مدير الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولى: نسبة 4% للنمو غير كافية لإحداث تحسن فى معدلات البطالة - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:18 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مدير الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولى: نسبة 4% للنمو غير كافية لإحداث تحسن فى معدلات البطالة

مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي
مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي
واشنطن ــ حوار ــ نيفين كامل:
نشر في: السبت 18 أبريل 2015 - 11:33 ص | آخر تحديث: السبت 18 أبريل 2015 - 12:14 م

ــ برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته مصر جيد.. ولا أنصح بتأجيل رفع دعم الطاقة رغم انخفاض البترول

ــ المساعدات العربية لمصر لن تتأثر بانخفاض البترول لتمتع الخليج بموارد مالية ضخمة

ــ نهوض إيران اقتصاديا سيُفيد المنطقة بأسرها

ــ المستثمر يهتم بالسياسات التى تتبناها الدولة أكثر من تأخر انتخابات البرلمان

«صندوق النقد يا صندوقه.. سمه فى الشهد مين هيدوقه».. كلمات من أغنية مصرية شعبية ساخرة غناها ياسر المناوهلى، أثارت فضول مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى صندوق النقد الدولى، ليسمعها مع مسئولى الصندوق، للتعرف على رؤية الشعب المصرى فى المؤسسة الدولية ومن ثم محاولة تغيير صورته السيئة بالمنطقة. «الشروق» حاورت مسعود أحمد حول مستقبل الشرق الأوسط بصفة عامة، ومصر بصفة خاصة، والتحديات التى تواجهها من انخفاض أسعار النفط، والصراعات السياسية فى المنطقة وأثرها على النمو وعلى الاستثمارات.

ــ رفع تقرير آفاق الاقتصاد الصادر منذ أيام على هامش اجتماعات الصندوق، من توقعات النمو فى مصر من 3.8% إلى 4%، ومن 3% إلى 4% فى الشرق الأوسط بصفة عامة.. فهل هذا النمو كاف من وجهة نظر الصندوق، وهل يؤهل مصر للحصول على قرض من الصندوق إذا رغبت؟

* السؤال الأهم بالنسبة لى هو: هل هذا النمو كاف للشعب، وبصفة خاص الشباب. نجاح المنطقة العربية فى تحقيق نمو بنسبة 4% يعكس بالفعل زيادة فى معدلات النمو عن العام الماضى. ولكن هل هذا المعدل كاف لإحداث تحسن ملموس فى معدلات البطالة؟

ــ لدينا فى المنطقة العربية شباب أكثر من أى منطقة أخرى، وهؤلاء يبحثون عن عمل، ولكى تستطيع المنطقة توفير فرص عمل لاستيعابهم ستحتاج إلى نمو أسرع. على سبيل المثال، فى إحدى دول المنطقة، واحد من بين كل ثلاثة فى الخامسة والعشرين من العمر يبحث عن وظيفة، وهذا معدل مرتفع جدا. كذلك فإن النمو وحده لا يكفى لتحقيق هذا الهدف، فطبيعة النمو يجب ان تختلف عن الماضى. يجب أن يكون النمو قادرا على خلق فرص عمل للشباب، وأن يركز على تنمية مهاراتهم. ففى كل دول العالم، إذا حصل الشاب على تعليم عال يكون احتمال عدم حصوله على عمل منخفض. ولكن فى المنطقة العربية يحدث العكس، فكلما زادت مؤهلات التعليم، تكون فرصة الحصول على عمل أقل. لماذا؟ لأنهم ينتظرون العمل فى القطاع العام والحكومة وهذا غير سليم. فالحكومة لم تعد قادرة على توفير فرص العمل.
النمو فى المنطقة يجب ان يقوده القطاع الخاص. ولكن الكفاءات والمهارات التى يبحث عنها هذا القطاع غير متوافرة لدى الشباب. إذن العملية كلها لا تتوقف على تحقيق معدل أعلى، بل أيضا تأهيل مختلف للشباب.

* وماذا عن مصر.. هل وضعها الاقتصادى الحالى والاصلاحات التى قامت بها تسمح لها بالحصول على قرض من الصندوق؟

ــ أريد ان أوضح فى بداية الأمر انه ليس هناك مفاوضات بين مصر والصندوق فى الوقت الحالى للحصول على قرض. ولكن الصندوق، بحسب ما أكدته كريستين لاجارد، المدير التنفيذى للصندوق، أثناء زيارتها لمصر فى مؤتمر شرم الشيخ، على استعداد لتقديم أى تمويل من شأنه مساعدة الحكومة المصرية. واعتقد ان البرنامج الاقتصادى التى بدأته الحكومة يسير فى الطريق الصحيح، ولكن الأهم من ذلك، استكمال سياسات الإصلاح حتى النهاية وهذا يتطلب اصرار وعزيمة. قواعد صندوق النقد الدولى فيما يتعلق بتمويل مصر لن تختلف عنها مع بقية الدول. فالصندوق إذا أراد ان يمول أى دولة، سينظر إلى السياسات الاقتصادية التى تنتهجها، ولكننا أيضا نكون حريصين على التأكد من أن تدخلنا ومساعدتنا ستساهم فى تمويل وتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية.

* شهدت أسعار البترول تراجعا كبيرة خلال الفترة الماضية، كيف يؤثر ذلك على نمو منطقة الشرق الأوسط؟

ــ انخفاض أسعار البترول سيؤثر سلبا على الحسابات الجارية للدول المصدرة للنفط، وعلى سبيل المثال، ستتكبد دول الخليج المصدرة للبترول، خسارة قدرها 280 مليار دولار نتيجة انخفاض سعر البترول. ولكن، هذه الخسارة على المستوى المالى لا تنعكس بشكل كبير على معدلات النمو فى المنطقة. الدول المصدرة للبترول نجحت على مدى السنوات الماضية فى بناء موارد مالية كبيرة، وهى الآن تستخدم هذه الموارد لتمويل احتياجات الحكومة. أما عن الدول المستوردة للبترول، فإن انخفاض الأسعار يعد ظاهرة ايجابية بالنسبة لها، لا سيما تلك التى لا تزال تدعم الطاقة.

* وهل سيؤثر انخفاض الأسعار على حجم الاستثمارات فى المنطقة؟

ــ انخفاض أسعار البترول مفيد جدا للاقتصاد العالمى، لأن الغالبية العظمى من الدول، مستوردة للبترول، بينما هناك عدد محدود من الدول، مصدرة للبترول. وفيما يتعلق بالاستثمارات، فإن انخفاض أسعار البترول قد ينتج عنه انخفاض فى الاستثمارات الخاصة بمجال البترول وهذا ما حدث فى الولايات المتحدة وغيرها من الدول. ولكن فى المقابل ستشهد الاستثمارات فى المجالات الصناعية الأخرى زيادة بسبب انخفاض تكلفة البترول، وهذه ظاهرة ايجابية. ولكن بصورة عامة، سيكون من الصعب تحديد ماهية وتوزيع الاستثمارات فى المنطقة خلال الفترة القادمة. ولكن الشىء المؤكد أن الاستقرار الاقتصادى يشجع المستثمرين على ضخ مزيد من الأموال.

* وماذا عن الاستقرار السياسى.. هل ستؤدى الصراعات السياسية التى تشهدها المنطقة فى كل من اليمن وليبيا وسوريا على سبيل المثال إلى تراجع قيمة الاستثمارات الموجهة للمنطقة؟

ــ هناك عاملان أساسيان يؤثران على المنطقة. أسعار البترول والصراعات السياسية. وبالنسبة للصراعات السياسية، فإن أول شىء يقلقنا الخسائر على المستوى البشرى، لأن أول من يدفع تكلفة هذه الصراعات هو الانسان. وغير ذلك، فهناك تكلفة اقتصادية، تدفعها الدول التى تعانى من الصراعات، والدول المجاورة لها. فالأردن ولبنان يستقبلان النازحين من سوريا، ما يؤثر على موازناتهم ويزيد من حجم انفاقهم. أما الصراعات السياسية فتؤثر سلبا على ثقة المستثمر. وهى أحد الأسباب وراء تعليق عدة رجال أعمال لاستثماراتهم بالمنطقة، فبرغم ما يرونه من آفاق ايجابية، لكن أعينهم أيضا على المخاطر، فعلى سبيل المثال، استكملت تونس المرحلة الانتقالية وبدأت برنامج اصلاح اقتصادى، لكن بعض المستثمرين قلقون من ضخ أموالهم فيها تخوفا من تأثير الأوضاع فى ليبيا. ونفس الشىء بالنسبة لمصر، التى قامت بالعديد من الاصلاحات الاقتصادية خلال الـ18 شهرا الماضية، بدءا بتخفيض الدعم والسيطرة على العجز، إلا أن صراعات المنطقة أيضا تؤثر عليها سلبا.

*هل تتوقع تأثر المساعدات الخليجية لمصر بانخفاض أسعار البترول؟

ــ دول الخليج أبدت استعدادا لمساعدة مصر ماليا، ونحن كصندوق النقد الدولى، رحبنا بهذه الخطوة التى ستكون مفيدة جدا لمساندة الاقتصاد المصرى. وليس لدينا أى شك فى أن يستمر الخليج فى دعم مصر. فحتى مع انخفاض أسعار البترول لا تزال دول الخليج تتمتع بموارد مالية كبيرة ومتعددة، ما يتيح لهم مواصلة تمويل استثماراتهم وأولوياتهم. ودعم مصر أولوية بالنسبة لهم.

*هل أثر تأجيل الانتخابات البرلمانية على رؤية المستثمرين الأجانب للوضع فى مصر؟

ــ أعتقد ان المستثمر يهتم أكثر باتجاه الدولة وسياساتها ومن وجهة نظرى تسير الحكومة المصرية على الطريق الصحيح وبخطى ثابتة، ومن ثم فلا داعى للقلق.

* كيف سيكون لإلغاء العقوبات الاقتصادية على إيران تأثير على المنطقة العربية؟

ــ إيران اقتصادها كبير فى المنطقة، ومن ثم إذا شهدت تحسنا خلال المرحلة القادمة، بعد الفترة الطويلة الماضية التى عانت فيها من الانكماش، فسيكون لذلك أثر ايجابى ليس فقط على ايران، بل على المنطقة بأكملها. أما فيما يتعلق بإلغاء العقوبات الاقتصادية فستكون خطوة مهمة وستحدث تغييرا ملحوظا فى المنطقة، ولكن لا يمكن تحديد مداه حتى الآن بسبب نقص التفاصيل.

* مع انخفاض أسعار البترول، هل تنصح الحكومة بالاستمرار فى إلغاء دعم الطاقة، أم تأجيل هذه الخطوة بعد انخفاض فاتورة الطاقة نتيجة انخفاض الأسعار؟

ــ لا أوافق على تأجيل خطوات خفض دعم الطاقة، ولكى نتعرف على السبب الرئيسى وراء حرص الصندوق على الغاء دعم الطاقة، علينا أن نسأل من المستفيد الأكبر من هذا الدعم؟ الإجابة هى المستهلك الأكبر للطاقة، ومن هو ذلك المستهلك؟ انهم الأغنياء، إذا فرؤيتنا هى أنه إذا كان لدى الحكومة 100 مليون جنيه ستنفقها، فعليها أن تأخذ جزءا منها لدعم المحروقات التى يستهلكها الفقراء، على ان ترفع الدعم عن المنتجات التى يستهلكها الأغنياء، وأن توجه هذه الأموال إلى تمويل مجالات أكثر أهمية للفقراء، مثل تحسين الصحة والتعليم والخدمات. فمن العدل أن يتم استخدام الموارد المالية للدولة فى تمويل المجالات التى سيستفيد منها الفقراء بدلا من دعم الأغنياء. كذلك فإن هذا الانخفاض فى أسعار النفط يساعد الحكومة على تخفيض فاتورة الدعم دون تحميلها كاملة للشعب. لأن انخفاض أسعار البترول يسمح للحكومة بتحقيق وفر فى فاتورة الدعم، وبتوجيه هذا الوفر إلى الخدمات التى يحتاج إليها الشعب. سيستفيد كل من الحكومة والمستهلك من انخفاض سعر البترول العالمى.

*لماذا يوصم الصندوق بسمعة سيئة فى العالم العربى ولماذا لا يسعى إلى تغيير صورته فى المنطقة؟

ــ هذا صحيح وهو أمر سلبى. وهناك عدة أسباب وراء ذلك. أولها أن صندوق النقد الدولى حين يتواجد فى دولة ما، يكون ذلك نتيجة لطلب حكومة هذه الدولة للمساعدة والتدخل لحل مشكلة لديها. وفى غالب الأمر، تكون أزمتها نتاج إنفاق زائد من قبل الحكومة، مما ينتج عنه مثلا انخفاض فى حجم الاحتياطى الأجنبى، ومن ثم يكون الحل الوحيد والامثل خفض المصروفات لضبط المعادلة وحماية الاقتصاد.

وبما أن الشعب لم يكن أبدا على دراية بما قامت به الحكومة من ممارسات خاطئة أدت لانفاق زائد، يُفاجأ بخفض الحكومة للمصروفات، وارتفاع الأسعار، ومن الذى يظهر فى الصورة؟ إنه صندوق النقد الدولى. ومن ثم يعتقد الشعب أن المشكلة تظهر حين يظهر الصندوق، وهذا غير سليم، فصندوق النقد الدولى ظهر وتم استدعاؤه بعد ظهور المشكلة للمساهمة فى حلها.

ثانيا، تفادت الحكومات الظهور بشكل سيئ أمام الشعوب، وحملت أخطاءها للصندوق. وصدرت فكرة أنها مضطرة إلى القيام بذلك لأن الصندوق يطلب منها ذلك، وليس لأنها مضطرة إلى القيام بذلك لحل مشكلة تسببت هى فى إحداثها، لكن هذا لم يعد موجودا حاليا، لأن الحكومات بدأت تتحمل مسئولياتها.

ثالثا، لم يكن الصندوق ماهرا أيضا فى أداء مهمته، فدائما ما كان يقدم حلولا محددة للمشاكل دون التفاوض مع الحكومات على الوسيلة الأفضل لحل هذه المشكلة. كذلك لم نكن نتحدث مع وسائل الإعلام للتعبير عن أنفسنا، ولم نتواصل مع الجمهور، بل فقط مع مسئولى الحكومة من محافظ البنك المركزى ووزير المالية وهذا كان خطأ فادحا. ولكنى أعتقد أن هذا تغير الآن، فالصندوق ادرك إنه ليس عليه إملاء آليات محددة لحل مشكلة ما بل عليه ان يتناقش مع الحكومة ويستمع إليها. فعلى سبيل المثال، كانت الحكومة الباكستانية بحاجة إلى فرض ضرائب جديدة لزيادة مواردها، وقررت تطبيق نظام الضريبة المضافة. ولكن عند التنفيذ، ظهرت مشكلة سياسية حالت دون تنفيذها، إذ لم يوافق البرلمان عليها. وإذا كان هذا قد حدث منذ 20 عاما، كان موقف صندوق النقد الدولى هو الاصرار على تطبيق هذه الضريبة لأنها الوسيلة الأمثل لزيادة الموارد من وجهة نظره. لكن الآن اختلف الوضع، فالصندوق تناقش مع الحكومة وقررا البحث عن بديل ضريبى آخر يتناسب وطبيعة البلد.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك