة بين مصر والسعودية ليست على ما يرام؟
ــ لابد من مصالحة بين مصر والسعودية، لا شىء يفرق بينهما، ومصيرهما مشترك، وعلى السعودية أن تتفهم واقع مصر وعلى مصر أن تتفهم واقع السعودية، ويكون هناك تفاهم بين الرئيس السيسى والملك سلمان بن عبدالعزيز، وذلك لخير مصر والسعودية والعرب أجمعين.
لا حل للعرب ولا استقرار ولا سلام فى العالم العربى مادام هناك هذا الخلاف، ومصر والمملكة بمقدورهما أن تلعبا دورا مهما جدا فى حل المشكلات العربية التى نتخبط فيها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك