لاجئو سوريا: «البحر من أمامنا والحرب من ورائنا» - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:48 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لاجئو سوريا: «البحر من أمامنا والحرب من ورائنا»

DW
نشر في: الأربعاء 17 سبتمبر 2014 - 9:30 م | آخر تحديث: الأربعاء 17 سبتمبر 2014 - 9:30 م

الهروب من الموت في الحرب الأهلية إلى الموت في البحر، هكذا يمكن وصف وضع اللاجئين السوريين الذين يغادرون بلدهم هربا من ويلات الحرب الأهلية ليجدوا أنفسهم يصارعون الموت بين أمواج البحر عند عبورهم إلى بر الأمان في أوروبا.

لاشك بأن الهجرة إلى الدول الأوروبية سعيا في البحث عن بداية جديدة ومستقبل أفضل أمرا كان يفكر به الكثير من السوريين قبل الثورة، وليس بسببها فقط، إلا أن شبح الحرب الذي مازال يخيم عليهم منذ أربع سنوات وما رافقه من قتل وتجويع وخطف سرًع عملية الهجرة وجعلها على نطاق أوسع على الرغم من الخطر الذي قد يحدق بالمهاجر جراء الطرق التي يسلكها عبر البحر وقوارب الموت. وكانت منظمة الهجرة العالمية قد أعلنت قبل يومين أن نحو 500 شخص من الساعين إلى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا اعتبروا في عداد المفقودين بعد حصول اصطدام بين سفينتين، ما قد يشكل "الحادث الأخطر" من هذا النوع خلال السنوات الماضية. وقال أحد الناجين الذي انتشلته زوارق خفر السواحل الإيطالية إن السفينة كانت تقل حوالي 500 شخص، بينهم عدد كبير من السوريين.

"البحر من أمامنا والحرب من ورائنا، لا يوجد عندي ما أخسره أكثر مما خسرته حتى الآن"، بهذه الجملة برر طارق، 25 عاما، الأسباب التي دفعته إلى قبول خوض هذه "المغامرة اليائسة"، فالوصول إلى إيطاليا ومنها إلى السويد التي يأمل أن تكون ملجأ له بات هو الحل الوحيد لكي يستطيع أن يكمل حياته بشكل طبيعي بعد أن سُدت جميع الطرق في وجهه، يضيف طارق قائلا " إنه اليأس والبطالة والتشرد ما يدفعنا نحن السوريين إلى هذا الأمر ،إنها السنة الثالثة التي انقطع فيها عن دراستي في الطب بسبب الحرب، فالموت الذي يحيط بنا من كل جانب، لا سبيل للخلاص منه إلا بالتفكير في الهجرة، عسى أن توصلنا إلى مكان يمكن أن نبدأ فيه من جديد".

لاجئون يستقلون قوارب غير صالحة للإبحار لمسافات طويلة

أمل تبدده قوارب الموت

قد تختلف الدوافع والمبررات بالنسبة للكثير من السوريين الذين يختارون أسلوب الهجرة غير الشرعية أملا في الهروب من واقعهم الأليم، إلا أن هذا الأمل سرعان ما تبدده "قوارب الموت" التي شهدت العديد من الحوادث المؤسفة، حيث كان مصير الكثير منهم إما الموت غرقا، أو ملفوظين على الشواطئ أو حتى في سجون الدول التي وصلوا إليها ليُعاد ترحيلهم من جديد.

إحدى هذه القصص التي انتهت بنهاية مأساوية قصة أبو خالد الذي اختار أن يضحي بنفسه بدلا عن ولده الذي أصبح في سن تأدية خدمة العلم الإلزامية، حيث اقترح عليه أحد الأقارب، كما يروي ابنه خالد لـ DW عربية، أن يقدم اللجوء إلى السويد عن طريق الهجرة غير الشرعية، وبعدها يتقدم بطلب "لمّ الشمل" لعائلته إلا أن الأمر انتهى بعكس هذه التوقعات. يقول خالد "لقد أقنعنا والدي بأنها الخطوة الأنسب ولا تعرض العائلة بأكملها للخطر وقبلنا بذلك على أن تكون شروط الرحلة مقبولة وغير خطرة وكلفه هذا الشرط خمسة آلاف دولار إضافية عن العشرة آلاف دولار الأساسية، إلا أن والدي تعرض لعملية احتيال ولم يفي المهرب بوعوده بالأمان، وكان آخر اتصال مع والده في ميناء زوارة الليبي وبعدها فقد الاتصال مع والده نهائيا "خالد الذي يحمّل نفسه مسؤولية غرق والده أصبح مجبرا الآن أن يلتحق بخدمة العلم وترك والدته وأخوته الأصغر سنا ليتحملوا أعباء الحياة وحدهم.

أما سعيد الذي لم يكن أوفر حظا من العم أبو خالد، لقي النهاية المأساوية نفسها،"فحماسه ورفضه من أن يتحول إلى رقم بفرع الأمن كانا السبب في حتفه وتحوله إلى رقم في قوائم المفقودين"، على حد قول شقيقه مالك لـ DW عربية. يتابع مالك "لقد كان أخي مطلوبا من إحدى الجهات الأمنية الأمر الذي أثر على عمله بتوزيع مواد التنظيف وأسلوب حياته بشكل كبير، ووجد في اللجوء السبيل الأنسب ليبدأ حياته من جديد بعيدا عن الضغوطات الأمنية"، أما عن ظروف رحلته فيقول مالك: "لقد كان سعيد يتحدث إلينا كلما سنحت له الفرصة ويروي لنا تفاصيل رحلته الشاقة من مصر إلى الجزائر ومنها إلى ليبيا عبر الصحراء، لقد كان آخر اتصال معه من ميناء زوارة الليبي، كان خائفا جدا، حيث وعدهم المهرب بأن القارب سيحمل مئة شخص فقط على متنه. ولكن المفاجأة كانت بوجود 500 شخص بانتظار القارب، كما وعدهم بهاتف ثريا وقبطان خبير يسير بهم، ولكن أي من هذه الوعود لم تتحقق وبعدها فقد الاتصال معه نهائيا". سعيد لم يدفع حياته فقط ثمنا لهذه الرحلة فحسب، بل أيضا أصبحت عائلته مضطرة إلى بيع منزلهم الذي وضعه كرهن ليتمكن من اقتراض المال لدفع ثمن هذه الرحلة المشؤومة.

الكثير من اللاجئين يصلون موتى إلى سواحل إيطاليا

من يتحمل مسؤولية هذه الحوادث

يرى السيد فادي حنا الذي يعمل حقوقيا وناشطا في قضايا اللجوء والتهريب "أن شبكات التهريب التي تستغل أحلام المهجرين السوريين وحاجتهم الماسة إلى هذه الطريقة غير الشرعية هي الرابح الأكبر من وراء عملية اللجوء إلى الدول الأوربية". ويضيف لـ DW عربية" تردني يوميا العديد من القضايا لأشخاص تم التغرير بهم من قبل شبكات التهريب التي استغلت حاجة هؤلاء وحولتهم إلى فريسة سهلة المنال ليجنوا من ورائهم الأرباح الباهظة غير آبهين لأي معنى من معاني الرأفة والإنسانية ".

كما يضع فادي اللوم على الكثير من السوريين أنفسهم ذات الوضع الاقتصادي والاجتماعي الجيد، حيث يستغل هؤلاء الفرص التي تمنحها الدول الأوربية باللجوء لديها بأخذ أمكنة أشخاص وعائلات بأكملها لها الحق فعلا باللجوء إلى هذه الدول وبالأخص ممن يعيشون في المخيمات أو آخرين فقدوا بيوتهم وعملهم في المناطق الساخنة والمدمرة، فيسلكون الطرق الآمنة نسبيا عن طريق دفع الأموال طمعا في حياة أفضل وأكثر رفاهية ويتركون الفقراء عرضة لمافيا التهريب وعمليات النصب والاحتيال، ويختم حديثه متسائلا "مهما كانت الظروف والمعاناة التي يعيشها السوريون فهل تبرر غايتهم في اللجوء الوسيلة التي يتخذونها بركوب قوارب الموت؟". سؤال يصعب الإجابة عليه. فظروف الهاربين من بلادهم مختلفة، ولهذا تكون الإجابات أيضا مختلفة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك