جدل في تونس حول العفو الرئاسي وعلاقته بانتشار الجريمة - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:06 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جدل في تونس حول العفو الرئاسي وعلاقته بانتشار الجريمة


نشر في: الجمعة 18 أبريل 2014 - 10:59 ص | آخر تحديث: الجمعة 18 أبريل 2014 - 10:59 ص

أصدرت الرئاسة بتونس قرارات عفو قاضية بإطلاق سراح مسجونين قبل انتهاء مدة عقوبتهم، لترتفع أصوات غاضبة من هكذا خطوة "عشوائية" ستؤدي بـ"المس بالأمن العام". بيد أن من شملهم العفو ينظرون إلى واقعهم من زاوية مختلفة.

سرقات تتم ليلا وعمليات سلب في وضح النهار. بعد القبض على مرتكبيها، اتضح أن عددا كبيرا منهم من أصحاب السوابق ممن شملهم قرار العفو الرئاسي الصادر عن رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي في العديد من المناسبات آخرها كان في التاسع من فبراير/ شباط 2014 تزامنا مع ذكرى عيد الشهداء.

تورط المساجين السابقين في جرائم جديدة، دفع البعض إلى المطالبة بـالحد من "منح العفو" بدعوى الحفاظ على الأمن. وفي هذا الإطار، تنظر نجاة عمارة، مدرسة بإحدى المدارس الابتدائية بمنطقة الكبارية إحدى ضواحي العاصمة التونسية، إلى قرارات العفو على أنها "عشوائية وغير مدروسة"، بدليل "عودة" الكثير من المعفى عنهم إلى السجن، كما تقول لـDWعربية، بعد أن قاموا بسلب الناس وترهيبهم بالسلاح الأبيض.

المصور الصحفي نضال عزام يشير إلى ظروف السجن القاسية والتي تأثر سلبا على سلوكيات نزلاء السجون.

إلى جانب السيدة نجاة، يستغرب وليد القروي كيف أن جارا له، متهم بالتورط في خمس عشرة قضية نهب وسرقة، مع أنه حصل قبل فترة وجيزة على العفو، متسائلا كيف يحق لشخص مثله التمادي في إجرامه دون رقيب أو حسيب؟!

ظروف الاعتقال

في المقابل، ينفي نضال عزام المصور الصحفي، من أن تكون لتلك الإشكالية علاقة بقرارات العفو أو بعدد المساجين المفرج عنهم، وإنما بالإجراءات المتخذة مسبقا قبل إصدار مثل هذه القرارات. وفي حديثه لـDWعربية يشير نضال إلى ظروف السجن القاسية والتي من شأنها التأثير سلبا على سلوكيات الأفراد، ومن ثمة لا بد من دراسة ومعاينة الحالات التي من المقرر أن يفرج عنها وتأهيلها اجتماعيا قبل إطلاق سراحها حتى يسهل عليها الاندماج في مجتمع أغلبه يرفض احتضان محكومين سابقين. في الوقت ذاته، يحمل نضال المجتمع مسؤولية عودة المساجين المفرج عنهم إلى ارتكاب الجرائم، لكون أن غالبية التونسيين يرفضون التعامل معهم أو تشغيلهم بسبب سوابقهم العدلية ما يدفع بهؤلاء إلى الانزلاق مجددا في عالم الجريمة.

ما بين الملاحقة والفقر

محرز حمدي، 35 سنة، حكم عليه بسبع سنوات سجن بتهمة استهلاك وترويج المخدرات. وهو أب لطفلين تمتع بالعفو قبل سنتين من انقضاء مدة عقوبته. لكنه يتمنى لو بقي في السجن على أن يواجه الفقر هو وأسرته بسبب البطالة الناجمة من جهة عن تردي أوضاع البلاد، ومن جهة ثانية عن رفض المجتمع له.

محرز حميد يتمنى لو بقي في السجن على أن يواجه الفقر مع أسرته

يؤكد محرز لـDWعربية أنه ومنذ إطلاق سراحه، يعيش تحت المراقبة، وهو مطالب بشكل يومي بتوقيع التزام بمركز الأمن المجاور لمسكنه لمدة خمس سنوات كما أنه ممنوع من الانتقال بين الولايات. وعن حالة السجون التونسية، يقول محرز إنها لا تطاق رغم تحسنها عن الفترات الأولى بعد الثورة، ناهيك على أن حالات التعنيف بين السجناء والتي تصل إلى حد القتل أحيانا دون ردع أو رقابة زادت من سوء أوضاع السجن. يستغرب محرز من موقف المجتمع القاسي اتجاه المساجين السابقين، ويتساءل لماذا ينتقدون العفو وكأنهم يستكثرون عليهم الحرية، رغم جهلهم لما يحدث وراء القضبان من اغتصاب للكرامة الإنسانية؟! ولو علموا بذلك لخرجوا إلى الشوارع وتظاهروا لدعم هذا العفو.

سفيان التابعي شاب في السادسة و العشرين، سجن أربع مرات قبل أن يحصل على العفو الرئاسي في العشرين من مارس/ آذار 2013، يعترف لـDW عربية أنه ارتكب جرائم عنف وأضرّ بالملك العام والخاص، فسجن. أما اليوم فيجزم بأنه لن يعود إلى الإجرام رغم قسوة الحياة.

يشير سفيان إلى أن العفو الخاص لا يعني الحرية المطلقة، بل يعاني المساجين خارج الأسوار من تعامل أكثر قسوة مما هو سائد داخل السجن. فهو إلى الآن لا يستطيع استخراج بطاقة هويته التي أضاعها منذ سنوات، وفي كل مرة يتم إيقافه من قبل أعوان الأمن، يجبر على مرافقتهم إلى مركز الشرطة للتأكد من هويته وكشف وضعيته.

العفو ليس الإشكال

سفيان التابعي يجزم بأنه لن يعود إلى السجن رغم سقاوة الحياة.

من جهته، يشرح الخبير في القانون الدستوري، الدكتور قيس سعيد، الجوانب القانونية المحيطة بالعفو، موضحا أنه يعد ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور السابق. ويُمنح هذا الحق لتمكين المحكوم عليهم من السراح الشرطي، بعد تحديد إطار منح حق العفو من قبل وزارة العدل. وعن أسباب لجوء رئيس الجمهورية التونسية لهذا الإجراء بشكل ملفت للانتباه مؤخرا، يرجح خبير القانون الدستوري أن ذلك عائد إلى قناعات الرئيس الشخصية كحقوقي أولا، ثم إلى وضع السجون المكتظة بالنزلاء. ويشير الخبير أن السبب لا يكمن في العفو بل في فشل المنظومة العقابية التي تؤدي بالمساجين الذين شملهم العفو بارتكاب الجريمة ذاتها التي حوكم سابقا بسببها. وهذا مردّه إلى أن التونسيين لا يهابون السلطة لكونها "اهتزت" في نظرهم.

ويضيف الدكتور قيس سعيد إلى وجود حالات لا تستحق أصلا العقوبة الزجرية، بل عقوبات بديلة تفيد السجين والمجتمع على حد سواء، كأحكام بالعمل من أجل الصالح العام. ويواصل بأن الحصول على العفو لا بد أن يكون مقترنا بعوامل أخرى كنوعية الجرائم وحسن السيرة أثناء فترة العقوبة، إلى جانب بلورة سياسية لإدماج المساجين والإحاطة بهم داخل السجن وخارجه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك