حكايات القصور.. الحلقة الثانية: «كحّة» الملك فؤاد و«رصاصة» سيف الدين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:13 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكايات القصور.. الحلقة الثانية: «كحّة» الملك فؤاد و«رصاصة» سيف الدين

الملك فؤاد الأول - ملك مصر والسودان  السابق
الملك فؤاد الأول - ملك مصر والسودان السابق
كتب - حسام شورى
نشر في: الجمعة 18 مايو 2018 - 1:20 م | آخر تحديث: الجمعة 18 مايو 2018 - 1:20 م

كان الملك فؤاد الأول، الذي حكم مصر بين عامي 1917 و1936 يشكو منذ صغر سنه من حالة عصبية وتظهر خلال حديثه نوعا من السعال الشبيه بـ"الكحة"، وكانت هذه العلة تسبب له حرجا وتثير تساؤل المحيطين به عن سبب هذا الصوت الغريب.

وقبل أن يطلّق الملك فؤاد -وقتما كان أميرا- زوجته الأولى الأميرة شويكار حدث بينهما خلاف فشكت إلى شقيقها الأكبر الأمير سيف الدين سوء معاملة زوجها لها.

فذهب سيف الدين ذات يوم إلى نادٍ كان فؤاد يتردد عليه وأطلق عليه الرصاص من مسدسه، ونقل فؤاد إلى المسشتفى فاستخرجت الرصاصات من جسمه ونجا من الموت، وعلى إثر هذا الحادث تفاقمت حالته العصبية الأصلية وتحول أمر السعال والـ"كحة" تحولا جديدا.

وشاع يومها بين الناس أن إحدى الرصاصات التي أطلقها سيف الدين استقرت في صدر فؤاد فأنشأت له هذه العلة، ولكن الحقيقة أن العلة ولدت معه ثم استفحلت في أعقاب حادثة الاعتداء عليه، وكان هذا الصوت الغريب الذي يصدر عنه يفلت مهما اجتهد في حبسه، ومهما جاهد في منع انطلاقه، وكان هذا الصوت ينطلق كصاروخ يطلق من هواء مضغوط من داخل الحلق إلى خارجه وليس كـ"الكحة" الطبيعية.

وكان يشتد الصوت المزعج المتقطع إذا كان الملك غاضبا، أو متعبا، أو هائج الأعصاب لسبب ما.

وحدث مرة بعد ارتقائه العرش أن استقبل وفدًا من أعيان مدينة حلوان وكان على رأس الوفد شيخ يجهل علته، ولم ينبهه أحد إليها قبل المقابلة، فما كاد الملك يطلق في وجهه "كحته" المعروفة حتى صاح الشيخ قائلا: "ياساتر!".

ومن ذلك اليوم كان رجال التشريفات إذا ارتابوا في أن الزائر يجهل "الحكاية" كاشفوه بها، وأعدوه لسماع السعال الذي يشكو منه الملك بسبب برد خفيف.

وفي عام 1929 زار الملك فؤاد ألمانيا زيارة رسمية، وكان المرشال هندنبرج رئيسا لألمانيا، وتضمن برنامج الزيارة دعوته إلى حفلة ساهرة رسمية في دار الأوبرا وتقرر أن يجلس الملك والمرشال في المفصورة الإمبراطورية، ولم يدع إلى تلك الحفلة سوى كبار رجال الدولة، وزوجات المتزوجين منهم.

ومن شدة تعلق الألمان بالنظام والهدوء كان الحضور يحبس أنفاسه، وبينما كانت الموسيقى تعزف لحنا هادئا ، والقاعة في حالة سكون وكأنها خالية من الناس انطلق صوت غريب!

وكان هذا الصوت صوت "كحة" الملك فؤاد، ورددت جوانب القاعة صداها في وسط ذلك السكون الشامل، وارتسمت على وجوه الحاضرين علامات الاستغراب لسماع صوت لم يألفوا سماعه في داخل "الأوبرا"، ولم يخطر ببال أحد أن يصدر هذا الصوت من المقصورة الإمبراطورية ويكون مصدره الملك الضيف.

وعادت الموسيقى إلى العزف مرة أخرى، ورأى الملك فؤاد الفرصة ليقول للمرشال شيئا جديدا، وإذا بصوت "الكحة" ينطلق مرة أخرى ، وتساءل الحضور عن مصدر هذا الصوت وكيف يسكت المسؤولون عن الحفل عليه؟

وفي الاستراحة اندس رجال التشريفات بالقصر الجمهوري الألماني بين المدعوين والمدعوات في الصالون، وأسر إلى بعضهم أن الملك الضيف مصاب بعاهة من فعل رصاصة، وأن هذه العاهة هي التي تسبب هذا الصوت الغريب عندما يتكلم، وطلب منهم أن ينشروا هذا التفسير بين سائر الحاضرين منعا للابتسام والكلام وحرصا على التقاليد والنظام.

- المصدر: كريم ثابت، نهاية الملكية - عشر سنوات مع فاروق، دار الشروق

اقرأ أيضا:

حكايات القصور.. الحلقة الأولى: «كرافتة» الملك فاروق والمطربة الفرنسية



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك