«ماركيز» في آخر رسالة قبل وفاته: «عشت عاشقا للحب.. وأقول للناس أحبكم جميعا» - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:09 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«ماركيز» في آخر رسالة قبل وفاته: «عشت عاشقا للحب.. وأقول للناس أحبكم جميعا»

جابرييل جارسيا ماركيز
جابرييل جارسيا ماركيز
مصطفى الأسواني
نشر في: الجمعة 18 أبريل 2014 - 4:35 ص | آخر تحديث: الجمعة 18 أبريل 2014 - 4:36 ص

«ليس العمر ما يملكه المرء من سنوات، بل ما يملكه من أحاسيس.. ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتمًا سأفكر في كل ما سأقوله» هاتان عبارتان من بين مئات العبارات المضيئة التي خطّها الروائي الكولومبي الأروع في العالم جابرييل جارسيا ماركيز، في إحدى رسائله الأخيرة وهو يقاوم السرطان على فراش المرض، قبل وفاته مساء الأربعاء، عن عمر يناهز 87 عامًا.

وتميز «ماركيز» بحيوية أسلوبه النثري، وثراء اللغة التي يعبر بها عن خياله الفياض، كما يعتبر تفرده ذلك نموذجًا لخليط من الخرافة والتاريخ، فهو يخلق عالمًا يمكن فيه تحقيق أي شيء، وتصديق كل شيء، بلغة جذابة مليئة بالألوان.

يُشار إلى أن الكاتب الكولومبي الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1982، جابرييل جارسيا ماركيز، المولود في بلدة أراكاتاكا شمال كولومبيا عام 1928، ونشأ برعاية أجداده، في طفولة وصفها لاحقًا في مذكراته الأولى «عشت لأروي» بأنها سبب كل أعماله. عُرف واشتهر بروايته «مائة عام من العزلة»، والتي لاحت له فكرة كتابة أول فصولها في عام 1965، أثناء قيادته في الطريق إلى مدينة أكابولكو، فاستدار في الطريق وعاد إلى منزله وعزل نفسه في غرفته، مستهلكًا ست علب من السجائر في اليوم، وخرج من عزلته بعد 18 شهرًا، ليجد عائلته مدينة بـ12 ألف دولار، ولحسن حظه، كان قد كتب روايته الرائعة المكونة من 1300 صفحة، وبيعت الطبعة الإسبانية الأولى من روايته خلال أسبوع، وعلى مدار الثلاثين عامًا التالية، بيعت أكثر من ثلاثين مليون نسخة من الرواية وتُرجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة.

«مائة عام من العزلة» كان لها تأثير هائل لدرجة أن جريدة نيويورك تايمز الأمريكية، قالت إنها «أول عمل أدبي، بجانب موسوعة جينيس، يجب على البشرية كلها قراءته».

ولم يظهر «ماركيز» الذي عاش 30 عامًا في المكسيك، في مناسبات علنية خلال السنوات القليلة الماضية إلا نادرًا، بسبب معاناته من الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية، وتباطأ إبداع «ماركيز» مع الوقت؛ حيث استغرق كتابه «مذكرات غانياتي الحزينات» عشرة أعوام من الكتابة حتى صدر عام 2004. وفي يناير 2006، أعلن عدم قدرته على كتابة الروايات، ومنذ نحو عامين، أعلن أخوه الأصغر «جايمي» لأول مرة، أن «جارسيا ماركيز» أصيب بالخرف وأنه توقف عن الكتابة تمامًا.

وأرسل «ماركيز» من على فراش المرض وهو يقاوم سرطان الغدد الليمفاوية، رسالة إلى أصدقائه ومحبيه، توقع أن تكون الأخيرة، حيث كان عدوّه لا يمزح، بل يحاول الفتك به في كل ثانية، وسرعان ما انتقلت عبر الفضاء الالكتروني إلى الملايين حول العالم، الذين اعتبروها بمثابة رسالة وداع من «ماركيز»، إلا أنه كان قد كتبها كما لو أنه في عنفوان الشباب والقوة، جاء فيها ما يلي: «لو شاء الله أن يهبني شيئًا من حياة أخرى، سوف أستغلها بكل قواي.. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور، وسوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام، وسأبرهن للناس كم يخطئون لو اعتقدوا أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، فهم لا يدرون أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق».

ويقول في رسالته أيضًا: «يا إلهي.. لو أن لي قليلاً من الوقت لكنت كتبت بعضًا مني على الجليد وانتظرت شروق الشمس. كنت سأرسم على النجوم قصيدة (بنيدتي) وأحلام (فان كوخ) كنت سأنشد أغنية من أغاني (سرات) أهديها للقمر، لرويت الزهر بدمعي، كي أشعر بألم أشواكه، وبقبلات أوراقه القرمزية.. وسأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه، ولو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة واستلقي على الأرض ليس فقط عاري الجسد، وإنما عاري الروح أيضًا».

«ماركيز» الذي بلغ المجد بكل أبعاده، وحاز المال والشهرة والسعادة التي عبر عنها في حوارات كثيرة، ها هو يلخص معنى الحياة ويجعلها متمثلة في قيمة واحدة هي «الحب»، الذي كتب به ودافع عنه وناضل من أجله، على امتداد رواياته، وحتى آخر رمق، ونجده في نص رسالته الأخيرة أيضًا، حيث يقول: «يا إلهي.. إذا كان مقدرًا لي أن أعيش وقتًا أطول، لما تركت يومًا واحدًا يمر دون أن أقول للناس أنني أحبهم، أحبهم جميعًا، لما تركت رجلاً واحدًا أو امرأة إلا وأقنعته أنه المفضل عندي، كنت عشت عاشقًا للحب».

وبروح مُقبلة على الحياة وفي تحدٍ واضح للموت، أكمل «ماركيز» رسالته قائلاً: «يا إلهي، لو أن ليّ قليلاً من الوقت، كنت سأمنح الطفل الصغير أجنحة وأتركه يتعلم وحده الطيران، كنت سأجعل المسنين يدركون أن تقدم العمر ليس هو الذي يجعلنا نموت، بل الموت الحقيقي هو النسيان.. كم من الأشياء تعلمتها منك أيها الإنسان، تعلمت أننا جميعًا نريد أن نعيش في قمة الجبل، دون أن ندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في تسلق هذا الجبل، تعلمت أنه حين يفتح الطفل المولود كفّه لأول مرة تظل كفّ والده تعانق كفّه إلى الأبد، تعلمت أنه ليس من حق الإنسان أن ينظر إلى الآخر من أعلى إلى أسفل، إلا إذا كان يساعده على النهوض، تعلمت منك هذه الأشياء الكثيرة، لكنها للأسف لن تفيدني لأني عندما تعلمتها كنت أحتضر».

كما تمنى «ماركيز» في هذه الرسالة أيضًا، قائلاً: «لو كنت أعرف أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها نائمًا، لكنت احتضنتك بقوة، ولطلبت من الله أن يجعلني حارسًا لروحك. لو كنت أعرف أن هذه هي المرة الأخيرة التي أراك فيها تخرج من الباب لكنت احتضنتك، وقبّلتك، ثم كنت أناديك لكي احتضنك وأقبّلك مرة أخرى. لو كنت أعرف أن هذه هي آخر مرة أسمع فيها صوتك لكنت سجلت كل كلمة من كلماتك لكي أعيد سماعها إلى الأبد. لو كنت أعرف أن هذه هي آخر اللحظات التي أراك فيها لقلت لك (أنني أحبك) ولتجاهلت بخجل أنك تعرف هذا فعلاً».

وبتفاؤل لا يضاهيه تفاؤل، قال الروائي الكولومبي جارسيا ماركيز، في رسالته الأخيرة، وبتفكير عاشق يافع: «الغد يأتي دائمًا، والحياة تعطينا فرصة لكي نفعل الأشياء بطريقة أفضل. ولو كنت مخطئًا وكان اليوم هو فرصتي الأخيرة فإنني أقول كم أحبكم، ولن أنساكم أبدًا. ما من أحد، شاباً كان أو مسنًا، واثق من مجيء الغد، لذلك لا أقلّ من أن تتحرك، لأنه إذا لم يأتِ الغد، فإنك بلا شك سوف تندم كثيرًا على اليوم الذي كان لديك فيه متسعًا كي تقول أحبك، أو لأن ترسل لهم أمنية أخيرة أو تبتسم أو تأخذ حضنًا أو قُبلة أو تحقق رغبة أخيرة لمن تحب، لذا عبّر عما تشعر به دائمًا، وافعل ما تفكر فيه».

وبالرغم من أن الكثيرين منا يعيشون الحياة وكأنها انتهت، وكثيرون يدفنون رؤوسهم خوفًا من الخطر القادم، نجد أن مؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» و«حكاية بحار غريق» و«الجنرال في متاهته» و«وقائع موت معلن»، ينتظر شمس اليوم التالي بشغف، حتى وهو ضعيف ومنهك ومشرف على الموت، نراه يتوجه بنصائح يقول فيها: «حافظ بقربك على من تحب، أهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل (أفهمك، سامحني، من فضلك، شكرًا)، وكل كلمات الحب التي تعرفها، فلن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها، وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك». انتهت رسالة «ماركيز» الأخيرة، ولكن لن ينتهي تأثير كلماته وكتاباته.

ومما قاله وكتبه الروائي العالمي الراحل «جابرييل جارسيا ماركيز» خلال مسيرة حياته، وتم تداولها بين الناس دون حتى نسبها إلى مصدر، ما يلي:

«أحبك لا لذاتك، بل لما أنا عليه عندما أكون بقربك».

«لا أحد يستحق دموعك، ولئن استحقها أحد، فلن يدعك تذرفها».

«لأن أحدًا يحبك على غير ما تهوى، ذلك لا يعني أنك لست موضع حبه بكل كيانه».

«الصديق الصدوق هو من احتضن يديك ودغدغ قلبك».

«أسوأ طريقة لفقدان شخص ما، هو أن تحاذيه وتدرك أنك لن تكسبه».

«لا تتوقف عن الابتسام حتى وإن كنت حزينًا، فلربما فُتن أحد بابتسامتك».

«قد تكون مجرد شخص عادي في هذا العالم، لكنك لشخصٍ ما أنت العالم كله».

«لا تقضي الوقت مع شخص لا يحفل بقضائه معك».

«قد تقتضي الإرادة الإلهية أن تعاشر كثيرًا ممن لا يروقونك قبل أن تعثر على الشخص اللائق، وعندما يحدث ذلك، كن من الشاكرين».

«لا تبكِ لنفاذ الأمد، وابتسم لأن شيئًا وجد».

«على الدوام سيكون هناك من يؤذيك، واصل ثقتك وكن على حذر».

«كن شخصًا أفضل، وتأكد من معرفة نفسك».

«قبل ملاقاة شخص جديد يحدوك الأمل أنه يعرف ما أنت عليه».

«لا تنازع كثيرًا، فأفضل الأشياء تحدث على حين غرة».

اقرأ أيضًا:

بالصور.. ملخص حياة «ماركيز» عملاق «الواقعية السحرية»

الرئيس الكولمبي ينعي جبرائيل ماركيز .. ويقول: مائة عام من العزلة والحزن على وفاة أعظم كاتب على الإطلاق



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك